الهيروغليفية ليست أولى اللغات.. كيف تطورت أقدم أبجدية في التاريخ؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/02/14 الساعة 15:03 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/02/14 الساعة 15:21 بتوقيت غرينتش
اللغة السريانية

ثمة اعتقاد شائع أن اللغة الهيروغليفية هي أقدم لغة مكتوبة في التاريخ، وأنها من أوائل الحروف المكتوبة في العالم، لكن ذلك ليس صحيحاً فمَن أول مَن اخترع الأبجدية؟

تعتبر السريانية أقدم اللغات في التاريخ وكان يطلق عليها في بعض الأحيان الكتابة المسمارية وتمّ اكتشافها في بلاد ما بين النهرين في الألفية الثامنة قبل الميلاد.

ولكن قبل أن تُخترع الحروف الأبجدية، اعتمدت أنظمة الكتابة على الرموز المصورة التي عُرفت بالهيروغليفية أو على الكتابة المسمارية على الألواح، عن طريق الحفر بالقلم على الطين الطري. ولأن تلك الطرق احتاجت إلى عدد هائل من الرموز لتعريف كل كلمة، وكانت الكتابة صعبة وقاصرة على مجموعة صغيرة من الكتبة المحترفين.

وخلال الألفية الثانية قبل الميلاد (ما بين 1850 و1700 قبل الميلاد تقريباً)، اقتبس مجموعة من الأشخاص المتحدثين باللغات السامية، الهيروغليفية المصرية لتمثل صوت لغتهم، لتكون أول أبجدية.

التي مثّل كل رمز فيها حرفاً ساكناً (وأُسقطت الأحرف المتحركة). كُتبت تلك الأبجدية -التي عُرفت باسم أبجد- من اليمين إلى اليسار، ونشرها التجار البحارة الفينيقيون الذين احتلوا جزءاً مما صار الآن لبنان وسوريا وفلسطين وتكونت حروفها -الساكنة فقط- من 22 رمزاً، ما كان بالبساطة الكافية ليتعلمها ويرسمها التجار العاديون، وليكون استخدامها أسهل وأوسع انتشاراً.

بحلول القرن الثامن قبل الميلاد، كانت الأبجدية الفينيقية قد انتشرت إلى اليونان، حيث أُعيد تحسينها وصقلها لتسجيل اللغة اليونانية. فاستُخدمت بعض الحروف الفينيقية واستُغني عن حروف أخرى، لكن الابتكار الأهم كان استخدام الحروف في تمثيل الحروف المتحركة. 

هذه الإضافة -التي سمحت بقراءة النصوص ونطقها دون لبس- ما شكلت ولادة أول أبجدية "حقيقية" في العالم.

كُتبت اللغة اليونانية في الأصل من اليمين إلى اليسار، لكن ذلك تغير للعكس واستقر اتجاه الكتابة على الشكل الذي يستخدم اليوم في النصوص الأعجمية، من اليسار إلى اليمين. 

ومع مرور الوقت، أفضت الأبجدية اليونانية إلى ظهور أبجديات متعددة أخرى، مثل اللاتينية؛ التي انتشرت في أنحاء أوروبا، والكريلية (السريلية)، وهي سلف الأبجدية الروسية الحديثة.

الأبجدية

بدأ تاريخ الأبجدية في مصر القديمة، وبحلول عام 2700 قبل الميلاد، كانت الكتابة المصرية تضم حوالي 22 رمزاً هيروغليفياً يمثل المقاطع الصوتية التي تبدأ بحرف ساكن واحد في لغتهم.

ولكن مع أنها بدت حروفاً أبجدية في طبيعتها، لم تكن الرموز المصرية الأصلية نظاماً للكتابة، ولم تُستخدم وحدها قط لترميز الخطاب المصري.

في العصر البرونزي الوسيط، وُجد نظام كتابة "أبجدي" عُرف بالأبجدية السينائية الأولية، كان تطوراً في مركز مصر في حوالي العام 1700 قبل الميلاد

تطورت هذه الكتابة في النهاية لتصير الأبجدية الكنعانية الأولية، التي حُسنت بدورها لتصير الأبجدية الفينيقية. وتطورت كذلك لتصير الأبجدية العربية الجنوبية، التي تنحدر منها الأبجدية الجعزية (أبوجيدا). 

الكتابات المذكورة لا تُعد أبجديات سليمة، إذ تفتقر كلها إلى ما يمثل الحروف المتحركة (حروف العلة). وتُسمى تلك الأبجديات القديمة ذات الحروف الساكنة فقط "أبجد" ولا تزال موجودة في كتابات مثل العربية والعبرية والسريانية.

وكانت الفينيقية هي الكتابة الصوتية الرئيسية الأولى، احتوت على حوالي 24 حرفاً مختلفاً فقط، ما جعلها بسيطة بما يكفي ليتعلمها التجار. وإمكانية استخدامها في كتابة العديد من اللغات المختلفة، نظراً لأنها سجلت الكلمات بطريقة صوتية.

Ogham Script: Consonants

Ogham Script: Consonants

by Rico38 (CC BY-SA)

الكتابة الأوغامية: الحروف الساكنة

سمح الاستعمار الفينيقي بانتشار كتابته عبر البحر الأبيض المتوسط وفي اليونان، عُدلت الكتابة لإضافة الحروف المتحركة، وهو ما أفضى إلى أول أبجدية حقيقية. وقد أخذ اليونانيون الحروف التي لم تمثل أصواتاً في اللغة اليونانية وغيروها إلى أخرى تمثل الحروف المتحركة. 

وكانت هذه بداية اختراع أول أبجدية "حقيقية"، ذات حروف متحركة وساكنة تمثلها رموز واضحة في أي نص مفرد. وكانت لهذه الأبجدية اليونانية في أيامها الأولى، أشكال كثيرة مختلفة، ما أدى إلى نشأة العديد من الأبجديات المختلفة.

وصارت واحدة من تلك الكتابات هي الأبجدية اللاتينية، التي انتشرت في أنحاء أوروبا عندما وسّع الرومان إمبراطوريتهم. وحتى بعد سقوط إمبراطوريتهم، عاشت الأبجدية في الأعمال الفكرية والدينية. واستُخدمت في النهاية في اللغات المنحدرة من اللاتينية (اللغات الرومنسية) ثم في اللغات الأوروبية الأخرى.

علامات:
تحميل المزيد