غادة عبد العال: الطباعة قضت على فكرة “المدونات”.. ونعيش مرحلة “خيبة الدولة”

منذ 7 سنوات، أصدرت المدونة المصرية غادة عبد العال كتابها الأول "عايزة أتجوز"، فأحدث ضجة في سوق النشر والقراءة وتحول إلى مسلسل تليفزيوني من بطولة التونسية هند صبري. هذا النجاح دفع الكاتبة الشابة تتوقف تقريباً عن التدوين والكتابة لـ 7 سنوات، قبل أن تعود مؤخراً بكتاب جديد هو "فضول القطة".

عربي بوست
تم النشر: 2016/03/05 الساعة 07:27 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/03/05 الساعة 07:27 بتوقيت غرينتش

منذ 7 سنوات، أصدرت المدونة المصرية غادة عبد العال كتابها الأول "عايزة أتجوز"، فأحدث ضجة في سوق النشر والقراءة وتحول إلى مسلسل تليفزيوني من بطولة التونسية هند صبري.

هذا النجاح دفع الكاتبة الشابة تتوقف تقريباً عن التدوين والكتابة لـ 7 سنوات، قبل أن تعود مؤخراً بكتاب جديد هو "فضول القطة".

في هذا الحوار مع "عربي بوست"، تكشف عبد العال قصتها مع التدوين والكتابة، كما تعبر عن موقفها من التضييق على حرية الرأي في مصر.

– هل تتذكرين كواليس طباعة كتابك الأول "عايزة أتجوز"؟

قبل طباعة "عايزة أتجوز" لم أكن أعلم أين أتوجه، ولم يكن في مخيلتي أن هناك إمكانية لطباعة كتاب باللغة العامية، لأنها لغتي التي أكتب بها مدونتي، وتعجبت في ذلك الوقت من عرض "دار الشروق" المصرية لطبع ما أدونه في كتاب.

فكيف أنشر كتاباً بمقابل رغم وجود محتواه مجاناً على الإنترنت، علماً بأن النشر في ذلك الوقت كان مختلفاً بعض الشيء عن الوقت الحالي. وعندما أرسلت "دار الشروق" لي بريداً رسمياً يقول "كتاباتك تعجبنا ونريد أن ننشر لك"، لم أكن أعرف شيئا عنها، فسألت أحد الأصدقاء الذي قال لي: "أنت مجنونة! إنها أكبر دار نشر وتطبع لنجيب محفوظ، ومحمد حسنين هيكل"، لكني كنت أشعر بالفعل أن الأمر مجرد "مقلب" من الأصدقاء.

وحين تلقيت اتصالاً من الدار يخبرني بنفاد الطبعة الأولى، قلت لنفسي "هما كده مش هيطبعوا تاني!"، ولكن أعيد طبع الكتاب أكثر من مرة ليصبح بعد ذلك ضمن قائمة أفضل المبيعات بالدار، إضافة إلى ترجمته إلى 5 لغات أجنبية (الإنكليزية والفرنسية والإيطالية والألمانية والهولندية).

كنت أظن أن الترجمات تكون فقط للكتب العظيمة، ولم أكن أعرف سر ترجمتهم لكتابي الذي يرصد أحداثاً يومية، لكني فهمت بعد ذلك أن الكتاب كان مختلفاً في التوقيت الذي صدر فيه.

– أما زلت تتلقين تعليقات على المدونة؟ وهل ما تزال أزمة الزواج بنفس حجمها حتى الآن، أم أن الفتيات أصبحن أكثر قوة في مواجهتها؟

ما زال العديد من الفتيات والسيدات يرسلن لي قصصهن، ما يؤكد لي أنهن أصبحن قادرات على عدم التخلي عن أي شئ من أجل رجل أو للحصول فقط على لقب "مدام"، فكثيرات منهن يعملن ويحققن النجاح.

لم يعد الأمر كما كان في الماضي، ولم تعد هناك من تسلم مفاتيح حياتها لشخص لإرضاء المجتمع.

– كيف كان رد فعل الأسرة ومتابعي المدونة على خبر طباعة كتابك الأول؟

والدتي توفاها الله قبل هذا الخبر، أما والدي فكان مداوماً على قراءة المدونة باستمرار، كما كان هناك احتفاء من قبل القراء بطباعة الكتاب.


نجاح .. فتوَقُّف


– ولكنك توقفت عن الكتابة بمدونتك؟ لماذا؟

عقب طباعة كتابي الأول قمت بنشر 4 مدونات، لأنني لم أكن أدرك بشكل كامل ما يحدث، حيث أنهالت علي اللقاءات الإعلامية، الأمر الذي يتطلب مني المجيء للقاهرة "لأن محدش هيجيلي المحلة"، مما دفعني للكتابة مرة كل أسبوع أو أسبوعين، فكانت طباعة كتابي والكتابين الآخرين بعده من أسباب انتهاء فكرة المدونات، كما أن الكثيرين من المدونين توقفوا عن التدوين وبحثوا عن وسيلة لطباعة كتاباتهم في كتب في الداخل والخارج، خاصة بعد تجربتنا مع "الشروق"، الأمر الذي أفقد الفكرة تلقائيتها.

– هل عنوان كتابك "فضول القطة" يتعلق فقط بمقالك الذي يحمل نفس الأسم أم أن الأمر يتعلق أكثر بحبك للقطط؟

كانت هناك اختيارات عدة لعنوان الكتاب، لكنها لم تلفت نظري، فوجدت أن "فضول القطة" عنوان جذاب، كما أن متابعي مدونة "عايزة أتجوز" يعلمون جيداً عشقي للقطط، فكان من السهل أن يربطوا بيني وبين القطط فور رؤيتهم لعنوان الكتاب، إضافة إلي احتياجي إلى اسم لا علاقة له بالزواج، والسبب في ذلك إني "زهقت" من حصري في قالب العنوسة.

كما أنه بعد خلعي للحجاب، كثرت طلبات الذين يرغبون في استضافتي تحت شعار "يلا نعمل أي مصلحة في أي حته". ومن المواقف الطريفة التي لها علاقة باللقاءات التلفزيونية أنه عقب مرور عام على ظهوري في أحد البرامج هاتفتني المذيعة لتعتذر قائلة "أنا بعتذرلك لأني لسه قاريه كتابك وعرفت دلوقتي إن فعلا الأسئلة في الحلقة كانت غير مناسبة".

– ولماذا تأخر خروج كتابك الثاني إلى النور كل هذا الوقت؟

لعدة أسباب، منها على سبيل المثال أن الكتاب الأول تمت طباعته بالصدفة، ولم يكن مهما بالنسبة لي أن أظل متواجده فقط من أجل التواجد، كما أنني طوال هذه المدة لم أتوقف عن كتابة عدة مشاريع بعضها توقف لشعوري "بأن مش ده اللي عايزه أقوله"، كما قُدم مسلسل "عايزة أتجوز" في العام 2010، فاستغرقت حوالي عامين في كتابته، وانصب اهتمامي وقتها على تثبيت أقدامي في مجال كتابة السيناريو، لأن المسلسل جاء أيضاً بالصدفة، واعتقد كل من حولي وقتها أنني لن أكتب سيناريو آخر، فكنت حريصة على إثبات العكس إلى أن خرج سيناريو مسلسل "إمبراطورية مين" للنور، وكتابة السيناريو تستغرق الكثير من الوقت.

كما كان للثورة دور أيضاً، حيث أخذتنا جميعا الأحداث والظروف التي مرت بها البلاد، إلى أن جاء الوقت المناسب فجمعت عدداً من المقالات السابقة التي نشرت في صحف ومواقع مصرية وأخرى نشرت في مواقع عربية لم يرها القارئ المصري، ونشرتها في كتابي الثاني.

– وماذا عن تعليقات متابعيك وقراء المدونة على "فضول القطة"؟

حتى الآن أغلب التعليقات "لطيفة"، ولم يكن القراء يعرفون هوية الكتاب وهل هو عن القطط أو البنات، ولكن يمكنني القول أن غالبية التعليقات تقول: "إنت نضجت، والمقالات بتخلينا نفكر وناخد بالنا من حاجات لم نكن ندركها، والمقالات تثير تساؤلات وليست فقط كتابة ساخرة تبحث عن الضحك".

– وهل لديك مشاريع جديدة في الكتابة؟

هناك عدة مشروعات تضم رواية، ومجموعة قصصية.

الحب للبنات والرعب للشباب


– تحدثت في مقالك الأخير عن معرض الكتاب والتغيرات التي طرأت على زواره وخاصة المراهقين، فما هو تفسيرك ككاتبة لميل الشباب لكتب الحب أكثر من أي شئ آخر، وهل هذا يتعلق بالمرحلة العمرية أم أنه هروب من الواقع؟

طوال الوقت يبحث أصحاب تلك المرحلة العمرية عن الحب والمغامرة او "الأكشن"، وهذا ما حدث معنا أيضاً في الصغر حيث وُجهت لنا إصدارات من النوع نفسه، منها على سبيل المثال للفتيات إصدارات "عبير" و للشباب إصدارات "ما وراء الطبيعة"، ولكنها اختفت حالياً.

يحمل الجيل الحالي نفس الهورمونات ففتياته يرفعن شعار "الحب الحب" وشبابه يرفعون شعار "الرعب الرعب"، فأصبح من الطبيعي أن تسود دواوين الحب وكتب الرعب في المعرض، لكن الغريب هو خجل من يكتبون من الاعتراف بكتابتهم لتلك الفئة وقولهم أنهم يكتبون للعامة، إضافة إلى أن من يكتبون للفئة الأكبر سناً يبدو أنهم "مكسلين أو مش عايزين ينزلوا كتب".

لذلك عند زيارتي للمعرض لم أجد إصدارات عربية تخاطبني، ولم نعد نرى روايات كبيرة أو دواوين شعر جيدة للكبار وصار السوق متوجها فقط إلى الشباب بكتابات خفيفة. كما أن دور النشر تسعى للربح من خلالهم.

– وهل السبب في ذلك انتشار التواصل عبر الشبكات الاجتماعية، وتحول القراء من جمهور إلى "فانز" عبر زر" اللايك" و تعليق، أم أن المشكلة لدى من عجزوا عن الوصول لهؤلاء بكتاباتهم فأختل توازن صناعة النشر؟

دعينا نتفق أن الأكثر نشاطاً على الشبكات الاجتماعية هم صغار السن من "المراهقين" وهم فئة لا تريد أن تفكر، كل ما يحتاجونه أن يمضوا وقتهم على المواقع.

أتمنى أن يكون هناك بجانب كل كتابين من النوعية السابق ذكرها الموجهة للمراهقين، كتاب واحد للكبار، لأن الناشر له دور، والكتابة رسالة فعلاً.

– أخيراً، ما تعليقك على حبس أحمد ناجي وفاطمة ناعوت وإسلام البحيري؟

كلما فكرت في هذا الأمر لا أجد تعليقاً سوى أن ما يحدث"خيبة"، لأن الدولة التي كانت منارة في المنطقة وقادرة على استيعاب كل الآراء لم تعد كذلك، "ده إحنا وقت الإخوان كنا خايفين من الفاشية الدينية ودلوقتي بنعمل نفس الحاجات اللي كنا خايفين منها".

ماذا يعني أن رفع قضية ازدراء أديان ضد شخص كل الذي فعله أنه تكلم، الرد هنا لا يكون قضية وحبس لكن الطبيعي إن يخرج أحد ليرد عليه بالأدلة "أنا حاسه إننا في مرحلة خيبة الدولة".

علامات:
تحميل المزيد