في الآونة الأخيرة، ومع تطور استخدامات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا بشكٍل عام في مجال الطب، زاد الاتجاه نحو استخدام الروبوت الطبي، وخاصةً في إجراء العمليات الجراحية المعقدة والضخمة، وكذلك العمليات الجراحية عن بُعد.
لقد أحدثت التطورات التقنية ثورة في ممارسة الطب؛ ورغم أن الإمكانات الكاملة لتقنيات الجراحة الروبوتية لم تُحدّد بعد، فقد حسّنت هذه الأجهزة بالفعل من أداء المهام المرهقة جسدياً. فقد أثبتت الروبوتات فائدتها في الجراحة، عبر قيامها بمجموعة من المهام التي تتراوح بين: حمل الكاميرا بكل ثبات، وعمق شق جراحي خالٍ من الارتعاش، واستئصال الأنسجة المطلوبة بكل دقة.
ومع ذلك، لا تزال الأنظمة الحالية تواجه العديد من التحديات؛ وقد يؤدي التطوير المستمر للأبحاث إلى التغلب على هذه المشاكل. والأهم من ذلك أن هناك ما يبرر إجراء مزيد من البحوث لتقييم تحليل التكلفة والفائدة الكاملة للجراحات الروبوتية، ويتوقع أن يصل حجم استخدام الروبوتات الطبية إلى 20 مليار دولار بحلول عام 2023.
وأكدت الدراسات الحديثة أن التدخل الجراحي المحدود يُساهم في الحدّ من المضاعفات، وتقصير مدة الإقامة في المستشفى، إضافةً إلى إعادة ممارسة الحياة اليومية بشكلٍ أسرع، علماً أن نتائج بعض الدراسات التي أُجريت في هذا المجال تشير إلى تقليل مدة تلقي العلاج في المستشفى بيوم واحد على الأقلّ.
ويلجأ الجرّاحون إلى التقنيات التي تعتمد على الروبوت الطبي في مجموعة متنوعة من العمليات الجراحية، بما في ذلك جراحة القلب، والمعدة، إضافةً إلى جراحة إنقاص الوزن التي تستوجب في الحالات العادية عملية جراحية مفتوحة بشقوقٍ أكبر حجماً.
أنواع استخدامات الروبوت الطبي
الروبوت الطبي (Medical Robot) هو روبوت يُستخدَم في العلوم الطبية التي تستخدم إجراءات الجراح على جانب واحد، في أغلب أجهزة المعالجة عن بُعد، لتتحكم بالمستجيب في الجانب الأخر.
الروبوت الطبي الجراحي: إما أن ينفذ العمليات الجراحية بدقة أكبر من الجراحة، من دون مساعدة الطبيب الجراح، أو ينفذ بالجراحة عن بُعد من دون تواجد الطبيب الجراح مع المريض.
روبوت إعادة التأهيل: يسهّل ويدعم حياة العاجزين أو المسنين أو الذين يعانون من خلل وظيفي في أعضاء الجسم، من شأنه أن يؤثر على حركتهم. ويُستخدم هذا الروبوت أيضاً لإعادة التأهيل، والتدريب والعلاج.
الروبوت الطبي الحيوي: مجموعة من الآلات صُمّمت لمحاكاة الإدراك البشري والحيواني.
روبوت التواجد عن بُعد: يسمح للمحترفين طبياً بالتحرك والنظر حول المكان، والتواصل والمشاركة، من مواقع بعيدة.
أتمتة الصيدلية: هي أنظمة آلية تغني عن الأدوية المتناولة عن طريق الفم، في إطار صيدلية البيع بالتجزئة، أو تحضير مخاليط الحقن الوريدي المعقم، في إطار صيدلية المستشفى.
الروبوت الطبي المرافق: لديه قدرة على المشاركة العاطفية مع المرضى ومرافقتهم، وتنبيههم عند وجود أي مشكلة في صحتهم.
روبوت التعقيم: لديه القدرة على تعقيم غرفة بأكملها في دقائق قليلة، ويستخدم ضوء الأشعة النابضة فوق البنفسجية التي أصبحت تُستخدم أيضاً لمكافحة مرض فيروس الإيبولا.
الروبوت الطبي وتشخيص الأمراض
رصد تقريرٌ صادر عن موقع "أم.أي.تي ريفيو" المختص في التقنيات هذه الاستخدامات، حيث حقق الذكاء الاصطناعي في الآونة الأخيرة تقدماً ملحوظاً في مجال اكتشاف الأمراض في مراحلها المبكرة.
على سبيل المثال، ذكرت ورقة علمية نُشرت العام الماضي أن أحد أنظمة التعلم العميق تمكّن من تشخيص سرطان المريء بدقة تبلغ نسبتها 98%، مع أن تشخيص هذا النوع من السرطان صعب نسبياً، ويتم في الكثير من الأحيان في مرحلة متقدمة عندما تضيع فرصة تلقي العلاج الفعال.
كما تستخدم العديد من التطبيقات والأدوات القابلة للارتداء تقنيات ذكاء اصطناعي، ترصد اضطرابات المؤشرات الحيوية للجسم، ويُمكنها التنبؤ باحتمالية وقوع أزمة صحية قبل حدوثها. وقد طورت منصة Care Predict الأميركية أداة قابلة للارتداء، تتبع حتى التغيرات البسيطة في الأنماط السلوكية لكبار السن، والتي تسبق السقوط وسوء التغذية والاكتئاب، كما يمكنها إرسال إشارات استغاثة سريعة عند الحاجة.
ويعتمد مجال الطب الدقيق على تحديد العقار الأكثر فاعلية للمرضى، بناء على تكوينهم الجيني ونمط حياتهم واختلاف استجابتهم للعقاقير. وفي هذا الإطار، تثبت الدراسات وجود تأثير إيجابي واضح عندما يتكامل عمل الأطباء مع الذكاء الاصطناعي، بهدف تمهيد الطريق أمام الطب الدقيق.
ويُمكن لتقنيات التعلم العميق تحليل البيانات الجينية لأعداد كبيرة من الأفراد، وتحديد التباين الفردي في الاستجابة للعقاقير، ودعم اتخاذ القرارات السريرية في الزمن الفعلي، وبالتالي تقديم توصيات حول أنسب العقاقير لكل شخص.
كما يمكن استخدام الروبوت الطبي لكي تتنقل بين الناس لقياس الأعراض المرضية للبشر، ومعرفة المرضى منهم من الأصحاء. وهناك نوعان من الروبوت الطبي: الأول يمكنه قياس العلامات الحيوية للبشر من دون التعرف على المرض، أمّا النوع الثاني فهو لتشخيص وتعريف المرض نفسه.
ويمكن القيام بهذه العمليات -التي غالباً ما تحتاج تدخل الأطباء- باستخدام الكاميرات والخوارزميات المناسبة للقيام بذلك آلياً وبصورة أسرع وأكثر دقة، خاصة مع القوة التحليلية لخوارزميات الذكاء الاصطناعي التي يمكن استخدامها.
كما يمكن أيضاً استخدام هذه التقنية في المستشفيات، وربطها مع قاعدة بيانات التعرف على الوجوه للتنبيه وتحذير المرضى وإضافة أي معلومات لازمة، قد تفيد صحتهم وتحدّ من انتشار الأمراض في المستقبل.
الجراحة الروبوتية
من شأن الجراحة الروبوتية، التي تُعرف أيضاً باسم الجراحة بمساعدة الروبوت الطبي، أن تتيح للأطباء إجراء العديد من أنواع العمليات المعقدة بدقة ومرونة وتحكم أكبر، مقارنةً باستخدام التقنيات التقليدية. وترتبط الجراحة الروبوتية عادةً بالجراحة طفيفة التوغل، أي العمليات التي تُجرى من خلال شقوق جراحية صغيرة. وتُستخدم أيضاً في بعض العمليات الجراحية التقليدية المفتوحة.
ومن خلال 4 أذرع مرنة تشبه الذراع البشرية، ينفذ الروبوت الطبي المهام المطلوبة منه. ويتحكم الجرّاح في الروبوت والمهام عبر عصا، وشاشة ثلاثية الأبعاد.
والجراحة الروبوتية في الطب تعني استخدام الآلات التي يستعملها الأطباء لإجراء العمليات الجراحية؛ وقد استُخدمت كلمة روبوت (Robot) لأول مرة في مسرحية R.R.R Rossum's Universal Robots، التي كتبها الروائي التشيكي والكاتب المسرحي Karel Čapek وعُرضت في العام 1921.
ورغم أنها قادرة على تخفيف الجراح أكثر من الجراحة العادية، فإن الجراحة الروبوتية تتطلب مهارة هائلة من قِبل الجرّاح، بالإضافة إلى ذلك فهي تُعدّ بديلاً لتخفيف الآلام، وتستلزم وقتاً أقلّ للتعافي والشفاء؛ لأن الجروح في الجسم تكون أقل.
وتُستخدم الجراحة الروبوتية في المقام الأول للسماح بإجراء العمليات، من خلال شقوق طفيفة وذات حجم صغير، للقضاء على الحركة غير المرغوب فيها وتحسين البراعة الجراحية، والسماح بإجراء جراحة عن بُعد.
وقد تم النظر إلى هذه التطبيقات بشكلٍ مختلف على أنها مقنعة، ولكن مثيرة للجدل في أوائل القرن الـ21. وحتى عندما أفاد العلماء بفوائد الجراحة الروبوتية –والتي تضمنت انخفاض المضاعفات ومعدلات الوفيات– فقد تحدث آخرون عن مخاوف بشأن التكلفة العالية، وعيوب في المعدات الجراحية الروبوتية، وعدم الإبلاغ عن العمليات الفاشلة.
ويتضمن النظام الجراحي الروبوتي السريري الأكثر استخداماً ذراعاً مزوّدة بكاميرا، وأذرعاً آلية مزوّدة بأدوات جراحية. يتحكم الجرّاح في الأذرع بينما يجلس أمام لوحة تحكّم متصلة بجهاز كمبيوتر، بالقرب من طاولة العمليات. وتوفر وحدة التحكم للجرّاح عرضاً مكبراً، ثلاثي الأبعاد وعالي الوضوح، لموقع الجراحة. ويقود الجرّاح أعضاء الفريق الآخرين، الذين يقدمون المساعدة خلال العملية.
تطوّر استخدام الروبوت الطبي في الجراحة
في العام 1983 طوّر الدكتور جيمس ماكوين والدكتور بريان داي وجيوف أوشينليك، مع فريق من طلبة الهندسة في مدينة فانكوفر الكندية، أول روبوت جراحي في العالم وأطلقوا عليه اسم "أرثروبوت" (Arthrobot). وقد استُخدم حينذاك في رأب مفصل الورك الكامل، لإعداد عظم الفخذ للزرع، بعد استئصال رأس العظام.
كما أدت الجراحة الروبوتية لعام 1985 إلى إجراء أول منظار يتضمن نظاماً روبوتياً، تلاها استئصال المرارة عام 1987. وفي العام 1985 أيضاً، استُخدم روبوت يدعى 650 PUMA لوضع إبرة لخزعة دماغية استرشاداً بالأشعة المقطعية المحوسبة CT.
تمتع الروبوت بـ6 درجات من الحرية، مما مكّنه من الوصول إلى أي نقطة داخل محور حركته. كان هذا الروبوت قادراً على تحديد موقعه، من خلال مقياس الجهد Potentiometer، الذي يتحكم في 6 محركات مؤازرة.
وفي العام 1988، تم تطوير الـ"بروبوت" Probot في كلية إمبريال كوليدج بلندن واستُخدم في جراحات البروستاتا. وقد صُمّم لتمكين الجرّاح من تحديد الحجم المطلوب استئصاله من غدة البروستاتا، والذي يتم قطعه آلياً من دون تدخل إضافي من الجراح. وفي عام 1992، تم تطوير "روبودوك" ROBODOC من قِبل شركة الأنظمة الجراحية المتكاملة لتقليل الأخطاء البشرية في عمليات استبدال مفصل الورك.
وفي عام 1990 أصبح نظام AESOP، الذي تنتجه Computer Motion، أول نظامٍ مُعتمد من قِبل إدارة الغذاء والدواء (FDA) لإجراءاتها الجراحية بالمنظار.
نظام الجراحة الروبوتية "دافنشي"
في العام 2000، أطلق نظام جراحة دافنشي آفاقاً جديدة ليصبح أول نظام للجراحة الروبوتية الذي وافقت عليه إدارة الغذاء والدواء الأمريكية للجراحة العامة بالمنظار. وكانت هذه المرة الأولى التي وافقت فيها إدارة الأغذية والأدوية FDA على نظامٍ شامل للأدوات الجراحية وأدوات الكاميرا/المجهرية، واعتمد أسلافه على استخدام المناظير والعديد من المساعدين الجراحين لإجراء الجراحة.
شاشة التكبير ثلاثية الأبعاد لنظام جراحة دافنشي الروبوتية تسمح للجراح بمشاهدة منطقة العمليات بوضوح عالي الدقة، وتمثل الأذرع الجراحية -التي يبلغ قطرها سنتيمتراً واحداً- تقدماً كبيراً في الجراحة الروبوتية على حساب الأنظمة المسلحة الكبيرة المبكرة، مثل PUMA 560.
ومع مثل هذه الأذرع العاملة المصغرة، يزيل نظام الجراحة الروبوتية دافنشي الحاجة إلى الاستفادة من جوانب الشق، ويسمح هذا التقدم بتلامس أقل بين الأنسجة الداخلية المكشوفة والجهاز الجراحي، مما يقلل بشكل كبير من خطر الإصابة بالعدوى.
وتعمل ميزات Endo-wrist لأذرع التشغيل على تكرار الحركات الماهرة للجراح في أدوات التحكم بدقة، مما يعمل على تحسين الدقة في مساحات العمليات الصغيرة.
تمت الموافقة على نظام دافنشي من قبل إدارة الغذاء والدواء لاستخدامه في كل من عمليات الجراحة الروبوتية للبالغين والأطفال في المجالات التالية:
- جراحات المسالك البولية.
- جراحات المناظير العامة.
- جراحات تنظير الصدر العامة غير القلبية الوعائية إجراءات.
- جراحة القلب بمساعدة تنظير الصدر.
ومع التطور السريع للتكنولوجيا، تطور نظام دافنشي كثيراً منذ حصوله على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) ونسخته الأولى حط في عام 2000، بما في ذلك النظام الأصلي. وهناك الآن أربعة نماذج في عائلة نظام دافينشي الجراحي (الشكل 6).
في عام 2006، أنتجت شركة إنتويتف الجراحية الخلف الأول، da Vinci` S، تلته النسخة Si في عام 2009، ونظام الموقع الأحادي في عام 2010. تم تعزيز النسخة da Vinci S HD بشاشة عرض عالية الدقة، ودمج المعلومات الحيوية الخاصة بالمريض (مثل الصور الشعاعية المتراكبة لتسهيل الجراحة)، فيما يُعرف بالنسخة تايل برو TilePro.
تتميز السلسلة Si بواجهة أكثر انسيابية، وبقدرتها على استخدام أدوات الموقع الواحد. يقوم نظام الموقع الواحد بعمل شقٍّ جراحي بشكل ثقب المفتاح عبر السرة، والذي يُستخدم كمدخل واحد للعملية الجراحية، مما يؤدي إلى الحد الأدنى من الندوب.
وهناك نظام روبوتي جديد قيد التطوير حالياً، هو نظام سبورت SPORT الجراحي (وهو اختصار: تقنية المنفذ الروبوتي المنفرد Single Port Orifice Robotic Technology) من قبل شركة تيتان الطبية في كندا.
يتكون النظام من منصة روبوتية ومحطة عمل تفاعلية، تمكن الجراح من التحكم في الآلة. تستخدم النظم الحالية للجراحة الروبوتية غالباً في جراحات الجهاز التناسلي للمرأة، والمسالك البولية.
إن إجراء الجراحات بمساعدة الروبوت الطبي لا يخلو من تقييدات. وأحد العيوب الواضحة للأنظمة الحالية هو غياب ردود الفعل اللمسية للمشغل (اللمسيات haptics).
وعلى الرغم من أن النظام يوفر تنقلاً بصرياً محسناً، مع تصوير ثلاثي الأبعاد عالي الدقة، فإن الجراح يظل مضطراً للاعتماد على الإشارات البصرية فيما يتعلق بموضع الأدوات وسرعتها وتسارعها.
وإضافة إلى سعره الباهظ الذي يبلغ 1.5 مليون دولار تقريباً لكل روبوت، فإن ترقية النظام وصيانته هي تكاليف إضافية يجب مراعاتها أيضاً. وربما كان أحد أكبر التحديات التي ينطوي عليها تشغيل دافنشي هو التكلفة الفادحة للوقت والمال الضروريين، للتدريب العملي المكثف اللازم لأتمتة التقنية الجراحية بأمان.
وتشمل عيوب نظام دافنشي الجراحي أيضاً الإصابات المحتملة بسبب المضاعفات الجراحية، وأكثرها شيوعاً حروق الأنسجة بسبب أطراف الأدوات العالية الطاقة.
ومع تواصل ازدهار شعبية الجراحة الروبوتية، يجب الأخذ بعين الاعتبار أن بعض المضاعفات الجراحية ستحدث لا محالة.
الروبوت الطبي "هوجو"
تساهم تقنيات نظام الجراحة، بمساعدة الروبوت الطبي Hugo™، في إزالة العوائق المرتبطة بتكاليف وأساليب الاستخدام التي لطالما حالت دون تطوير الجراحة -بمساعدة الروبوت- واعتمادها على مرّ العقود الماضية.
وأظهرت الدراسات أن الجراحة بمساعدة الروبوت الطبي تُمكّن مقدمي الرعاية الصحية من إدارة التكاليف بطرقٍ أكثر فعالية، وتحقيق أفضل النتائج للمرضى، من خلال الحدّ من المضاعفات وتقليل مدّة العمليات الجراحية وتجنّب دخول المستشفى لتلقي العلاج.
وبشكل عام، سيسهم نظام الجراحة بمساعدة الروبوت Hugo™ في تعزيز قدرة الجرّاحين على الرؤية، مما يساعد في تسهيل إجراء العمليات الجراحية وتعزيز دقتها، في ظلّ توفير المزيد من المرونة بفضل سهولة نقل جهاز الروبوت من غرفة إلى أخرى وتوافقه مع الأدوات الجراحية الموثوق بها.
كما يتيح هذا النظام للجراحين إجراء العمليات الجراحية بمساعدة الروبوت الطبي عن بُعد، وذلك إلى جانب إتاحة فرص التدريب من مواقع متعددة.
أنظمة الروبوتات الطبية الجراحية
تندرج الروبوتات الجراحية ضمن واحد من 3 أنظمة، وهي:
أولاً: قد يكون النظام خاضعاً لرقابة إشرافية، فيتم قبل ذلك برمجة التدخل الجراحي في حاسوب، ثم ينفذ النظام الخطوات بشكل مستقل.
ثانياً: يمكن للروبوت أن يعمل من خلال الجراحة البُعادية telesurgery. وفي هذه الحالة، يتحكم الجرّاح في الروبوت الطبي عن بُعد، من أي مسافة محددة، في الزمن الحقيقي.
ثالثاً: يمكن للروبوت الطبي توفير المساعدة الجراحية عبر نظام للتحكم المشترك، بمعنى أن الجرّاح يتحكم في حركات الروبوت، في حين يوفر الروبوت الطبي تعزيزاً لحركات الجراح مثل تقليل الاهتزاز أو الحركات التي قد ينتج عنها بعض الأخطاء.
مزايا الجراحة الروبوتية
يجد الجراحون، الذين يستخدمون نظام الجراحة الروبوتية، أنه يعزز الدقة والمرونة والتحكم أثناء العملية في العديد من الإجراءات، ويسمح لهم برؤية موضع الجراحة بشكل أفضل مقارنةً بالتقنيات التقليدية. وباستخدام الجراحة الروبوتية، يمكن للجراحين إجراء عمليات دقيقة قد تكون صعبة أو مستحيلة باستخدام طرق أخرى.
وفي كثير من الأحيان، تجعل الجراحة الروبوتية الجراحة طفيفة التوغل ممكنة. وتشمل مزايا الجراحة طفيفة التوغل ما يأتي:
- مضاعفات أقل، مثل التعرض لعدوى في موضع الجراحة.
- ألمٌ أقل وفقدان دم أقل.
- فترات إقامة في المستشفى وفترات شفاء أقصر.
- ندوبٌ أصغر لا تُلاحَظ بسهولة.
وتنطوي الجراحة الروبوتية على مخاطر؛ وقد يكون بعضها مشابهاً لمخاطر الجراحة المفتوحة التقليدية، مثل خطورة صغيرة للإصابة بالعدوى وحدوث مضاعفات أخرى. وهناك العديد من المجالات التي يتم فيها استخدام الروبوت الطبي في الجراحة، ومنها:
الروبوتات والجراحة العامة: أُجريت عمليات جراحية متعددة في البطن باستخدام الروبوت الطبي، إضافةً إلى استئصال المرارة، واستئصال المريء، وتثقيب القاع، واستئصال عضلة هيلر، واستئصال المعدة، والطحال والقولون، وتجاوز المعدة Roux-en-Y، واستئصال البنكرياس، وإجراءات ويبل.
الروبوتات والمسالك البولية: كان استئصال البروستاتا الروبوتي الدعامة الأساسية لجراحة المسالك البولية الروبوتية. كما تم تطبيقه على استئصال الكلية، واستئصال الغدة الكظرية، واستئصال المثانة.
الروبوتات وأمراض النساء: تم توثيق سلامة وفعالية النهج بمساعدة الروبوت الطبي في استئصال الرحم لأول مرة بواسطة Diaz-Arrastia et al في 2002، وقد تم تطبيقه منذ ذلك الحين على مفاغرة البوق، استئصال الورم العضلي، استئصال الرحم، وأمراض الجهاز البولي.
الروبوتات والجراحة المجهرية وجراحة اليد: تم تطبيق الجراحة المجهرية بمساعدة الروبوت الطبي على جراحة القرنية، مفاغرة الأوعية الدموية الدقيقة في الجراحة التجميلية والمسالك البولية من أجل فغر الأوعية الدموية أو فغر البربخ الوعائي.
جراحات القلب: اعتباراً من العام 2004، تُجرى عدة أنواع من جراحة القلب، باستخدام أنظمة الجراحة الروبوتية، وهي: إصلاح عيب الحاجز الأذيني، إصلاح ثقب بين الحجرتين العلويتين للقلب، إصلاح الصمام التاجي، إصلاح الصمام الذي يمنع الدم من الارتجاع مرة أخرى إلى غرف القلب العلوية أثناء تقلصات القلب، تجاوز الشريان التاجي، تحويل مسار الدم عن طريق تجاوز الشرايين المسدودة التي توفر الدم للقلب.
مستقبل الجراحة الروبوتية
يعتبر مستقبل الجراحة الروبوتية واعداً بقوة، في إطار سعي الخبراء إلى ابتكار طرق أفضل لإنجاز الإجراءات الطبية الدقيقة. ومن المنطقي الافتراض أن المزايا الحالية لأنظمة الجراحة الروبوتية سيتم توسيعها في الجيل التالي من الروبوتات الطبية.
كما يمكن نقل إزالة الاتصال البشري أثناء الجراحة إلى المستوى التالي، مع أنظمة الجراحة الروبوتية القادرة على العمل على مسافات أكبر بين وحدة التحكم في الجراحين، والروبوتات المنضدة الجانبية للمريض. وسيسمح ذلك بإجراء الجراحة الروبوتية مع المرضى في "غرفة نظيفة" قريبة، مما يقلّل أو يزيل العدوى أثناء الجراحة.
ومن الممكن للجيل التالي من الروبوتات الطبية والجراحة الروبوتية إجراء الأعمال التحضيرية الجراحية عن بعد أيضاً. ومن أجل ذلك، يقوم عدد كبير من المتخصصين والجرّاحين في بريطانيا بإجراء تجارب على الروبوتات الطبية الجديدة، للتعرّف على كيفية استخدامها.
ففي المستقبل القريب، سيتم الاستعانة بها في عددٍ كبير من المستشفيات والمراكز الطبية، وفقاً لخطة الحكومة، إذ تخصّص هيئة الخدمات الصحية الوطنية في البلاد نحو 50 مليون جنيه إسترليني، لتوفير تقنية الروبوتات.