منذ انطلاق "شات جي بي تي"، بدأت مئات من تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الظهور أسبوعياً، يمكنك أن تعتمد الآن على تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الكتابة، والتدقيق اللغوي أو حتى البرمجة والتصميم، الآلاف من الوظائف المعقدة والصعبة يمكن الآن إنجازها، أو على الأقل إنجاز جزء كبير منها، اعتماداً على الذكاء الاصطناعي، كل هذا جيد، إلا أن هناك تحديات ومخاوف أيضاً من الاعتماد على الذكاء الاصطناعي بشكل كامل، سنتحدث عن هذه المخاوف حتى نقف على حقيقة الأمر، وكيف نتعامل معه بشكل أفضل.
دعنا نبدأ بخطاب يتضمن دعوة للتوقف عن تطوير أبحاث وتطبيقات الذكاء الاصطناعي الأكثر تطوراً من "GPT-4" أو ما يُعرف بثورة الكتابة بالذكاء الاصطناعي، حيث يقود الدعوة التي تحمل عنوان "Pause Giant AI Experiments" "إيقاف تجارب الذكاء الاصطناعي العملاقة مؤقتاً" رجل الأعمال الشهير إيلون ماسك، وكذلك ستيف وزنياك وغيرهما من الشخصيات المهمة في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، حيث طالبوا بالتوقف فوراً لمدة 6 أشهر على الأقل لتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي، وأكدوا أن أنظمة الذكاء الاصطناعي تشكل مخاطر جسيمة على المجتمع والإنسانية، وأن التطور الحالي للذكاء الاصطناعي سريع ولا يمكن التنبؤ به.
كما رأوا أنه لا ينبغي تفويض القرارات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي إلى قادة تقنيين غير منتخبين، وضرورة وضع بروتوكولات أمان مشتركة أثناء التوقف، وإعادة تركيز أبحاث الذكاء الاصطناعي على تحسين الدقة، والأمان والشفافية، وكذلك العمل مع صانعي السياسات لتطوير أنظمة حوكمة قوية للذكاء الاصطناعي.
البنية التحتية السحابية
ملايين المستخدمين حول العالم، ومليارات العمليات والطلبات والأسئلة التي يتم توجيهها إلى "شات جي بي تي" وغيره من تطبيقات الذكاء الاصطناعي المختلفة، منها مثلاً "BING Chat" و "Google Bard" وغيرها، ومع توقعات بتطور رهيب لكل هذا كله لتتضاعف هذه الأعداد والعمليات، فأنت هنا أمام مستقبل جديد قائم على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.
كل هذا يحتاج إلى بنية تحتية سحابية أو ما يُعرف اصطلاحاً "Cloud Infrastructure" تلك الأجهزة والموارد اللازمة لتشغيل الخدمات السحابية مثل التخزين السحابي؛ حيث يتم تخزين كل العمليات التي تتم أو الخوادم الافتراضية والشبكات الافتراضية، وخدمات الأمان والحماية، وغيرها من المكونات الأساسية التي يحتاجها مزود الخدمة السحابية لتوفير خدماته، لذا نحن نحتاج إلى استراتيجية جديدة للتعامل مع هذا المستقبل.
حماية البيانات الشخصية
وفقاً لبيان أصدرته شركة "OpenAI" وهي الشركة المطورة لـ"شات جي بي تي" فإنها قد تعرّضت للاختراق لخلل ما اكتشفته الشركة لاحقاً، أدى هذا الاختراق إلى تسريب بيانات ومحادثات خاصة بالعديد من المستخدمين، هذا الأمر خطير حقاً، فالكثيرون عندما يتعاملون مع "شات جي بي تي" مثلا يظنون أن الأمر عبارة عن حديث يدور بينه وبين شخص آخر، يشرح له بالتفصيل، يناقشه في أفكاره وأطروحاته ليحصل منه على المساعدة التي يريدها.
لذلك أصبح الأمر غاية في الخطورة، فمثلاً إذا كانت لديك فكرة مشروع أو كتاب، أو اكتشاف عملي ما أو غيرها من الأسرار التي لا يجب أن يعرفها أحد غيرك، كل هذه الأسئلة والعمليات يتم تخزينها ومعالجتها وتطوير الخوارزميات من خلال "شات جي بي تي"، الأمر الثاني وهو إذا حدث أي اختراق لـ"شات جي بي تي" كالذي حدث، هذا قد يعني أن كل الأسئلة والكتابات والاستفسارات التي قمت بها ستصبح في متناول الجميع، وهذا أمر خطير جداً.
"شات جي بي تي" حقوق الملكية الفكرية
قضايا حقوق الملكية الفكرية هي الأكثر إشكالية في عالم الذكاء الاصطناعي، خصوصاً فيما يتعلق بصناعة المحتوى، كالكتابة والتصميم والموشن غرافيك وغيرها، حتى الأكواد البرمجية والمواقع الإلكترونية والتطبيقات، كل هذه المخرجات هي نتاج محتوى وأعمال موجودة بالفعل.
فيما يعني أن الذكاء الاصطناعي أو "شات جي بي تي" مثلاً لم يبتكر مقالاً من العدم، بل تم تزويده بملايين المقالات والكتب والمراجع سابقاً حتى يصل إلى هذا المقال بشكله النهائي، هنا تظهر مشكلة الملكية الفكرية إلى العلن، والتي تحتاج بالتأكيد إلى ضوابط تحكمها خصوصاً إذا كنت مثلاً تتحدث إلى تطبيق من تطبيقات الذكاء الاصطناعي عن فكرة معينة أو عن كتاب لك تقوم بإعداده أو بحث ما يتناول فكرة جديدة، وكنت قد كتبت تفاصيل هذه الفكرة أو هذا الكتاب أو البحث إلى التطبيق لتصل إلى شيء ما يساعدك.
يقوم "شات جي بي تي" بتخزين كل ما تكتبه ومعالجته وإعادة استخدامه مع مستخدمين آخرين، هذا يعني أن أفكارك وأبحاثك قد يستخدمها شخص آخر، لذلك فالأمر يحتاج إلى ضوابط بالتأكيد لحماية الملكية الفكرية.
ما رد "شات جي بي تي" على هذا الأمر؟
أخيراً، سألت "شات جي بي تي"، هل يجب علينا الخوف من "شات جي بي تي" والتطور الهائل في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي؟ سأترك لكم الإجابة كما هي: "لا، لذلك لا يجب علينا الخوف من شات جي بي تي أو من التطور الهائل في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. فالذكاء الاصطناعي يمثل تطوراً هائلاً في التكنولوجيا، ويمكن أن يقدّم العديد من الفوائد والإيجابيات للبشرية في مجالات مختلفة مثل الطب والصناعة والتعليم والترفيه.
لكن، يجب أيضاً أن نكون على علم بالتحديات الأخلاقية التي يمكن أن يثيرها استخدام التكنولوجيا الذكية، مثل تأثيرها على سوق العمل والخصوصية والأمان الرقمي وتقليل فرص العمل لبعض الفئات. ولذلك، يجب علينا التعاطي مع هذه التحديات بجدية وإيجاد الحلول اللازمة للتأكد من أن التكنولوجيا الذكية تُستخدم بطريقة مسؤولة وفعالة، وتحقق الفوائد المرجوة للبشرية".
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.