حقق أحد أشهر اليساريين السياسيين بالمملكة المتحدة فوزاً ساحقاً في الانتخابات البرلمانية الفرعية، وذلك بعدما روج لبرنامج وعد بالدفاع عن غزة، ما دفع الحكومة البريطانية إلى وصفه بأنه "خطر على الديمقراطية".
إذ فاز جورج غالاوي بالمقعد البرلماني في بلدة روتشديل بشمال إنجلترا، بعد حملة انتخابية متوترة، شهدت سحب حزب العمال دعمه لمرشحه، بسبب تصريحاته المناهضة لإسرائيل.. فمن هو غالاوي الذي أثار كل هذا الجدل وتمكن من الفوز بأصوات البريطانيين بسبب تصريحاته المنددة بالحرب على قطاع غزة؟
مسيرة جورج غالاوي الطويلة
بمسيرة مهنية امتدت لأربعة عقود، تم الترحيب بعودة جورج غالاوي باعتباره بطل اليسار المناهض للحرب، وتم انتخابه لعضوية البرلمان سبع مرات عن ثلاثة أحزاب مختلفة.
وتُظهر العودة السياسية الأخيرة للرجل البالغ من العمر 69 عاماً، في روتشديل، قدرته على استمالة الناخبين المسلمين، الذين وعدهم في هذه الحالة بأن يكون مناصراً قوياً للفلسطينيين في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. وهو بالنسبة لمنتقديه ومعارضيه شخص مغرور خطير ومثير للانقسامات في المجتمع البريطاني.
بدأ غالاوي مسيرته نائباً عن حزب العمال عن غلاسكو هيلهيد منذ عام 1987، وبعد إلغاء تلك الدائرة الانتخابية قبل انتخابات عام 1997، أصبح نائباً عن حزب العمال في خليفتها غلاسكو كلفن.
وصف إسرائيل بـ"دولة الفصل العنصري"
يعتبر غالاوي نفسه جزءاً من النضال الدولي من أجل الاشتراكية وضد الإمبريالية، خاصةً الإمبريالية الأمريكية، ومعارضاً قوياً للصهيونية. وقد وصف إسرائيل بأنها دولة فصل عنصري ودعا إلى تفكيكها.
وعلى الرغم من الشائعات التي ترددت عن اعتناقه الإسلام، فهو مرتبط بقوة بجذوره الكاثوليكية الأيرلندية، وشدد على أهمية تكوين أسرة كبيرة. وقد أنجب ستة أطفال وتزوج بزوجته الرابعة بوتري غاياتري بيرتوي في عام 2012.
وبحسب الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، وُلد غالاوي في مدينة دندي الإسكتلندية الفقيرة عام 1954، وعمل بخط الإنتاج في إطارات ميشلان، حيث بدأ نشاطه لأول مرة كنقابي.
ثم بحلول العام 1980، شارك في رفع العلم الفلسطيني من مكاتب مجلس دندي، وشارك في توأمة دندي مع مدينة نابلس بالضفة الغربية. ثم في عام 1983، أصبح أميناً عاماً لجمعية "الحرب على الفقر" الخيرية.
إعجابه بصدام.. ورفض الحرب على العراق
في التسعينيات، تعرض جورج غالاوي لانتقادات شديدة، لأنه التقى الرئيس العراقي صدام حسين، وقال له في مقطع كثيراً ما يتم تداوله: "سيدي، أحيي شجاعتك، وقوتك، ومثابرتك". وقد أدت زياراته المتعددة للمنطقة خلال تلك الفترة، إلى تسميته بلقب "عضو وسط بغداد".
ومن بين ما يعتبره العديد من المؤيدين أفضل مواقفه، ما جاء منه في العام 2005، عندما قدم أدلة إلى لجنة فرعية في مجلس الشيوخ الأمريكي، ووصف الادعاءات بأنه حصل على اعتمادات لشراء النفط العراقي من قبل صدام حسين بأنها لتغطية "الجرائم" التي ارتكبت كجزء من غزو العراق.
واتهم السياسي البريطاني آنذاك أعضاء مجلس الشيوخ الذين حققوا في برنامج النفط مقابل الغذاء التابع للأمم المتحدة، بأنهم "متعجرفون" مع العدالة، قائلاً إنهم "شوهوا" اسمه.
وقد طُرد في ذلك الوقت من حزب العمل، بسبب موقفه من حرب العراق عام 2003. واتهمه حزب العمال بتشويه سمعة الحزب بعد أن قال إن القوات البريطانية في العراق يجب أن ترفض الانصياع للأوامر، قائلاً إن تلك الأوامر ستكون "غير قانونية"، لأن الغزو البريطاني الأمريكي للعراق "غير قانوني".
وانضم إلى حزب "الاحترام" الناشئ المناهض للحرب في عام 2004، وحقق نصراً غير متوقع في بيثنال جرين وبو، بشرق لندن.
إخفاقات سياسية متتالية
بعد خسارته بيثنال جرين وبو في الانتخابات العامة عام 2010، خاض الانتخابات الفرعية في برادفورد ويست عام 2012، وفاز بها بأغلبية ساحقة بلغت 56% من الأصوات.
وكانت واحدة من أكبر الاضطرابات في التاريخ الانتخابي الحديث، لكنه خسر المقعد في الانتخابات العامة عام 2015.
تبع ذلك مزيد من الإخفاقات في الانتخابات الفرعية التي خاضها، وضمن ذلك الهزيمة أمام حزب العمال في باتلي وسبن في عام 2021، وانتخابات عمدة لندن في عام 2016، التي جعلته يأتي في المركز السابع.
اتهامات بمعاداة السامية
اتُّهم جورج غالاوي أيضاً بمعاداة السامية، وضمن ذلك عندما أقيل من قبل TalkRadio في عام 2019 بعد أن هنأ نادي ليفربول بفوزه على توتنهام هوتسبير في نهائي دوري أبطال أوروبا، من خلال تغريدة نشرها آنذاك، قال فيها: "لا أعلام إسرائيلية على الكأس!".
وقد اتُهم سابقاً بالعنصرية في عام 2013 بعد خروجه من مناظرة في جامعة أكسفورد، بعد أن اكتشف أن خصمه مواطن إسرائيلي. وقال: "أنا لا أتحدث مع الإسرائيليين".
سوناك يصفه بـ"الخطر على الديمقراطية"
جدير بالذكر أن رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، وصف فوز السياسي المخضرم جورج غالاوي في الانتخابات البرلمانية بـ"المقلق للغاية" و"الخطر على الديمقراطية"، مشيراً إلى أن حكومته تتجه لشن حملة ضد الاحتجاجات المرتبطة بغزة، بحسب وكالة Bloomberg الأمريكية.
وفي خطاب نادر جرى ترتيبه بصورةٍ مفاجئة داخل داونينغ ستريت، أمس الجمعة، قال سوناك إن "شوارع المملكة المتحدة قد استولت عليها جماعات صغيرة تهدد بتفريقها"، معلناً عن حملة ضد الاحتجاجات المرتبطة بغزة.