كلما تظهر البتكوين (BTC) في الأخبار، فإن هذا على الأرجح لأن سعرها ارتفع أو انخفض. منذ نشأتها، تذبذب سعر البتكوين كثيراً، ويتغير سعرها الآن بآلاف الدولارات بصورة منتظمة كل مدة قصيرة. فما خطب السوق؟ ولماذا يحدث هذا؟
إليكم الخلاصة.
الأسباب التكنولوجية: المعروض من عملات البتكوين مبرمج ليزداد زيادة بطيئة للغاية، بغضّ النظر عن الطلب. وهذا يعني أن سعر البتكوين يعتمد اعتماداً شبه كلي على الطلب.
الغموض: إن العملات المشفرة بشكلٍ عام مفهوم جديد، لذا تنخفض وترتفع التوقعات بقيمتها المستقبلية طوال الوقت.
الأسباب السياسية: لا يمكن للدول أن تنظم العملات المشفرة مباشرة، لكن بإمكانها تصعيب مهمة الحصول عليها.
حجم وتوزيع السوق: سوق العملات المشفرة صغيرة نسبياً، والمشاركون فيها يستجيبون استجابةً سريعة لأي تغيرات.
الحيتان: "حيتان" البتكوين، أو الأشخاص الذين يملكون مبالغ كبيرة من العملات المشفرة، يمكنهم التلاعب بالسوق عبر بيع أو شراء كميات كبيرة.
العملات المشفرة الأخرى: يمكن شراء العملات المشفرة الجديدة عادةً باستعمال البتكوين (BTC)، لذا فإن الطلب على البتكوين يزداد كلما زاد رواج هذه العملات البديلة.
هذه ليست قائمة كاملة بالعوامل المؤثرة على سعر البتكوين. فهناك العديد من العوامل المؤثرة على اقتصاد البتكوين، شأنه شأن أي اقتصاد، لكن هذه العوامل تفسر الغالبية العظمى من التغيرات في سعر البتكوين. ولا يمثل أي عاملٍ منها عيباً قاتلاً في التكنولوجيا. فالبلوكتشينات آمنة للغاية ولها تطبيقات محتملة عديدة، لكن أي شخص مهتم باستكشاف العملات المشفرة عليه أن يعرف أسباب تغير قيمتها بهذه السرعة.
الأسباب التكنولوجية: التغير البطيء في المعروض
اعتباراً من شهر مايو/ أيار 2020 ، تُصنع 6.25 عملة بتكوين جديدة كل 10 دقائق، أي 1,800 عملة كل يوم. وهذا رقم كبير، لكن بوجود 17 مليون عملة بتكوين حالياً، فإن المعروض لا يزداد إلا بواقع 0.1% كل يوم.
والبتكوين لا تُساوي قيمة مقابلة بالعملات التقليدية إلا لأن الناس يرغبون في اقتنائها. وبما أن العرض لا علاقة له بالطلب، فإن أي شخص يرغب في شراء عملة بتكوين عليه أن يدفع مقابلاً يقنع مالك العملة ببيعها له. ومن الناحية الأخرى، إن رغب عدد أكبر من الأشخاص في بيع عملاتهم، سيتعين على المالك تخفيض السعر حتى يجد من يرغب في الشراء. باختصار: سعر البتكوين (BTC) يحدده الطلب بنسبة تقترب من 100%.
الغموض: عالم جديد شجاع، أم فقاعة جديدة؟
إن العملات المشفرة والبلوكتشينات مثلها مثل أي تكنولوجيا جديدة، من السكك الحديدية إلى الحواسيب: هناك الكثير من الابتكار والحماس، لكن هناك الكثير أيضاً من التجارب الفاشلة وسوء الإدارة. ولا أحد يعرف على وجه اليقين ما ستنتهي إليه الأمور، لذا فإن المستثمرين والمتبنين الأوائل يتأثرون بسهولة بالتطورات الإيجابية والسلبية التي قد تؤثر على القيمة المستقبلية للبتكوين.
السياسة واللوائح التنظيمية
إن البتكوين والعملات المشفرة حساسة أيضاً للتغيرات السياسية. إن الحكومات لا يمكنها السيطرة على البتكوين مباشرة، لكن بإمكانها التحكم في سهولة شراء البتكوين بعملتها الوطنية. وقد تسببت الصين وكوريا الجنوبية في انخفاض ملحوظ في السوق حين أظهرتا موقفاً سلبياً من العملات المشفرة. وإن انسحب بلدٌ منخرط في السوق انسحاباً مفاجئاً منه، فإن السعر سيتعدل بصورة مفاجئة وحادة.
السوق صغيرة، ومتركزة، وسريعة الاستجابة
أي شخص يستعمل البتكوين الآن هو من أوائل المتبنين، وهؤلاء عددهم أقل مما قد تظن. اعتباراً من أبريل/نيسان 2018، كان هناك 15 مليون عنوان محفظة فقط على البتكوين برصيد أعلى من دولارٍ أمريكي واحد، ومن بينها ألف محفظة فقط تسيطر على 35% من عملات البتكوين.
علاوة على ذلك، وبما أن من يمتلكون عملات بتكوين حالاً هم الأكثر اهتماماً بالبتكوين، فإنهم يستجيبون سريعاً للتطورات الجديدة، ويمكن أن يؤدي تفاعل عددٍ قليل بطريقة معينة إلى سلسلة من الاستجابات المتوالية.
حيتان السوق
كود البتكوين مصمم ليضمن عدم سيطرة أي سلطة مركزية على الشبكة، وهذه من أكبر مزايا البتكوين. لكن هذا لا يعني أن السوق محصنة ضد التلاعب. فـ"الحيتان"، أو أثرياء البتكوين، يمكنهم أن يؤثروا في سعر العملة عن طريق بيع أو شراء العملات بكميات كبيرة.
العملات المشفرة الأخرى تخلق الطلب على البتكوين
من السهل الحصول على البتكوين بغض النظر عن العملة التي بحوزتك، من دولار أو ين أو ليرة.. إلخ. لكن العديد من عملات البتكوين الأحدث يمكن شراؤها فقط بعملات مشفرة أخرى. وبما أن البتكوين من أكثر هذه العملات سهولة في الاقتناء، فإن أي شخص يرغب في شراء المونيرو (XMR)، على سبيل المثال، عليه أن يشتري أولاً البتكوين (BTC)، أو الإيثريوم (ETH) أو اللايتكوين (LTC) ليشتري بها بعد ذلك المونيرو. وهذا يعني أن انتشار العملات البديلة سيخلق مزيداً من الطلب على البتكوين (BTC) من أجل شراء هذه العملات، والعكس بالعكس.
ما الحل؟
التكنولوجيا الأساسية للبتكوين ستستمر في الترقي والتحسن، لكن على المدى الطويل، لن يستقر سعر البتكوين إلا حين تستقر السوق المحيطة بها. ما إن يفهم المستثمرون أفضل إمكانات هذه التكنولوجيا، وتتخذ الحكومات موقفاً تنظيمياً أكثر وضوحاً، ويصبح التبني منتشراً بما يكفي لتتوزع عملات البتكوين على العديد من المحافظ، سيستقر السعر على الأرجح. وحتى ذلك الحين، لا تستثمر في البتكوين إلا حين تجري ما يكفي من الأبحاث وتفهم ما تفعله بها فهماً كافياً. حينها يمكنك الاسترخاء، والاستمتاع بما ستجنيه من استثماراتك.