انتقلت السفارة الأميركية بصورة رسمية، يوم الإثنين 14 مايو/أيار، من تل أبيب إلى القدس، ما أثار احتجاجاتٍ حاشدة، ضمَّت عشرات الآلاف من الفلسطينيين على طول الحدود مع غزة، حيث لقي 60 فلسطينياً على الأقل مصرعهم، بينما أُصيبَ أكثر من 2700 آخرون.
تدرس هذه الكتب غير العربية التي عرضتها صحيفة The New York Times الأميركية التوتُّرات العميقة القائمة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وتشرح مكانة القدس، لا سيما الوضع الذي أملت الإدارات الأميركية السابقة في حله عن طريق اتفاقية سلام.
1- كتاب ENEMIES AND NEIGHBORS – Arabs and Jews in Palestine and Israel, 1917-2017
أعداء وجيران – العرب واليهود في فلسطين وإسرائيل، 2017-1917
الكاتب: إيان بلاك
606 صفحات
دار نشر: Atlantic Monthly Press 2018
بالرغم من وجود العديد من الروايات التاريخية عن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، إلا أن كتاب مراسل صحيفة The Guardian البريطانية إيان بلاك "يتمتع بموهبة الإيجاز"، و"بإمكانه تلخيص الأحداث في فقرات موجزة وواضحة زاخرة بالتفاصيل الحيوية".
ويغطي بلاك في الكتاب الذي نشر في الذكرى المئوية لوعد بلفور 1917، الأحداث الرئيسية في الصراع الذي دام لعقود، بما في ذلك حرب الأيام الستة عام 1967 والانتفاضة الأولى والثانية، وهما الثورتان اللتان أشعلهما الفلسطينيون ضد الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة.
يقدم بلاك تقارير متوازنة لها علاقة على سبيل المثال بأن بعض القادة الإسرائيليين في التاريخ كانوا متعاطفين مع المعارضة الفلسطينية، أو الطرق التي أضرَّ بها القادة الفلسطينيون قضيتهم.
كما وضع الأساس التاريخي في العقود الأخيرة من العهد العثماني، عندما وصل المستوطنون الصهاينة الأوائل إلى الأرض المقدسة، ويعتمد بلاك على مجموعة واسعة من المصادر، من الوثائق السرية إلى التاريخ الشفهي إلى تقاريره الخاصة على أرض الواقع.
ويعيد إنشاء المعالم الرئيسية في الصراع الأكثر استقطاباً في العصر الحديث، من كلا الجانبين. في السنة الثالثة من الحرب العالمية الأولى، تم زرع البذور من أجل صدام لا مفرَّ منه: استسلم حاكم القدس عزت باشا للقوات البريطانية، وأصدر وزير الخارجية لورد بلفور وثيقةً مصيرية تتعاطف مع إقامة "وطن قومي للشعب اليهودي".
ويأخذ الكتاب جولةً في التاريخ، من التمرُّد العربي في الثلاثينيات ضدَّ الانتداب البريطاني، إلى جولة في المحرقة النازية، وحرب 1948 التي بلغت ذروتها في "النكبة الفلسطينية"، التي تسميها إسرائيل "عيد الاستقلال" و"النصر اللعين" -كما سماه- في حرب الأيام الستة عام 1967، وإعادة الصحوة الفلسطينية؛ الانتفاضة الأولى والثانية، اتفاقات أوسلو، ومفاوضات سلام فاشلة أخرى، واستمرار العنف حتى عام 2017، في جمع بين السرد الجاد مع التحليل التاريخي والسياسي والرؤى الثقافية.
والخلاصة التي يصل إليها المؤلف: احتمالات حل الدولتين قد اختفت.
2- كتاب JERUSALEM – City of Mirrors
القدس – مدينة المرايا
الكاتب: عاموس إيلون
286 صفحة
دار نشر: Little, Brown & Company 1989
القدس، مدينة المرايا، تعبير مجازي: الصورة تُبهر في مجالات السياسة والأيديولوجيا والدين. ولكن في تلك اللحظات النادرة والمرهقة التي يتم فيها ضم الصور والواقع للتدقيق، فإن المشكلة تطرح نفسها بصعوبة مزعجة. كناية عن ماذا؟
في كل مرة تقريباً في كل الأزمان التي بدت فيها القدس ترمز إلى السلام والوعد الروحي والراحة السماوية، كان يمكن أيضاً تصوير المدينة المقدسة بتاريخ العنف، الجشع البشري والتفاهة الإنسانية، حسب عرض الكتاب المنشور على موقع Amazon.
هذا الكتاب سيرة ذاتية للمدينة، التي تُعد رمزاً للصراع الجاري في الوقت الذي كتب فيه إيلون كتابه، وفي الوقت الحالي أيضاً. كتب إيلون أنه في بدايات الدولة اليهودية، لم يكن الآباء المؤسسون لها مهتمين بالقدس، إذ قال أول رئيس لإسرائيل: "لن أعتبر القدس القديمة كهدية حتى".
لكن هذا تغيَّر كثيراً منذ احتلال إسرائيل للقدس، حسب عرض قديم للكتاب في صحيفة نيويورك تايمز عام 1989، لقد تم تغذية جيل إسرائيلي كامل على أساس الاعتقاد بخط مستقيم من المصير المحتوم "من داوود إلى دايان".
الحقيقة المزعجة، كما يقول إيلون مؤلف الكتاب، هي أن الآباء المؤسسين للدولة اليهودية في الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي، لم يكن لديهم اهتمام حقيقي بالقدس، رغم أن الإسرائيليين في الثمانينات وجدوا غير ذلك.
لكن السجلات القديمة تقول إن ثيودور هرتزل، مؤسس الصهيونية، سخر من المزمور المقدس "عندما أتذكرك في أيام قادمة، يا أورشليم، لن يكون من دواعي السرور". وكتب الرئيس الأول لإسرائيل، حاييم وايزمان، في عام 1937: "لا نأخذ المدينة القديمة كهدية، فهناك العديد من المضاعفات والصعوبات المرتبطة بها".
ودافيد بن غوريون، أول رئيس وزراء إسرائيلي، تجاهل عملياً القدس بينما كان يستكشف مواقع للتطور اليهودي في المستقبل. وقد أوضح حاييم نحمان بياليك، الشاعر العبري الحديث، أن تصوير الكتاب المقدس عن أورشليم القدس بأنها "فرحة أجيال كثيرة" كان ينطبق حقاً على تل أبيب (وليس القدس!)
ويقدم إيلون القدس على أنها دول "غارقة في أساطيرها الخاصة"، وبالتالي "كانت هناك دائماً صور متضاربة موجودة معاً". بالرغم من استخدام إيلون للاستعارة في وصف المدينة، فإن مراجع صحيفة The New York Times كتب عنه أنه "لا يتظاهر أبداً باللامبالاة فيما يخص حقائق اليوم"، وكذلك يستكشف بأسلوب واقعي أثر ذلك العنف والاستياء الثقافي على الحياة اليومية لسكانها.
3- كتاب PALESTINIAN WALKS – Notes on a Vanishing Landscape
المسيرات الفلسطينية – ملاحظات على اندثار المناظر الطبيعية
الكاتب رجاء شحادة
240 صفحة
دار نشر: Scribner 2008
عاش رجاء شحادة في رام الله في الضفة الغربية، منذ أن غادرت عائلته يافا في النكبة (عام 1948)، التي تشرَّد خلالها أكثر من مليون فلسطيني، كانت النكبة هي المفارقة المطلقة. شحادة هو محام وناشط سلام تحوَّل الآن للكتابة. في المشي بفلسطين يربط بين الجمال الذي يراه في وطنه المختفي وبين انهيار أحلامه، من أجل حل قانوني للاحتلال الإسرائيلي. كما تتوقع، إنه لأمر محزن، غاضب، ميؤوس منه. ومع ذلك، فالبلاد أيضاً جميلة جداً وتلمسك بعمق.
في هذا الكتاب، يوثق شحادة، مسيراته في الضفة الغربية. إذ تنطوي الفصول على ست رحلات خاضها بين عامي 1978 و2006، ويصور كيف أن الصراع القائم في المنطقة أثَّر على المناظر الطبيعية، وقوَّض قدرته على التحرك بحرية في الأرض، حسب الصحيفة الأميركية.
وأثناء إحدى رحلاته مع ابن أخيه البالغ 10 أعوام، التقط الطفل صاروخاً غير منفجر، وفي رحلةٍ أخرى تعرَّض هو وزوجته لإطلاق نار مطول. حصل شحادة على جائزة أورويل البريطانية على هذا العمل.
يقوم شحادة باستكشاف التلال الجميلة لبلده، وبساتين الزيتون، والوديان، ومنحدراتها. وبينما نراقب تدميرها من قبل المستوطنين الإسرائيليين، ندرك أنه على الرغم من أن التطور كان يمكن أن يحدث على أية حال، إلا أنه لم يكن ليصبح وحشياً للغاية بهذه الطريقة، إلا بسبب التدمير المادي للمناظر الطبيعية، مصحوباً بالتدمير الآخر للشعب الفلسطيني، ويراقب الفلسطينيون أرضهم وبيوتهم وحرياتهم، وتختفي آمالهم في الرخاء أمام أعينهم. إسرائيل هي المسؤولة.