قضيت يوماً في الحوارات الجادة في عالم وسائل التواصل الاجتماعي. ما عانيته في يومٍ واحدٍ يلخص الكثير مما شاهدته وكنت جزءاً منه في بعض الأحيان؛ مما دفعني إلى كتابة هذا المقال.
ربما تعتقد أنني بعد عقد من الزمن على وسائل التواصل الاجتماعي، قد تعلمت الدروس الهامة حول السلوكيات وأنماط الفكر. للأسف، يبدو أن هذا ليس صحيحاً، فلم يختلف الأمر اليوم عما كان عليه في عام 2006. على الرغم من أنني قد نضجت قليلاً، وأصبحت أكثر وعياً بأخطائي، وتوقفت عن التسرع في التعليق كما اعتدت سابقاً، كما أنني أحاول أن أفكر حول وجهة نظر الآخرين.
ولكن على الرغم من ذلك، أَسقط في بعض الأيام مرة أخرى في هاوية النقاش، والجدال، واستنفد جميع طُرقي في محاولة إثبات وجهة نظري. ولكن، لماذا؟ لماذا أشارك؟ لماذا أسمح لنفسي بذلك؟ أنا أؤنِّب نفسي عندما أفكر في كمّ الوقت والطاقة الذي أهدره في مثل تلك الأيام.
وبدلاً من أن أكون قاسية على نفسي، انخرطتُ في تحقيقٍ داخلي، واستنتجت 9 أسباب للابتعاد عن لوحة المفاتيح خلال حلقات النقاش والمجادلات على وسائل التواصل الاجتماعي. هناك -على الأرجح- أكثر من ذلك، ولكن هذا هو ما توصلت إليه في إحدى تلك اللحظات المجنونة:
1. إضاعة الوقت: وفقاً لشبكة هيئة الإذاعة الوطنية الأميركية (إن بي سي نيوز)، فقد تم تسجيل 55 مليار ساعة على موقع فيسبوك منفرداً منذ عام 2009 تخيّل كمْ من ذلك الوقت قُضي في النقاش! لن يمكنك استرجاع هذا الوقت؛ فقد ذهب إلى الأبد، وبلا رجعة. كان هناك ما لا يقل عن 13 شيئاً أخرى يمكنني فعلها، ولكني اخترت قضاء ذلك الوقت في مناقشة بعض النقاط.
2. أفكارك لك وحدك: من المهم أن نفهم وأن ندرك أن الجميع لا يعتقدون الشيء نفسه. هناك العديد من أصدقائك الذين لا يتفقون مع المواقف الخاصة بك. ليس من المعقول أن تفكر في أنك تشارك الأفكار نفسها مع أي شخص آخر. يجب أن تعرف وأن تدرك هذه الحقيقة في أثناء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ولا بد من توظيف هذه المعلومات عندما تقرر نشر شيء ما أو ترك تعليق على بعض المنشورات.
3. هل يهم حقاً؟ الجواب عن هذا السؤال يكون دائماً بـ"لا" تقريباً. نادراً ما تكون هناك حاجة للانخراط في نقاش مع شخصٍ آخر عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ لأن الأحداث هناك نادراً ما تكون مرتبطة بحياتك الفعلية في ذلك الوقت؛ وهو ما يقودني إلى السبب التالي؛ لماذا لا يوجد داعٍ للمجادلة مع شخص ما على وسائل التواصل الاجتماعي؟
4. الضغط غير المبرر: العالم الذي نعيش فيه اليوم، لا يحتاج إلى مزيد من التوتر؟ هناك ما يكفي بالفعل من مشاكل الأطفال، والوظيفة، والمسائل المالية، والمسائل الشخصية. ويبدو أنه لا يوجد داعٍ لتراكم المزيد من المشاكل. أحد الأطباء النفسيين -وهو الدكتور كينلان- يحذر من النقاش والحجج، معللاً بأنها تسبب زيادة مستويات التوتر الخاصة بك، ويوصي بإعادة النظر في تلك المنشورات بعد أن تحصل على الوقت اللازم لتهدأ.
5. بعض الأشخاص يحبُّون جذب الانتباه: أنا من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الذين سوف يهنِّئونك على طفلك الجديد، أو يتمنّون لشخص ما عيد ميلاد سعيداً، أو يعجبون "لايك" أو "يحبون" بعض الصور. أنا أنشر عدداً لا يحصى من المشاركات في الكثير من المواضيع المختلفة، ولكن إذا رأيت أحد منشورات شخص ما أعرفه بالفعل، أعترض معه بشكل أساسي، أحاول قصارى جهدي المضي أسفل الصفحة متجنِّبةً ذلك المنشور. ليست هناك حاجة لهذا الاهتمام السلبي المحتمل.
6. المتصيِّدون ودعاة الشيطان: إذا كنت مستخدماً نشطاً على وسائل التواصل الاجتماعي، فهناك احتمال بأنك قد ارتكبت واحداً من هذه الأمور من قبلُ. هناك فرق بين أن تقع في التصيُّد مرةً واحدةً أو مرتين، وأن تستهدف الأعضاء فقط للتعليق على بعض المنشورات ذات المواضيع المحددة.
كما قلت في وقتٍ سابق، أنا أعرف من يجب عليّ تجنُّبه على قوائم أصدقائي؛ لذلك قررت عدم التعليق بانتظام على منشوراتهم. أشارك معظم المنشورات المثيرة للجدل دون تعليق؛ لتقليل ردود الفعل السلبية التي قد أتلقاها. ومع ذلك، يجدني أولئك المتصيِّدون الذين يتابعونني. إنهم تقريباً لا يعلّقون على أي شيء سوى المنشورات السياسية، ثم يظهرون فجأة مع معارضتهم.. لا أعلم من أين.
هذا يمكن أن يشكِّل خطراً؛ إذ قد تجد نفسك تضيِّع معظم الوقت في الجدال معهم. وعندها يجب أن تتذكر، لا يفكر الجميع بالطريقة نفسها، وهناك احتمال أكبر بأنك لن تستطيع تغيير رأيهم؛ لذلك من الأفضل التخلي عن النقاش.
7. الأخبار الوهمية ليست شيئاً جديداً: منذ أواخر القرن التاسع عشر، استُخدم مصطلح الصحافة الصفراء لوصف الأخبار الكاذبة، ولكن هذا نوع من الإثارة المطلوبة لبيع قصة ما. ولا يزال هذا التكتيك وتلك الطريقة قائمَين إلى يومنا هذا في العديد من المنافذ، وكثير من تلك الأخبار الكاذبة انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي؛ بل وأصبح جزءاً أساسياً منها. لذلك، قبل أن تبدأ في النقاش، أعطِ نفسك القليل من الوقت للتفكير، واعلم أن القصة قد لا يكون صحيحة على أي حال.
8. الخبراء لا يتجادلون على وسائل التواصل الاجتماعي: في حين أننا قد نكون على دراية جيدة، مع قدر كبير من المعرفة حول موضوع ما، فقد يشعر الشخص على الطرف الآخر بأنه يعرف المزيد عن الموضوع محل المناقشة. في نهاية المطاف، ما نعرفه هو نسختنا الخاصة استناداً إلى فهمنا، ثم في مكان بالمستقبل، توجد النظرية الأقرب إلى الحقيقة. ومن مصلحتنا أن نتفق على عدم الاتفاق، وترك الأمر على ما هو عليه.
9. لا تغضب.. كل شخص لديه مساحته الخاصة للتعبير عن رأيه: وأخيراً، نحن جميعاً لدينا الخيار لنشر ما نرغب فيه على الفضاء الإلكتروني الخاص بنا. فإذا كان الأمر يتعلق بما نشره شخصٌ آخر، فينبغي أن نُبقي نصب أعيننا أنه -حتى في الخلاف- هناك احترام مُتبادل. إذا كان من الصعب احترام أو تجاهُل أمر ما، فقد يكون الوقت قد حان لحذف هذا الشخص أو هذا المنشور بعيداً عن نظرك؛ لأنه مرة أخرى، ليس هناك ما يدعو إلى الجدال على وسائل التواصل الاجتماعي.
والآن، بعدما أقرأ هذه النقاط بعد وضعها على الورق، سأبذل جهداً أكبر للالتزام بها. لا يوجد أي داعٍ للمجادلة على الإنترنت (ولا في الحياة الواقعية كذلك). صحيح أننا لسنا جميعاً متشابهين، ولكن ليس هناك أي خطأ في كبح الخطاب غير المثمر عن أن يكثر وينمو. حاوِل العثور على طُرق أفضل لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بك.
كما قال الشاعر الرومي: "فن المعرفة هو معرفة ما يجب تجاهُله".
– هذه التدوينة مترجمة عن النسخة الأميركية لـ"هاف بوست".. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.