تهل شعرت يوماً أن "هاتفك الذكي" أو جهازك اللوحي يجمع محادثاتك؟ هل تلقيت إعلانات سفر إلى باريس مباشرة بعد التحدث مع أفضل صديق لك عن وجهة عطلتك؟
هل هي كذبة مكررة أم حقيقة صادمة: هل تتجسس هواتفنا علينا حقاً؟
تسببت مكبرات الصوت الذكية – مثل نظام Siri الخاص بشركة Apple أو Alexa التابع لشركة Amazon بالإضافة إلى انتشار الميكروفونات في هواتفنا المحمولة في اعتقادنا أن أي شخص يمكنه سماع محادثاتنا، وأن خصوصيتنا مهددة، حسب موقع BBC Mundo الإسباني.
تجربة غريبة
في حديثها مع برنامج Bussines Daily هذا الأسبوع، روت زوي كلاينمان، مراسلة موقع BBC للتكنولوجيا، تجربة مرعبة حدثت لها عندما بدا أن هاتفها كان يسمع إحدى محادثاتها وكيف دفعها ذلك إلى اكتشاف مدى سهولة اختراق ميكروفون أي شخص والتجسس عليه.
تقول كلاينمان: "قبل بضع سنوات كنت أتحدث مع والدتي في مطبخها وأخبرتني أن صديقاً للعائلة توفي في حادث مروري خارج البلاد، أتذكر أن هاتفي كان بجانبي".
وتابعت: "كان حادثاً مأساوياً، لذا بحثت عمّأ إذا كانت أي جهة إعلامية قد كتبت شيئاً عنه، بدأتُ في كتابة اسم العائلة على محرك البحث عندما فوجئت أن النص التنبؤي اقترح الاسم بشكل صحيح".
تتساءل كلاينمان: "كيف قدم لي محرك البحث هذا الاحتمال بينما، في الواقع، لم تُنشر أي معلومات عن الحادث؟".
محض مصادفة؟
قد يكون الأمر كذلك، لكن كلاينمان بدأت بالبحث فيما إذا كان من الممكن حقاً أن تكون أجهزتنا تخزن محادثاتنا.
للقيام بذلك، اتصلت المراسلة بخبير وتحدته لإنشاء تطبيق يربط ميكروفون هاتفها الذكي بجهاز لابتوب.
تقول كلاينمان :"ما وجدته أكثر إثارة للقلق هو أنه كان قادراً على تطوير هذا التطبيق في غضون يومين فقط".
قامت كلاينمان والخبير بتجربة التطبيق، وكان النظام قادراً على تحويل الصوت الذي يصل إلى اللابتوب إلى نص للمحادثة التي تمت عبر الهاتف.
إذا استطاع الخبير فعل ذلك، فما الذي يمكن أن يفعله عمالقة التكنولوجيا؟
تقول كلاينمان: "إنها مخاطرة كبيرة بالنسبة إليهم، فالتجسس غير قانوني، ولا يسمح بتخزين بيانات الأشخاص دون إذن صريح منهم".
أرادت كلاينمان أن تؤكد خلال المقابلة أنها هي والخبير يمكنهما إثبات أن التسجيل بواسطة الميكروفون كان سهلاً، لكنهما لم يستطيعا إثبات أن هذا يحدث بالفعل.
تقول: "الاستنتاج الذي توصلنا إليه هو أنه إذا كان ذلك ممكناً، فمن المحتمل أن يكون هناك أشخاص يحاولون فعل ذلك، لقد أحطنا أنفسنا بهذه الأجهزة وهم يستمعون إلينا بانتظار كلمات التحكم لتفعيلها".
وتابعت مراسلة BBC: "تنكر جميع الشركات تماماً أنها تستخدم البيانات التي تم جمعها من أصوات المستخدمين وتنكر أنها تشارك هذه البيانات مع أطراف ثالثة".
برنامج حاسوبي بتكلفة 5 دولارات
لكن إذا كان هناك من أثبت مدى سهولة اختراق ميكروفونات الهواتف الشخصية، فقد كان المخرج الهولندي أنتوني فان دير مير هو الذي سمح بسرقة هاتفه عمداً حتى يتمكن من استخدامه في التسجيل سراً للّص.
قام فان دير مير بتثبيت تطبيق بسيط للغاية سمح له بالقيام بكل ما يفعله بهاتفه عادةً، ولكن عن بعد.. سيعمل هذا التطبيق دائماً، حتى لو قام اللص بإعادة تشغيل الهاتف الذكي.
يقول المخرج الهولندي: "استطعت أن أرى جهات الاتصال، الرسائل، تسجيل الصوت، الفيديو، والتقاط الصور"، باختصار، كان يمكنه الوصول والتحكم بكل شيء.
وأضاف: "لقد أدركت ما نشاركه بهواتفنا وأنها أجهزة مثالية للتجسس؛ لأنها بحوزتنا طوال الوقت"، وتابع: "إنها تحتوي على ميكروفون وكاميرا وحتى نظام تحديد المواقع (GPS) الذي يتيح معرفة مكان وجود الأشخاص".
على سبيل المثال، تمكَّن المخرج من الوصول إلى السارق بعد الاطلاع على سجلات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) الذي يتردد عليه اللص في ملاجئ المشردين.
كما سجَّل 30 ثانية من المحادثات مرتين في اليوم، وعندما كانت تبدو له المحادثات أكثر أهمية، كان يسجل وقتاً أطول، كما سمح له التطبيق الذي قام بتنزيله على الهاتف قبل أن يسمح للص بسرقته برؤية وقت اتصال الهاتف بالإنترنت وإرسال المحادثات الصوتية بصورة نصية إلى بريده الإلكتروني.
يقول فان دير مير: "إنه تطبيق مفيد للغاية بالإضافة إلى أنه سهل الاستخدام".
كما أنه برنامج قانوني وغير مكلِّف أبداً، يقول: "أعتقد أنه كلفني حوالي 5 دولارات للاشتراك مدى الحياة".
يسلط المخرج الضوء على شيء آخر؛ قدرة الالتقاط للميكروفون.
يقول: "حتى عندما كان الهاتف في جيب اللص، كانت المحادثات نقية وواضحة للغاية".
واستطرد: "في الواقع، إنه أمر مخيف للغاية؛ فحتى بالنسبة لشخص مثلي، يتمتع بمهارات تكنولوجية محدودة، كان الأمر سهلاً جداً".
عندما يكون الحصول على بياناتك بهذه السهولة، فأنت مهدد بالسرقة أو الابتزاز.
يقول المخرج: "يمكن للتطبيق البث المباشر، أي أنه يسجل ما يفعله الشخص في أي لحظة، سواء بالفيديو أو الصوت".
ضع هاتفك في الميكروويف
تقول الخبيرة الأمنية ليزا فورتي: "عندما تدور محادثة حساسة، أترك هاتفي في الميكروويف"، وأضافت مازحة بأن تدمير هاتفك الذكي هو الإجراء الحاسم لحماية خصوصيتك: "ولكن إذا أردتُ التأكد تماماً أن لا أحد يستمع إليّ، سأقوم بتشغيل الميكروويف لمدة 30 ثانية".
إذا كانت الخبيرة متأكدة من شيء ما، فهو أن هواتفنا تستمع إلينا بالفعل.
ولكن ماذا عن المعلومات التي تجمعها أجهزتنا من خلال الميكروفونات؟
تبدأ المشكلة عند تنزيل التطبيقات، تتذكر أن أحد التطبيقات، دون ذكر أسماء، كتب في نشرة التعليمات: "لن نقوم بتخزين أي صوت على خوادمنا".
تقول: "بالنسبة لي، أن يكتبوا ذلك هو شيء غريب في حد ذاته، لأنهم إذا لم يقوموا بتخزين أي من بيانات كانوا سيقولون: "لن يتم تسجيل أي بيانات".
وأضافت: "أظن أنهم يمكن أن يقوموا بتحويل الصوت إلى نصوص، وهذا ما يخزنونه؛ نصوص للتسجيلات الصوتية".
في هذه الحالة، تستخدم بياناتنا لأغراض تجارية، ولكن إذا كانت الشركات تخزّن بياناتنا، ما الذي يمنع المتسللين من سرقتها واستخدامها ضدنا.
كيف يمكننا حماية خصوصيتنا؟
بعد كل ما سبق، ما الذي يمكن أن نفعله لحماية خصوصياتنا؟
تقول الخبيرة الأمنية: "لا أتحدث عن الأمور الهامة بالقرب من هاتفي، لكن الأهم بالنسبة للهواتف الذكية هو تحديث نظام التشغيل، في كل مرة يخرج فيها نظام جديد، قم بتحديث هاتفك على الفور".
إذا كان هناك أي شك أو ثغرة في نظام الهاتف، فإن النظام الجديد سيصلح ذلك.
وأخيراً، يجب أن نكون حذرين للغاية بشأن التطبيقات التي نقوم بتنزيلها والأذونات التي نمنحها لها.. فهل من الضروري حقاً أن تصل هذه اللعبة التي نحبها كثيراً إلى الكاميرا الخاصة بنا؟ هل تساءلتم عن السبب؟
في النهاية، تتذكر كلاينمان: "هناك شيء آخر يجب الانتباه له؛ وهو أن هناك تطبيقات تعمل على تنشيط الميكروفون وهذا يستهلك البيانات والبطارية".