التقدم السريع في تقنية "التزييف العميق" (Deepfake) تجعل وجهك مجرد قطعة أخرى من البيانات الشخصية التي تحتاج إلى حمايتها من السرقة. أحد تطبيقات أيفون، انتشر بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، يجعل إنشاء مقاطع فيديو مزيفة بنفس سهولة التقاط الصور الذاتية.
انتشر تطبيق تبادل الوجه الصيني "Zao" بشكل هائل مؤخراً، ووصل إلى القمة في متجر تطبيقات iOS بالصين، ولم يتزحزح عن المركز الأول منذ ذلك الوقت. ليس سيئاً بالنسبة لتطبيق متواجد منذ فترة قصيرة.
بحسب موقع Gizmodo الأمريكي، ذكرت شبكة Bloomberg الإخبارية أن التطبيق تابع لشركة Momo Inc.، الشركة التي لديها تطبيق مواعدة صيني شهير وتطبيق لتربية الماشية يحمل نفس الاسم.
يحقق أحلامك في النجومية
بإدراج صورة واحدة في تطبيق Zao، بإمكان المستخدمين أن يروا أنفسهم نجوماً في مئات الأفلام، والمسلسلات التليفزيونية، والعروض الموسيقية خلال ثوانٍ. ويمكن للمستخدمين الاختيار من بين مجموعة محددة مسبقاً من المقاطع، والنتيجة مبهرة؛ مقاطع فيديو مزيفة "تبدو واقعية جداً" صُممت بواسطة التعلم الآلي. لذا، هل تعتقد أن بإمكانك أداء دور ليوناردو دي كابريو أفضل من ليوناردو دي كابريو نفسه؟
يمكن تمرر بعض المقاطع الزائفة التي صُممت من صورة واحدة على أنها حقيقية، وهو تقدم هائل تشهده تلك التقنية التي كانت تحتاج في السابق إلى مئات الصور ليتمكن الذكاء الصناعي من الرجوع إليها لإعادة إنتاجها في مقطع فيديو مقنع. ولكن لا تزال بعض المقاطع الأخرى تبدو غريبة وغير حقيقية.
ولإنتاج مقطع "تزييف عميق" أكثر واقعية في تطبيق Zao، بإمكان المستخدمين تقديم مجموعة من الصور لأنفسهم مع اتباع التعليمات الصادرة على الشاشة التي تطلب منهم الرمش بأعينهم، وفتح أفواههم، وغيرها من التعليمات، وتبدو النتائج رائعة وانسيابية على نحو مدهش. كما يمتلك تطبيق Zao أداة مدمجة لتصميم "الميمات"، ساهمت بشكل لا شك فيه في نشر مقاطع الفيديو الناتجة من التطبيق وانتشارها على الوسائط الاجتماعية.
وفي وقت سابق من هذا العام، حقق تطبيق آخر لتعديل الوجه، FaceApp، نجاحاً مماثلاً، وانتشر عالمياً بشكل هائل بفضل مرشح لتبديل الجنسين ومرشح آخر للشيخونة الفورية. ومثل تطبيق FaceApp، أدّى ارتفاع شعبية وانتشار تطبيق Zao إلى إثارة المخاوف المتعلقة بالخصوصية، وظهور حالة من الغضب تجاه التطبيق بعد ذلك. بعدما تجاوز المستخدمون فرحتهم العبيثة بمشاهدة أنفسهم مكان شخصيات "وولفرين" أو "جون سنو" الدرامية، بدأت تتجلّى لهم الآثار المترتبة على التقنية التي تعمل على تشغيل التطبيق، والتي أثبتت أنها مرعبة جداً نظراً لشروط الخدمة الواردة عند إصدار التطبيق.
حقوق مُطلقة!
قبل المراجعة الأخيرة، تضمنت اتفاقية مستخدم Zao الشرط البائس والمخيف الذي ينص على أن التطبيق لديه حقوق "مطلقة، غير قابلة للإلغاء، ودائمة، وقابلة للنقل، وقابلة للتجديد" لأي شيء يُحملّه المستخدمون.
لم يتقبل المستخدمون تلك الأنباء بشكل جيد. انزعج الناس من كيفية استخدام بياناتهم، وانتقدوا انتهاك التطبيق لخصوصيتهم، وأمطروا تطبيق Zao بوابل من التقييمات من نجمة واحدة وآلاف التعليقات السلبية خلال عطلة نهاية الأسبوع.
ورداً على ذلك، أسرعت الشركة إلى تحديث شروط الخدمة تخلصت فيها من تلك اللهجة المثيرة للجدل. والآن، تقول اتفاقية مستخدم Zao إن أي شيء يُحملّه أي شخص لن يستخدم إلا من أجل تحسين تقنيات الشركة إلا إذا وافق المستخدم على منح التطبيق الإذن باستخدام بياناته لأغراض أخرى. بدأ تقييم التطبيق في التعافي من الأضرار على متجر تطبيقات iOS، إلا أنه لم يتجاوز حتى الآن 2.9 نجمة من 5.
ونشرت شبكة Bloomberg بياناً للشركة قالت فيه: "نتفهم مخاوفكم بشأن الخصوصية. تلقينا آراءكم، وسوف نصلح المشكلة التي أغفلنا عنها في البداية، ولكنها ستحتاج إلى بعض الوقت".
تشريعات تنظيمية غير مطمئنة
ويعكس الارتفاع السريع لتطبيق Zoa وعدم سقوطه (لم تكن حجة الخصوصية كافية لإسقاط التطبيق من إحصائيات متجر التطبيقات) الكثير من المخاوف التي يتشاركها بعض العملاء والمشرعين بشأن مدى السرعة التي تتقدم بها تقنية "التزييف العميق" في وقت قصير للغاية.
بالعودة إلى الوراء عندما انتشر مقطع فيديو يزامن حركات شفاه باراك أوباما بشكل كبير في المواقع الاجتماعية، بدا أن الخوف من مقاطع الفيديو المزيفة يقتصر فقط على الشخصيات العامة أو المشاهير، بسبب توافر مئات الصور المتاحة لهم والتي تستخدمها تطبيقات "التزييف العميق" مرجعاً لها.
ولكن بعدما أصبحت التقنية أكثر تطوراً، انخفض عدد الصور المطلوبة بشكل هائل. وفي نفس الوقت، لم تواكب التشريعات التنظيمية ذلك التقدم على الصعيد الوطني. عمل مقاطع ساخرة وسخيفة لتروا فيها كيف تبدون مثل هذا النجم أو النجمة قد لا تمثّل تهديداً، ولكن تظل الإمكانية قائمة لأن يستخدم شخص ما تلك التقنية المتطورة من أجل أغراض أكثر خبثاً وشراً، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقرر لها العام المقبل.