لم يكن التلفزيون من اختراع شخص واحد، ولم تكن هناك لحظة اكتشاف واحدة وفريدة، بل كانت جهوداً متراكمة لأشخاص مختلفين هي التي أسهمت في اختراعه، ليصبحوا جميعاً رواداً لهذا الاختراع.
بدأ الأمر بجهود الألماني "بول نيبكو" عام 1884، عندما اخترع قرصاً ميكانيكياً دوَّاراً له فتحات صغيرة مُنظمة، ذات شكل حلزوني، يتم تسليط الضوء عليها فيتسرب الضوء من الفتحات، ليعطي إحساساً سريعاً بحركة الصور المسجلة على القرص.
وعلى الرغم من رداءة جودة الصور حينها، فإن قرص "نيبكو" يُعدّ أساس الأنظمة التلفزيونية الميكانيكية.
فقد مهّد "نيبكو" الطريق أمام لاحقيه من المخترعين للتفكير في إمكانية نقل الصور بطريقة ميكانيكية عبر الأسلاك.
بعد "نيبكو" أتى "تشارلز جنكيز"، الذي يُعرف بأنه "أبو التلفزيون الميكانيكي بأميركا".
بدأت تجربة "جنكيز" عام 1894 عندما توصل إلى فكرة تفيد بإمكانية نقل الصور عبر الكهرباء. وبحلول عام 1920 تمكَّن "جنكيز" من اختراع راديو ينقل الصور المُتحركة من خلال نظام القرص الميكانيكي الذي ابتكره "نيبكو". ومعه بدأ أول استوديو تلفزيوني في ولاية مريلاند، وكانت جودة الصورة التي نقلها ابتكار "جنكيز" تفوق جودة صورة سابقه.
ثم جاء "جون لوجي بيرد"، الذي استخدم فكرة قرص "نيبكو" لاختراع نموذج عملي للتلفزيون الميكانيكي، فكان أول شخص ينجح في نقل الصور الحيّة على التلفزيون.
وفي عام 1925 تمكَّن "بيرد" من نقل أول صورة تلفزيونية لوجه بشري.
التحوُّل من التلفزيون الميكانيكي إلى الإلكتروني
منذ عام 1926 وحتى عام 1931، شهد نظام التلفزيون الميكانيكي العديد من التطورات، لكن بحلول عام 1934، تحولت جميع أنظمة التلفزيون إلى النظام الإلكتروني، وهو ما يتم استخدامه حتى اليوم.
توصل المُهندس البريطاني "آلان أ. كامبل سوينتون" إلى فكرة استخدام أنابيب أشعة "الكاثود" في اختراع التلفزيون.
وكانت تجاربه قد بدأت في عام 1907، إلا أنه لم يتمكن من تطوير نموذج عملي لأفكاره.
ثم أتى المُخترع الأميركي "فيلو فارنسورث" ليستند على أفكار "سوينتون" في إنشاء أنظمة عملية للتلفزيون الإلكتروني. وفي عام 1927 تمكن "فارنسورث" من ابتكار نموذج عملي للتلفزيون الإلكتروني.
التلفزيون المُلون وأول بث منتظم
في جميع المحاولات السابقة كانت الصورة تُنقل باللونين الأبيض والأسود.
وعلى الرغم من أن فكرة التلفزيون المُلون قد طُرحت للمرة الأولى عام 1904، فإنها ظلت مُجرد فكرة.
تم تقديم تصور لنظام التلفزيون الملون عام 1925، لكن هذا التصور لم يتحوّل إلى واقع إلا بعدها بنحو 20 عاماً، تحديداً في عام 1946. وبحلول عام 1950 أعلنت لجنة الاتصالات الفيدرالية نظام الألوان كمعيار وطني. ثم في عام 1951 بدأ البث المُلون في الساحل الشرقي بالولايات المتحدة.
وتعدّ بريطانيا أول من دشّن خدمة البث التلفزيوني المنتظم بجودة عالية من قصر ألكسندرا، في 2 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1936، من خلال هيئة الإذاعة البريطانية BBC، التي تعتبر أيضاً أولى مؤسسات التلفزة التي قدَّمت التصوير والبث الحيّ من خارج الاستديوهات المغلقة.
إقرار اليوم العالمي للتلفزيون
انعقد المُنتدى العالمي للتلفزيون بين 21 و22 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1996، واجتمعت فيه مجموعة من الشخصيات الرئيسية في مجال وسائط الإعلام، تحت رعاية الأمم المتحدة، لمناقشة الأهمية المُتزايدة للتلفزيون، في ظل التغيّر الدائم بعالم اليوم، ولدراسة سُبل تعزيز التعاون المُتبادل فيما بين الدول بهذا الشأن.
وتقرر أيضاً إعلان يوم 21 نوفمبر/تشرين الثاني، يوماً عالمياً للتلفزيون، احتفالاً بذكرى اليوم الذي انعقد فيه المنتدى، وهو يوم يُحتفى فيه بالفلسفة التي يُمثلها التلفزيون، باعتباره رمزاً للتواصل والعولمة في العالم المُعاصر.
يدعو القرار جميع الدول الأعضاء بالجمعية إلى الاحتفال بهذا اليوم، عن طريق تشجيع التبادل العالمي لبرامج التلفزيون، مع التركيز على البرامج التي تهتم بقضايا السلم والأمن، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتعزيز التبادل الثقافي. وهو يوم لتجديد التزامات الحكومات والمُنظمات والأفراد في دعم وتطوير هذه الوسيلة، من أجل تقديم معلومات غير مُتحيزة حول القضايا والأحداث التي تؤثر على المجتمع.
إحياء اليوم.. بين ثلاث جهات
تتعاون كل عام مجموعة من الجهات لإحياء اليوم العالمي للتلفزيون على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم، وبشكل أساسي فإن التعاون يتم بين:
- "إجتا": وهي الجمعية التي تتولى تسويق المساحات الإعلانية الإذاعية والتلفزيونية العامة والخاصة في جميع أنحاء أوروبا وخارجها. وخلال 40 عاماً من وجودها استطاعت أن تُصبح المركز المرجعي للإعلانات التلفزيونية والإذاعية في أوروبا، وبلغ عدد أعضائها أكثر من 140 عضواً في أكثر من 40 دولة.
- "الاتحاد الأوروبي للإذاعة": وهو تحالف عالمي لمُنظمات وسائل الإعلام الجماهيرية، وينتشر أعضاؤه في 56 دولة داخل أوروبا وخارجها، وتتمثل مَهمته في الدفاع عن مصالح وسائل الإعلام العامة، وتعزيز مُساهمتها التي لا يمكن الاستغناء عنها في المجتمع الحديث.
- "رابطة التلفزيون التجاري في أوروبا": وهي هيئة تجارية تضم في عضويتها نحو 33 شركة، تعمل في 37 دولة أوروبية، وتعد مصدراً رائداً للترفيه والمعلومات لملايين المواطنين الأوروبيين.
كما أن هناك مجموعة من الشركات والمُنظمات الأخرى التي تقوم باختيار موضوع مُحدد كل عام للتركيز عليه، مثل جدارة التلفزيون بالثقة أو المحتوى المُتميز الذي يوفره. ويتم الترويج لهذا الموضوع من خلال الصحافة الدولية، وإنشاء مقطع فيديو يُسلط الضوء عليه. ثم يُبث هذا الفيديو على نطاق واسع في جميع أنحاء أوروبا وخارجها.
وسيكون الموضوع لعام 2018 إمكانية التلفزيون أن يُصبح مصدراً لمحتوى مُتميز لإعلام وتوعية وإلهام الملايين من المُشاهدين في جميع أنحاء العالم. وسيتم بث الفيديو الخاص الذي اشتركت في تقديمه مجموعة من المُذيعين وشركات الإنتاج عبر القنوات التلفزيونية حول العالم.