ماذا عبد أسلافنا في الشرق الأوسط؟

عربي بوست
تم النشر: 2015/09/12 الساعة 09:37 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2015/09/12 الساعة 09:37 بتوقيت غرينتش

قيل عن الشرق الأوسط أنه مهد الديانات السماوية. رغم صحة هذه المقولة، فإن أصحابها تجاهلوا أن المنطقة كانت أيضاً مهداً لديانات الأرضية.

ورغم اختلاف مسمى المعبودات وبعض الشعائر الدينية من حضارة إلى أخرى، فإن هناك قدراً من التشابه بين الديانات القديمة، حتى ادعى البعض أن ديانات الشرق الأوسط أثرت في ديانات المناطق الأخرى من العالم.

مصر القديمة


رغم اعتبار البعض الهندوسية أقدم ديانة حتى الآن، فإن الديانة المصرية القديمة تعد الأقدم، بناءاً على الآثار والدلائل الموجودة، والتي يعود عمرها إلى 4000 آلاف قبل الميلاد.

تطورت الديانة المصرية القديمة، من مجرد كونها ديانةً تقدس معبودات محليةً كثيرة، إلى تقديس عدد أقل من الآلهة والمقدسات مع الوقت، حتى وصل الأمر بالقدماء المصريين إلى الاتجاه نحو عبادة إله واحد، وهو إله "أتون" الذي أعلن عنه الملك اخناتون، واعتبر الشمس رمزاً له، إلا أن أتون سرعان ما رجع مرة أخرى لمكانته كأحد الأرباب المصرية.

بحسب الآثار الموجودة، فإن نظرية الخلق عند القدماء المصريين أنه في البدء كان المحيط فقط، ثم ظهر "رع" من زهرة كانت على سطح الماء، وقام "رع" بولادة 4 أبناء، هم "شو" إله الهواء، و"تفنوت" إله النار، ثم "جيب" و"نوت"، حيث يمثل "جيب" الأرض و"نوت" السماء.

أخذت الديانة المصرية القديمة في الوهن والضعف، خصوصاً مع قدوم العصر البطلمي، حيث أصبحت البلاد مجرد مقاطعة رومانية، لكن رغم ذلك انتشرت بعض العبادات المصرية في أنحاء الامبراطورية الرومانية مثل عبادة الإلهة "إزيس"، ولكن مع ضعف الإمبراطورية، تراجع النفوذ الديني، وانتشرت المسيحية مع الوقت في مصر.

وبحلول القرن الـ 4 الميلادي، تآكلت المعتقدات الدينية القديمة أمام الديانة المسيحية الآخذة في الانتشار والتوسع بعد أن اعتنقها عدد من الملوك والأباطرة.

الفرعون إخناتون وعائلته يتعبدون لآتون

أديان ما بين النهرين


مصطلح يشير إلى الأديان والمعتقدات للحضارات المختلفة المتعاقبة في منطقة ما بين النهرين أو كما تسمى الآن "بلاد الرافدين" في العراق، كالحضارة السومرية والأكادية والآشورية والبابلية.

السومرية

الإله إنكي

تميزت الديانات في حضارة ما بين النهرين، بتعدد الآلهة، ومع الوقت استمرت هذه الأديان في انحدار تدريجي، حتى ماتت تقريباً ما بين عامي 300 و400 بعد الميلاد.

تعد الديانة السومرية، هي الملهمة للحضارات اللاحقة، وتمثل الآلهة السومرية قوى الطبيعة والكون، ويتمحور تقديس السومرين حول 4 آلهة هم "آن"، "نينماه"، "إنليل"، و"إنكي".

وتوصف الإلهة "نامو" في الديانة السومرية، بأنها أم الآلهة، وهي إلهة البحار البدائية، ووفقاً للمعتقدات السومرية، فإن "نامو" تزوجت من "آن"، وقامت بولادة الأرض والجنة، كما أنجبت الإله "إنكي"، الذي خولته لاحقاً خلق خدم للآلهة، والذي ساعدها بعد ذلك بمساعدة "نيماه" في خلق الإنسان.

بجانب الـ 4 المذكورين، فإن هناك 3 آلهة أخرى وفقاً للمعتقدات السومرية، مسؤولون عن تحديد وتقرير المصائر.

ضعفت الديانة مع انهيار الدولة السومرية، خصوصاً بعد استيلاء العموريين على موقع "أور" جنوب العراق، بعدما فشل الملك "شوسين" ملك "أور"، بالدفاع عنه بعد أن أقام سوراً دفاعياً ليحمي البلاد من هجمات العموريين، إلا أن الديانة السومرية أثرت في الحضارات اللاحقة في منطقة ما بين النهرين.

الديانة الكنعانية

الإله بعل

هو اسم الديانات التي اعتنقها الكنعانيون الذين عاشوا في بلاد الشام القديمة، منذ أواخر العصر البرونزي حتى عصر ولادة المسيح عيسى، وتصور الكنعانيين الآلهة كأنها عشيرة مقدسة، يرأسها الإله الأعلى، المسمى بـ "إل".

تطورت الديانة الكنعانية مع الوقت، حيث كان "إل" والإلهة "عشيره" مهمين في العصور الأولى، لكنهم تراجعوا لاحقاً من ناحية الأهمية لصالح "بعل" وآلهة آخرين.

يعد "بعل" هو أهم إله عند الكنعانيين، وكانوا يعتبرونه الإله المحارب، لهذا صوروه مسلحاً. وكان الفينيقيون يعتبرونه إله الشمس، وقد نقلوا معهم عبادته لقرطاج بشمال أفريقيا حيث أطلقوا عليه الإله "بعل هامون".

وكان الكنعانيون يعتقدون، أن "إل" و"عشيره" هم من خلق جميع المخلوقات، والبشر والعالم كله، حتى الفجر والغسق.

الديانات الإيرانية


هي الأديان الموجودة في منطقة إيران الكبرى، والتي تضم إيران الحالية وكل الأراضي العليا المحيطة بدولها، والتي تمتد من القوقاز إلى نهر السند، وخضعت لسيطرة الامبراطوريات الإيرانية المتعاقبة أو على الأقل تأثرت كثيراً بنفوذها.

الزرادشتية

فرافاهار – رمز الديانة الزرادشتية

بدأت مسيرة الأديان الإيرانية، ببعض الأديان الهندو-الإيرانية، والتي أثرت فيما بعد في المعتقدات اللاحقة، كالزرادشتية، والهندوسية والبوذية والسيخية.

تلى الأديان البدائية الهندو-إيرانية، الديانة الزرادشتية، وهي ديانة وفلسفة إيرانية قديمة، كانت الدين الرسمي للامبراطوريات الأخمينية والبارثية والساسانية.

تعود الزرادشتية إلى اسم مؤسسها، زرادشت، وللزرادشتية كتاب مقدس اسمه "آفستا"، وتدور الزرادتشية حول الصراع الكوني بين، "أهورا مزدا"، وهو الإله الأوحد، متناهي القدرة، وخالق الكون، والذي يمثل الخير عند الزراداشتيين والذي يخالفه دائماً إله الشر "أهريمان".

ويعد "أهورا مزدا" عندهم إله النور والخير ويتحلى بصفات النور والعقل والطيبة والحق والسلطان والتقوى والخير والخلود. أما أهرامان فهو مسبب الجرائم والخطايا والشرور ومصائب الحياة ويتحلى بصفات الشيطان كلها.

ويدعو زرداشت أتباعه إلى أن يعيشوا عيشة فاضلة، من خلال عبادة "أهورا مازدا" والإسهام في انتصار الخير على الشر، مدعياً أن المعبودات الفارسية القديمة لا تستحق العبادة، ويجب اعتبارها أرواحاً تدميرية.

ويدعي زرادشت أيضاً أن ميزان المعركة أصبح في صالح "أهورا مازدا" منذ ولادة زرادشت نفسه، وفي النهاية فإن أهورا مازدا وفقاً للمعتقد الزرادشتي سينتصر على الشر وعلى عدوه، وسيستعيد النظام الكوني بأكمله.

ضعف تأثير الديانة الزرداشتية مع بزوغ الفتوحات الإسلامية وتدهور الدولة الساسانية بداية من القرن السابع الميلادي، ويقدر عدد الزرادشتين اليوم بحوالي 2،6 مليون نسمة، يعيش معظمهم في إيران والهند، وحالياً يعتنق بعض الأكراد الزرادشتية، والتي يرونها أقرب إليهم من الإسلام.

العرب


كانت معتقدات العرب قبل الإسلام مرتكزة على أساس الشركية الوثنية، فالمعبودات كانت تشمل عدداً من الآلهة وأنصاف الآلهة وقوى الطبيعة والجن.

وكان للعرب العديد من الأضرحة والمعابد التي كانوا يعبدون فيها آلهتهم، مثل الكعبة، التي خصصت للإله "هبل"، وهو أعظم الآلهة عند العرب، يتخذ صورة إنسان له يد مكسورة، ثم ركب العرب له يد من ذهب لاحقاً، وكانت تقام المراسم الاجتماعية أمام "هبل"، كختان الأولاد وإقامة حفلات الأعراس والمآتم، كما كانوا يميزون عنده صريح النسب من المشكوك في نسبه.

ويؤمن العرب بأن "الله" أو الإله الأكبر على الإطلاق بالنسبة لهم، له ثلاث بنات، أو كما يطلق عليهم البعض الثالوث الإلهي العربي، وهم الأول هو "اللات"، وهي الإلهة الأم والمعبود الرئيسي لقبيلة "بنو ثقيف"، والذين كانوا يمتلكون ضريحاً هاماً في مدينة الطائف بالحجاز، وكانت تعرف "اللات" بأنها المسؤولة عن خصوبة التربة في الطائف وما حولها في منطقة الحجاز.

الإلهة الثانية، هي "العزى" وهي إلهة الحرب والقوة وكوكب الزهرة، المكية، والتي عبدها العديد من قبائل العرب كقريش وبني سالم وبني غنيم وبني غطفان وبني خزاعة وبني كنانة.

الإلهة الثالثة، وهي "مناة"، وهي إلهة القدر وقد عُبدت من قبل الأنباط وقبائل البادية الصفوية والثمودية وفي مكة.

وللعرب نظريات متضاربة حول نشأة الكون إلا أن من أشهرها، أن الإله خلق مخلوقاً عظيماً اسمه "بهموت" على شكل سمكة، حيث يستقر كل الماء في العالم في إحدى خياشيمه، كحبة وسط صحراء، ويوجد على السمكة ثور اسمه "كوجاتا"، يستقر عليه جبل من الياقوت، وعلى الجبل، هناك ملاك يحمل الأرض السابعة.

صورة تخيلية لبهموت – من رسم أكينا نيكول.

علامات:
تحميل المزيد