كشفت مصادر ليبية لـ"عربي بوست"، عن تحركات لكل من المسؤولين في الغرب والشرق الليبي، رداً على إعلان الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة، هانا تيتيه، خطوات تمهّد لتنفيذ خارطة الطريق الليبية لإنهاء الانقسام في البلاد، وإيجاد حل سياسي، تحت مسمى "الحوار المهيكل".
إذ أعادت البعثة الأممية طرح فكرة "خارطة الطريق" كإطار جديد لإنعاش العملية السياسية في ليبيا، فيما تتجه أطراف داخلية إلى تفاهمات غير معلنة تحاول فرض واقع سياسي جديد قبل أن تفرض الأمم المتحدة حلولها من خلال واشنطن، بحسب المصادر في هذا التقرير.
خارطة الطريق التي أعلنتها هانا تيتيه، تحاول إعادة هندسة العملية السياسية من خلال "حوار مهيكل" يمتد بين 12 و18 شهراً، ينتهي نظرياً بانتخابات وطنية وتوحيد المؤسسات، وقد بدأت بالفعل بتلقي ترشيحات للحوار المهيكل، بحسب بيان رسمي لها.
لكن هذا المسار الأممي، يصطدم مع مصالح وإرادة السلطتين في الشرق والغرب الليبي، وفق المصادر التي أوضحت أن هناك توافقاً بينهما على طريقة التعاطي مع المسار الأممي.
تحركات تستبق المسار الأممي
ففي موازاة المسار الأممي، تدور في كواليس ملتقى الحوار الليبي في تونس وأماكن أخرى لا يُفصح عنها، مفاوضات غير معلنة بين طرفي الصراع، تهدف إلى التوصل لتسوية تقوم على تشكيل حكومة مصغّرة مشتركة تتقاسم الحقائب بالتساوي بين الشرق والغرب لتستبق أي نجاح للمسار الأممي، وفق مصادر من الجانبين.
وقالت المصادر لـ"عربي بوست"، طالبة عدم ذكر اسمها، إن المفاوضات تناقش أن يحصل معسكر خليفة حفتر في الشرق الليبي على وزارات الدفاع والخارجية والتعليم العالي والمالية، إضافة إلى موقع نائب رئيس الوزراء، بصلاحيات رئيس الحكومة في الشرق، أما الوزارات المتبقية مع الغرب الليبي.
ووفق مصادر مطّلعة على تلك المفاوضات، فإن "هذه الخطوة تسعى إلى قطع الطريق أمام مشروع البعثة الأممية لتشكيل حكومة جديدة، وإلى إعادة إنتاج تفاهمات الأمر الواقع، التي تضمن استمرار مصالح الطرفين، دون انزلاق إلى مواجهة عسكرية أو انتخابات غير مضمونة النتائج".
أما عن اللقاء الذي جمع صدام حفتر وإبراهيم الدبيبة في روما برعاية المبعوث الأمريكي مسعد بولس، فإنه بحسب المصادر، "لم يكن لقاءً سياسياً بحتاً كما راج إعلامياً، بل تمحور حول أزمة المؤسسة الوطنية للنفط، ومحاولة الاتفاق على تعيين رئيس دائم بدلاً من الرئيس المؤقت الحالي".
وأشارت المصادر إلى أن "الاجتماع جاء وسط توتر أمني في طرابلس بين جهاز الردع والحكومة، وأن بولس سعى من خلال وساطته إلى احتواء التصعيد عبر تفاهم اقتصادي أوسع، يضمن استمرار الإنتاج النفطي دون تعطيل".
مثّلت الوساطة الأمريكية محاولةً لـ"تثبيت الاستقرار عبر النفط، وتحويل ملف الطاقة إلى أداة توازن سياسي بين الشرق والغرب، بما يتماشى مع المقاربة الأمريكية الجديدة في ليبيا، التي ترى في الاقتصاد المدخل الأنجع للتهدئة الأمنية"، بحسب المصادر ذاتها.
المحلل السياسي الليبي، أشرف الشح، علّق بالقول لـ"عربي بوست" إن ما يُطرح اليوم من تفاهمات بين طرفي النزاع في ليبيا "لا يهدف إلى إنهاء الانقسام، بل إلى تثبيته بصيغ جديدة، تمنح كل طرف مساحة أوسع للمناورة السياسية".
وأكد أن "خارطة الطريق التي أعلنتها المبعوثة الأممية هانا تيتيه تمثل محاولة لإعادة هندسة المشهد عبر ما يسمى بـ(الحوار المهيكل)، غير أن الأطراف المحلية تسعى إلى استباق البعثة بترتيبات موازية تحفظ مصالحها قبل أي اتفاق أممي".
وأضاف الشح أن "حفتر والدبيبة لا يمتلكان الإرادة الحقيقية للتسوية، لأن كليهما مستفيد من استمرار الوضع القائم، وما يجري اليوم من لقاءات في روما وغيرها لا يعدو أن يكون تحركات تكتيكية لشراء الوقت وتثبيت النفوذ"، وفق رأيه.
أما عن الأمم المتحدة فاعتبر الشح أنها "تدرك محدودية قدرتها على فرض حلول، لكنها تسعى إلى تقديم إطار توافقي تدريجي يجنّب البلاد انفجاراً جديداً".
إلا أنه رأى أن هذا النهج، "قد يواجه عراقيل سياسية وأمنية كبيرة، خاصة إذا استمر تمسك الأطراف المحلية بخطاب (الشراكة المشروطة)، الذي يعيد إنتاج الانقسام نفسه، تحت مسميات جديدة".
واقعية خارطة الطريق الليبية والمسار الأممي
وتثار تساؤلات عن حقيقة الدافع وراء هذا المسار الأممي، وواقعية تنفيذ خارطة طريق، إن كان يستطيع إنهاء الانقسام الليبي أم تجميده.
عضو المجلس الأعلى للدولة فتح الله السريري قال لـ"عربي بوست"، إنّ "خارطة الطريق فرصة لتحريك العملية السياسية، لكنها تفتقر إلى عناصر التجديد، وتعيد إنتاج المراحل الانتقالية أكثر مما تدفع نحو حل مستدام"، وفق تقديره.
وأضاف أن "غموض آليات الحوار المهيكل، وآلية اختيار المشاركين يجعله أقرب إلى فكرة نظرية أكثر من كونه مساراً عملياً، وقد يفشل في بناء توافق حقيقي حول القضايا العالقة كالانتخابات وتوحيد السلطة التنفيذية".
أما عضو لجنة الحوار السياسي السابق عبد المجيد سيف النصر، قال لـ"عربي بوست" إن "الانقسام ليس مطلباً ليبياً، بل نتيجة مباشرة لتنازع المصالح الدولية، موضحاً أن "البعثة الأممية ضحية الانقسام الدولي حول ليبيا، فهي أشبه بساعي بريد أكثر منها مبادرة فاعلة".
ورأى في خارطة الطريق الجديدة أنها "لا تحمل مضموناً جديداً، بل تكراراً لخطط سابقة دون معالجة جوهرية للأزمة".
واعتبر أن "الانتخابات لن تنجح ما لم تسبقها مصالحة دولية بين القوى المتحكمة في المشهد، تليها مصالحة وطنية داخلية، لأن ما يجري الآن مجرد إدارة زمنية للأزمة، لا حلاً لها"، وفق رأيه.
من جانبه، اعتبر عضو مجلس النواب عبد المنعم العرفي، في حديثه لـ"عربي بوست"، أن "البعثة بذاتها جزء من المشكلة"، موضحاً أنها "تتابع التحركات المحلية دون أن تضبط إيقاعها أو أن تضع لها إطاراً جامعاً".
وتابع بأن "الحوار المهيكل، امتداد لحكومة الدبيبة بتركيبة أوسع، فكلما اتسعت الدائرة، تشتت الحل. وبالتالي فإن البعثة تبدو وكأنها تمطّ الأزمة بدل أن تحلّها، بعدما تحولت من وسيط محايد إلى طرف ضمن اللعبة السياسية"، بحسب تعبيره.
من انهيار الانتخابات إلى إعادة هندسة المشهد الليبي
منذ عام 2021، تقود الأمم المتحدة محاولات لإجراء انتخابات في ليبيا، بعد فشل إجرائها في ذلك العام، ومثل ذلك تحوّلًا هيكليًا في مسار الأزمة الليبية، بعد أن جرى إعادة تعريف العلاقة بين المؤسسات المحلية والبعثة الأممية والمجتمع الدولي.
فبعد انهيار العملية الانتخابية بسبب الخلاف على شروط الترشح، تكرّس الانقسام إلى نظامٍ مزدوج له حكومتان ومصرفان ومؤسستان نفطيتان في كل من الشرق والغرب الليبي.
وتعاقب ثلاثة مبعوثين أمميين على رئاسة البعثة دون أن ينجح أيٌّ منهم في توحيد المسار.
وتسلمت هانا تيتيه رئاسة البعثة في مطلع 2025، حاملة خطة تسعى إلى الجمع بين إطار انتخابي وحكومة موحّدة، وحوار وطني شامل.
وأفادت مصادر دبلوماسية ليبية، لـ"عربي بوست"، بأن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا تشهد في داخلها تبايناً بين الممثلة الخاصة هانا تيتيه ونائبتها ستيفاني خوري.
وقالت إن ذلك التباين "لا يُعد صراعاً شخصياً بقدر ما يعكس اختلافاً في المشاريع الدولية داخل البعثة ذاتها".
وأوضحت أن "تيتيه"، المدعومة أساساً من بريطانيا، وعدد من العواصم الأوروبية، تميل إلى الحفاظ على النهج الأممي التقليدي القائم على الحوار المؤسسي طويل الأمد، وترى في "الحوار المهيكل" وسيلةً لتوسيع التوافق الوطني تحت مظلة الأمم المتحدة.
أما خوري، فوصفها المصادر بأنها "تتبنى المقاربة الأمريكية، فتركّز على ضبط مسار التفاهمات الداخلية بحيث لا تُنتج اتفاقاً خارج الإطار الذي تريده واشنطن، بل تصل أحياناً إلى السعي نحو اتفاق يُكرّس الرؤية الأمريكية نفسها، لما يجب أن تكون عليه السلطة التنفيذية المقبلة".
وأكدت المصادر أن "هذا التباين يعكس تضارباً بين هدفين متوازيين داخل البعثة"، وهي:
– مشروع بريطاني–أوروبي يسعى إلى بناء مؤسسات شرعية طويلة المدى.
– مشروع أمريكي يركّز على تحقيق استقرار سريع، يخدم أولويات واشنطن الأمنية والاقتصادية في ليبيا والمنطقة.
وهذا الانقسام، وإن ظل غير معلن، بحسب تعبير المصادر ذاتها، فإنه ساهم "في تباطؤ إعلان آليات الحوار المهيكل، وتأخر الحسم في ملفات حساسة، من بينها تشكيل الحكومة الموحدة والهيئات الاقتصادية، ما جعل البعثة تبدو أحياناً وكأنها تعيش صراعاً داخلياً موازٍ للصراع الليبي نفسه".
بولس والبعثة.. "شراكة الضرورة"
منذ بداية عام 2025، برز اسم مسعد بولس، المبعوث الأمريكي الخاص إلى ليبيا، كلاعب أساسي في مسار موازٍ للبعثة الأممية.
وبدأ بوليس من الملف الاقتصادي، في مقدمته توحيد المصرف المركزي، ومراقبة الإنفاق العام، ومحاولة ضبط موارد النفط.
لكن بولس اقترب لاحقاً من الملفات السياسية، وطرح نفسه كجسر بين واشنطن والبعثة الأممية، معلناً دعمه العلني لخارطة الطريق، ومؤكداً أن "العملية الأممية هي المظلّة الوحيدة للحل".
مصادر دبلوماسية أفادت لـ"عربي بوست" بأن العلاقة بين تيتيه وبولس تحولت إلى شراكة تكاملية، تمثلت بـ:
- تيته تدير الحوار السياسي عبر الأمم المتحدة.
- بولس يوفر الغطاء الدولي والدعم المالي والدبلوماسي.
ووصفت المصادر ذلك بأنه "حوّل البعثة من وسيط، إلى أداة ضمن منظومة إدارة الأزمة، حيث يجتمع الدور الأمريكي والدور الأممي ضمن سياسة واحدة، هدفها تثبيت الاستقرار المرحلي، لا إنهاء الصراع"، على حد قولها.
أما الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الفيتوري فقال لـ"عربي بوست"، إنّ "الولايات المتحدة لا تتعامل مع ليبيا كملف سياسي يحتاج إلى حل، بل كمساحة نفوذ تحتاج إلى إدارة دقيقة لحماية مصالحها".
وأضاف أن "خارطة تيتيه ليست جديدة، بل نسخة معدلة من مبادرة غسان سلامة (2019–2020)، التي كانت الأكثر نضجاً وواقعية، لكن التطورات حينها أفشلتها".
وأوضح أن "شروط التسوية غير متوفرة حالياً، خصوصاً في ظل استمرار الانقسام العسكري، إذ لا يمكن تحقيق أي تقدم سياسي دون توحيد المؤسسة العسكرية".
وأشار إلى أن "تعيينات المشير خليفة حفتر التي شملت أبناءه في مواقع حساسة تعمّق الانقسام وتمنع قيام جيش موحد، لأن بقية القادة لن يقبلوا بمثل هذه الهيكلة المغلقة".
وختم بالقول إن "الاقتصاد بات أداة إدارة للصراع، فطالما أن النفط يتدفق وسعر الصرف مستقر، فلن يرى المجتمع الدولي ضرورة للحل السياسي، لتبقى ليبيا في دائرة إدارة الأزمة لا حلها"، وفق تأكيده.
وقام "عربي بوست" بمحاولة الحصول على تعليقات ورد من البعثة الأممية على هذه المعلومات، إلا أنه لم يتلق رداً.
كذلك حاول "عربي بوست" الحصول على تعليق رسمي من الجانب الأمريكي حول الموقف من خارطة الطريق الأممية، ومسار المبعوث الخاص مسعد بولس، عبر مراسلة كلٍّ من: مكتب الشؤون العامة للبعثة الأمريكية في ليبيا، والمكتب الإعلامي للسفارة الأمريكية، ومكتب المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية في واشنطن، لكن لم يتلق رداً من الجهات الثلاث، حتى موعد نشر التقرير.
دعم دولي للمسار الأممي
قال المرشح الرئاسي الفضيل الأمين لــ"عربي بوست"، إن "الموقف الدولي من خارطة الطريق الأممية واضح وقوي، وقد تجلّى ذلك في اجتماع مجلس الأمن، حيث كان هناك إجماع كامل على دعم الخريطة، وتم تمديد عمل البعثة لعام إضافي".
وأضاف أن "الممثلة الخاصة هانا تيتيه ونائبتها السيدة ستيفاني خوري تتحركان بثقة ووضوح، وبأسلوب عملي وواقعي، لتنفيذ خارطة طريق محددة العناصر والمراحل".
وردًا على سؤال عما إذا كانت الخريطة مجرّد إدارة أزمة أم مشروع حلّ سياسي جاد، قال الأمين إنّ "خارطة الطريق ليست أداة لإدارة الأزمة فقط، بل تؤكد على إنهاء الانقسام السياسي الذي دام لأكثر من عشر سنوات، وتؤكّد السير نحو الانتخابات".
واعتبر أن "الحوار المهيكل" إنما هو "إطار لمعالجة الملفات الأساسية التي أعاقت ديمومة الدولة منذ عقود، والمقاربة هنا مقاربة معالجة وحلول، لا إدارة أزمة".
وحول استقلالية البعثة أم تحولها إلى جزء من منظومة نفوذ دولي، قال الأمين إنه بالنسبة له فإنّ "البعثة تمثل منظومة الأمم المتحدة التي يقودها مجلس الأمن والجمعية العامة؛ ولا شك أن للدول دائمة العضوية صوتاً قوياً، لكن قرارات المجلس تتخذ عادةً بالتفاهم بين الأعضاء. وليبيا، كغيرها في المنطقة، تبقى ضمن دوائر نفوذ غربية بحكم الجغرافيا والسياسة".
ولفت إلى أن خطة تيتيه -برأيه- "ستحدث الاختراق المطلوب وستنجح إلى حد كبير، بغض النظر عن محاولات إفساد أو عرقلة قد تقوم بها أطراف تستفيد من الوضع القائم".
وختم بالقول إن "الأطراف الوطنية الأساسية داعمة للخطة، وترى في وحدة ليبيا واستقرارها مكسباً للبلاد والمنطقة والعالم، وهو ما يجعله حلاً رابحاً للجميع (win-win)".
وكان مجلس الأمن الدولي في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2025، اعتمد بالإجماع، قراراً يقضي بتمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (حتى 31 أكتوبر/تشرين الأول 2026)، مجددًا دعمه الكامل لجهود الممثلة الخاصة للأمين العام هانا تيتيه وخارطة الطريق التي طرحتها في أغسطس/آب الماضي، والهادفة إلى إنهاء الانقسام وتهيئة المناخ لإجراء انتخابات وطنية شاملة.
وتضمّن القرار الذي صاغته المملكة المتحدة توصيات تدعو إلى جعل الحل السياسي محور عمل البعثة، وتنفيذ المراجعة الإستراتيجية التي أوصت بتوسيع وجودها في بنغازي وسبها، وإنشاء قسم اقتصادي مخصص لدعم المسار المالي.
كما شدد القرار على تولي البعثة دوراً قيادياً في تنسيق الجهود الدولية ضمن مسار برلين، ودعم المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، مؤكداً أنه "لا حل عسكرياً في ليبيا"، مجدداً الدعوة إلى سحب القوات الأجنبية والمرتزقة وتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الموقّع في أكتوبر/تشرين الأول 2020.
ورحّبت العواصم الغربية بالقرار، إذ أكد المندوب الأمريكي دعم بلاده لخارطة الطريق الأممية، مشيراً إلى أن الهدف هو قيام حكومة ليبية موحدة قادرة على بسط السيادة وتحمل مسؤولياتها الأمنية، داعياً البعثة إلى التركيز على مهامها السياسية وتحسين كفاءتها الميدانية.
كما رحّبت بريطانيا، بصفتها مقدّمة مشروع القرار، بتجديد التفويض، معتبرة أنه "يعزز دور البعثة في دعم عملية سياسية يقودها الليبيون"، ودعت الأطراف إلى التفاعل مع خارطة الطريق لإجراء انتخابات حرة وشفافة.
أما روسيا، فقد أيّدت القرار معتبرة أنه يعكس جوهر المراجعة الإستراتيجية ويمنح البعثة "زخماً جديداً"، مطالبة بتوسيع وجودها في جميع أنحاء البلاد وتنشيط عملية برلين، إضافة إلى تسريع الحوار الليبي لإنهاء المرحلة الانتقالية.
من جانبه، أوضح المكتب الإعلامي لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، في بيان سابق، أن الخطة الجديدة تستند إلى توصيات اللجنة الاستشارية وملاحظات الليبيين، إلى جانب الدروس المستفادة من تعثر انتخابات عام 2021.
وقال إن الخطة "تهدف إلى ضمان إجراء انتخابات عامة وتوحيد المؤسسات من خلال نهج متسلسل ومدروس".
وبحسب مكتب البعثة، فإن خطة خارطة الطريق ترتكز على ثلاثة محاور رئيسية:
- إطار انتخابي فني وسياسي قابل للتطبيق.
- توحيد المؤسسات عبر تشكيل حكومة موحدة.
- تنظيم حوار مهيكل بمشاركة واسعة من مختلف المكونات الليبية.
- بالتوازي هناك مسار المحور المهيكل.
وأضاف البيان أن تنفيذ الخطة سيتم على مراحل متتابعة تمتد بين 12 و18 شهراً، بحيث تُمهِّد كل خطوة للتي تليها وصولاً إلى تنظيم الانتخابات الوطنية واستكمال عملية توحيد المؤسسات
المدير التنفيذي في مركز "ستيمسون" للعلاقات الدولية بواشنطن، حافظ الغويل قال لـ"عربي بوست"، إنّ "الأمم المتحدة عبر بعثتها إلى ليبيا ليست مستقلة في قراراتها كما يعتقد البعض، فهي تابعة لمجلس الأمن، وقراراتها مرهونة بتوافق الدول الخمس الكبرى".
لذلك فإنه يرى أن ذلك جعل "كل مبادرة أممية رهينة لتوازنات دولية، أكثر من كونها استجابة حقيقية لمصلحة الشعب الليبي".
وأضاف أن "الحديث عن استقلالية البعثة وهمٌ سياسي؛ فالأمم المتحدة لا تتحرك إلا في الحدود التي ترسمها القوى الكبرى، وغالباً ما تتحول مبادراتها إلى أدوات لإدارة الصراع بدل حله".
وعن خارطة الطريق التي أعلنتها المبعوثة هانا تيتيه، اتفق الغويل مع القول إنها "لا تعالج جوهر الأزمة الليبية، بل تُعيد إنتاجها بصيغة جديدة، إذ تقتصر على إعادة توزيع السلطة بين أطراف الأمر الواقع"، التي وصفها بـ"الفاسدة والمتورطة في جرائم، ولا تمثل الشعب الليبي، ولا تمتلك الإرادة لبناء دولة حقيقية"، وفق تعبيره.
وأوضح أن "المنظومة الدولية لم تعد بقيادة الولايات المتحدة كما كانت بعد الحرب العالمية الثانية، فواشنطن اليوم فقدت كثيراً من قدرتها على فرض إرادتها، نتيجة سياسات رئيسها دونالد ترامب، وتراجع مصداقيتها داخلياً وخارجياً".
وأشار الغويل إلى أن "المشكلة في ليبيا ليست صراعاً سياسياً على السلطة، بل غياب الدولة من الأساس، فليبيا تحوّلت إلى ما يشبه محطة بنزين على البحر المتوسط، يعيش الجميع على عائداتها دون وجود اقتصاد حقيقي أو مؤسسات مستقرة".
وختم بالقول إنّ "الأزمة الليبية لن تُحل بخطط التقاسم أو المبادرات الشكلية، بل عندما يواجه الليبيون الحقيقة: أنهم بلا دولة، وأن النفط ليس بديلاً عن المؤسسات، وأن الحل يجب أن يبدأ من الداخل لا من الخارج".
يذكر أنه في 21 أغسطس/آب الماضي، قدمت تيتيه إحاطة لمجلس الأمن الدولي أعلنت خلالها عن "خارطة طريق" جديدة ترتكز على 3 نقاط رئيسية أهمها توحيد المؤسسات من خلال حكومة جديدة موحدة بهدف إجراء انتخابات ليبية.
وتشهد ليبيا أزمة صراع بين حكومتين إحداهما حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، التي تحظى باعتراف دولي، ومقرها العاصمة طرابلس، والتي تدير منها كامل غرب البلاد.
والحكومة الأخرى عينها مجلس النواب مطلع 2022 ويرأسها حاليا أسامة حماد ومقرها بنغازي (شرقاً) التي تدير منها كامل شرق البلاد، ومعظم مدن الجنوب.
ولم تنجح ليبيا حتى الآن، في إجراء انتخابات وإنهاء الفترات الانتقالية المتواصلة منذ الإطاحة بنظام حكم معمر القذافي (1969-2011).
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة للمعلومات التي تأكدنا من مصداقيتها من خلال مصدرين موثوقين على الأقل. يرجى تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو سلامتها.