8 أسباب خلف نجاح حملة #مكة_لايف على سنابتشات

يمكن القول أن حملة بث "مكة لايف" عبر "سنابتشات" كانت أكثر من ناجحة، وكل من شارك فيها يستحق رفع قبعة التقدير له، وكم نتمنى أن تتكرر بعيداً عن التشاؤم والإغراق في نظرية المؤامرة.

عربي بوست
تم النشر: 2015/08/01 الساعة 10:24 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2015/08/01 الساعة 10:24 بتوقيت غرينتش

ليلة السابع والعشرين من رمضان هذا العام كانت أكثر تميزاً على شبكات التواصل حين وافقت شركة "سنابتشات" على تخصيص بث حي من قلب مكة المكرمة ذلك اليوم، نزولاً عند طلب الآلاف في مبادرة تستحق الوقوف والتأمل عند كثير من جوانبها للاستفادة على شتى الأصعدة: التسويق، تنظيم الحملات، معالجة الأزمات وغيرها.

سأقف في هذه التدوينة عند ما أظنها الأسباب الثمانية التي كانت بعد توفيق الله تعالى خلف نجاح هذه الحملة العظيمة، وعلى رواق.. سأبين قصة الحملة ببعض التفصيل، ولماذا أراها عظيمة؟

ما قصة الـ "live story"؟
هي بإيجاز إحدى الخدمات التي تقدمها شركة سنابتشات في تطبيقها، وعبر هذه الخدمة تعلن الشركة لمتابعيها في مدينة ما أن مدينتهم هي سعيدة الحظ التي تم اختيارها ذلك اليوم ليرى العالم عبرها "سنابات" سكانها، وهنا يأتي دور سكان تلك المدينة ليبهروا العالم بأهم وأجمل ما في مدينتهم من المعالم والعادات والتقاليد وطقوس الحياة اليومية من الأكلات والاحتفالات والفعاليات وغيرها، وغنيٌ عن التأكيد الإشارة إلى أن مستخدم التطبيق يجب أن يكون مفعّلاً لخدمة تحديد الموقع ليظهر فعلياً أنه في تلك المدينة.

لكن خبراء التسويق يدركون أن مجرد اقتصار تعريف الـ "live story" بالكلمات أعلاه هو وصف قاصر، فهذه الميزة ليست لإمتاع واستمتاع المستخدمين فقط، بل هي إحدى أبرز مصادر الدخل للشركة المتعملقة "سنابتشات" التي جاوزت القيمة السوقية لها 19 مليار دولار في ظرف سنوات أقل من عدد أصابع اليد الواحدة!، فعبر هذه الخدمة تستطيع الشركات حجز يوم بعينه لفعالية خاصة بها مثلاً وتبث عبر موظفيها سنابات حية من قلب تلك الفعالية، وهذا لن يكون مجانياً بالتأكيد.

قصة #مكة_لايف

صباح أحد أيام يوليو الجاري فوجئ كثير من مستخدمي تطبيق "سنابتشات" بتخصيص الشركة بث ذلك اليوم لمدينة "تل أبيب"، فبثَّ مستخدمو التطبيق من المستوطنين عشرات السنابات التي تعكس حياة الأهالي هناك، ثارت ثائرة الآلاف من الفلسطينيين والعرب الذين يرون أن المحتل سيبقى محتلاً ولن يغير مثل هذا البث من حقيقة كونه مجرد مغتصب للأرض الفلسطينية، كما غضب آخرون من الصورة التي بدا عليها البث من خلال "السنابات" المختارة، فالمحتل ظهر مسالماً وينعم بالسلام فيما يدرك كل منصف أن المحتل في حقيقته أبعد ما يكون عن السلام، وقرر آخرون الانتقال إلى شبكات تويتر التي تسمح بوضع جميع الأوراق على الطاولة، ونشروا عبر هذه الشبكة مقارنات لحال أصحاب الأرض مع أحوال المغتصبين، كما نشروا جانباً من معاناة الفلسطينيين التي تسبب بها المحتل.

كثير من النشطاء العرب طالبوا شركة "سنابتشات" تخصيص أحد أيام البث الحي للقدس أو غزة، وبنوع من الدبلوماسية التسويقية لشركة لا تريد أن تخسر أحداً، خصصت "سنابتشات" بثها الحي في اليوم التالي للضفة الغربية، وتم نقل جانب من حياة الفلسطينيين إلى العالم.

في ظل هذه التداعيات اهتدى أحمد الجبرين – وهو أحد الشباب السعوديين المهتمين بمجال التقنية والتسويق الرقمي- إلى فكرة عظيمة: تنظيم حملة كبرى يطالب عبرها الآلاف من مستخدمي "سنابتشات" الشركة بتخصيص البث الحي يوم 13 يوليو (الموافق لليلة 27 رمضان) ليكون من نصيب مكة المكرمة، نشر فكرته في تويتر وطالب الجميع بإنعاش هذه الحملة، فاستجاب الآلاف وعشرات الآلاف، حتى جاوز عدد التغريدات الـ 200 ألف تغريدة.

استجابت الشركة وشاهد العالم ما أستطيع وصفه- دون مبالغة- بأعظم "لايف ستوري" منذ أن رأت شركة "سنابتشات" النور، ولئن كنت قد وعدتكم- لو تذكرون- بذكر سبب اعتقادي أن هذه الحملة عظيمة، فلأنها أظهرت للعالم جمال الإسلام وأهله، قيامهم للصلاة في صفوف منتظمة، المساواة الفريدة بين المصلين دون أن تعرف غنيهم من فقيرهم عربيهم من عجميهم، شعائر الصيام من الفطور والسحور، ماء زمزم.. وغيرها.

هذه التفاصيل التي شوهدت أكثر من 10 ملايين مرة خلال ذلك اليوم، دفعت بالعشرات من غير الناطقين بالعربية إلى التساؤل عن الإسلام وحقيقته، وبحسب مركز "ركن الحوار" الذي يدعو إلى الإسلام عبر منهجية حوار متناهية في الاحترافية وبمعرفة دقيقة بأهم الأسئلة المتوقعة والإجابات المثلى عنها؛ فقد اعتنق الإسلام في ذلك اليوم بعض الذين زاروا الموقع قادمين من #مكة_لايف

لكن.. لحظة

هل كان الأمر بهذه السهولة؟ شاب تقدح في رأسه فكرة، يغرّد بها، يدعو الآخرين إلى التفاعل مع الحملة، فتستجيب الشركة؟

قبل موافقة شركة "سنابتشات" على تخصيص البث الحي في ذلك اليوم لمكة المكرمة، شكك كثيرون بموافقة الشركة، بل بدا جلياً أن المتشائمين كانوا أكثر من المتفائلين، وعلى سبيل المثال لا الحصر اعترض نجم يوتيوب فهد سال على فكرة الحملة من أساسها، فمن وجهة نظر الرجل أنه لا يليق بمكة المكرمة المطالبة بتخصيص بث حي لها عبر تطبيق "سنابتشات" الذي يعج بالفساد (!)؛ على الرغم من بديهية كون التطبيق.. أي تطبيق.. مجرد وعاء أنت المسؤول عما تضعه فيه إنْ لبناً وإنْ خمراً.

القصة اكتنفتها بعض التفاصيل/ الخبايا التي كانت خلف هذا النجاح، ولعلي هنا أتطرق لأهم 10 أسباب خلف نجاح الحملة:

1). روح المقاومة:
لا ننسى أن هذه الحملة جاءت كرد فعل على اختيار "سنابتشات" لمدينة تل أبيب في يوم سابق ليكون البث الحي من نصيبها، قوبل هذا الاختيار بروح مقاومة متقدة من آلاف الفلسطينيين والعرب، وامتدت لتنتهي ببث "مكة لايف".

2). أحمد الجبرين "ما غيره"

ربما يبدو للقارئ غريباً لو قلت أنني أعتقد أن الحملة- غالباً- لم يكن ليحالفها النجاح لو نادى بها شخص غير أحمد الجبرين، إلى هذا الحد؟ أي نعم. فالشاب أحمد يجمع من المقومات ما لا تتوفر في غيره، فهو- وهذه أهم خصلة- يتميز بسمو أخلاقي فريد، جعل كثيرين يحسنون الظن في نيته الصادقة خلف هذه الحملة، بعيداً عن الأطماع الشخصية المقيتة التي ياما أفشلت عشرات الحملات. بكلمات يشع الصدق منها، يقول الجبرين عبر سنابتشات: "أبشركم.. نجحت حملتكم"، كلمة (حملتكم) هذه لها وقع السحر على المتابعين.

وبعيداً عن جانب الأخلاق، جاءت الميزات الأخرى التي توفرت في الرجل، فالجبرين- بسم الله ما شاء الله- داهية في التسويق الإلكتروني وتنظيم الحملات، يكفي أن تعرف أنه وبمعية زميله سامي الرشيد شركة سماءات المتخصصة في التسويق الرقمي، بدأت هذه الشركة باستقطاب المؤثرين عبر شبكات التواصل والتعاقد معهم على التسويق عبرهم مقابل اقتطاع نسبة، وبمرور الأيام ونتيجة لحسن التعامل الذي وجده العشرات من هؤلاء المؤثرين فقد بات بالإمكان الطلب بطريقة مباشرة أو ضمنية من هؤلاء المؤثرين بالمشاركة في دعم الحملات الهادفة غير الربحية، وغالباً ما كان هؤلاء المؤثرون يوافقون على الفور في المشاركة بدعم الحملات الهادفة.. ولم لا؟

أستطيع أن أقول إن "قوة إيصال رسالة" التي يمتلكها اليوم أحمد الجبرين تفوق القوة المماثلة التي يمتلكها وزير الإعلام نفسه، لا سيما وأن هذه القوة تعتمد على المؤثرين في شبكات التواصل؛ وهي اللعبة التي أتقن الجبرين لعبها.

3). التنسيق المسبق والمحكم:
وهذا يتجلى في الطريقة المتبعة في هذه الحملة، فقد تم تجهيز تغريدات باللغة الإنجليزية لمخاطبة "سنابتشات"، لم يكن أمام آلاف المغردين إلا أن ينسخوا تلك التغريدات وينشروها، ولم يقتصر الأمر على هذا الجانب فقط، بل امتد لطلب الاستمرار في التغريد ليل نهار، اقترح الجبرين على المبتعثين أن ينضموا إلى الحملة في الوقت الذي يخلد فيه سكان المنطقة العربية للنوم ويوافق النهار عندهم، وبدا الأمر كما لو كانت الحملة مستمرة على امتداد ساعات اليوم الـ 24 ودون توقف.

4). مشاركة "التويليونير" سلمان العودة:

غالباً ما تحظى الحملات التي يشارك فيها مؤثرون من ذوي ملايين المتابعين بالنجاح، وقد حالف هذه الحملة الحظ بمشاركة الشيخ سلمان العودة فيها، حيث غرّد كغيره مطالباً "سنابتشات" ببث حي من مكة المكرمة، الأمر الذي ساهم في تنامي صيت الحملة ومضاعفة عدد المشاركين فيها.

5) دخول الاتصالات السعودية على الخط:

شركة عملاقة بحجم الاتصالات السعودية كانت ذكية حين استفادت من الحملة ودعمتها في نفس الوقت، فقد غرّد حساب الشركة في تويتر بفكرة الجبرين، وأعلنت الشركة عن حجزها الهاشتاق "#mecca_live" في أربع دول عربية، وهذا ضاعف من عدد المشاركين في الحملة.

6) الانتقال إلى التواصل الرسمي:
بعد أن تجاوزت عدد التغريدات أكثر من 200 ألف تغريدة، اتجه الجبرين إلى التخاطب الرسمي مع شركة "سنابتشات"، فتم إرسال تقرير شامل يشير إلى العدد الكبير للمطالبين بهذه الحملة وأهميتها بالنسبة لهم والنتائج الإيجابية المتوقعة على مستوى تنامي عدد مستخدمي سنابتشات نفسها في المنطقة العربية والعالم.

ولعلّ مما يسّر هذا التواصل الرسمي تأسيس الجبرين وآخرين لحساب "مجلس سناب" عبر سنابتشات، فعبر هذا الحساب يتحدث عدد من المهتمين بريادة الأعمال والتسويق وبناء المشاريع كما يقومون بالتغطية الحية لكل فعالية في هذا المجال، وقد سبق لأحد مؤسسي هذه المبادرة وهو نبيل النور الالتقاء بمؤسس شركة سنابتشات نفسه، في مكتبه، وبثّ عبر حساب المجلس رسالة لمؤسس سنابتشات بلغة عربية ملقّنة يقول فيها: "شكراً لاستخداكم سنابتشات".

7) وعي الجماهير:
أتذكر بعض السنابات التي نشرها الكويتي ماجد الصباح، الذي يعد ملك سنابتشات من مستخدميه العرب بعد تجاوزه المليون مشاهدة كأول عربي يصل إلى هذا الرقم، فقد أخذ الرجل ينبّه إلى ضرورة أن نحرص على نشر كل ما هو مشرّف ومشرق؛ "هاذي مكة"، هكذا قال، وبالفعل عاصمتنا المقدسة بحاجة إلى نقل صورة مشرقة، وبالفعل أيضاً.. كان مستخدمو سنابتشات الذين بثوا جوانب من مكة المكرمة في تلك الليلة المباركة على قدر المسؤولية، نقلوا الآذان والصلوات وجانباً من الإفطار والسحور، وعرَّفوا العالم بعبادات تلك الليلة الفضيلة، وشعائر العمرة وسننها، حتى وجدنا من يتساءل من الغرب بعد مشاهدته لـ "مكة لايف": لماذا تحظى مكة بكل هذا الاهتمام من قبل المسلمين؟

8) " خدمة ما بعد البيع "
السؤال في النقطة السابقة لم يبق معلقاً، فقد حرص كثيرون على التطوّع بالإجابة عن مثله وعن عشرات الأسئلة المطروحة من قبل آلاف مشاهدي "مكة لايف" عبر سنابتشات، وقد تولّى مركز "ركن الحوار" بأعضائه المحترفين في مجال الدعوة بعشرات اللغات الرد على استفهامات هؤلاء كما أشرت سابقاً.

يمكن القول أن حملة بث "مكة لايف" عبر "سنابتشات" كانت أكثر من ناجحة، وكل من شارك فيها يستحق رفع قبعة التقدير له، وكم نتمنى أن تتكرر بعيداً عن التشاؤم والإغراق في نظرية المؤامرة، فبالنظر إلى الجزء الآخر من الكأس علينا التساؤل: وما يمنع؟ ألا تساهم هذه الحملات أصلاً في التسويق لهذه الشركات العالمية. لو كنت أنت مكان مؤسس سنابتشات… ألن توافق على هذه الحملة طالما أنها ستزيد من عدد مستخدمي تطبيقك؟!

أخيراً أترككم مع هذا الفيديو الذي يضم جميع سنابات مكة لايف..

علامات:
تحميل المزيد