يعول الملايين من الأمريكيين على التطورات التكنولوجية من أجل إحداث تغيير جذري في طريقة إنجاب الأطفال، وذلك في الوقت الذي تؤكد فيه بيانات جديدة أصدرتها مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها بالولايات المتحدة، تراجع معدل الخصوبة في البلاد إلى أدنى مستوياته منذ 35 عاماً، إذ إن العدد الإجمالي للسكان ازداد بنسبة 0.4% فقط في 2020 ليصبح 329 مليوناً- أقل معدل نمو سكاني منذ عام 1900 على الأقل.
حسب تقرير لموقع Axios الأمريكي، الأحد 10 يناير/كانون الثاني 2021، فإنه من المرجح أن الطلب على تكنولوجيا التكاثر بمساعدة طبية، سيرتفع بشكل واضح مثل أطفال الأنابيب، مع تأخير الناس لقرار إنجاب الأطفال، لكن التقدم الجديد في تعديل الجينات وفي الفحوصات التشخيصية يُمكن أن يفتح الباب لثورة في التكاثر، تُثير تساؤلات لم نبدأ حتى في الإجابة عنها.
اللجوء للتكنولوجيا
المجموعة العمرية التي تزيد فيها المواليد في الولايات المتحدة هي النساء فوق الأربعين، ويرجع هذا إلى تأخر سن الزواج والسكن المشترك وكذلك تحسن تكنولوجيا الخصوبة.
كما تتجه العديد من الراغبات في الأمومة إلى أطفال الأنابيب، لكن التكنولوجيا ما زالت تعاني من عيوب جمة، وقد تراجعت معدلات مواليد الأنابيب في الأعوام المنصرمة.
لكن تكنولوجيات وممارسات جديدة توفر بعض الأمل في تحسين تكنولوجيا الأنابيب في المستقبل القريب.
حاول الباحثون تدريب خوارزمية ذكاء اصطناعي تتعرف على جودة الأجنة، ووجدوا أن النموذج يمكنه التفريق بين الأجنة عالية الجودة ومنخفضة الجودة بدقة بلغت 97% تقريباً- أعلى من أغلب المتخصصين.
تحديات أخلاقية
إن تكنولوجيا أطفال الأنابيب تزيد عن 40 عاماً، لكن الخطوة التالية في مجال تكنولوجيا التكاثر ستكون أوسع وأكبر، وتشوبها تعقيدات أخلاقية.
يُمكن للآباء اليوم جراء فحوصات جينية قبل زرع الأجنة، فحص الأجنة المصنوعة بتكنولوجيا الأنابيب وتحديد مئات الاضطرابات الجينية المحتملة. لكن مع تحسن تكنولوجيا تحديد التتابع الجيني ومعرفتنا بالجينوم، سيُمكن للآباء فحص الأجنة واستبعادها بناءً على تفاصيل أكثر بكثير، من بينها الذكاء وجمال الملامح.
وطالما أن تكنولوجيا أطفال الأنابيب تظل مكلفة وغير مريحة، ستتكفل العوائق الطبيعية بالحد من استعمالها. لكن في كتابه الرائع "نهاية الجنس"، يتوقع عالم الأخلاقيات البيولوجية هانك غريلي مستقبلاً قريباً من "التشخيص الجيني السهل قبل زراعة الأجنة"، حيث التكاثر الصناعي، متضمناً القدرة على فحص الأجنة وانتقاء "أفضلها"، سيزيح ممارسة الجنس من على عرش وسائل الإنجاب.
التحكم في الأجنة
ومع تحسن علم الخلايا الجذعية، يتنبأ غريلي بأن الآباء في المستقبل لن يضطروا حتى إلى استخراج البويضات. بدلاً من ذلك سيبرمجون خلايا الجلد لتصبح خلايا بيضية أو منوية، ما سيسمح للآباء بصنع آلاف أو ملايين الأجنة واختيار ما يشاؤون من بينها.
في هذا المستقبل يمكن للزوجين المثليين إنجاب أطفال يحملون جينات كليهما، ويمكن لأبٍ وحيد (وأمٍ وحيدة) إنجاب طفلٍ بنفسه، عبر توليد البويضة والحيوان المنوي من جسده.
ومع تحسن تكنولوجيا التعديل الوراثي، ربما يمكن للآباء في المستقبل تجاوز خطوة فحص الأجنة وانتقائها، ويكتبون مباشرة المواصفات الوراثية المطلوبة.
لكن هذه التكنولوجيا لا توجد للبشر حتى الآن، وأي جهود لتعديل الأجنة البشرية للحصول على صفاتٍ "مرغوبٍ فيها" تتطلب معرفة أوسع بكثير بالجينوم البشري من المتوافرة لدى العلماء حالياً، وتثير تساؤلات أخلاقية بالغة الخطورة.