قبل أيام، نشرت Springer Nature، دار النشر الكبرى في العالم، كتاباً جديداً عن آخر المستجدات في نطاق البحث العلمي الخاص ببطاريات الليثيوم. لكن الملفت في الأمر، هو ليس محتوى الكتاب، إنما مؤلفه، إذ إنه أول كتاب من تأليف الذكاء الاصطناعي في العالم.
ما هو الذكاء الاصطناعي؟
الذكاء الاصطناعي، وفق موسوعة Britannica، هو قدرة الآلة على محاكاة العقل البشري وطريقة عمله، مثل قدرته على التفكير، والاكتشاف والاستفادة من التجارب السابقة.
ومنذ التطوّر الذي شهده الحاسوب في منتصف القرن العشرين، تبين أن باستطاعته القيام بمهمات أكثر تعقيداً مما اعتقدنا.
يمكنه اكتشاف الإثباتات للنظريات الرياضية المعقدة، بالإضافة لقدرته على لعب الشطرنج بمهارة كبيرة.
ومع ذلك بالرغم من إيجابياته الكثيرة من سرعة المعالجة وسعة التخزين العالية، فإنه للآن لا يوجد أي برنامج باستطاعته مجاراة مرونة العقل البشري؛ خصوصاً بما يتعلق بقيامه بالمهمات التي تتطلب الاستنتاجات اليومية التلقائية.
أول كتاب من تأليف الذكاء الاصطناعي
الكاتب "بيتا" هو مؤلف الكتاب، وفق ما ذكر موقع The Verge، وهو آلة ذات ذكاء اصطناعي مطورة في معامل اللسانيات الحاسوبية التطبيقية بجامعة غوته الألمانية، بالتعاون مع قاعدة البيانات الضخمة الخاصة بمؤسسة "شبرينغر نيتشر".
يمكت تحميل الكتاب مجانا عبر هذا الرابط.
سعى الفريق البحثي، برئاسة كريستيان تشاركوس من "غوته"، إلى تطوير خوارزمية ذات قدرة على تحليل وتصنيف الأبحاث العلمية في هذا المجال، التي يصل عددها إلى 53 ألف بحث، ثم اختيار الأكثر مناسبة منها وإخضاعه للمعالجة.
وتضمنت تلك المعالجة اختيار الكلمات والجمل من البحث العلمي، بحسب أهميتها لأدوات التحليل الخاصة بالكاتب "بيتا"، ثم بعد ذلك إعادة تركيبها في صورة صحيحة نحوياً، لتصبح مفهومة وذات دلالة.
خوارزمية ذكية
كما أنشأ المؤلف، الكاتب بيتا، بشكل تلقائي قوائم ومقدمات وروابط خارجية تشير إلى الأبحاث المذكورة داخل كل بحث.
بعد ذلك قام بتجميع وترتيب كل تلك البيانات في صورة كتاب كامل، كل شيء فيه كتبه المؤلف بيتا، ما عدا المقدمة التي كتبها الفريق البحثي لتوضيح آلية عمل هذه الخوارزمية الجديدة.
وتطوير آليات برمجية يمكن لها أن تكتب نصوصاً مخلّقة تلقائياً ليست جديدة.
أحد الأمثلة الطريفة هو ما فعله فريق بحثي من معهد "MIT" بتطوير آلية تسمى "سايجين" يمكنها كتابة ورقات بحثية كاملة بشكل عشوائي.
الغرض من ذلك لم يكن كتابة ورقات بحثية فعلية، لأن تلك الورقات كانت ذات لغة صحيحة بالفعل، لكنها ليست ذات دلالة وغير مفهومة، فقط تراص للكلمات والجمل بشكل يبدو طبيعياً.
استخدم هذا الفريق البحثي تلك الفكرة في محاولة لكشف زيف بعض المؤتمرات البحثية التي لا تهتم بفحوى البحث ولكن فقط بجمع الأموال من الطلبة.
إمكانات واعدة
أما فريق غوته فقد كان قادراً على تطوير آليات أكثر قدرة على الربط بين الكلمات والجمل ووضعها في صورة مفهومة وقادرة بالفعل على إفادة القراء.
ووضعت دار نشر Springer Nature الكتاب على قاعدة بياناتها لكي يتمكن الباحثون والمهتمون بالأمر من تحميله والاستفادة مما يقدمه، كذلك فحص مدى دقة "الكاتب بيتا".
ويأمل باحثو غوته أن تساعد تلك الآلية الجديدة في تسهيل البحث بالنسبة لطلاب الماجستير والدكتوراه، فبدلاً من الغوص في قاعدة بيانات مهولة لأيام وشهور طويلة، يمكن للكاتب بيتا أن يلخص لهم الأبحاث في صورة أكثر بساطة وإفادة.
فتخيلوا ما يمكن أن يفعله بعد الذكاء الاصطناعي في عالمنا خلال السنوات المقبلة!
في مجال التعليم
تستخدم العديد من الشركات تقنيات الذكاء الاصطناعي للحصول على أفضل نهج في عملية التعلم، فمن الممكن توفير نظام تعليمي يخصص عملية التعليم لكل طالب بناء على قدراته ومهاراته.
بالإضافة إلى مساعدة المعلم لتحديد مستوى الطلاب وزيادة معدل النجاح لديهم، وأيضاً هناك برامج تساعد على تصحيح الإجابات وتحديد الدرجات مما يوفر الوقت والجهد للمعلّم.
في مجال أجهزة المنزل الذكي
أصبح بالإمكان التحكم في إضاءة المنزل من خلال الهاتف دون الحاجة إلى تحرّك الشخص من مكانه، كما يتم غلق الأبواب تلقائياً بعد خروج الأشخاص من المنزل، إضافة إلى استخدام منظمات حرارة مبرمجة مسبقاً بما يناسب درجة الحرارة المطلوبة تقوم بتنظيم حرارة المنزل على الوجه الذي يرغبه الشخص.
في مجال الطب
إنَّ العديد من الصناعات أصبحت تستخدم التقنيات الحديثة في عصر المعلومات، ولا يختلف الأمر عنها في الطب.
فقد تم استخدام الذكاء الاصطناعي في إدارة السجلات الطبية للمرضى ومعرفة التاريخ المرضي لهم كونها الخطوة الأولى في الرعاية الطبية، بالإضافة لاستعماله بتحليل نتيجة الفحوصات المختلفة بسرعة وأكثر دقة.
كما بإمكانه تحليل الملاحظات الموجودة في التقارير الطبية والتي على أساسها يتم اختيار المجرى الأصح للعلاج.
وتستخدم هذه التقنيات في مراقبة وضع المريض ومدى تجاوبه للعلاج بين الزيارات المتكررة للطبيب كممرضة رقمية.
كما قامت العديد من منظمات الصحة بإنشاء تطبيق (AiCure app) لمراقبة استخدام المريض للعلاج، حيث يتم توصيل كاميرا الويب مع الهواتف الذكية للتأكد من أخذ المريض للجرعة الدوائية ومراقبة تطوّر الوضع الصحّي لهم.