كثيراً ما نسمع أثناء الحوادث أو الكوارث التي تحلّ بالطائرات أنّ السلطات تبحث عن الصندوق الأسود Black Boxes من أجل معرفة السبب الرئيسي في تحطُّم هذه الطائرة.
مكونات الصندوق الأسود
يوجد في كل طائرة صندوقان، وليس صندوقاً واحداً، يقعان في مؤخرة الطائرة يسجلان ما يحدث للطائرة طوال فترة سفرها هما:
- صندوق مسجلات الصوت Cockpit Voice Recorders.
- صندوق مسجل البيانات Flight Data Recorders.
الصندوق الأسود الأول وظيفته حفظ البيانات الرقمية والقيم الفيزيائية (الوقت، السرعة، الاتجاه).
الصندوق الأسود الثاني وظيفته تسجيل الأصوات (مشاحنات، استنجاد، حوارات).
كما أن الصندوقين مجهَّزان ببث صوت يندلع إذا ما غاصت الصناديق في الماء وبث إشعار فوق الصوتي للمساعدة في العثور عليهما.
ويبث هذا الإشعار على ذبذبة 37,5 كيلوهرتز ويمكن التقاطه في عمق يبلغ 3500 متر (14000 قدم).
طريقة عمل الصندوق الأسود
بعد العثور على الصندوق الأسود بالاعتماد على أجهزة متطورة محمولة على الغواصات أو تقنيات الكاشف المغناطيسيّ، أو مسبارات الاستشعار، يأخذه المُحلّلون إلى المختبر لتحليل البيانات والأصوات المسجلة عليه، وبعد الحصول على البيانات التي قد تتطلب عمليّة استخراجها أسابيع أو عدة شهورٍ.
حيث يقوم فريق من الباحثين مكوّن من ممثلي شركات الطيران، وأخصائي سلامة النقل، ومحقق السلامة الجوية، ويحاولون فهم سبب تعرّض الطائرة للسقوط.
قد يتعرّض جهاز تسجيل البيانات أحياناً للضرر، ولكن يمكن استعادة بياناته عن طريق توصيله بجهاز يعمل على قراءة البيانات بواسطة نظام قراءة خاص.
مميزات الصندوق الأسود
صُمّم الصندوق الأسود بطريقة تضمن عدم تعرّضه للدمار عندَ وقوع حادث للطائرة، وقد استخدم العديد من المواد القوية في صنعه هي:
الألمنيوم: تحاط بطاقات الذاكرة في الصندوق الأسود بطبقة رقيقة من الألمنيوم.
السيليكا: تُطلى بطاقات الذاكرة بمادة السيليكا بسماكة بوصة واحدة، والتي تعمل على حمايتها من الحرارة العالية.
الفولاذ أو التيتانيوم: بعد وضع الطبقات السابقة تُحاط البطاقات بصندوق مطليّ بالفولاذ الصلب المقاوم للصدأ أو بطبقة من التيتانيوم، حيث يصل سمك الطبقة إلى 0.25 بوصة.
مواد أخرى: يُضاف للصندوق الأسود عناصر إضافيّة، مثل جهاز البث الذي يُساعد المحققين على الوصول إلى مكان الصندوق، إذ تعمل هذه الأجهزة على إرسال ذبذبات ضوئية عالية التردد، حتى في حالة سقوط الصندوق في البحر.
هل الصندوق لونه أسود؟
كثيرون يعتقدون أن لون الصندوق "أسود" وهذا أمر خاطئ، إذ إن اللون الحقيقي هو برتقالي أو أصفر من أجل تمييزه بسهولة من حطام الطائرات.
أمّا سبب تسميته بالصندوق الأسود فهو لأنه يسجل معلومات الطائرة التي تتحطم أو يحل بها كارثة جوية.
اختراع الصندوق الأسود
منذ الستينات بدأ الإنسان يفكر في جهاز يستطيع تحمل الانفجارات وتحطم الطائرات في المحيطات والسقوط من عشرات الكيلومترات بل الآلاف.
ففي عام 1953 كان خبراء الطيران يجاهدون في سبيل معرفة أسباب حوادث سقوط عدد من طائرات شركة كوميت التي بدأت تلقي ظلال الشك على مستقبل الطيران المدني برمته.
وبعد عام اقترح عالم طيران أسترالي، يدعى ديفيد وارن، صُنع جهاز لتسجيل تفاصيل رحلات الطيران.
وكان الجهاز الأول أكبر من حجم اليد، لكنه يستطيع تسجيل نحو أربع ساعات من الأحاديث التي تجري داخل مقصورة القيادة وتفاصيل أداء أجهزة الطائرة.
وأصيب الدكتور وارن بالدهشة عندما رفضت سلطات الطيران الأسترالية جهازه، وقالت إنه "عديم الفائدة في مجال الطيران المدني" وأطلق عليه الطيارون اسم "الأخ الكبير" الذي يتجسس على أحاديثهم.
ونقل الدكتور وارن ابتكاره لبريطانيا؛ حيث رحب به بحماس، وبعد أن بثت إذاعة "بي بي سي" تقريراً حول الجهاز تقدمت الشركات بعروضها لتطويره وصناعته.
مستقبل الصندوق الأسود
مع استمرار تطور التكنولوجيا، من المحتمل أن تصبح Black Boxes، أو مسجلات بيانات الرحلة، أكثر تطوراً وأكثر موثوقية.
مما يمنح محققي Air Crash مزيداً من التقدم عندما يحاولون بشق الأنفس تجميع ما تسبب في تحطم طائرة.
ومن المحتمل أن يكون مشغل MP3 المتواضع – الذي يعجب به عشاق الموسيقى في جميع أنحاء العالم – جزءاً من برنامج تسجيل بيانات الرحلة.
في عام 2007، أعلنت الشركة المصنعة للطائرات الخفيفة الأمريكية LoPresti Speed Merchants أنها تخطط لدمج الجهاز بالكامل كمسجل لبيانات الطيران على جميع طائراتها Fury piston.
كما تعتقد الشركة أنه إذا تم استخدام برنامج مناسب، فستتمكن ملفات MP3 من تسجيل أكثر من 500 ساعة من بيانات وقت الرحلة.
ما هو السر وراء وجود ضحايا من 33 دولة في حادث تحطم الطائرة الإثيوبية؟