وُلد في تونس وادَّعى أنَّه دبّر اغتيال جون كينيدي.. كارلوس مارسيلو زعيم المافيا الإيطالي

عربي بوست
تم النشر: 2022/09/27 الساعة 09:15 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/09/27 الساعة 10:06 بتوقيت غرينتش
كارلوس مارسيلو / gettyimage

بالنسبة للكثيرين من سكان مدينة نيو أورليانز، كان كارلوس مارسيلو، رجلاً عادياً يمتلك زورق  لاصطياد الجمبري، وبائع طماطم، وجاراً طيباً للكثير منهم، وبالنسبة للسلطات الأمريكية كان مهاجراً غير شرعي، وأحد أخطر زعماء المافيا في أمريكا.

ومنذ بداية 1947، ومن مكتبه الصغير في نزل "Town and Country" كان يدبر صفقات سياسية، ويدير إمبراطورية عقارية بملايين الدولارات، ودخل في مواجهات مع الحكومة الأمريكية،

وبالأخص مع عضو الكونغرس، والمدعي العام لاحقاً، روبرت كينيدي شقيق الرئيس الأمريكي جون كينيدي.
وبسبب العداء بين كارلوس مارسيلو وجون كينيدي وروبرت كينيدي، بسبب حملته ضد الجريمة المنظمة، كان يُعتقد أن مارسيلو يقف وراء اغتيال جون كينيدي في عام 1963. 

من تونس إلى نيو أورليانز والانضمام إلى المافيا

وُلد كارلوس مارسيلو عام 1910، في مدينة تونس لأبوين من صقلية، ثم هاجر مع عائلته إلى أمريكا، وحصل والداه مع إخوته الصغار على الأوراق الرسمية لكنه لم يحصل عليها والتي ستكون لاحقاً سبباً في مطاردته من قبل الحكومة الأمريكية.

كارلوس مارسيلو
كارلوس مارسيلو عندما كان شاباً / Wikimedia Commons

نشأ كارلوس مارسيلو في حي تكثر فيه السرقات والجرائم، وتسيطر عليه المافيا الإيطالية، ومنذ بلوغه سن المراهقة كان كارلوس يدير عصابة صغيرة تتكون منه ومن 2 من أصدقائه.

عام 1929 قبضت الشرطة في مدينة نيو أورليانز على كارلوس مارسيلو وعصابته، بتهمة السطو على بنك، أُسقطت هذه التهم لعدم كفاية الأدلة، لكن في العام التالي تمت إدانتهم بجريمة الاعتداء والسرقة وحُكم عليه بالسجن لمدة 9 سنوات.

كيف أصبح  كارلوس مارسيلو زعيم المافيا في نيو أورليانز

عام 1935، كانت ألعاب القمار لا تزال محظورة وغير قانونية في العديد من الولايات الأمريكية، وبسبب حملة كبيرة قادها عمدة مدينة نيويورك، قرر زعيم المافيا والجريمة المنظمة في مدينة نيويورك فرانك كوستيلو التخلص من إمبراطورية القمار التي كان يديرها.

كارلوس مارسيلو
كانت المافيا تدير صالات القمار بشكل سري / مواقع التواصل

لكن ما كان يعتبر خسارة لفرانك كوستيلو، رآه السيناتور والحاكم السابق للويزيانا "هيوي لونغ"، فرصة ذهبية للحصول على الكثير من الأموال، بالتحايل على القانون وإدارة أماكن للمقامرة السرية في المدينة.

وكان كل ما تحتاجه تلك الخطة رجلاً من المافيا في نيو أورليانز، يثق به فرانك كوستيلو، ليسلمه إدارة تلك العملية، فكان كارلوس مارسيلو هو الرجل المناسب لتلك المهمة، لكنه كان في السجن.

ولم يكن ذلك يمثل مشكلة لكوستيلو، الذي كان بارعاً في التلاعب السياسي، فدفع أحد المشرعين المحليين لزيارة حاكم الولاية، الذي أفرج عن كارلوس مارسيلو وأصدر عفواً كاملاً عنه بعد 5 سنوات فقط في السجن، وذلك وفقاً لموقع Bayou Brief.

ومنذ ذلك الوقت أصبح مارسيلو، يدير نشاطات المافيا في المئات من ماكينات قمار كوستيلو في المدينة. وأقام مارسيلو علاقات ونفوذاً سياسياً من خلال دفع الرشى للسياسيين ورجال الشرطة في أنحاء الولاية.

وخلال عقد من إدارة صالات القمار وجمع الأرباح بطرق كثيرة، توجه مارسيلو لبناء إمبراطورية من العقارات والشركات وأسطول من قوارب الصيد، وفي سن 37 عاماً كان كارلوس مارسيلو زعيم المافيا بلا منازع في نيو أورليانز.

العداء بين كارلوس مارسيلو وجون كينيدي وشقيقه 

في عام 1959 كان جون كينيدي عضواً في لجنة مجلس الشيوخ الأمريكي التي تحقق في نشاطات الجريمة المنظمة وكان وشقيقه روبرت كينيدي مستشاراً قانونياً، تم استدعاء كارلوس مارسيلو للإدلاء بشهادته أمام اللجنة، لكنه استغل الدستور الأمريكي الذي يمنحه الحق بعدم التحدث خوفاً من إدانة نفسه، ورفض الإدلاء بشهادته.

كارلوس مارسيلو
كارلوس مارسيلو في جلسة استماع في الكونجرس / Wikimedia Commons


وبمجرد أن أصبح جون كينيدي رئيساً لأمريكا، في عام 1961 عين شقيقه روبرت في منصب المدعي العام، ومعاً شنا حملة ضد الجريمة المنظمة في أمريكا، ولأن كارلوس مارسيلو طوال فترة إقامته في أمريكا، لم يقدم طلب الحصول على الجنسية، تم ترحيله إلى غواتيمالا باعتباره أجنبياً غير مرغوب فيه.

لكنه تسلل لأمريكا مرة أخرى على متن أحد قوارب الصيد التي يمتلكها، وأُلقي القبض عليه مرة أخرى، وهذه المرة وجهت له تهم متعددة، مثل الدخول غير الشرعي لأمريكا والتهرب الضريبي والحنث باليمين، ما جعل مارسيلو يغتاظ من جون كينيدي وشقيقه، وبحسب بعض الشهود أطلق عدة تهديدات ضدهما.

علاقة كارلوس مارسيلو والمافيا في عملية اغتيال جون كينيدي

أفاد المخبرون السريون بأن مارسيلو وجه عدة تهديدات ضد جون إف كينيدي، وأنه قال: "إن الكلب سيستمر في عضك إذا قطعت ذيله، بينما إذا قطعت رأس الكلب، فسوف يتوقف ذلك عن التسبب في المتاعب لك".

كارلوس مارسيلو
اغتيال جون كنيدي/ Wikimedia Commons

وقصد بالذيل روبرت كينيدي ورأس الكلب الرئيس الأمريكي جون كينيدي، وذكر الشهود أيضاً أن مارسيلو "صرح بوضوح بأنه سيرتب لقتل الرئيس كينيدي بطريقة ما"، وقال مارسيلو لمخبر آخر إنه سيحتاج إلى الحصول على "تأمين" على الاغتيال من خلال "إعداد جوزة لتحمل اللوم".

كما أن "جاك روبي" الشخص الذي قتل لي "هارفي أوزوالد" الشخص المتهم بقتل جون كينيدي بعد 3 أيام من القبض عليه وقبل اعترافه بأي شيء، كان عضواً في مافيا مارسيلو. كما أن عم "هارفي أوزوالد"، كان يعيش في نيو أورليانز، وكان شريكاً معروفاً في مافيا مارسيلو.

كان هناك الكثير من الأدلة الظرفية التي تربط كارلوس مارسيلو باغتيال الرئيس جون كينيدي؛ إذ أدرج تقرير اللجنة المختارة من مجلس النواب الأمريكي بشأن الاغتيالات محادثة تعود لعام 1962 بين مارسيلو وشريكه في الأعمال إدوارد بيكر قال مارسيلو خلالها: "لا تقلق بشأن ابن العاهرة الصغير ذلك بوبي.. سيتم الاعتناء به".

لكن بعد تحقيقات مكثفة وجدت اللجنة أن كارلوس مارسيلو كان مرتبطاً بشكل عَرَضي بدالاس، ولا دليل قوي على علاقته بعملية اغتيال جون كينيدي.

وخلص التقرير إلى نتيجة "أنَّ مارسيلو كان لديه الدافع والأدوات والفرصة لاغتيال الرئيس جون كينيدي، ولو أنَّها لم تتمكن من إثبات وجود دليل مباشر على تواطؤ مارسيلو". 

طاردت الحكومة مارسيلو لمدة 40 عاماً. وفي عام 1982، وهو بسن 72 عاماً، وبمساعدة مخبر متعاون، حُكِمَ على مارسيلو بالسجن 7 سنوات لمحاولته رشوة مسؤولين للحصول على عقود تأمين حكومية. وتلقَّى حكماً بالسجن عشر سنوات أخرى في قضية رشوة بكاليفورنيا، على أن يُنفَّذ الحكمان على التوالي.

ووفقاً لوكالة أسوشيتد برس الأمريكية، أُلغيَت إدانة مارسيلو في عام 1989 وجرى إطلاق سراحه لحسن السير والسلوك. وتوفي مارسيلو في نيو أورليانز عام 1993، ولم يجرِ ترحيله من البلاد مجدداً قط.

ونشر المحامي فرانك راغانو كتاباً بعنوان "Mob Lawyer" (محامي العصابات) يتحدث فيه عن الفترة التي قضاها في تمثيل مارسيلو وصديقه، زعيم إحدى العصابات في فلوريدا سانتو ترافيكانتي، لمدة 30 عاماً. ووفقاً للكتاب، قدَّم ترافيكانتي اعترافاً واضحاً على فراش الموت قبل أربعة أيام فقط من وفاته عام 1987، قال فيه: "لقد أفسد كارلوس الأمر.. ما كان يجب أن نقتل جون.. كان يجب أن نقتل بوبي".

تحميل المزيد