قصص ومعان “3” | “مادهوشاندان”.. حينما يتسع شغفك لأحلام الناس

هل جربت أن تحقق أقصى درجات النجاح بعد أن شاركت في تأسيس شركة ناجحة في مجال تخصصك في بلد متقدم كالولايات المتحدة، وأن تترك كل ذلك وأنت لست مضطراً لأن تفعل، لتعود إلى قريتك لتعمل بالزراعة.

عربي بوست
تم النشر: 2016/03/24 الساعة 02:50 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/03/24 الساعة 02:50 بتوقيت غرينتش

هل جربت أن تحقق أقصى درجات النجاح بعد أن شاركت في تأسيس شركة ناجحة في مجال تخصصك في بلد متقدم كالولايات المتحدة، وأن تترك كل ذلك وأنت لست مضطراً لأن تفعل، لتعود إلى قريتك لتعمل بالزراعة.. مجال شغفك القديم، بل وأن يتسع شغفك عبر عملك هذا لعموم الناس، عبر تأسيس تعاونية للزراعة العضوية تحسن معها وبها حياة 300 أسرة من أسر مزارعي القرية؟

هذا بالضبط هو ما فعله مطور البرمجيات الشاب الثلاثيني الهندي "مادهوشاندان إس سي" Madhuchandan S C.

كان "مادهو" يعيش مع زوجته وابنته في مدينة سان خوسيه بولاية كاليفورنيا الأميركية، بعد أن طاف بعدة بلدان وولايات ومدن وعمل بعدد من الشركات، ثم كان أن ساهم في تأسيس شركة فيريفايا Verifaya للبرمجيات في المدينة، وحققت تلك الشركة نجاحاً على الشركات المنافسة، وهو ما جعله يشعر أنه قد حقق أقصى طموحاته في مجال البرمجيات، ومن ثَمّ.

وفي أول أغسطس/آب من عام 2014 شارك الرأي مع زوجته بأنه يريد العودة إلى بلدتهما مانديا Mandya ليعيش حياة مزارع عضوي، وخيّرها بين أن يفعلوا ذلك بعد أن يصلا إلى سن المعاش، وأن يفعلا ذلك وما زالت لديهما بعض القوة، وكانت أن اختارت زوجته وابنته العودة، فحزموا حقائبهم وأنهوا حياتهم في سان خوسيه وعادوا سريعاً إلى بلدتهم، يقول مادهو، إنه كان مهووساً طوال حياته بالزراعة.

كان حلم مادهو أن يمتلك منزلاً ومزرعة صغيرة أو أن يعيش في أرض أهله بالقرية، لكنه عندما عاد وجد أن الأمور ليست بالبساطة التي تخيلها، ووجد أن المزارعين يشعرون بالأسى على الرغم من امتلاكهم للأراضي المروية، وأنه لا توجد آلية لتسويق المحاصيل العضوية أو حتى المحاصيل الرئيسية للبلدة والمتمثلة في قصب السكر والأرز، ومن ثم قرر أن يهجر حلمه الخاص، ويفكر في حل لمشكلة البلدة.

استغرقت منه المشاورات والمداولات والمدارسات ما يقرب من عام، وكان الحل هو تأسيس تعاونية للزراعة العضوية، يستخدم فيها المزارعون الطرق الطبيعية لاستعادة خصوبة التربة، وتنتج منتجات عضوية أخرى يتم تسويقها في السوق المناسبة، ومن ثم تأسست تعاونية المزارعين العضويين في مانديا عام 2015 والتي شارك فيها "مادهو" وأربعة من أصدقائه من أهل مانديا وساهموا جميعا بمبلغ 10 ملايين روبية بهدف إنتاج 20 محصولاً عضويًّا، وتضم التعاونية إضافة إلى المزارعين أساتذة جامعيين في الزراعة، وأطباء من الذين يطبقون النظام الطبي الهندي المعروف باسم "الأيوفيدا".

وإضافة إلى أراضي المزارعين الذين تحمسوا للتغيير إلى الزراعة العضوية والانضمام للتعاونية، تم تأسيس مجمع تسويقي متكامل على الطريق السريع الواصل بين "بانجالورو" و"ميسورو"، يضم المجمع مزرعة عضوية تنتج سكر القصب وجوز الهند والخضراوات والبقوليات والبذور الزيتية، وسوبر ماركت ومطعماً ومحلًّا للعصائر ومعصرة للزيوت، تقدم جميعاً منتجات عضوية 100%.

وقد حقق المجمع عائداً بمقدار مليون و200 ألف روبية في عامه الأول، وقد أرجع "مادهو" نجاح المشروع إلى أنه قد وضع كل خبراته السابقة في مجال الشركات بأميركا في المشروع، وانعكس ذلك على تصميم المنتجات وتعبئتها وتغليفها، وعلى خطة التسويق الإلكترونية المدروسة. وبعد نجاح المشروع وتعاونية المزارعين أسس "مادهو" شركة لإنتاج الطاقة الشمسية، يسعى من خلالها لري الحقول عبر استخدام مضخات تعمل بالطاقة الشمسية، كما أسس مشروعاً للسياحة واللياقة البدنية الزراعية، تقوم فكرته على تنظيم برامج لأولئك الذين لم يسبق لهم زيارة الحقول، سواء للزيارة والتمتع بمأكولات عضوية وهواء صحي والشراء من المنتجات العضوية، أو للمشاركة في الأعمال الزراعية كبديل عن برامج إنقاص الوزن.

انتهت القصة روايةً، وإن كانت ما زالت أحداثها قابلة للزيادة ما تضافرت الأحلام والخبرات والأفكار الابتكارية لتطوير العمل، وتبقى بعض المعاني:

-احرص على أن تحقق شغفك مهما طال بك الزمن، واحرص وأنت تحقق شغفك على أن توسع دائرة المستفيدين منه، لتضرب بذلك عصفورين بحجر واحد، أن تفعل ما تحب، وأن تجعل ثمرة عملك عامة يستفيد منها الناس، خاصة أولئك المكافحين في سبيل تحسين ظروفهم المعيشية.

-احرص على أن تصطحب خبراتك السابقة في المجالات التي تعلمتها أو عملت فيها وإن كانت مختلفة عن مجال شغفك، وذلك لتعيد توظيفها في إعطاء عملك في مجال شغفك أبعادا ما كان لها أن تتحقق لولا ذلك.

-هناك من التخصصات ما هو عابر للمجالات، نافع في كل عمل تعمله، ومنها الخبرة في مجال إدارة الأعمال وتنميتها، فلتحرص على أن تصطحبه أثناء رحلة عملك، في سبيل تحقيق شغفك.

-إذا كان كلٌّ ميسر لما خلق له، وأنك لا بد أن تتبع شغفك حتى لو ذهبت لأقصى الأرض، فإنك لو فكرت قليلاً، فإنك قادر على أن تجعل شغفك جرماً صغيراً كأجرام السماء، يدور في فلك أحلام الناس (مجتمعك.. أمتك)، فيكون تحقيقك لأسطورتك الذاتية، وحلمك الشخصي، عامل حفز catalyst في تفاعلات أحلام المجتمع والأمة.

– كثيراً ما تغيب أشكال العمل الاجتماعية وبخاصة التعاونية منها عن أذهان شبابنا من رواد الأعمال، فلا يفكرون إلا في حلول فردية، وذلك راجع ربما لما أصاب التعاونيات لدينا من عوار أفقدها روحها وأبعدها عن بؤرة الثقافة العامة للناس، بالرغم من وجود بعض النماذج القليلة كنموذج البسايسة الجديدة والذي أسسه الدكتور صلاح عرفة، والذي ربما آن الأوان لنتكلم عنه في مقال مستقل إن شاء الله.

لمطالعة مقال أكثر تفصيلاً عن التجربة اضغط هنا
وطالع موقع التعاونية هنا

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد