كليوباترا ومارك أنطونيو.. ملحمة الحب والجنس والسلطة التي انتهت بالانتحار

عربي بوست
تم النشر: 2019/01/23 الساعة 13:27 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/03/04 الساعة 08:00 بتوقيت غرينتش

ملكة مصريّة جميلة وذكيّة وشديدة الدهاء كانت آخر حكام سلالة البطالمة، اشتهرت بشؤون حبها وإغوائها  لأمراء الحرب الرومانيين يوليوس قيصر ومارك أنطونيو، الملكة هي كليوباترا أو كليوباترا السابعة، التي ساندت القائد الروماني مارك أنطونيو وشاركته الحب والحرب وأحلام السلطة حتى نهاية حياتهما.

ولدت كليوباترا عام 69 قبل الميلاد، كان قبلها ست ملكات دُعين كليوباترا في سلالة البطالمة.

سُميت سلالة البطالمة بهذا الاسم نسبةً إلى مؤسسها بطليموس الأول، الذي كان يونانيّ الأصل واستقرّ في مصر وتولى الحكم بعد موت الإسكندر، ومنذ ذلك الحين بدأت سلالة البطالمة التي امتدت لأكثر من ثلاثمائة عام.

عندما كانت كليوباترا في سن 18 عاماً توفي والدها فتربّعت هي على عرش مصر، إلى جانب أخيها بطليموس الثالث عشر، وأصبح اسمها الملكة كليوباترا السابعة، وتزوجت أخاها زواجاً عُرفياً وقد كان زواج الإخوة في مصر القديمة مستساغاً بحسب التقليد المصري في الحفاظ على الدم الإلهي داخل العائلة المالكة.

مارتن لوثر الذي لا تعرفه.. أحرق رسالة البابا وحارب الكنيسة الكاثوليكية ليؤسّسَ ثاني أكبر مذهب مسيحي

كليوباترا تقتل أخاها

كان هناك اقتتال داخل سلالة البطالمة خلال الخمسين عاماً الأخيرة من حكمهم، إلى الدرجة التي تجعل حياة الفرد البطلمي حياة محفوفة بالمخاطر، الخيانة والقتل كانا خطراً مُستمراً داخل البلاط، وكان والد الملكة كليوباترا السابعة واحداً من ملوكٍ قليلين لم يُقتلوا.

لكنّ الملكة الشابة كانت تواجه الكثير من المخاطر، إلا أنها استطاعت بذكائها ودهائها السياسي أن تحافظ على حياتها وعرشها وتجلب الرخاء والسلام لبلادها قدر استطاعتها.

إذا أبحرت عبّر البحر المتوسط شمالاً ستصل إلى روما قلب الإمبراطورية الرومانية، وهي الإمبراطورية التي هيمنت على البحر الأبيض المتوسط، وقد كان الرومانيون عدوانيين ومغامرين، وبسطوا حضارتهم نحو الغرب والشرق بقدر استطاعتهم بما في ذلك مصر.

جانب كبير من سيطرة روما على مصر كانت سيطرة مادية، فأسلاف كليوباترا من الحُكام في مصر اقترضوا مبالغ مالية ضخمة من روما لتمويل صراعاتهم الداخلية على السلطة. كانت مصر حينها تمتلك الحبوب بفعل خصوبة أرضها، مما جعل مصر أرضاً مرغوباً فيها.

بعد ثلاث سنوات فقط من حُكم كليوباترا، دبّ الخلاف بينها وبين أخيها الذي حاول تنحيتها عن السلطة، فأعطى الصراع على الحكم في مصر للإمبراطور الروماني يوليوس قيصر العذر الذي كان يحتاج إليه، فقاد قيصر قواته باتجاه مصر "للتوسط بين الملكة وشقيقها".

كليوباترا ويوليوس قيصر أولاً

عقدّت الملكة المخلوعة كليوباترا على يوليوس قيصر آمالها، فوقوفه إلى جانبها هو سبيلها للعودة إلى كرسيّ الحكم، ولم يكن أمامها طريق تقنعه به بهذا سوى إعطائه نفسها.

تتردد الحكايات حول الكيفية التي توصلت بها كليوباترا إلى يوليوس قيصر، فقيل إنها قامت بلفّ نفسها في سجادة، وضعت أمام قيصر وبمجرد أن تم بسطها خرجت منها كليوباترا، فأعجب قيصر بجمالها وذكائها وطرافتها، وتورط في حربٍ أهلية في مصر طرفها كليوباترا وأخوها.

أسفرت الحرب عن موت أخيها بطليموس الثالث عشر، لكن بدلاً من استيلاء قيصر على مصر، أعادها إلى كليوباترا وثبّتها على كرسيّ الحكم بصحبة أخيها الثاني بطليموس الرابع عشر.

حملت كليوباترا بطفٍل من قيصر، إلا أن قيصر لم يعترف به علانية.

تبعت كليوباترا قيصر إلى روما، ولكن بعد اغتياله عام 44 قبل الميلاد، عادت إلى مصر. وتوفي بطليموس الرابع عشر بشكلٍ غامض خلال هذا الوقت، وجعلت كليوباترا ابنها ولياً للعهد.

 بعد اغتيال قيصر وجدت كليوباترا نفسها في موقفٍ صعب وبلا مُساند قوي من جديد.

انقسمت روما بعد موت قيصر، وتفجّرت حربٌ أهلية بين أوكتافيان ابن شقيق قيصر الكبير، وقد كان قيصر أُعجب بذكاء أوكتافيان واعتمده وريثاً له، وبين واحد من أصدقاء قيصر المُقربين وأحد أعظم جنرالات روما وأكثرهم نجاحاً مارك أنطونيو، الذي ولد عام 83 قبل الميلاد.

كان أوكتافيان سياسياً بارعاً، بينما كان أنطونيو مُحارباً قويّاً، وصديقاً للعديد من زُملائه المُحاربين، في البدء حاولا التصالح وتقسيم السلطة بينهما، لكن سرعان ما دبّ الخلاف وعاد الصراع بينهما من جديد.

تحالف الحبّ والسلطة

في هذا الصراع حاول مارك أنطونيو التماس مُساندة فريقه لدى كليوباترا لأهمية موارد وموقع مصر، ففي عام 41 قبل الميلاد استدعى مارك أنطونيو كليوباترا إلى طرسوس (في جنوب تركيا الحديثة).

ويُقال إنها دخلت المدينة عن طريق الإبحار في زورق مُزخرف بأشرعة أرجوانية، بينما كانت ترتدي أردية آلهة الحب والجمال لدى اليونان القديمة أفروديت.

هنا قامت كليوباترا بعقد صفقة جديدة، وقامت بإغواء مارك أنطونيو. كان الاتفاق يبدو رابحاً: سيحصل مارك أنطونيو على ثراء مصر وغناها وخصوبتها، وستُحافظ كليوباترا على حياتها واستمرارها على العرش.

أصبح مارك أنطونيو وكليوباترا حليفين وعاشقين، وعاد معها إلى الإسكندرية عام 40 قبل الميلاد.

في الإسكندرية عاشا حياةً ماجنة، وكانا أول من بدأ فكرة الجنس الجماعي، في مجموعةٍ كانت مُكرّسة في البدء لعبادة الإله الغامض ديونيسوس، إله الخمر في اليونان القديمة ومُلهم طقوس الابتهاج والنشوة، في أثناء هذا حملت كليوباترا بتوأم من مارك أنطونيو.

تمكّنت جيوش مارك أنطونيو وكليوباترا من صدّ عدوهما أوكتافيان لمُدّةٍ من الزمن، استقر الأمر خلالها لمارك أنطونيو وكان ينوي تحويل عاصمة الإمبراطورية من روما إلى الإسكندرية، إلى أن تمكَّن أوكتافيان من استخدام وجود كليوباترا في حياة مارك أنطونيو لهزيمة غريمه.

هكذا استغل أوكتافيان كليوباترا من أجل هزيمة مارك أنطونيو

أقنع أوكتافيان الشعب الروماني أن المُحارب القوي الشجاع مارك أنطونيو قد تمّ إغواؤه من فاتنة الشرق الشريرة العاهرة فانقلب الرومان على أنطونيو، وحرم مجلس الشيوخ مارك أنطونيو من صلاحياته، ورغم دعم أنطونيو بموارد مصر لم يتمكن من الوقوف أمام القوة الهائلة للجيش الروماني.

جاءت ذروة الحرب في معركة أكتيوم البحرية، التي وقعت بالقرب من مدينة بريفيزا في شمال غرب اليونان، حيث هُزمت القوات المُشتركة لمارك أنطونيو وكليوباترا، المُكونة من 230 سفينة و 50.000 بحّار، وسلّمت السيطرة الفعلية على العالم الروماني إلى أوكتافيان.

في سنة ثلاثين قبل الميلاد، استسلم كليوباترا وأنطونيو للهزيمة، حينها كان عُمر كليوباترا 39 عاماً، قضت نحو 22 عاماً منها ملكة ونحو 14 عاماً شريكة لمارك أنطونيو في إمبراطوريته.

نهاية الملحمة.. انتحار كليوباترا ومارك أنطونيو

بعد هزيمة كليوباترا ومارك أنطونيو وقبل أن يُجرّا إلى روما مُكبلين بالسلاسل قرَّرا الهرب، وكان سبيلهما للهرب هو إنهاء حياتهما بالانتحار، فانتحر مارك أنطونيو بسيفه، وفقاً لتقاليد الشرف الرومانية.

أما كليوباترا فقررت إنهاء حياتها باستخدام أفعى مُميتة. يعتقد مؤرخون آخرون أن كليوباترا استخدمت مرهماً ساماً أو قارورة من السم للانتحار، لتكون الأولى من بين أبناء عائلتها التي تُقدم على الانتحار.

علامات:
تحميل المزيد