نفّذ أكثر عمليات الهروب جرأة! ستيفن راسل “ملك النصابين” الذي أحرج نظام السجون الأمريكي

عربي بوست
تم النشر: 2022/08/08 الساعة 10:41 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/10/20 الساعة 19:35 بتوقيت غرينتش
ستيفن راسل /مواقع التواصل

يلقب بـ"ملك النصابين" لكن اسمه الحقيقي هو "ستيفن راسل"، ولديه عشرات الأسماء الأخرى، بالإضافة إلى 14 اسماً مستعاراً معروفاً استخدمها لاختلاق هويات مزيفة، وتقديم نفسه للناس بشكل مختلف كل مرة، فادعى أنه قاضٍ وطبيب ووكيل مكتب التحقيقات الفيدرالي ورجل ثري.

لكن المثير في قصته وأكثر ما اشتهر به هي طرق هروبه الغريبة من السجن، حتى أطلق عليه لقب "ملك النصابين".

وتمكّن راسل من الفرار 4 مرات من عدة سجون مختلفة في تكساس على مدى 5 سنوات، لكنه لم يكن دائماً هكذا، بل كان في بداية حياته رجلاً نزيهاً، بل حتى عمل شرطياً لفترة.

صدمة الطفولة وحياة رجل شرطة عادية قبل أن يصبح "ملك النصابين"

ولد راسل في عام 1957، وقضى معظم طفولته وهو يعتقد أنه ابن العائلة التي عاش معها طوال حياته، لكن في سن التاسعة، اكتشف راسل أنه تم تبنيه، وأن والدته البيولوجية قد تخلت عنه لأنها لا تريد تربية طفل خارج إطار الزواج. 

علم راسل لاحقاً أن والدته تزوجت في النهاية من والده الحقيقي، وأنجبا عدداً من الأطفال معاً، لكن الزوجين لم يفكرا حتى محاولة استعادة أول مولود لهما، أو الاتصال به على الإطلاق. 

معرفة كل هذا هزّ الصبي. يقول "ستيفن راسل" عن هذه الفترة من حياته: "شعرت بالرفض… واجهت مشكلة عندما اكتشفت ذلك".

فبدأ يتصرف بطرق متطرفة إلى حد ما، من الدخول في مشاجرات منتظمة، وإشعال النار في أشياء عشوائية، والانخراط بشكل عام في أعمال مختلفة من الأذى الإجرامي البسيط.

لم يعرف والدا راسل بالتبني ما يجب القيام به حيال ذلك، فقد حاولا كبح هذا السلوك عن طريق إرساله إلى مدرسة داخلية.

وفي أواخر الثلاثينيات من عمره، عمل نائب ضابط شرطة متطوع، وكان يبدو أنه يعيش حياة طبيعية.

صدمة نفسية لم يتحملها عقل "ملك النصابين"

رغم أن كل حياته كانت تبدو نموذجية نسبياً، لكن ذهنه كان ممزقاً وهو يفكر دائماً بما فعله والداه الحقيقيان، وفي عام 1985، عانى راسل من صدمة نفسية لم يتحملها عقله، عندما توفي والده بالتبني.
دفعه هذا إلى التفكير في حياته الخاصة، وبعدها ترك عمله كشرطي، لكنه كان لا يزال يحاول كسب لقمة عيش بطريقة نزيهة. 

عمل راسل لاحقاً مديراً للمبيعات في شركة توصيل طعام، لكن مديره في العمل فصله بعد فترة، وقال "ستيفن راسل" عن تلك الحادثة: "عندما فقدت وظيفتي، أفسد ذلك رأسي حقاً. لقد فقدت السيطرة على حياتي". حينها قرر راسل أنه لن يلتزم بالقانون بعد الآن، أو قواعد المجتمع الذي لم يكن عادلاً معه، بحسب رأيه.

بداية حياة الإجرام وخطة هروب من السجن لا تخطر على بال أحد

بدأ "ملك النصابين" في بيع ساعات رولكس المقلدة، ثم احتال لاحقاً على شركة تأمين بمبلغ 45 ألف دولار من خلال التظاهر بأنه أصيب بشكل بالغ بعد سقوطه.

ستيفن راسل
ساعات رولكس مزيفة \ shutterstock

لم يلفت أي من هذين الأمرين انتباه القانون، ولكن تم القبض على "ستيفن راسل" لأول مرة في عام 1992، بعد تقديم طلب مزور للحصول على جواز سفر.

حُكم على راسل بالسجن لمدة 10 سنوات، لكنه لم يكن ليرضى أن يبقى كل تلك المدة حبيساً خلف القضبان، فوضع خطة للهرب.

بعد ملاحظة أنماط نوبات الحراس، قام راسل بسرقة بنطال وقميص وربطة عنق، من غرفة الأمتعة الشخصية للسجناء، وإدراكاً منه أن هذا الزي لا يكفي لخداع الحراس، قرر أن يضيف معهم جهاز لاسلكي يحمله الحراس عادةً، ولا أحد يعلم كيف حصل عليه.

بعد بضعة أيام، انتظر راسل أن يذهب الحراس في استراحة التدخين خارج أسوار السجن، فارتدى ملابسه وذهب يسير خلفهم، حتى وصل إلى الباب المؤدي إلى الحرية، وسرعان ما وجد نفسه على الجانب الآخر.

يقول عن هذه المحاولة التي لا تصدق: "نجح هروبي الأول لأنني استخدمت جهاز راديو الشرطة المحمول للنقر على نافذة الحارس المسؤول عن فتح البوابة، اعتقد الحراس أنني ضابط شرطة، شعرت إزاء تلك اللحظات الأولى من الحرية بأنها مذهلة".

لكن حرية راسل لم تدم طويلاً، عندما حاول راسل ارتكاب احتيال في مجال التأمين لجمع الأموال، تم القبض عليه بعد أن كان طليقاً لمدة عامين تقريباً.

"ملك النصابين" يصبح مديراً في شركة طبية دون أي خبرة

بعد انتهاء مدة السجن أصبح "ستيفن راسل" حراً مرة أخرى، وبعد أن كان يرتكب عمليات احتيال على شركات التأمين والشركات الطبية، قرر "راسل" أن يذهب إلى المصدر هذه المرة، وأن يقوم بعمليات الاحتيال من الداخل.

ستيفن راسل
قدم راسل سيرة ذاتية مليئة بالأكاذيب \ shutterstock

فتقدم للحصول على وظيفة مدير مالي لشركة إدارة طبية ضخمة تسمى "NAMM"، وقدم لها سيرة ذاتية مليئة بالأكاذيب، ولم ينس أن يضيف إليها أرقام هواتف وعناوين بريد، للتأكد من المعلومات الموجودة في السيرة الذاتية، وبالطبع كل تلك الأرقام وعناوين البريد كانت تؤدي إليه، وهو من يجيب على أي تساؤل تطرحه الشركات عنه. 

لم يشك المسؤولون في الشركة أنه يمكن لأحد أن يكون بهذه الجرأة، ويتقدم بهذه السيرة الذاتية المذهلة وألا يكون صادقاً، وبعد حصول راسل على الوظيفة، اختلس حوالي 800 ألف دولار خلال 5 أشهر.

والمفارقة أنه على الرغم من عدم وجود خبرة حقيقية لدى راسل في مثل هذه الوظيفة، إلا أن مدير "NAMM" اعترف لاحقاً، أن العمل مع راسل، كان أسهل بكثير من الرؤساء الماليين الآخرين، وبدا أنه يؤدي وظيفته بشكل جيد.

ولكن سرقة مبلغ 800 ألف دولار في حوالي 5 أشهر، كان لا بد أن يتم اكتشافها في النهاية، وتم القبض على ملك النصابين مرة أخرى.

خداع المحكمة والهروب من السجن في زي طبيب

بسبب جرائمه السابقة ومحاولة الهروب السابقة، قرر القاضي تشديد العقوبة لحين موعد جلسة المحاكمة النهائية، لذا حدد الكفالة بمبلغ 900 ألف دولار، ولم يعتقد راسل أن هذا الحكم كان عادلاً، وبالتالي قرر تخفيف الحكم بنفسه!
من السجن اتصل "راسل" بالمحكمة، وانتحل هوية القاضي واستخدم قدرته المذهلة على تقليد الأصوات، وطلب توصيله بالموظف المسؤول عن تحديد الكفالات.

وأمر الموظف بخفض كفالة "راسل" إلى 45 ألف دولار فقط، في اليوم التالي دفع راسل الكفالة عن طريق شيك بنكي وخرج من السجن.

بعد بضعة أيام، لاحظت السلطات خطأها، ويرجع ذلك إلى أن الشيك الذي قدمه راسل كان مزوراً، واعتقلت الشرطة راسل مرة أخرى، وهذه المرة حُكم عليه بالسجن 45 عاماً.

لم يكن "ستيفن راسل" سعيداً على الإطلاق بهذا الحكم، ووضع خطة جهنمية اخرى، تساعده على الهروب من السجن.

بدأ راسل بتجميع عشرات من أقلام التلوين الخضراء، وذات ليلة أفرغ الحبر الأخضر من تلك الأقلام في حوض المغسلة في زنزانته، ثم وضع زي السجن الأبيض الخاص به وصبغه باللون الأخضر. وأصبح لونه باللون نفسه الذي يرتديه الأطباء في عيادة السجن. 

بعد أيام قليلة، ارتدى ملك النصابين زيه، وخرج مرة أخرى وبكل بساطة، من البوابة الرئيسية للسجن، بالطريقة نفسها التي خرج بها المرة الأولى.

"ملك النصابين" الذي أحرج السلطات يصاب بمرض قاتل

بعد انتشار قصته ونظراً للسهولة الواضحة التي كان يخترق بها جدران السجن، كتبت الصحافة عنه، وأصبح مشهوراً في الولايات المتحدة بلقب "ملك النصابين" الذي أحرج السلطات في أمريكا.

لكن هروبه لم يدم طويلاً أيضاً، وألقت السلطات القبض عليه مرة أخرى، ولكن هذه المرة كان يبدو عليه الحزن، أخبر راسل السلطات، أنه أصيب بفيروس نقص المناعة البشرية "الإيدز"، ومن المحتمل أنه لم يعد لديه وقت طويل يعيشه.

خلال الأشهر العشرة التالية، راقب مسؤولو السجن كيف أصبح راسل ظلاً لما كان عليه في السابق، من فقدان الوزن الشديد، فضلاً عن إظهار جميع علامات المراحل المتأخرة من هذا المرض بالذات.

وبعد أن ساءت حالته جداً، تم إرساله إلى دار رعاية السجن، وأثناء وجوده هناك، تلقى مسؤولو السجن مكالمة هاتفية من طبيب يخبرهم أن راسل قد تم اختياره لتجربة عقار تجريبي، وأنه بحاجة للحضور إلى مستشفى خاص لتلقي هذا العلاج على الفور.

وهكذا حصل راسل على الإفراج الطبي المشروط، وخرج ببساطة من السجن، ولكن بعد أسبوعين، تلقى السجن مكالمة من الطبيب نفسه تفيد بوفاة راسل.

وبالطبع، لم يكن راسل مصاباً بفيروس نقص المناعة البشرية، لكنه كان يعرف الأعراض جيداً، وفعل كل ما في وسعه لتقليدها، وكان يحرص على عدم تناول الكثير من الطعام لعدة أشهر، وتناول المسهلات حتى يفقد الوزن بسرعة.

أما عن الطريقة التي خدع بها الأطباء داخل السجن، فبعد أن قاموا بإجراء اختبارات طبية للتأكد من مرضه، قام راسل بطباعة نتائج التحاليل وسجلات صحية مزورة على آلة طابعة موجودة في السجن، وتأكد من أن هذه السجلات الصحية قد تم نقلها إلى صندوق البريد الداخلي المناسب للسجن.

بعد هروبه تم إلقاء القبض عليه مرة أخرى وهو يحاول الحصول على قرض من بنك بقيمة 75 ألف دولار بعد أن ادعى أنه شخص ثري.

وحاول في البداية خداع الضباط الذين قاموا باعتقاله، بأنه ليس الرجل الذي يبحثون عنه، ويبدو أنه كان مقنعاً تماماً وكادوا يطلقون سراحه، ولكن يبدو أنهم قد حذرتهم وزارة العدل الجنائي من عدم الاستماع إلى أي شيء يقوله بغض النظر عن مدى تصديقه.

حرصاً على معاقبة راسل على الإحراج الذي تسبب فيه للسلطات على مر السنين، حكم عليه القاضي في النهاية بالسجن 144 عاماً، وتم نقله لسجن مشدد الحراسة للمجرمين الأخطر في أمريكا، ويقضي عقوبته في سجن انفرادي لا يزال فيه حتى اليوم.

ولا يزال مسؤولو السجن مقتنعين بأن راسل ربما يخطط للهروب مرة أخرى.

تحميل المزيد