لاريجاني في بيروت.. مصادر تكشف كواليس لقاءاته مع حزب الله والمسؤولين اللبنانيين، وأهداف وتوقيت الزيارة

عربي بوست
تم النشر: 2025/10/04 الساعة 08:28 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/10/07 الساعة 08:40 بتوقيت غرينتش
تضمنت زيارة لاريجاني إلى بيروت لقاء العديد من المسؤولين/ رويترز

كشفت مصادر لبنانية لـ"عربي بوست"، ما حملته زيارة أمين عام مجلس الأمن القومي الإيراني علي لاريجاني الأخيرة إلى بيروت، بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لاغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، متحدثة عن أهدافها وكواليس متعلقة بها.

ووصفت المصادر زيارة لاريجاني إلى بيروت بأنها "أكثر من مجرد طابع رمزي أو بروتوكولي"،  وأنها "شكّلت محطة سياسية تعكس طبيعة المرحلة التي تمرّ بها إيران ومحورها، وتكشف عن مقاربة جديدة لإعادة ترتيب التوازنات في الداخل اللبناني وفي الإقليم".

وأوضحت أن "الحضور الإيراني في ذكرى اغتيال نصر الله، لم يكن على شكل رسالة تعزية أو مشاركة تقليدية في مناسبة حزبية، بل جاء مصحوباً ببرنامج مزدوج: طمأنة الحلفاء، وتحذيرهم في الوقت ذاته من الاستعداد لسيناريوهات قد تكون قاسية".

هدف زيارة لاريجاني إلى بيروت

عن هدف الزيارة، قالت إنه "لإيصال رسائل متعددة، من بينها إبلاغ حزب الله بضرورة التشدد في ملف السلاح والوجود".

وكان حزب الله رفض  قرار مجلس الوزراء اللبناني في 5 أغسطس/آب 2025، "حصر السلاح" بيد الدولة. 

وقبل وصول لاريجاني بأيام قليلة، أصدر رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف مواقف تصعيدية لافتة، حين قال إن "طريق الصواريخ إلى حزب الله ليس مسدوداً"، مضيفاً أنه لو كان مكان قيادة الحزب لكان بادر إلى إطلاق الصواريخ نحو العمق الإسرائيلي.

ووفق مصدر حكومي لبناني لـ"عربي بوست"، فإن هذا الموقف لم يكن معزولاً عن الزيارة، بل بدا كإطار تعبوي يواكب زيارة لاريجاني، ويوجه الأنظار إلى أن إيران لن تسمح بأي فراغ أو وهن في جبهة حلفائها. 

وأضاف: "كانت تصريحات قاليباف مقدمة سياسية للزيارة، تحمل رسالة مفادها أن بيروت لا تزال خطاً متقدماً في استراتيجية طهران، وأن الرد على أي تهديد إسرائيلي لن يتوقف عند حدود طهران، بل سيمتد إلى الضاحية الجنوبية وجنوب لبنان وربما أبعد".

زيارة لاريجاني إلى بيروت تضمن لقاء العديد من المسؤولين في لبنان/ رويترز
زيارة لاريجاني إلى بيروت تضمن لقاء العديد من المسؤولين في لبنان/ رويترز

انفتاح على العرب وتحضير للمواجهة

في بيروت، لم يكتف لاريجاني بالمشاركة في إحياء الذكرى، بل حرص على عقد لقاءات سياسية أبرزها مع رئيس مجلس النواب نبيه بري. 

وفقاً للمصادر ذاتها، فإن اللقاء حمل دلالات عميقة، خصوصاً فيما نقله لاريجاني عن زيارته الأخيرة للرياض ولقائه بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وهو لقاء لم يكن على جدول الأعمال الرسمي. 

ووفق ما تسرّب من محادثاته مع بري، فإن لاريجاني أكد أن الطرفين بحثا في ضرورة تبريد الجبهات وإيجاد مقاربات مشتركة لحل الأزمات المعلّقة في المنطقة، وأن الملف اللبناني شكّل محوراً أساسياً في هذه النقاشات. 

المصدر الحكومي اللبناني أفاد أيضاً بأن "لاريجاني حاول إيصال رسالة بأن طهران، على الرغم من حدّة التوتر مع الغرب وإسرائيل، لا تزال ترى في الانفتاح على الرياض مدخلاً لتخفيف الضغط على الساحة اللبنانية والعراقية، وربما منعها من الانزلاق إلى فوضى جديدة".

حول توقيت الزيارة، قال إنها جاءت "في لحظة إيرانية داخلية مضطربة، إذ تعيش طهران حالة استنفار قصوى استعداداً لاحتمالات مواجهة عسكرية مع إسرائيل أو الولايات المتحدة".

وقال: "يمكن قراءة الزيارة بأنها تأتي بنداً في خطة أوسع لإعادة ربط الحلفاء بالمشروع الإيراني، وضخ رسائل واضحة بأن أي حرب لن تكون على إيران وحدها، بل على كامل "محور المقاومة". 

وأكد أن "حضور لاريجاني إلى بيروت كان إشارة إلى أن لبنان سيكون جزءاً من هذه المعركة، وأن حزب الله يجب أن يكون في جاهزية تامة لملاقاة أي تصعيد مقبل".

لاريجاني للحزب: تشددوا وتجهزوا

بحسب المصادر التي تحدثت لـ"عربي بوست"، فإن "لاريجاني شدد في لقائه مع أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم، على أن الحرب باتت أقرب من أي وقت مضى، بعد انهيار المسارات التفاوضية مع الغرب وتحديداً مع الإدارة الأمريكية".

وأكد له أن "طهران تلقت إشارات متقاطعة بأن إسرائيل مدفوعة بدعم أمريكي تفكر جدياً بضربة عسكرية قد تستهدف منشآت نووية، وتفتح جبهات متزامنة في أكثر من ساحة، إضافة لنية رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، القيام باغتيالات تشمل مسؤولين في الصف الأول الإيراني قد يكون على رأسهم المرشد الأعلى علي خامنئي".

وفق المصادر، فإن "الرسالة إلى الحزب كانت واضحة، وهي الاستعداد للمعركة وتحضير البيئة الداخلية للحزب سياسياً وشعبياً واجتماعياً، لأن أي هجوم على إيران سيجرّ تلقائياً جبهات أخرى، ولبنان في مقدمتها".

وتابعت بأن "لاريجاني أشار إلى أنه إذا جرى وقف للحرب في غزة، فإن نتنياهو يخطط لشن حرب شاملة على لبنان، وأن الجيش الإسرائيلي أجرى مناورة مؤخراً في مناطق شمالية تحاكي عمليات إنزال وهجوم يستهدف منشآت صاروخية للحزب في شمال نهر الليطاني، أو مناطق متفرقة في البقاع اللبناني".

وأفادت بأنه من حيث التوقيت أيضاً، فإن "لاريجاني هدف في زيارته إلى بيروت إلى إعادة ترميم ما تضرر من نفوذ طهران في السنوات الأخيرة، فخروج حزب الله من سوريا أضعف البنية اللوجستية وخط الإمداد للحزب، والتوترات في العراق واليمن قلّصت قدرة إيران على إدارة تحالفاتها بسهولة". 

لذلك، فإن زيارة لاريجاني، بما حملته من أبعاد سياسية وعسكرية، "تعكس محاولة لاستعادة التوازن، وتفعيل ما يمكن تفعيله قبل أن تفرض المواجهة شروطها"، على حد تقدير المصادر. 

وأشارت في هذا الصدد، إلى أن "بيروت، بموقعها ورمزيتها، بدت المكان الأمثل لإرسال هذه الرسائل، فهي نقطة التقاء الحلفاء، وساحة مفتوحة للضغط الدولي، ومنصة لإظهار أن حزب الله لا يزال قادراً على الاستجابة لمقتضيات الاستراتيجية الإيرانية".

وكشفت عن أن "لاريجاني أبلغ حزب الله ضرورة التشدد في ملف تسليم السلاح، وخاصة في ظل إصرار أطراف داخلية على تنفيذ قرار الحكومة القاضي بحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية"، مشيراً أن "هذا الملف يدخل في إطار التسويات الإقليمية الكبرى، وخاصة أن لدى إيران قراءة توحي أن دول الإقليم تعيد التفكير الجدي بمنطق التعاطي مع الاحداث بعد العدوان الإسرائيلي على دولة قطر".

زيارة لاريجاني إلى بيروت حملت رسائل إيرانية متعلقة بمحورها وسلاح حزب الله/ رويترز
زيارة لاريجاني إلى بيروت حملت رسائل إيرانية متعلقة بمحورها وسلاح حزب الله/ رويترز

انفتاح على الدولة؟

على صعيد آخر، أشارت المصادر أيضاً إلى أن "الرسائل لم تكن موجهة لحزب الله وحده، بل أيضاً للقوى السياسية اللبنانية الأخرى"، موضحة أن "لقاءات لاريجاني الجانبية أوحت بأن إيران لا تزال حريصة على إبقاء خطوط التواصل مع الجميع، حتى مع من يعارض دورها وسلاح حليفها، وتحديداً مع رئيس الحكومة نواف سلام أو مع رئيس الجمهورية جوزيف عون".

وأكدت أن "الرسالة هنا مزدوجة، بأن إيران لن تتخلى عن حزب الله، ولن تسمح بعزله، لكنها في الوقت ذاته لا تريد انهيار الاستقرار الداخلي، لأنها تدرك أن الفوضى قد تتحول عبئاً على الحزب نفسه، وتضعف قدرته على التفرغ للمواجهة الخارجية".

في هذا السياق، أشار الباحث اللبناني ربيع دندشلي، في حديثه لـ"عربي بوست"، إلى أن "زيارة لاريجاني تبدو محاولة لاحتواء التناقضات اللبنانية قبل أن تتفجّر، ورسالة ضغط مبطن للقوى الداخلية بعدم الرهان على عزلة الحزب أو انهيار نفوذ إيران في الداخل اللبناني، وخاصة أن الحزب حرص في الذكرى السنوية لاغتيال نصرالله على حشد عدد من قيادات حلفائه في الصف الأول إلى جانب لاريجاني".

ولفت دندشلي إلى أن "طهران أرادت أن تذكّر الجميع بأن أي تسوية أو أزمة كبرى في لبنان لا يمكن أن تتجاوز حساباتها، ومن هنا، فإن حديث لاريجاني عن السعودية لم يكن مجرد تفصيل، بل عنصراً أساسياً لتأكيد أن إيران تملك مفاتيح التواصل مع أكثر من طرف إقليمي، وأنها قادرة على استثمار ذلك في الملف اللبناني".

ورأى في زيارة لاريجاني إلى بيروت، أنها "شكّلت مناسبة لإعادة تثبيت موقع لبنان في الاستراتيجية الإيرانية، كخط دفاع متقدم وكساحة اختبار لإدارة المواجهة المقبلة، وأن بيروت مرة أخرى ساحة يتقاطع فوقها الإقليمي والدولي، وهي ميدان مبكر لصراع أكبر تُحضّر له المنطقة، في ظل مؤشرات حرب باتت أكثر اقتراباً من أي وقت مضى"، على حد وصفه.

يشار إلى أن لاريجاني قام في زيارة في 27 سبتمبر/أيلول 2025، إلى بيروت، والتقى العديد من المسؤولين اللبنانيين، وشارك في مراسم إحياء ذكرى اغتيال الأمينين العامين السابقين لحزب الله حسن نصر الله وهاشم صفي الدين.

تحميل المزيد