في عام 2006، استحوذت شركة جوجل على منصة يوتيوب مقابل 1.65 مليار دولار، والآن، وبعد 15 عاماً على صفقة الشراء، أصبحت يوتيوب تحقق عائدات بقيمة الصفقة كاملة كل 3 أسابيع، لتصبح إحدى صفقات الاستحواذ الناجحة في عالم ريادة الأعمال.
لكن في عالم الشركات التكنولوجية وتطبيقات الإنترنت لم تكُن كل صفقات الاستحواذ ناجحة بالقدر ذاته، بعض الصفقات كانت ناجحة أكثر من المتوقع مثل جوجل ويوتيوب، لكن صفقات أخرى رغم نجاحها الكبير لا يزال المسيطر عليها يأمل الكثير منها مثل فيسبوك وواتساب.
هنا، نستعرض نماذج لصفقات الاستحواذ في عالم التطبيقات ومواقع الإنترنت وما حققته بعد سنواتٍ من الاستحواذ:
استحواذ جوجل على يوتيوب
في أكتوبر/تشرين الأول 2006، كانت يوتيوب شركة ناشئة عمرها لم يتجاوز العام ونصف العام، يشكك بعض المستثمرين المتشائمين في قدرتها على المنافسة في سوق ضخم، لكنها كانت تمثل ثروة لانتشار مقاطع الفيديو على الإنترنت وقتها، وجذبت أعين كبار المستثمرين في السوق للاستحواذ عليها، إذ اشترتها جوجل مقابل 65 مليار دولار.
في الحقيقة، اشترت جوجل منافساً لم تنجح منصتها للفيديو أن تنتشر انتشاره وقتها؛ إذ حاولت إنشاء منصة للفيديو لكن منصتها فشلت في الانتشار ومنافسة جوجل، وطبقت جوجل المثل المشهور في عالم ريادة الأعمال: "إذا لم تستطع التغلب عليه ومنافسته، فقم بشرائه".
قفز سهم جوجل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق بعد فترة وجيزة من الاستحواذ على يوتيوب في عام 2006، وأصبح جزءاً من قصة نمو الشركة منذ ذلك الحين، وفق شبكة تلفزيون CNBC الأمريكي المتخصصة بالتغطية الاقتصادية.
في مطلع عام 2020، كشفت جوجل أن يوتيوب حقق لها 15 مليار دولار أرباحاً في العام السابق، وأكدت شركة محرك البحث الشهير أن يوتيوب ساهم بتحقيق 10% من إجمالي إيرادات جوجل، هذه الأرقام التي نقلها موقع The Verge التكنولوجي تجعل نشاط إعلانات يوتيوب يقرب من خُمس حجم أعمال فيسبوك، وأكثر من ستة أضعاف حجم أعمال Twitch المملوكة لشركة Amazon.
والآن في 2021، أصبحت منصة يوتيوب تحقق ثمن صفقتها قبل 15 عاماً؛ أي 1.65 مليار دولار، كل 3 أسابيع.
استحواذ فيسبوك على واتساب
في 2014 استحوذ فيسبوك على تطبيق واتساب بصفقة ضخمة بلغت 19 مليار دولار، وتساءل المستثمرون وقتها عن طرق استفادة مارك زوكربيرغ من تطبيق المراسلات الفورية، وفي أبريل/نيسان 2021، قدمت فيسبوك بعض التفاصيل التي توضح خطط الشركة لاستخدام واتساب بشكل أفضل لزيادة مبيعات الإعلانات على منصاتها الأخرى مثل فيسبوك وإنستغرام.
قد يهمك أيضاً: رفضت فيسبوك تعيينه، وبعد سنوات اشترى مارك زوكربيرغ واتساب منه.. عن بريان أكتون مؤسس سيغنال
إذ أعلن زوكربيرغ في هذا التقرير عن استخدام مليون شركة لإعلانات "انقر فوق WhatsApp"، وهي الخاصية التي انطلقت في 2017 لتسمح للمستخدمين بدخول واتساب من إعلانات فيسبوك وإنستغرام. وقد حققت فيسبوك في الربع الأول من عام 2021 مبيعات قدرها 25.4 مليار دولار، بزيادة 46% عن نفس الفترة من العام السابق، كما سجلت أرباحاً للسهم الواحد بلغت 3.30 دولاراً أمريكياً، بزيادة 93% على أساس سنوي، وعائدات تقارب 26.2 مليار دولار.
ميزة واتساب الجديدة هي جزء من خطة أكبر يسعى لها زوكربيرغ، إذ قال: "أمامنا طريق طويل لنقطعه لإنشاء منصة تجارية كاملة المزايا عبر خدماتنا، وهذه رحلة تستغرق عدة سنوات، لكنني ملتزم بالوصول إلى هناك"، وفق شبكة CNN الأمريكية. ووجود واتساب ضمن هذه الخطة يعزز أعمال الدعاية والإعلان التي يستهدفها مارك عبر منصاته، لإنشاء هذه المنصة المتخصصة.
أيضاً، واتساب الذي يزيد عدد مستخدميه الحاليين عن مليارين، بينهم 50 مليون حساب أعمال للشركات (Business Users)، استحوذت عليه فيسبوك بينما كان لا يزال عدد مستخدميه 500 مليون مستخدم شهرياً، أي ربع المستخدمين الحاليين، لكن حضورهم على التطبيق كان قوياً مقارنة بمستخدمي فيسبوك نفسه، فالـ500 مليون مستخدم وقتها، كان 70% منهم نشطين يومياً مقارنة بـ62% مستخدم نشط لفيسبوك، كما يسعى مارك لتعزيز نمو فيسبوك في الأسواق النائية؛ حيث يكون الاتصال بالإنترنت محدوداً وتستبدل فيه اتصالات واتساب بالاتصالات والرسائل التلفونية، وفق موقع Investopedia الاقتصادي.
استحواذ مايكروسوفت على لينكد إن
في عام 2016، تصدرت Microsoft Corp. عناوين الصحف عندما استحوذت على LinkedIn Corp. بأكثر من 26 مليار دولار أمريكي، إذ كانت أكبر عملية استحواذ في تاريخ الشركة، وقال بيل غيتس، أحد مؤسسي شركة مايكروسوفت ، بعد الإعلان عن الصفقة: "أعتقد بالتأكيد أن قيمة الشركتين، مجتمعتين، أكبر من هاتين الشركتين في حد ذاتها".
بعد ثلاث سنوات، كانت هناك مؤشرات على أن هذه الخطوة الجريئة قد آتت أكلها، إذ نمت قاعدة مستخدمي LinkedIn بما يقرب من 50% منذ الإعلان عن الصفقة- من حوالي 433 مليون مستخدم إلى أكثر من 645 مليوناً، كما كانت الإيرادات في ارتفاع. ففي سنة 2019 حقق موقع LinkedIn إيرادات بقيمة 6.8 مليار دولار أمريكي، وهي زيادة بنسبة 28% عن العام السابق.
القوة الدافعة وراء هذا الأداء المتفوق كانت تحسين المنتج، إذ يقضي الأشخاص وقتاً أطول على LinkedIn لأنهم أكثر تفاعلاً، سواء كان ذلك بسبب المحتوى الموجود على النظام الأساسي ، أو ميزات المراسلة، أو المزيد من الاتصالات ذات الصلة بالمهنيين الآخرين، ونظراً لأن المستخدمين يقضون المزيد من الوقت على LinkedIn، فإنه يخلق المزيد من الفرص لتوليد الإيرادات من خلال مخزون إعلاني أعلى، والمزيد من الاشتراكات، والمزيد من بيانات المستخدمين، مما يساعد على تحسين موقع التوظيف.
وقد ساعد الزخم في تبرير ما يقرب من 50% من صفقة الاستحواذ التي دفعتها Microsoft للتغلب على المنافسين مثل Salesforce.com Inc، وFacebook Inc، وAlphabet Inc الشركة الأم لشركة Google، وكلهم كانوا مهتمين بالاستحواذ على LinkedIn، وفق تقرير سابقة لشبكة Bloomberg الأمريكية.
بعد ثلاث سنوات على الصفقة، تم الاستشهاد برغبة Microsoft في السماح لـ LinkedIn بالعمل كشركة مستقلة على أنها سبب رئيسي لنجاح الصفقة، وقد لعب هذا دوراً في نمو الشركتين المستمر كل على حدة، كما عملت الشركتان عن كثب على مجموعة من المبادرات، مثل إنشاء LinkedIn في Outlook، والمزيد من التكامل بين LinkedIn Sales Navigator وDynamics 365 من Microsoft، بالإضافة إلى نقل LinkedIn إلى Microsoft Azure cloud.