هل سمعت من قبل عن فتيات يُعجبن بشخصٍ مجرم؟ ربما سمعت بذلك، ولكن ماذا عن الإعجاب بقاتلٍ متسلسل من ضمن ضحاياه طفل عمره 9 سنوات؟ ليس هذا فقط، بل إنّ هذه "المعجبة" هي صحفية ناجحة! تعالوا نتعرّف معاً على تلك القصة الغريبة للصحفية دورين ليوي.
حياة ناجحة لكن وحيدة!
عاشت دورين ليوي حياةً طبيعيّة، فقد كانت محررةً صحفية ناجحة. وُلِدَت دورين ليوي في مدينة بوربانك بولاية كاليفورنيا الأمريكية عام 1955. ورغم قلة المعلومات المعروفة عن نشأتها، لكن يبدو أن دورين كانت شابةً مجتهدةً سعت إلى حياةٍ مهنيةٍ ناجحة في الصحافة.
عملت دورين مُحرِّرةً صحفية في مجلة Tiger Beat في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات، وغالباً ما كانت تقابل المشاهير الصاعدين، بل وساهمت في إعداد بعضهم ليصبحوا نجوماً. فقد ساعدت الممثِّل الأمريكي جون ستاموس في بداياته ليصبح لاحقاً ممثلاً مشهوراً.
ويحكي ستاموس ذكرياته عن علاقته بدورين للصحافة قائلاً: كانت امرأةً وحيدةً جداً. وعن اختيارها الزواج من قاتل متسلسل، قال: لكي أكون وحيداً إلى درجة أن يصبح هذا الرجل هو الوحيد على الكوكب الذي يمكن أن أجده، فهذا يعني وحدةً قاتلة. فهذا الرجل هو تجسيدٌ للشر. إنه مجرد وحش".
القاتل المتسلسل ذو الممارسات "الشيطانية"
على العكس من حياة دورين كانت حياة "زوجها المستقبلي".. القاتل المتسلسل ريتشارد راميريز، الذي أطلقت عليه وسائل الإعلام الامريكية لقب "المُتعقِّب الليلي"، لأنّه كان يستهدف ضحاياه أثناء نومهم.
كانت حياة راميريز مؤلمةً للغاية منذ طفولته. وُلِدَ في 29 فبراير/شباط 1960 (أي أنّه أكبر من دورين ليوي بخمس سنوات) ونشأ في مدينة إل باسو بولاية تكساس. ويبدو أنّ راميريز قد تعرَّضَ لإيذاء بدني على يد والده، وأُصيبَ بجروحٍ عديدة في الرأس عندما كان طفلاً.
كما أنّ ابن عمه الأكبر ميغيل، كان قد حارَبَ في فيتنام مع الجيش الأمريكي، وحكى له قصصاً تقشعر لها الأبدان عن تعذيب النساء الفيتناميات أثناء الحرب.
وحين بلغ راميريز عامه الـ13، شاهد ابن عمّه ميغيل وهو يقتل زوجته. وبعد ذلك بوقتٍ قصير، بدأت حياة راميريز تأخذ منعطفاً مظلماً.
أصبح مدمناً على المخدرات، ونشأت لديه اهتماماتٌ غريبة، فبدأت جرائمه بالسرقة وحيازة المخدرات، ولكن سرعان ما ارتكب أعمال عنفٍ أكثر بكثير.
وفي عام 1984 ارتكب جرائم قتل، حتى إلقاء القبض عليه في 1985. قَتَلَ راميريز 14 شخصاً على الأقل في جميع أنحاء كاليفورنيا، علاوة على العديد من الاغتصابات والاعتداءات وعمليات السطو التي ارتكبها. والأكثر إثارةً للقلق أن العديد من جرائمه تضمَّنَت عنصراً شيطانياً عجيباً، فقد نحت نجمة خماسية في أجساد ضحاياه.
في 31 أغسطس/آب 1985، أُلقِيَ القبض على راميريز بعد أن تعرَّف على العديد من الشهود في الشارع، وضربوه بلا هوادة حتى اقتادوه إلى الشرطة. وحُكِمَ عليه في النهاية بالإعدام.
رسائل حبّ إلى قاتل متسلسل
بعد اعتقاله عام 1985 بدأت دورين ليوي في إرسال رسائل إعجاب إلى راميريز، واستمرّت تلك الرسائل طيلة 11 عاماً. وقد أرسلت له خلال هذه الأعوام 75 رسالة أي بمعدل 6 رسائل في السنة.
في النهاية تزوَّجَت دورين ليوي من "فارس أحلامها" القاتل المتسلسل الملقّب بـ"المتعقب الليلي". وقد مثّل خبر زفافها صدمة في أمريكا.
أُقيمَ الحفل عام 1996 في سجن سان كوينتين بولاية كاليفورنيا الأمريكية. ورغم الأدلة المُروِّعة التي أدانت راميريز، لكنّ دورين اعتقدت أنه بريء. ورغم أنها لم تكن المرأة الوحيدة التي وقعت في حبِّ قاتلٍ متسلسل، فإنّها كانت الوحيدة من بينهنّ التي رفضت ببساطة قبول الحكم الذي قُرِّرَ على زوجها.
علّقت دورين ليوي على الحكم عندما صدر: "لا يمكنني تغيير الطريقة التي ينظر بها العالم له. إنهم لا يعرفونه كما أعرفه".
وقد ظلَّت دورين غير مقتنعةً بإدانة زوجها، بل وأصبحت أكثر المدافعين المتحمِّسين عنه في نظر الجمهور، حتى إنها في بعض الأحيان كانت تمتدح شخصيته في المقابلات الصحفية، رغم أنّه شخصياً قد تفاخر أثناء محاكمته بالجرائم التي ارتكبها.
في أحد تصريحاتها قالت دورين ليوي لشبكة CNN الأمريكية: "إنه لطيف، ومضحك. إنه ساحر. أعتقد أنه شخصٌ رائع حقاً. إنه صديقي المُفضَّل".
في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 1989، حُكِمَ على راميريز بالإعدام. وبينما كان قابعاً في عنبر الإعدام في سجن سان كوينتين، كانت دورين أكثر زوَّاره تردُّداً عليه.
وقد قابلت دورين راميريز حوالي 4 مرات أسبوعياً. وبينما كانت تتحدَّث عن براءته، نادراً ما قدَّمَت أيَّ إجاباتٍ حقيقية عن سبب وجودها معه. وحين سُئِلَت عن ذلك، قالت: "الناس يصفونني بالجنون أو الغباء أو الكذب. أنا لست هكذا على الإطلاق. أنا فقط أصدِّقه".
وفي 3 أكتوبر/تشرين الأول عام 1996، رتّب السجن غرفة زيارة للزوجين، وسمحوا لهما بالزواج، وهو الأمر الذي أثار ازدراء عائلات ضحايا راميريز. وفي يوم زفافهما، اشترت دورين لنفسها خاتماً من الذهب ولراميريز خاتماً من البلاتينيوم؛ لأنه أخبرها أن عبدة الشيطان لا يرتدون الذهب.
تبرَّأ من دورين أقاربها، ولم يستطع زملاؤها الصحفيون السبب الذي قلبت من أجله حياتها رأساً على عقب لتكون مع راميريز.
ومع ذلك، استمرَّت دورين في الدفاع عن زوجها راميريز. استمرّ الزواج قرابة 13 عاماً، لكن حصل بينهما تباعد فجأةً، ولا يعرف أحد سبب هذا التباعد.
يعتقد البعض أنّ سببه هو الدليل الذي ظهر عام 2009 من أنّ أحد ضحايا زوجها كان طفلاً في التاسعة فقط من عمره، قتله عام 1984. بينما البعض يعتقد أنّ المشاكل الصحية التي عانى منها راميريز كانت هي سبب التباعد بينهما.لم يُعدَم راميريز وعاش حتّى تُوفِّيَ عام 2013 بسبب مضاعفات سرطان الغدد الليمفاوية، بينما غابت دورين عن أعين الجمهور لعدة سنوات. ليضع غيابها جزءاً آخر من الغرابة على حياتها والقصة التي ارتبطت بها عند الجمهور، قصّة زواج محررة صحفية ناجحة من قاتل متسلسل يتباهى بجرائمه!