حان الوقت كي تثبت شركة هواوي أنها لا تتجسس على الأميركيين.. الشركة الصينية موضع اتهامات

ولا يمكن للشركة الصينية أن تدفع المتعهدين الأميركيين إلى بيع هواتفها

عربي بوست
تم النشر: 2018/02/18 الساعة 05:49 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/02/18 الساعة 05:49 بتوقيت غرينتش

تحتاج "هواوي-Huawei"، ثاني أكبر صنّاع الهواتف بالعالم، إلى القيام بشيء ما على نحو سريع إذا كانت ترغب -أكثر من أي وقت مضى- في اكتساب موطئ قدم داخل الولايات المتحدة وأن تصبح في يوم من الأيام أكبر صنّاع الهواتف بالعالم.

ولا يمكن للشركة الصينية أن تدفع المتعهدين الأميركيين إلى بيع هواتفها، بحسب موقع Mashable الأميركي.

ومؤخراً، اتَّهم رؤساءُ مكتب التحقيقات الفيدرالي والاستخبارات المركزية الأميركية ووكالة الأمن القومي الشركةَ، علناً، بأنها تسمح باستخدام أجهزتها –بالإضافة إلى أجهزة ZTE– من قِبل الحكومة الصينية للتجسس على الأميركيين.

وعلى الرغم من إنكار "هواوي" هذه المزاعم، فهي بحاجة إلى القيام بالمزيد لإقناع الأميركيين بأنه يمكن وينبغي الوثوق بهواتفها.

لا يحب أي شخص أن يكون في موضع الاتهامات، وقد أعربت "هواوي" علناً عن غضبها؛ بسبب تعرُّضها لمزاعم تتعلق بمساعدة الحكومة الصينية في التجسس على الأميركيين عبر هواتفها.

في معرض الإلكترونيات الاستهلاكية (CES) لعام 2018، فنَّد ريتشارد يو، الرئيس التنفيذي لمجموعة الإلكترونيات الاستهلاكية التابعة لـ"هواوي"، مزاعم التجسس، قائلاً أن الشركة أمضت الأعوام الـ25 الماضية بلا هوادة؛ كي تكسب موافقة وثقة المتعهدين والحكومات حول العالم.

فعندما جرى التواصل معه للتعليق على المزاعم، أدلى المتحدث باسم "هواوي" بالبيان التالي:

"تعي (هواوي) مجموعة الأنشطة التي تقوم بها الحكومة الأميركية والتي تهدف -على ما يبدو- إلى إعاقة أعمال (هواوي) داخل السوق الأميركية. وتحظى (هواوي) بثقة الحكومات والمستهلكين في 170 دولة على مستوى العالم، وهي لا تشكل خطراً يتعلق بالأمن السيبراني أكبر من الخطر الذي يشكله بائعو تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT)، كما تتقاسم مثلنا سلاسل التوريد العالمية المشتركة والقدرات الإنتاجية. ونحن ملتزمون بالانفتاح والشفافية في كل شيء نقوم به. وفي النهاية، سوف تستمر (هواوي) في تطوير عملها العالمي، من خلال التزام ملحوظ بالابتكار والبحث والتطوير، فضلاً عن تقديم التكنولوجيا التي تساعد عملاءنا على النجاح في جميع الأسواق التي تقدِّر الإبداع الذي نقدمه".

كما أدلى المتحدث باسم شركة ZTE ببيان مماثل، قال فيه: "تفتخر شركة ZTE بالابتكارية والأمان في منتجاتها التي تطرحها داخل السوق الأميركية. وكشركة مساهمة عامة، نلتزم بالتمسك بكل القوانين واللوائح المعمول بها في الولايات المتحدة، ونعمل مع المتعهدين لتمرير بروتوكولات اختبار صارمة، بالإضافة إلى تمسكنا بأعلى معايير الأعمال.

كما تحتوي هواتفنا المحمولة والأجهزة الأخرى على شرائح وأنظمة تشغيل صُنِعت في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى مكونات أخرى. وتأخذ شركة ZTE مسألة الأمن السيبراني والخصوصية على محمل الجد، وتبقى أحد الشركاء الموثوق بهم بالنسبة للموردين والعملاء الأميركيين والأشخاص الذين يستخدمون منتجاتنا عالية الجودة ذات الأسعار المعقولة لتلبية احتياجاتهم المتعلقة بالتواصل".

أين الدليل؟


إذا كنت تستخدم هاتف هواوي، فسوف تشعر بالانزعاج أيضاً، خاصة أنه ليس هناك دليل على أن هواتف هواوي تتجسس بالفعل على أي شخص.

وهذه هي القضية هنا. فليس هنالك ثمة دليل قوي في هذا الوقت يدعم أي ادعاء بأن هواتف هواوي تمثل تهديداً للأمن الشخصي والقومي. إنه فقط الكثير من الدخان القادم من واشنطن.

ومن المفارقات أن عملية القرصنة الوحيدة المعروفة التي توصلنا إلى ارتباطها بـ"هواوي" من كثب، لم تقم بها الشركة أو الحكومة الصينية، ولكن قامت بها وكالة الأمن القومي (NSA). ففي عام 2012، جرى الكشف عن أن الوكالة أعدت برنامجاً يُسمى "Shotgiant"، تمكن من الدخول عبر أبواب خلفية للمعدات الشبكية التي صنعتها "هواوي" لمراقبة الاتصالات حول العالم، والتوصل إلى علاقات بين الشركة الصينية وجيش التحرير الشعبي الصيني.

ولكن على غرار المزاعم الجديدة، لم يكن هنالك ثمة دليل على أن "هواوي" ارتكبت أية مخالفات. فوفقاً لصحيفة New York Times، بعد أن أصبح Shotgiant برنامجاً رئيسياً بعامين، قدمت لجنة المجلس المعنيّة بالاستخبارات تقريراً غير سري عن "هواوي" وشركة صينية أخرى، "ZTE"، لم تذكر فيه أي دليل يثبت صحة الشكوك المرتبطة بعلاقاتهما بالحكومة الصينية.

ومع ذلك، خلُص التقرير الذي قُدم في أكتوبر/تشرين الأول 2012، إلى أنه يجب منع الشركتين من "حقوق التملك وعمليات الاستيلاء والدمج" داخل الولايات المتحدة، وأنه "لا يمكن الوثوق بتحررها من أي تأثير لدولة أجنبية".

اقرأ الجملة الأخيرة مرة أخرى. ليس هنالك ثمة دليل، ولكن ما زالت مسألة عدم الوثوق بـ"هواوي" قائمة.

تخيَّل وحسب، إذا صرحت أي حكومة أخرى بذلك. على سبيل المثال، تخيل أن الحكومة الصينية اتهمت هاتف آيفون، التابع لشركة آبل، بالتجسس على مواطنيها، حتى على الرغم من عدم وجود أي دليل يثبت ذلك، وبعدها تحظر هاتف آيفون وتصف "آبل" بأنها غير جديرة بالثقة؛ إذْ من الممكن أنها تعمل مع، لنقُل، وكالة الأمن القومي (NSA)، لمراقبة الاتصالات الصينية. هل يمكن أن يكون هذا عادلاً؟ بالطبع لا.

في عام 2016، تبين أن Adups، شركة برمجيات صينية تبيع البرامج الثابتة لطرف ثالث يتمثل في صُناع نظام أندرويد مثل شركة Blu، قد وضعت برنامجاً يمكن أن يرسل الرسائل النصية للشخص إلى خادم صيني كل 72 ساعة. وكان برنامج التعقُّب موجهاً إلى أحد صُناع الهواتف الصينية والذي لم يُذكر اسمه، ولم يكن موجهاً نحو الهواتف الأميركية.

وقامت "Blu" بإزالة برنامج التجسس، ولكن ليس من الواضح ما إذا كان صُناع الهواتف الآخرين -مثل "هواوي" و"ZTE"- ممن يستخدمون برامج Adups، قاموا بإزالة برنامج التجسس من أجهزتهم أم لا. وما هي الهواتف التي تحتوي على برنامج التجسس إذا كانت البرامج ما زالت موجودة؟ لقد تواصلنا مع "هواوي" للتوضيح.

أكدت "هواوي" دوماً أنها "شركة خاصة مستقلة مملوكة بالكامل من قِبل موظفيها". ولكن، أي ذرة من الشك (لا أساس لها أم لا) تلحق أضراراً بأعمالها، ليس فقط في الولايات المتحدة؛ بل على الصعيد العالمي.

خلق الثقة لدى الأميركيين


ما الذي يمكن أن تقدمه الشركة لعلاج هذه المخاوف، مع افتراض أنها ليست على علاقة وثيقة بالحكومة الصينية؟

الإجابة هي: الشفافية.

نعم، إذ يجب أن تتحمل "هواوي" ما جلبته على نفسها، ولكن إن كانت تريد أن تثبت براءتها، يجب أن تُظهر -بما لا يدع مجالاً للشك- كيف أن أجهزتها ليست للتنصت على مستخدميها.

ليس هناك دليل في الوقت الراهن يدعم أي ادعاءات بأن هواتف هواوي تشكل تهديداً للأمن الشخصي أو القومي.

قد يكون في صالح الشركة، بشكل كبير، أن تتخذ الإجراءات نفسها التي اتبعتها شركة سامسونغ عندما انفجرت هواتف "غلاكسي نوت 7" عام 2016. ففي أعقاب الإطلاق المؤسف لهاتف "غلاكسي نوت 7″، تعهدت شركة سامسونغ بإجراء تحقيق شامل حول مسببات اشتعال البطاريات.

وبالإضافة إلى إجراء تحقيقها الخاص، عيَّنت الشركة خبراء كهربائيين من شركات خارجية أخرى، مثل شركة UL؛ وذلك للوقوف على الأسباب من وجهة نظر محايدة. ونشرت شركة سامسونغ آنذاك التفاصيل كافة التي تم التوصل إليها في مؤتمر صحفي بُث في جميع أنحاء العالم؛ حتى يتسنى للمستهلكين مشاهدته.

وإذا كان كل ذلك غير كافٍ، دعت شركة سامسونغ أيضاً عدداً من الناشرين في مجال التكنولوجيا -وضمن ذلك موقع Mashable- لزيارة مصنع البطاريات الخاص بها في كوريا الجنوبية؛ لمزيد من المعلومات عما تم التوصل إليه، وكذلك التدابير المُطبقة لضمان عدم حدوث ذلك مرة أخرى في الهواتف الجديدة.

مواجهة الاتهامات


ساعدت هذه الاستراتيجية، في نهاية المطاف، الشركة في تحسين سمعة هواتفها المحمولة. وغيَّرت بذلك الجدالات السلبية إلى حوارات إيجابية، ما ساعدها على استعادة ثقة المستهلك.

تحتاج شركة هواوي لحظة "تضحية" خاصة بها على غرار ما حدث مع هاتف "غلاكسي نوت 7″؛ إذ يمكنها الاستعانة بباحثين محايدين لفحص برمجة هواتفها؛ للتأكد من عدم وجود منافذ ترسل البيانات إلى الصين؛ ومن ثم كشف معلومات عن المستهلكين، ومؤدِّي الخدمة، ووكالات الاستخبارات الأميركية.

مهما حدث، فعلى الشركة أن تقوم بإجراء سريع. فهذه الادعاءات لن تتوقف، والمشكلة لن تختفي من تلقاء نفسها إذا ركزت جهودك فقط على تطوير تكنولوجيا مبتكرة يهتم بها المستهلكون. بعبارة أخرى، على "هواوي" أن تُظهر ذلك، لا أن تتحدث عنه. لتُظهر للناس كيف أن هواتفها آمنة الاستخدام. إن الشفافية والصدق الخالص يقطعان شوطاً طويلاً، ويوفران وقتاً كبيراً.

في حين لا تشتهر "هواوي" بدقة موادها التسويقية، فإن مقطع فيديو نشره عملاق التقنية الصينية، مؤخراً، على صفحتها الرسمية بـ"فيسبوك" يُعد واحداً من أغرب حملاتها الترويجية حتى الآن.

إذ تضع "هواوي" المنافسة مع "آبل" نصب عينيها، بعد أن تفوقت الشركة المصنّعة لهاتف آيفون لتصبح ثاني أكبر علامة تجارية في سوق الهواتف النقالة بالعالم، وفي ظل الاهتمام الكبير مؤخراً بهاتف iPhone X الجديد.

وتستهدف "هواوي" منافسة المحرك العصبي الجديد لـ"آبل"؛ وهو جهاز مخصص لأداء وظائف الذكاء الاصطناعي، مثل التعرف على الأشياء. ولكن، وفقاً لـ"هواوي"، فإنها على وشك الإعلان عن "هاتف الذكاء الاصطناعي الحقيقي"، يوم 16 أكتوبر/تشرين الأول 2019، تزامناً مع إصدار أحدث هواتفها "Mate 10".

وبصرف النظر عن هذا الإعلان المفاجئ، تزعم "هواوي" تفوّقها على بقية الشركات في عالم هواتف الذكاء الاصطناعي، بحسب الخبر الذي نقله موقع The Verge الأميركي.

تحميل المزيد