تعيش إسرائيل منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 على وقع أزمة غير مسبوقة في سوق العمل، تفاقمت مع اندلاع العدوان على غزة وأدّت إلى نقص حاد في اليد العاملة داخل قطاعات حيوية كالبناء والصحة والتصنيع، وذلك نتيجة غياب العمال الفلسطينيين، وتراجع حضور العمالة الأجنبية، إلى جانب تغيّر تفضيلات التوظيف لدى الإسرائيليين.
وللتخفيف من حدّة الأزمة، لجأت حكومة الاحتلال إلى إجراءات عاجلة شملت رفع حصص العمال الأجانب، وتقديم حوافز مالية للمواطنين للانضمام إلى عدد من القطاعات، فضلًا عن الاستثمار في برامج التدريب المهني، غير أن الحلول طويلة المدى ما تزال غير واضحة المعالم.
نقص اليد العاملة يهدد إسرائيل
دوتان ليفي، المحرر في مجلة كالكاليست الاقتصادية، نقل عن وزارة العمل الإسرائيلية أن الحرب على غزة شكّلت صدمة لقطاعات العمل في إسرائيل بسبب النقص الحاد في الأيدي العاملة، وهي صدمة لم تتعافَ منها بعد.
ويُظهِر تحليل بيانات النقص أن أكثر القطاعات تضررًا هي الأغذية والمعادن والكهرباء، تليها قطاعات السلع الاستهلاكية، ثم الصناعات الكيميائية والصيدلانية والبيئية، إضافة إلى قطاع المنسوجات، بما يتوافق مع الحاجة الإسرائيلية المتزايدة لإنتاج الأغذية والمشروبات.
وكشف اجتماع للجنة الاقتصادية في الكنيست أن المهن العشر الأكثر طلبًا للأيدي العاملة في القطاع الصناعي تشمل: الإنتاج العام، تشغيل وصيانة الآلات، سائقي الجرافات الضخمة، المحامين، التجميع، الميكانيكا، الأقفال، إدارة المستودعات، وتقنيات الحاسب الآلي. كما أظهر استطلاع أجرته جمعية الصناعيين الإسرائيليين أن 29% من المصانع متوقفة عن العمل بشكل كامل.
وتعود هذه الأزمة إلى جملة من العوامل المتداخلة، أبرزها:
- إغلاق المعابر أمام العمال الفلسطينيين، خصوصًا من الضفة الغربية، ما حرم السوق من قوة عمل أساسية.
- عزوف جزء من الإسرائيليين عن بعض المهن نتيجة تغيّر تفضيلات التوظيف، ما أجبر الحكومة على تقديم حوافز ومنح مالية لتشجيعهم على الالتحاق بسوق العمل، ولا سيما في قطاع البناء.
- انسحاب أعداد كبيرة من العمال الأجانب بعد اندلاع الحرب، مع صعوبة استقدام بدائل لهم، وهو ما دفع الحكومة إلى رفع حصص العمالة المسموح بدخولها من الخارج.
البناء والصناعة والخدمات الأكثر تضرراً
تفاقمت أزمة نقص اليد العاملة في إسرائيل بشكل حاد منذ اندلاع الحرب على غزة، إذ تشير الإحصاءات الأخيرة إلى عجز يقدَّر بنحو 200 ألف عامل. وكان قطاع البناء الأكثر تضررًا، بعدما فقد ما يقارب 30 ألف عامل منذ بداية الحرب.
ويرى أوز ساغان، نائب رئيس النمو في شركة "نيما" التي تقدم خدمات مالية للعمال الأجانب، أن الأزمة طالت قطاعات عدة لكنها أشد وقعًا في البناء الذي كان يعتمد بدرجة كبيرة على العمالة الفلسطينية، إلى جانب سلاسل المطاعم التي بدأت مؤخرًا بالاستعانة بعمال أجانب.
في السياق نفسه، أقرّ إلداد نيتسان، رئيس جمعية شركات القوى العاملة الأجنبية في قطاع البناء، في مقابلة مع القناة 12، بوجود أزمة خانقة، مشيرًا إلى أن عدد العاملين انخفض إلى نحو 15–16 ألف عامل فقط، بعد أن كان يضم 120 ألفًا. وأكد أن المشهد يتسم بـ"الفوضى" بعد امتناع دول أجنبية عن إرسال عمالها إلى إسرائيل في ظل الحرب، ومن بينها الهند وسريلانكا والفلبين ودول من جنوب شرق آسيا وأوروبا الشرقية.
أما ديفيد ياهلومي، الرئيس التنفيذي لمؤسسة تشجيع قطاع البناء في إسرائيل، فحذّر من أزمة طويلة الأمد، موضحًا أن أكثر من 80 ألف فلسطيني لم يتمكنوا من دخول إسرائيل منذ بداية الحرب، بينما فشلت الدولة في توفير بدائل. ويرى أن الأضرار الاقتصادية المتوقعة قد تتجاوز 130 مليار شيكل، أي ما يزيد عن نصف الناتج الصناعي السنوي لإسرائيل، والمقدَّر بـ234 مليار شيكل.
من جانبه، يؤكد يوفال نيساني، الكاتب في مجلة غلوبس الاقتصادية، أن قطاعي الصناعة والخدمات تأثرا بدورهما بشكل مباشر من الأزمة، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار وتكبّد الاقتصاد خسائر واسعة، بينها تراجع الناتج المحلي الإجمالي وانخفاض إيرادات الضرائب.
أما قطاع الفنادق، فرغم أنه لم يتأثر كثيرًا حتى الآن، فإن السبب يعود إلى الانخفاض الحاد في أعداد السياح الأجانب. لكن مع انتهاء الحرب وعودة النشاط السياحي، يُتوقع أن يواجه القطاع ضغطًا متزايدًا يستدعي استقدام ما لا يقل عن 10 آلاف عامل إضافي، بحسب ما أورده ناتاي توكر في صحيفة ذي ماركر.
خصاص في قطاع التكنولوجيا
وفي تقرير لصحيفة يديعوت أحرونوت، كشف أوري شاي بيرمان عن نقص كبير في العمالة داخل قطاع التكنولوجيا، إلى جانب أزمة في قطاع المطاعم حيث وصل راتب الطاهي إلى نحو 9 آلاف دولار، وهو رقم سينعكس مباشرة على المستهلك الإسرائيلي.
عيران بار-تال، الكاتب في مجلة كالكاليست الاقتصادية، أكد أن التكنولوجيا الفائقة تُعتبر قاطرة الاقتصاد الإسرائيلي، لأن 40% من معدل نموّه كان مدفوعًا بشركاتها، لكن حرب غزة أثّرت بشكل كبير عليها نظرًا لفرض حالة الطوارئ، واستدعاء أكثر من 300 ألف من الاحتياط، ممن يمثلون 15% من موظفي شركاتها، ومن المتوقع أن يُمنى هذا القطاع بالضربة الأكبر من حيث توقف أعماله وتضررها.
وتجلّت الأزمة بشكل أوضح منذ بداية الحرب، حيث واجهت شركات التكنولوجيا تراجعًا في الاستثمارات بنسبة وصلت إلى 50%، في وقت يشغّل فيه القطاع أكثر من 400 ألف موظف يمثلون 12% من القوى العاملة في إسرائيل، وهي النسبة الأعلى عالميًا.
ومع استدعاء جنود الاحتياط، خسر القطاع ما لا يقل عن 60 ألف موظف، ما جعل مستقبل الاقتصاد مرهونًا ـ كما يقول الخبير الاقتصادي تسفي إيكشتاين ـ بعودة هؤلاء من ساحات القتال إلى مكاتبهم وحواسيبهم المحمولة.
أما يهودا شاروني، المحلل في صحيفة معاريف، فقد أشار إلى القلق المتصاعد داخل إسرائيل من موجة تسريحات واسعة في شركات التكنولوجيا، ما سيؤدي إلى تراجع دخل الدولة من الضرائب.
فقد أعلنت "غوغل" نيتها تسريح نحو 30 ألف موظف، فيما كشف مصرف "وان زيرو" الرقمي أنه سيتخلى عن 10% من موظفيه البالغ عددهم 400. وتستعد شركات أخرى لخطوات مماثلة تحت ضغط الأزمات المالية وتراجع الإيرادات.
كما أعلنت شركة "ألفابيت"، المالكة لـ"غوغل"، عن جولة واسعة لتسريح عشرات الآلاف، خصوصًا في أقسام الإعلان والتسويق، حيث يعمل نحو 2000 موظف. وتسببت خسائر الحرب وتراكم الديون في دفع بعض الشركات إلى بيع أصولها أو الخروج من السوق.
في المقابل، نقلت غاليت حاتان في صحيفة إسرائيل اليوم توصيات رؤساء الشركات التكنولوجية لمواجهة أزمة القوى العاملة، من بينها استقدام عمال تقنيين من الخارج، وتشجيع الشركات الناشئة الإسرائيلية على تسجيل نفسها كشركات أمريكية. كما أوصى بعضهم بتحويل الأموال إلى خارج إسرائيل، نتيجة تراجع الثقة بمرونتها وارتفاع المخاطر التأمينية المرتبطة بالاستثمار التكنولوجي.
الأزمة لم تقتصر على قطاع التكنولوجيا، إذ طالت قطاعات حيوية أخرى. رامي ليفي، صاحب أكبر سلسلة متاجر تسوق في إسرائيل، يقول: "أضطر إلى توظيف عمال غير محترفين، إنتاجيتهم منخفضة، ما يرفع تكلفة المعيشة. أدفع 85 شيكلًا في الساعة للعمال القادمين من الهند في قطاع البناء. عشية الحرب كنا نوظف 8000 عامل من الإسرائيليين والفلسطينيين والإريتريين، لكن مع اندلاعها بدأت أفقد نحو 500 عامل يوميًا. نحن اليوم نعيش اقتصاد الطوارئ."
ويصف موتي كوبرلي، مالك ورئيس مجلس إدارة سلسلة مطاعم "هاف فري"، حجم الأزمة من زاوية أخرى: "زبائننا يقفون في طوابير تصل إلى ساعة ونصف للحصول على وجباتهم. إذا استمر نقص القوى العاملة فلن نستطيع خدمة الزبائن في أيام العطلات. نعاني من عجز في العمال لملء رفوف الطعام، وهذا ينعكس مباشرة على تكلفة المعيشة."
آثار نقص اليد العاملة
أثّر نقص اليد العاملة في إسرائيل على الناتج المحلي الإجمالي، وتراجعت عائدات الضرائب، بالإضافة إلى ارتفاع ملحوظ في أسعار السلع والخدمات، وبطء النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات التضخم، وذلك بسبب فرض قيود على دخول العمال الفلسطينيين إلى إسرائيل، وانخفاض حاد في عدد العمال المحليين.
وكشف المدير العام لوزارة الاقتصاد، مردخاي حاغيب، عن وجود نقص في القوى العاملة في المهن غير الماهرة، وهو نقص يتزايد ليصل إلى 200 ألف عامل، إضافة إلى وجود عوائق أمام استقدام العمال الأجانب.
وبلغة الأرقام، قال المسؤول إن 10 آلاف عامل أجنبي سيضيفون 2.35 مليار شيكل إلى الناتج المحلي الإجمالي، و700 مليون شيكل من عائدات الضرائب للدولة. وقد أثّر نقص العمال الأجانب على العديد من قطاعات الاستهلاك، وهو ما أدى إلى ارتفاع الأسعار.
هذه الأزمة المتصاعدة في الأيدي العاملة رفعت دعوات لإنشاء هيئة تُعنى بالاقتصاد الإسرائيلي على مدى خمس سنوات قادمة، تهتم بنمو الإنتاج، ومعالجة نقص العمال، لاسيما في القطاع الصناعي، حيث يكثر الحديث عن الإنتاجية.
وتشكّل أزمة نقص اليد العاملة في إسرائيل عاملًا مباشرًا في ارتفاع تكاليف المعيشة، إذ إن غياب عدد كافٍ من العمال يمنع زيادة الإنتاجية، ما يؤدي إلى تراجع العرض، وبالتالي تصاعد الطلب وارتفاع الأسعار.
الهند لتعويض اليد العاملة الفلسطينية
قبل أيام، كشف كيرتي فاردان سينغ، وزير الدولة في وزارة الشؤون الخارجية الهندية، عن انتقال أكثر من 20 ألف عامل إلى إسرائيل منذ اندلاع حرب غزة، بموجب اتفاقية الإطار الثنائي الموقعة بينهما في نوفمبر 2023.
وقال الوزير إن الهدف هو استقدام عمالة هندية لسد النقص الحاد في سوق العمل الإسرائيلي، وتلبية احتياجات قطاعات البناء والرعاية التي تضررت نتيجة غياب الأيدي العاملة الفلسطينية.
وبدأت شركة Dynamic، أكبر شركة عمالة ماهرة في الهند للسوق الدولية، عملياتها في إسرائيل في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، حيث وسّعت أنشطتها لتزويد قطاع الصناعة بالعمال. وكانت قد أرسلت قبل ذلك عمال بناء لمصانع إسرائيلية مثل Tempo وTambor وDr. Gev وPhoenicia Glass.
وكشف سامير كوشلا، رئيس مجلس إدارة الشركة، عن توجه لجلب 2000 عامل هندي إضافي متخصص إلى إسرائيل بحلول نهاية عام 2025، مشيرًا إلى أن الوظائف الأكثر طلبًا تشمل: مشغلي الآلات، عمال الصيانة، الميكانيكيين، عمال صناعة الأغذية، عمال السوبر ماركت، المهندسين والفنيين، إضافة إلى عمال المستودعات والمخازن.
وعلى مدار عام ونصف منذ اندلاع الحرب، وفّرت الشركة أكثر من 5000 عامل متخصص لأكثر من 45 عميلًا في قطاع البناء، وهي بصدد جلب مئات العمال المهرة الإضافيين إلى إسرائيل.
من جهته، قال شاي كلاين، الكاتب في منصة بيزنس، إن نتائج مسح دولي جديد أجرته مجموعة ManpowerGroup كشفت عن وضع مقلق في سوق العمل الإسرائيلي، حيث أفاد 85% من أصحاب العمل بوجود صعوبة كبيرة في شغل الوظائف، وهو رقم يضع إسرائيل في المرتبة الثانية عالميًا من حيث نقص العمالة، مباشرة بعد ألمانيا التي تعاني نسبة 86%.
وفي إسرائيل يتسم الوضع بتفاقم خاص في قطاع التكنولوجيا المتقدمة، إذ أفاد 93% من أصحاب العمل أنهم يواجهون صعوبات في التوظيف، بزيادة قدرها 19% مقارنة بـ2024. كما سجّل قطاع الصحة وعلوم الحياة زيادة بنسبة 7% في صعوبة التوظيف.
ويرى درور ليتفاك، الرئيس التنفيذي لفرع المجموعة في إسرائيل، أن سوق العمل يواجه ذروة غير مسبوقة في نقص الكفاءات، حيث يجد أصحاب العمل صعوبة في شغل الوظائف الأساسية، ليس فقط في مجالات التكنولوجيا، ولكن أيضًا في القطاعات الاستراتيجية. وتبدو المهارات الأكثر طلبًا في إسرائيل في مجالات تكنولوجيا المعلومات والبيانات، الهندسة، والمبيعات والتسويق.
استدعاء جنود الاحتياط يفاقم الأزمة
وليست اليد العاملة الفلسطينية السبب الوحيد في تفاقم أزمة الإنتاج داخل إسرائيل، بل ساهم استدعاء أعداد كبيرة من جنود الاحتياط للمشاركة في الحرب ضد غزة في تراجع الإنتاج.
وهذا ما أكده شلومو ماعوز، الكاتب في صحيفة معاريف، قائلاً إن زيادة طلب الجيش على جنود الاحتياط وارتفاع وتيرة التجنيد أديا إلى نقص في العمال وتراجع النشاط التجاري، مما زاد من محنة الاقتصاد الإسرائيلي الذي لا يزال يعمل في ظروف صعبة.
وحسب بيانات مكتب الإحصاء المركزي، هناك نقص في العمال في قطاعات الجملة والتجزئة، إضافة إلى خدمات الضيافة والترفيه، وسائقي الشاحنات والحافلات، والنُدُل وسقاة الحانات، والطهاة وعمال المطابخ، وكذلك في مجالات الحاسوب والكهرباء والصناعة والإدارة والآلات.
كما يشمل النقص مطوّري البرمجيات، والمهندسين والفنيين، وفنيي الشبكات، وعمال البناء والحدادين والجصّاصين، إضافة إلى حراس الأمن وبناة المنازل وعمال صبّ الخرسانة.
هجرة كفاءات الطب والتكنولوجيا
في موازاة ذلك، يواجه قطاع الرعاية الصحية أزمة متنامية تتمثل في النقص الحاد بالأطباء والممرضات، لاسيما في المناطق النائية، إضافة إلى تراجع كبير في خدمات الصحة النفسية. وتشير المؤشرات إلى تدني معدل الأسرّة في المستشفيات مقارنة بمتوسط الدول المتقدمة وفق بيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وقد يكون أجر العامل السيريلانكي أعلى أحيانًا من أجر العامل الإسرائيلي، نظرًا لتوفير السكن والاحتياجات الأخرى، فيما تعاني المستشفيات من نقص فادح في عمال النظافة. ويظل السؤال مطروحًا: من سينظّف مراحيض المستشفيات وأسرّة المرضى المُسنّين؟
ورصد البروفيسوران ناداف دافيدوفيتش وناثان ليف، الباحثان في معهد تاوب لأبحاث السياسات الاجتماعية، تأثيرات نقص الأيدي العاملة على القطاع الصحي، وما أسفر عنه من زيادة في التكلفة الاقتصادية وتآكل الميزانيات والقوى العاملة، مما يثير قلقًا كبيرًا بشأن قدرة النظام على الاستمرار في تحمّل العبء، سواء في الأوقات العادية أو أثناء الحرب وعمليات إعادة التأهيل.
وكشف استطلاع للجمعية الطبية الإسرائيلية عن أزمة في القوى العاملة بالقطاع الصحي، ونقص في أسِرّة المستشفيات والمعدات الطبية، إضافة إلى فترات انتظار طويلة للمرضى. وقد فاقمت هذه الأزمة مشكلة نقص الموارد البشرية، حيث أفاد 135 من كبار مديري المؤسسات الصحية أن 60% من موظفيهم غادروا وظائفهم بسبب الوضع السياسي والأمني.
وأكد 69% من الأطباء المتدربين الإسرائيليين في الخارج أنهم لا يشعرون بثقة كبيرة في العودة إلى إسرائيل بعد انتهاء تدريبهم. ورغم عدم وجود بيانات دقيقة عن أعداد الأطباء المقيمين في الخارج، تقدّر وزارة الصحة عددهم بـ3700 طبيب، دون خطة واضحة لعودتهم.
وتكتسب قضية الأطباء الإسرائيليين في الخارج أهمية خاصة في ظل تأثير الحرب على هجرة الكوادر الطبية وتفاقم ظاهرة "هجرة الأدمغة". ورغم التعبئة الواسعة للكوادر الطبية في بداية الحرب، إلا أن شكاوى بدأت تظهر في المؤتمرات المهنية بشأن موجة هجرة عكسية، كان أبرزها رحيل عشرات الخبراء في مجال الطب النفسي، الذي يعاني بالفعل من أزمة حادة في الكوادر، خصوصًا في مجال الصحة النفسية.