عندما تمشي في الشارع، أو تستقل الحافلة، أو حتى عندما تجلس رفقة أطفالك في الحديقة، فلا شكَّ أنَّ مُعظم الناس الذين حولك، ستراهم مُلتصقين بهواتفهم الذكية، عيونهم للأسفل، وأصابعهم تتحرك أو تكتب على WhatsApp أو Facebook، أو غيرهما من منصات التواصل الاجتماعيّة.
أضرار الهواتف المحمولة على البيئة
بغض النظر عن الأضرار الصحية أو الاجتماعية التي تسببها شاشات الهواتف المحمولة، هل توقفت يوماً للتفكير في مقدار الكهرباء التي تستخدمها لشحن هاتفك كل عام، والتأثير البيئي لتلك الكهرباء على بصمة الكربون.
شحن الهواتف الذكية وأثرها على البيئة
قبل الحديث عن شحن الهواتف المحمولة وما يسببها من أضرار للبيئة، دعونا أولاً نتعرف على ما تشكله بصمة الكربون.
تُستخدم "البصمة الكربونية" للإشارة إلى الكمية الإجمالية للغازات الدفيئة المنبعثة من أنشطة الأشخاص، والتي تُقاس عادةً بالأطنان.
وتشمل الغازات الدفيئة ما يلي:
- ثاني أكسيد الكربون.
- الهيدروفلوروكربون.
- الميثان.
- أكسيد النيتروز.
- مركبات الكربون المشبعة بالفلور.
- سادس فلوريد الكبريت.
ويستخدم معادل ثاني أكسيد الكربون (CO 2 e)، الذي يتكون من الغازات الدفيئة المذكورة أعلاه، لقياس انبعاثات تلك الغازات.
البصمة الكربونية المُقدرة لشحن هاتف واحد
إذا افترضنا أنك تعيد شحن هاتفك باستخدام شاحن بقدرة 5 واط لمدة ساعة واحدة كل يوم، فهذا يعني أنك ستستخدم ما مجموعه 1.825 كيلوواط/ساعة من الكهرباء لشحن هاتفك في عام واحد.
لوضع هذا الرقم في المنظور الصحيح، دعونا نقارنه بمتوسط استهلاك الكهرباء السنوي للعائلات الأمريكية، الذي بلغ معدل استهلاك المنزل الواحد 10،649 كيلوواط/ساعة في عام 2019.
وبالتالي فإننا نستنتج أنّ الاستخدام السنوي للكهرباء لشحن هاتف واحد يساوي 0.01٪ من إجمالي الاستخدام السنوي للمنزل.
والآن دعونا نحسب حجم البصمة الكربونية (CO 2 e) التي ينتجها شحن الهواتف حول العالم، وفقاً لتقديرات أجراها موقع Compare the Market.
المنطقة الجغرافية | كمية ثاني أكسيد الكربون تنبعث سنوياً عن طريق شحن هاتف واحد يومياً |
إفريقيا | 1.69 كجم من ثاني أكسيد الكربون |
آسيا | 1.07 كجم من ثاني أكسيد الكربون. |
أوروبا | كجم من ثاني أكسيد الكربون |
أستراليا/أوقيانوسيا | 0.81 كجم من ثاني أكسيد الكربون |
أمريكا الشمالية والوسطى | 0.62 كجم من ثاني أكسيد الكربون |
أمريكا الجنوبية | 0.35 كجم من ثاني أكسيد الكربون |
الشرق الأوسط | 0.99 كجم من ثاني أكسيد الكربون |
ويبرز هذا الاختلاف بالأرقام إلى عوامل الانبعاث التي تختلف من دولة إلى أخرى، على حسب نوعية الوقود المستخدم لتوليد الكهرباء في البلاد.
على سبيل المثال، فإنّ الدولة التي تعتمد بشكل كبير على الوقود الأحفوري للحصول على الطاقة سيكون لديها معامل انبعاث أعلى من تلك التي تستخدم الطاقة المتجددة أو النووية.
الطاقة المهدورة من تصنيع الهواتف
أكدت شبكة Good Electronics المساهمة في حقوق الإنسان والاستدامة في صناعة الإلكترونيات العالمية أنّ شبكات الاتصالات ومراكز البيانات تهدر الكثير من الطاقة.
وضربت الشبكة مثالاً على ذلك، موضحة أنه خلال فترة 10 سنوات بدءاً من 2007 وصولاً إلى 2017، استخدم العالم ما يقرب من 968 تيراواط/ساعة من أجل تصنيع الهواتف الذكية، وهو رقم يماثل تقريباً استهلاك الطاقة في العام 2014 كاملاً في الهند (973 تيراواط/ساعة).
نفايات إلكترونية ضخمة نتيجة تصنيع الهواتف الذكية
لكن الأمر لا يتوقف عند استهلاك الطاقة وحسب، بل أيضاً يتطلب تصنيع الهواتف الذكية استخراج معادن ثقيلة من الأرض في مقدمتها الذهب ومعدن الكوبالت الذي يسمى بـ"الذهب الأزرق".
إضافة إلى العناصر التالية:
- الحديد لمكبرات الصوت.
- الميكروفونات والألومنيوم والمغنيسيوم للإطارات والشاشة.
- النحاس والفضة والذهب للإلكترونيات.
- الجرافيت والليثيوم للبطاريات.
- السيليكون للمعالج.
- الرصاص والقصدير من أجل اللحام.
استخراج هذه المعادن من المناجم أو مواقع التعدين يتسبب بتسرب ملوثات ونفايات سامة تُلحق الضرر بالتجمعات البشرية التي تعيش قربها، ونتحدث هنا عن بعض الدول الإفريقية سيما جمهورية الكونغو الديمقراطية وراوندا التي يعمل السكان في مناجمها مقابل دولار واحد في اليوم فقط وفقاً لما ذكره موقع Reset الرقمي.
في حين تؤكد بعض التقديرات أن عمر الهواتف الذكية يمكن أن يصل إلى فترة ما بين 5-10 سنوات، لكن معظم المستهلكين يستخدمها لمدة تتراوح بين عام أو عامين فقط.
وبالتالي فإنَّ أكثر من 60% من مبيعات الهواتف المحمولة هي بدائل للهواتف الموجودة بالفعل فقط، و90% منها لا تزال تعمل عند التخلص منها، فالمستهلكون يريدون هواتف أحدث وأفضل وأسرع؛ والشركات المنتجة لا تبخل عليهم بذلك كل عام.
لكن الآثار البيئية لتبديل الهواتف مخيف فعلاً وينتج كمية هائلة من النفايات الإلكترونية، لا يتم إعادة تدوير سوى 16% منها فقط، في حين ينتهي مطاف معظمها في مكب النفايات؛ حيث يمكن أن تتسرب المواد الكيميائية الضارة إلى المياه الجوفية وتؤثر على حياة الإنسان والنبات.
تشير التقديرات إلى أن الاتحاد الأوروبي وحده ينتج أكثر من 12 مليون طن سنوياً من النفايات من المعدات الكهربائية والإلكترونية، كما أنّ معظم عمليات التصنيع لا تزال تعتمد بشكل كبير على الوقود الأحفوري الذي ينتج كميات هائلة من انبعاثات الكربون الضار.
في حين قدر مركز IVL السويدي للبحوث البيئية أنّ الهاتف المحمول الواحد يخلف وراءه 86 كجم من النفايات، بدءاً من نفايات التعدين مروراً بنفايات تصنيعه وصولاً إلى نفايات التخلص منه.