"حلمي كان تأسيس شركة تجارة إلكترونية. في عام 1999 جمعت 18 شخصاً في شقتي وتحدثت معهم لمدة ساعتين عن رؤيتي، بعدها قام كل فرد منهم بوضع أمواله على الطاولة وجمعنا 60 ألف دولار لبدء العمل على شركة Alibaba".
جاك ما مؤسس موقع Alibaba
الآن تبلغ عائدات هذه الشركة العملاقة 254 مليون دولار (في الربع الأول من 2017) ويبلغ عدد المشترين عبر الإنترنت في مواقعها المختلفة حوالي 454 مليون مشترٍ، وذلك وفقاً لموقع statista.com.
لا يخفى على أحد منكم أن مواقع التجارة الإلكترونية والتسوق الإلكتروني تحتل الآن قائمة المشروعات الأكثر ربحاً، وكما تعلمون أيضاً تصدّر "جيف بيزوس" مؤسس موقع أمازون لقائمة أغنياء العالم بثروة تتعدى 90 مليار دولار.
من هنا يتبين لنا أهمية هذه التجارة القائمة بذاتها ودورها في تشكيل مستقبل التسوق الإلكتروني، ولكن أريد أن آخذك معي للتفكير بعيداً عن الأرباح والأرقام وهذه الملايين، فالتجربة نفسها مثيرة حقاً، فأنت تجلس في مكتبك أو في بيتك تتصفح الإنترنت ثم تدفعك رغبة مُلحّة في داخلك بأن تشتري هاتفاً محمولاً جديداً مثلاً، فلقد تحدث أمامك بعض الأصدقاء عن التخفيضات الكبيرة التي تقدمها مواقع التسوق الإلكتروني على الهواتف، فتفكر أنت أيضاً في الاستفادة من هذه التخفيضات فتقوم بتصفح المواقع وتأخذك العروض والتخفيضات والمقارنات والإمكانيات المختلفة بين صفحات وصفحات حتى تتخذ قرارك وتضع المنتج في عربة التسوق، ثم تختار طريقة الدفع التي يجعلها الموقع من أسهل الخطوات أمامك فتدفع ببطاقتك الائتمانية أو نقداً عند الاستلام.. وها أنت ذا تحصل بعد يومين على هاتفك الجديد!
أليس الأمر يشبه "اطلب واتمنّ" أو "شُبيك لُبيك" التي يقولها جني المصباح! إلا أنه في هذه المرة أنت الذي تدفع وتتحمل تكلفة ما تطلبه وتتمناه! ولكنها حقاً تجربة رائعة حيث يمكنك رؤية المنتج ومعاينته والتحقق من مميزاته وكذلك قراءة تعليقات المشترين والتعرف على تجربتهم.
ولعل هذا الأمر جيد ويحقق تجربة التسوق المتكاملة في فئات معينة مثل الإلكترونيات والأجهزة الكهربائية وغيرها من المنتجات التي لا تحتاج إلى المعاينة أو التجريب.
ولكن إذا كان المنتج المعروض في مواقع التسوق يحتاج إلى أكثر من مجرد رؤيته ومعرفة مميزاته ومكوناته، مثل الملابس أو الأحذية أو النظارات فهذه المنتجات يجب أن تراها بعينيك وتمس ملمسها بأناملك حتى تتأكد من قرارك بشرائها (هذا ينطبق بشكل أكثر على الجنس الناعم، نادراً ما نمعن نحن الرجال النظر في الخامات والمكونات) ولهذا نجد أن مبيعات سوق التجزئة لا يزال 6٪ منها فقط عبر الإنترنت.
وبالحديث عن "شُبيك لبّيك"؛ جني المصباح هنا هو مواقع التسوق الإلكتروني التي تتسابق فيما بينها لعرض أكبر عدد ممكن من المنتجات، حتى تجد كل ما تتمناه وتريده عند البحث، فأمازون على سبيل المثال يعرض عليك حوالي 400 مليون منتج، بواقع 92 مليوناً في فئته الأكبر الإلكترونيات و68 مليوناً في الموسيقى الإلكترونية وفي المركز الثالث فئة منتجات المطبخ والمنزل 61 مليوناً!
ولكن أمازون هي الأكبر في العالم فدعنا منها ولنتحدث عن مواقع التسوق الإلكتروني في العالم العربي، ومما لا شك فيه أن رائدة التسوق الإلكتروني في العالم العربي هي Souq.com التي تأسست على يد رونالد مشحور عام 2005 (استحوذت عليها أمازون أيضاً مؤخراً في صفقة بلغت قيمتها 650 مليون دولار) والجدير بالذكر امتلاك سوق لما يصل إلى 78٪ من مبيعات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتربّعها على عرش التجارة الإلكترونية.
إلا أن هناك الكثير من اللاعبين الذين يطمحون إلى الدخول إلى سوق التجارة الإلكترونية في العالم العربي، خاصة مع وجود فرص كبيرة للاستثمار؛ نظراً للحاجة الماسة لذلك، وتزايد استخدام المستهلكين للإنترنت وتغلغله في كثيرِ من جوانب حياتهم اليومية.
ولعل أبرز منافسي "سوق" هي شركة جوميا التي تأخذ نصيباً لا بأس به من حجم التسوق الإلكتروني في بعض الدول الإفريقية مثل مصر ونيجيريا وغانا.
أما عن الخليج العربي فله فرص واعدة ومستقبل باهر في مجال التسوق الإلكتروني، فشركات قطاع التجزئة مثل الفطيم والغانم والطاير أصبحت لها أذرع للتجارة الإلكترونية على الإنترنت من خلال مواقع مثل nass.com وounass.ae.
والملاحظة الشائعة هنا هي أن معظم هذه المواقع متخصصة في الأزياء والموضة والملابس بشكل عام، إلا أن الموقع الأبرز في الموضة والأزياء هو نمشي Namshi.com الذي يحتل مكانة لا بأس بها في السعودية والإمارات والكويت.
هناك المئات من المواقع الأخرى التي ليس هناك مجال لذكرها الآن، لكن الشيء المشترك بين هذه المواقع أن كلها تعمل بكفاءة في سباق محموم لتقديم أفضل خدمة للعملاء لتحصل على نصيب أكبر من كعكة التسوق الإلكتروني في الخليج العربي.
وإذا ذكرنا الخليج العربي والتسوق الإلكتروني في جملة واحدة فلا بد أن نتطرق في حديثنا إلى قصة العملاق noon.com (الذي لم يولد بعد!) ولكن كل المصادر الإعلامية والمالية تؤكد أنه عملاق في طور التحضير؛ لأنها شركة مدعومة باستثمارات سعودية إماراتية ضخمة، ويعتقد الكثير من المحللين أن وجود شركة بهذه المواصفات في مجال التسوق الإلكتروني سيعطي دفعة نوعية ويجعل المنافسة على أشدها بين أمازون من خلال سوق وباقي الشركات التي تعمل برأس مال محلي.
أعتقد أن المستفيد الأكبر من ذلك هو العميل، فكلما اشتد مستوى المنافسة تسابقت المواقع لتقديم أفضل ما لديها حتى تقول لك حرفياً: "شُبيك لبّيك اطلب ونحن بين يديك"!
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.