لماذا يؤذي البشر آليات صنعوها لخدمتهم؟! الاعتداء على الروبوتات ظاهرة تثير غرابة العلماء واستهجانهم

عربي بوست
تم النشر: 2019/03/25 الساعة 21:01 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/03/30 الساعة 12:17 بتوقيت غرينتش
روبوت عصري في مكتب/ مواقع التواصل

"تم الاعتداء على روبوت وتدميره كلياً من قِبل إنسان"، خبر مثير للاهتمام، والسبب غرابته. لماذا يدمر الإنسان آلة صنعت من أجل خدمته وتسهيل حياته؟

أصبحت ظاهرة ممارسة العنف ضد الروبوتات الآلية وتدميرها ظاهرة عالمية، لكن نادراً ما تتم مناقشتها.

لا أحد يعرف بالضبط لماذا يحدث هذا الأمر، لكنه صار اتجاهاً مقلقاً متنامياً مع زيادة انغماس الروبوتات في المجتمع البشري!

يحاول الخبراء حصر الأسباب التي تدفع بعض البشر إلى تدمير الروبوتات، وأحد الاحتمالات هو القلق الشديد من فقدان الوظائف بسبب هذه الروبوتات، التي يقدَّر أنها سيؤثر في أكثر من 375 مليون شخص بحلول عام 2030.

والاحتمال الآخر قد يكون الميل البشري الطبيعي إلى الخوف من الغرباء، فالروبوتات قد تبدو أنها تتصرف مثلنا إلى حد ما، لكنها ليست منا.

كتب فريدريك كابلان، بكلية الفنون التطبيقية في لوزان بسويسرا، أن هذا القلق المتزايد بين الإنسان والآلة يحدث، لأن البشر لا يفهمون تماماً هذه الروبوتات الغريبة التي تشبههم كثيراً، ولذلك فإن الناس مدفوعون إلى أعمال العنف.

إليك عدداً من حالات الاعتداء على الروبوتات بطريقة وحشية من قِبل البشر:

 

الروبوت المتنقل "هيتشبوت" مفكَّك الأجزاء

كان هيتشبوت روبوتاً صغير الحجم على شكل دلو، يرتدي حذاء أصفر، وقد صنع وجهه على شكل شاشة "LED" حمراء، وذراعاه من مواد إسفنجية.

كان هدف روبوت هيتشبوت المعلن هو معرفة ما إذا كان بإمكان الروبوتات الوثوق بالبشر.. ونظراً إلى أنه لم يكن قادراً على الانتقال من مكان إلى آخر بمفرده، فقد اعتمد على مساعدة الغرباء الذين قابلهم.

سمحت الأجهزة الصوتية والمرئية الخاصة بالروبوت برؤية البشر والتحدث معهم. وكانت الروبوت يلتقط باستمرارٍ صوتاً لما يحيط به.

كان هذا الروبوت الصغير المحبوب مغامراً دولياً ونجماً على وسائل التواصل الاجتماعي.

إذ تجول الروبوت بنجاح في جميع أنحاء كندا، وقطع نحو 6000 كيلومتر في أقل من 4 أسابيع. كما سافر إلى ألمانيا وهولندا، لكن محطته التالية بالولايات المتحدة لم تسر على ما يرام.

مزَّق المخربون ذراعيه، وألقوا بهما على الأرض، وبدأوا ركل الروبوت. لا أحد يعرف من الذي أنهى رحلة الروبوت أو لماذا.

التحرش وتدمير روبوتات جنسية

وفقاً لمسح أُجري في جامعة Duisburg-Essen الألمانية عام 2017، أراد 40% شراء روبوت جنسي في السنوات الخمس المقبلة!

يقترح بعض الخبراء أن شعبية الروبوتات الجنسية التفاعلية قد تقلل، أو حتى تحل محل الدعارة التقليدية؛ ومن ثم تقلل من الاتجار بالجنس.

فُتحت بيوت الدعارة مع هذه الفئة الجديدة من المشتغلين بالجنس الآلي في بلدان مثل إسبانيا وإيرلندا، وهناك كثير من الجهد الذي يُبذل لجعل هذه الروبوتات الجنسية تتصرف بشكل واقعي.

في مهرجان الفنون الإلكترونية بالنمسا، كشف سيرجي سانتوس عن الروبوت الجنسي سامانثا، التي تتميز بأنها ذكية، حيث يمكنها الرد عند التحدث إليها.

سامنثا، التي بلغ سعرها نحو 4000 دولار، تعرضت للانتهاك الجنسي بشكل متكرر في العَرض، وتم رميها وهي في حالة مزرية وأصابعها مكسورة.

قال سيرجي سانتوس بغضب شديد: "جلس الحضور على صدر سامنثا وعلى ساقيها، وخلعوا ذراعها، وكسروا أصابعها، وتركوها على الأرض!".

ووصف هؤلاء المخربين بأنهم "بربريُّون".

مضايقة السيارات ذاتية القيادة

حتى السيارات ذاتية القيادة تتعرض للإساءة بجميع أنواع الطرق الغريبة.

في تشاندلر أريزونا، تم توثيق 21 حادثاً من هذا النوع من المضايقات من قِبل قسم الشرطة في غضون عامين فقط.

ينخرط بعض الأشخاص في الإساءة اللفظية، أو يرمون السيارة بالحجارة، أو يطاردونها على الطريق.

من الواضح أن بعض الأفراد لا يريدون أن تتم  قيادة السيارات آلياً لهم، فيقومون بمهاجمتها، معتقدين أنهم يدافعون عن الجنس البشري!

يمكن القول إن أكثر هذه الحوادث إثارة للصدمة كانت عندما كان "روي هاسلتون"، البالغ من العمر 69 عاماً، يقف على جانب الطريق في حين كانت السيارة ذاتية القيادة تسير أمامه. كان رد فعله فورياً على السيارة ذاتية القيادة، فقد سحب سلاحه وقام بتوجيهه مباشرة إليها!

بعد أسبوع واحد، أُلقي القبض عليه، وتمت مصادرة سلاحه، ووُجِّهت إليه تهمة جنائية، لقيامه بسلوك غير قانوني.

الاعتداء على روبوت حماية المشجعين في مونديال روسيا

التنافس بين منتخبي إنجلترا وروسيا لكرة القدم حامٍ جداً، فخلال مباراة 2016 في فرنسا أنهى المشجعون من كلا البلدين الحدث بشجار دموي.

لذا طوَّر الباحثون الروس روبوتاً يدعى "ألانتيم"، لحماية ومساعدة المشجعين في كأس العالم عام 2018، وجعلهم يشعرون بمزيد من الأمان.

نُشر فيديو ترويجي للروبوت الذي كان يساوي نحو 10 آلاف دولار وهو يقدم رسالة طمأنة إلى عشاق الرياضة الذين يخططون للسفر إلى روسيا.

قال ألانتيم: "لا يوجد شيء نخشاه ، سأحميك. أعِدك بمرافقتك في موسكو وإبعادك عن أي مشاكل".

يتحدث ألانتيم اللغتين الإنجليزية والروسية، ويساعد الأشخاص في الحصول على المعلومات ومعرفة الاتجاهات، كما أن الروبوت قادر على الاتصال بالشرطة فوراً، والميزة الأكثر تقدماً هي القدرة على التنبؤ بالنزاعات قبل أن يتصاعد الموقف.

قبل أن يتمكن الروبوت من تحقيق أهدافه، قام شخص بالاعتداء عليه وركله بعصا البيسبول في رأسه.

طلب الروبوت المساعدة، ولكن للأسف لم يكن من الممكن إعادة إصلاحه بعد الهجوم.

دفعت هذه الحادثة أولغا بودنيك، المتحدثة الرسمية باسم مركز التقنية في موسكوفيت، إلى إنشاء أول مقبرة للروبوت بالعالم.

لم تكن ترغب في وضع أجزاء الروبوت بسلة المهملات، لذا فقد أعطت مساحة للناس ليتمكنوا من وداع هذا الروبوت اللطيف!

تقول بودنيك: "كان ألانتيم روبوتاً جيداً حقاً.. كان داعماً ، مهذباً، سعيداً طوال الوقت برؤيتك مثل حيوان أليف".

الأطفال يسيئون إلى الروبوتات أيضاً

لأن الأطفال يرغبون في أن يُعتمد عليهم، وأن يكون لهم تأثير مثل الكبار، فهم يحبون التشويق الناتج عن شعورهم بالسيطرة.

مع أخذ هذا الدافع في الاعتبار، أجرى الباحثون باليابان تجربة اجتماعية في مركز تجاري من خلال مراقبة الأطفال الذين لديهم روبوت بالحجم البشري.

أصبح الأطفال عدوانيين؛ وانهالوا على الروبوت باللكم والضرب  بلا رحمة، رغم تحدث الروبوت إليهم بضرورة التوقف.

أجرى الباحثون مقابلات مع 23 طفلاً ممن أساءوا إلى الروبوت، وكان جميعهم دون سن العاشرة.

كان الفضول والتمتع والتأثر بأصدقائهم أكبر المحفزات. لكن الباحثين اكتشفوا شيئاً مزعجاً للغاية تجاه تصور الأطفال للروبوت.

لقد رأى غالبية الأطفال أن الروبوت إنسان، في حين رأى 13% فقط أنه آلة. هذا يعني أنهم أدركوا أن الروبوت كان يعاني الألم والإجهاد، لكنهم لم يهتموا، لأنهم كانوا في وضع السيطرة!

تلطيخ روبوت أمني بصلصة الطماطم

في سان فرانسيسكو، كانت جمعية منع القسوة مع الحيوانات تستخدم روبوتاً آمناً يبلغ وزنه 181 كيلوغراماً، يُدعى K5، للقيام بدوريات في الشوارع المحيطة بالحرم الجامعي.

أرادوا من دورياته منع المشردين من النوم أو التسكع هنا، وكان يقلل من عملية الجريمة بالفعل.

ومع ذلك، أغضب هذا الروبوت كثيرين ممن شعروا بأنه هجوم غير عادل على المشردين.

غطت مجموعة من الشباب رأس هذا الروبوت الأمني بقطعة قماش، ولطَّخوه بصلصة الطماطم والبراز!

الاعتداء بالضرب على الروبوت بيبر

هو أول إنسان آلي صنعته خصوصاً شركة Softbank Robotics اليابانية، ليكون رفيقاً للبشر.

يتميز بقدرته على إدراك العواطف والتعرف على المشاعر الإنسانية. يُستخدم أيضاً للترحيب بالعملاء في أماكن العمل والتسوق، وكذلك لرعاية المسنين بالدور الخاصة بهم.

في عام 2015، وعقب طرحه بالأسواق، نفد الروبوت "Pepper" من السوق بعد دقيقة واحدة.

والسبب أنه في أثناء التسوق بأحد متاجر "سوفت بانك"، ضرب عميل مخمور بيبر، وانهال عليه بالركل، في دوامة من الغضب، لكن تم تدارك الموقف وإبعاده بسرعة.

ركل روبوت على شكل كلب

أصدرت شركة بوسطن ديناميكس، وهي شركة أمريكية لتصميم الهندسة والروبوتات، مقطع فيديو أثار مشاعر الناس بشكل غير متوقع.

وأظهرت الموظفين مراراً وهم يركلون روبوتاً يتحرك مثل الكلب تماماً، سمّوه Spot.

كان من المفترض أن يُظهر مرونة الروبوت وتوازنه، لكن المشاهدين اعتبروه قاسياً تماماً حتى إن "إيلون ماسك" ارتجف، وقال إنه من غير الحكمة ركل روبوت، موضحاً أن "ذاكرتهم جيدة جداً".

تعذيب روبوت اجتماعي على شكل ديناصور

أُنشئ هذا الروبوت لإجراء تجارب نفسية على البشر.. عندما يتم سحب روبوت بيلو من الصندوق لأول مرة، لا يمكنه المشي أو القيام بأي شيء.

يقوم صاحبه بتعليمه عن العالم من خلال اللعب، وبعد ساعة من الترابط البريء مع  الروبوت بلو، تطلب كيت دارلينغ (صاحبة التجربة وباحثة بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا) من المشاركين تعذيبه وقتله باستخدام الأسلحة على الطاولة، وضمن ذلك السكاكين والمطارق.

إننا نتحدث عن نوع جديد من الآلات: الروبوت الاجتماعي، الذي يهدف إلى إثارة تعاطفك.

لذلك لا عجب في أن الناس يشعرون بالشفقة تجاهها على الرغم من أدمغتهم المنطقية التي تخبرهم بأنه مجرد روبوت غبي.

وقف مشارك ورفع مطرقته، لكنه لم يدمره وإنما أخذ يداعبه!

ثم أخبرتهم دارلينغ بأن بإمكانهم إنقاذ الديناصورات عن طريق قتل شخص آخر، ولم يحرك أحد ساكناً.

في النهاية، أعلنت أنه تجب التضحية بأحد الروبوتات وإلا فسيتم تدمير جميع الروبوتات. عندها أمسك رجل بفأس صغيرة وأعطى ضربة قاتلة لأحد الديناصورات الآلية.

ذُهل جميع المشاركين، ويمكنك مشاهدة هذا الفيديو لتجد أنك أنت أيضاً ستشعر بالتعاطف الكبير مع الروبوت!

حتى وقت قريب، كانت فكرة حقوق الإنسان الآلي ضرباً من الخيال العلمي، ربما لأن الآلات الحقيقية المحيطة بنا كانت غير معقدة نسبياً، فلا أحد يشعر بالسوء تجاه التخلص من سيارة لعبة أو ريموت التحكم عن بعد.

ولكن، بعد انتشار الروبوتات الاجتماعية، التي تجسد أشكالاً مألوفة للحيوانات الأليفة أو البشر وتتصرف كما لو كانت حية، تحركت تجاهها مشاعر الإنسان، وربما نشهد في المستقبل قوانين تحميها وتدافع عنها!

تحميل المزيد