- مخاوف من اندلاع الاشتباك ثاني أيام العيد
- التدخل التركي.. وساطة أمنية "تنقذ الموقف مؤقتاً"
- الرئاسي الليبي يتحرك لوقف عودة اشتباكات طرابلس في العيد
- أزمة داخل المجلس الرئاسي
- وزارة الدفاع والداخلية: دعم لخطة المنفي والدبيبة
- جهاز الردع يرحب بالقرار
- الجويلي يعود عبر الرئاسي… واللواء 444 يترقب
- طرابلس هادئة فوق صفيح ساخن
- "جهاز الردع لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب"
- اللواء 444 قتال
- ما الذي يحدث في طرابلس؟
كشفت مصادر حكومية وعسكرية في العاصمة الليبية لـ"عربي بوست"، عن أن الحكومة التي يقودها عبد الحميد الدبيبة، كانت تتجهز لاستئناف المعركة ضد "جهاز الردع"، وذلك في ثاني أيام عيد الأضحى، الأمر الذي يثير مخاوف من عودة اشتباكات طرابلس في العيد.
بحسب المصادر، فإنه "حصل توافق بين الحكومة وجهاز الردع على عدم حدوث أي اشتباكات مسلحة في أول أيام عيد الأضحى على الأقل، وأن الأزمة هذه التي كادت أن تنفجر، جرى احتواؤها مؤقتاً عبر تدخل مباشر من جهاز المخابرات التركي، لكنها لم تُحل".
مخاوف من اندلاع الاشتباك ثاني أيام العيد
بحسب المصادر ذاتها التي طلبت عدم نشر اسمها، فإن اللواء 444 التابع للحكومة في طرابلس، كان يخطط للقيام بعملية سريعة ضد جهاز الردع في ثاني أيام العيد، مفضلاً تجنب أول أيام العيد، على حد قولها.
وخاض التشكيلان العسكريان "اللواء 444 قتال" التابع لحكومة "الوحدة الوطنية المؤقتة" بقيادة محمود حمزة، وقوات "جهاز الردع" بإمرة عبدالرؤوف كارة ومقرها قاعدة معيتيقة وهو مقرب من المجلس الرئاسي الليبي، جولات عديدة من النزاعات المسلحة، كان بعضها ينتهي بالتصالح العلني، كما حدث في مايو/أيار 2024، ومؤخراً في مايو/أيار 2025، انتهى في 15 من الشهر ذاته إلى وقف لإطلاق النار.
لكن في الوقت الذي يستعد فيه الليبيون لاستقبال عيد الأضحى، تعيش العاصمة طرابلس على وقع الاحتقان السياسي والأمني غير مسبوق منذ سنوات، في إطار التنافس على النفوذ في طرابلس.
في الأسبوع الأخير من مايو/أيار 2025، بدأت مؤشرات التصعيد بالظهور في طرابلس من خلال تحركات مسلحة، وبلاغات متكررة عن استنفارات في الفرناج، وطريق المطار، وسوق الجمعة، بحسب مصادر أمنية تحدثت إلى "عربي بوست".
وأضافت المصادر الأمنية أن "التوتر نجم عن رغبة محمود حمزة -أحد أبرز قادة القوات الحكومية- في تنفيذ عملية عسكرية ضد جهاز الردع، الذي يتهمه بأنه يتصرف خارج الشرعية، ويرفض الخضوع لأوامر وزارة الداخلية والدفاع".
في المقابل، اتخذ جهاز الردع إجراءات استباقية، عزز من انتشاره، وتمركز في نقاط استراتيجية داخل العاصمة، ووجّه رسائل ضمنية بأن أي محاولة اقتحام أو نزع سلاح بالقوة ستُقابل برد مباشر.

التدخل التركي.. وساطة أمنية "تنقذ الموقف مؤقتاً"
في ظل تسارع التوترات، وصلت إلى مطار معيتيقة الثلاثاء 3 يونيو/حزيران 2025، طائرة خاصة تقل رئيس جهاز المخابرات التركي، إبراهيم كالين، الذي دخل في سلسلة لقاءات مغلقة مع الطرفين.
بحسب المصادر الحكومية، فإن الجانب التركي طلب من الطرفين "لا اشتباك قبل العيد. والتهدئة ضرورية، لأننا نُجهز لمبادرة سياسية وأمنية ترعاها أنقرة بشكل مباشر".
وأضافت المصادر أنه "حدث لقاء استخباري تركي أيضا مع جهاز الردع، الذي نقل مسؤولوه للمخابرات التركية موافقتهم على أي تسوية أو ترتيب أمني، بشرط إقصاء عبد الحميد الدبيبة من رئاسة الحكومة".
أما في لقاء كالين مع مسؤولي الحكومة في طرابلس، "فقد عبّر الدبيبة عن غضب شديد من موقف أنقرة الذي اعتبره غير داعم لحكومته"، بحسب المصادر ذاتها.
لكن في حين بدت العاصمة الليبية طرابلس تتجه إلى سيناريو تصادم مفتوح، "إلا أنه مع التدخل الطارئ من أنقرة دفع كافة الأطراف بالقبول بتأجيل الانفجار إلى ما بعد العيد، بانتظار تسوية غامضة المعالم ومفتوحة الاحتمالات"، وفق المصادر.
الرئاسي الليبي يتحرك لوقف عودة اشتباكات طرابلس في العيد
وسط هذه الأجواء من التوتر، أصدر رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي قرارين مهمين:
– الأول: تشكيل لجنة أمنية عسكرية مؤقتة برئاسته أو من ينوبه، تضم ممثلين عن وزارة الداخلية، وزارة الدفاع، وجهاز الردع، والمنطقة العسكرية الساحل الغربي.
– الثاني: تشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول أوضاع السجون، برئاسة قاضٍ، وتضم ممثلين عن وزارات العدل، الداخلية، مكتب النائب العام، نقابة المحامين، والمجلس الرئاسي.
أشار المنفي إلى أن القرارين تم أقرارهما بالتنسيق مع رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة.
في المقابل، لم يمر وقت طويل حتى ردت حكومة الوحدة الوطنية على ما وصفته بـ"محاولة اختطاف القرار"، عبر نشر مخاطبة رسمية مؤرخة يوم الاثنين، يُطالب فيها الدبيبة المجلس الرئاسي بتشكيل اللجنتين، الأمنية والحقوقية.
أزمة داخل المجلس الرئاسي
على صعيد متصل، أصدر عبد الله اللافي، نائب رئيس المجلس الرئاسي، بياناً عبر فيه عن غضبه ورفضه لكامل قرارات المنفي، واصفاً إياها بـ"الانفرادية وغير الشرعية".
اللافي اعتبر أن صفة "القائد الأعلى" لا يجوز لأي طرف استخدامها منفرداً، وأنها صفة تُسند للمجلس مجتمعاً.
وأضاف أن المنفي والدبيبة تجاوزا التوازن السياسي عبر التنسيق الثنائي، متجاهلين وجود ممثل للمنطقة الغربية.
ويتكون المجلس الرئاسي الليبي من 3 أعضاء يمثلون الأقاليم الليبية الثلاثة، وهي: طرابلس (المنطقة الغربية)، برقة (المنطقة الشرقية)، وفزان (المنطقة الجنوبية).
تابع اللافي بأن خطوات المنفي والدبيبة تقوّض التهدئة، وتؤدي إلى إعادة الاصطفاف العسكري داخل العاصمة، كما أنه حمّل الطرفين المسؤولية السياسية والأمنية عن أي تطورات سلبية قادمة.
وزارة الدفاع والداخلية: دعم لخطة المنفي والدبيبة
في المقابل، أعلنت وزارة الدفاع ووزارة الداخلية في بيانات منفصلة، ترحيبهما الكامل بتشكيل اللجنة الأمنية، واعتبرتا ذلك خطوة ضرورية لبسط سيادة الدولة داخل العاصمة.
وأكدتا التزامهما بتنفيذ خطة "إخلاء طرابلس من المظاهر المسلحة"، بالتعاون مع اللجنة المؤقتة.
يذكر أن وزارتي الداخلية والدفاع تتبعان حكومة الدبيبة إدارياً ومالياً.
جهاز الردع يرحب بالقرار
في تحول مفاجئ، أصدر جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة بياناً رسمياً أعرب فيه عن ترحيبه الكامل بتشكيل اللجنة الأمنية.
وأكد في بيانه:
– التزامه الكامل بالتعاون والتنسيق مع كافة الجهات الأمنية والعسكرية.
– رفضه لأي مظاهر فوضى أو تمرد مسلح داخل العاصمة.
– استعداده لتنفيذ المهام الموكلة إليه من المجلس الرئاسي والجهات السيادية.
– شكره للأطراف المحلية والدولية التي ساهمت في تثبيت وقف إطلاق النار.
الجويلي يعود عبر الرئاسي… واللواء 444 يترقب
في الوقت ذاته، علمت "عربي بوست" أن المجلس الرئاسي أصدر قراراً بترقية أسامة جويلي إلى رتبة فريق، تمهيداً لتعيينه آمراً لغرفة عمليات الترتيبات الأمنية في طرابلس.
بحسب مصادر عسكرية، فإن جويلي، المعروف بخلافه العميق مع اللواء 444، قد يجد نفسه في موقع مواجهة غير مباشرة مع هذه القوة المسلحة التابعة هي الأخرى للرئاسي.
طرابلس هادئة فوق صفيح ساخن
رغم التصريحات الهادئة، والترحيب العلني من مختلف الأطراف، إلا أن الأزمة لم تنتهِ، بحسب المصادر التي تحدثت لـ"عربي بوست" في هذا التقرير، التي أوضحت أنه "على العكس، دخلت في الأطراف المتحاربة مرحلة إعادة تموضع، بانتظار لحظة سياسية أو أمنية تُعيد فتح الاشتباك".
وأكدت المصادر الحكومية والعسكرية أن الوضع في طرابلس، حتى اللحظة، هو أشبه بـ"هدنة فوق برميل بارود"، وأن "الانفجار قد يحدث إذا أخطأ طرف ما في تقدير اللحظة التالية".
"جهاز الردع لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب"
ترجع نشأة هذا الجهاز إلى الفترة التي تلت سقوط نظام القذافي عام 2012، حيث كان عبارة عن سرية تتبع المجلس العسكري ببلدية سوق الجمعة في العاصمة طرابلس، ثم صار قوة تحت مسمى "قوة الردع الخاصة" تتبع وزارة الداخلية بقيادة الملازم عبد الرؤوف كارة ذي التوجه السلفي.
أعاد المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني عام 2018 هيكلة قوة الردع الخاصة تحت جهاز أمني جديد أسماه "جهاز الردع لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب"، ومنحه صلاحيات موسعة،و بات محسوباً على المجلس الرئاسي.
يتخذ جهاز الردع من "مجمع معيتيقة" الواقع شمالي طرابلس مقراً له، وامتد نطاق نفوذه بعد الاشتباكات التي خاضها في يوليو/تموز 2022 ضد كتيبة ثوار طرابلس، إلى بلدية سوق الجمعة وطريق الشط، إلى طرابلس المركز والفرناج وعين زارة.
وكان الجهاز يسيطر على مؤسسات حيوية عدة، مثل مصرف ليبيا المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط ومبنى الإذاعة والتلفزيون بزاوية الدهماني ووزارة الخارجية وجامعة طرابلس، بالإضافة إلى عدة وزارات ومؤسسات حكومية أخرى، وذلك حتى عام 2019 ثم انحصر نفوذه وباتت هذه المؤسسات تحت السيطرة الإدارية للحكومة، والسيطرة الأمنية لجهاز الردع.
لكن التقديرات تتحدث عن أن نفوذ جهاز الردع يصل إلى نصف مساحة طرابلس، مقابل النصف الآخر من العاصمة للحكومة.

اللواء 444 قتال
لواء يتبع لمنطقة طرابلس العسكرية، أسّس عام 2020 عقب هزيمة قوات حفتر في حربها على طرابلس، بعد انفصاله عن "قوة الردع الخاصة".
كان اللواء في الأصل فرقة تدعى "20-20" يرأسها اللواء محمود حمزة، ودخلت هذه الفرقة الحرب ضد قوات حفتر في منتصف يونيو/حزيران 2019، بعد امتناع غالبية قوة الردع الخاصة عن المشاركة في صد هجوم حفتر على طرابلس.
يتمركز اللواء في معسكر التكبالي جنوب العاصمة طرابلس، وبات اللواء تابعاً لوزارة الداخلية التابعة إدارياً ومالياً لحكومة الدبيبة.
ينتشر هذا اللواء من منطقة صلاح الدين وطريق الشوك، وحتى بلديات جنوب طرابلس المتمثلة في قصر بن غشير والسبيعة وسوق الخميس أمسيحل، ويمتد نفوذه خارج العاصمة إلى الجنوب الشرقي في ترهونة وبني وليد والقريات ومزدة، وملأ الفراغ الأمني الذي تركه انسحاب مليشيا الكاني الموالية لحفتر في ترهونة بعد هزيمتها في الحرب.
ما الذي يحدث في طرابلس؟
اندلعت معارك داخل العاصمة طرابلس في مايو/أيار بين قوات "جهاز الردع" بإمرة عبد الرؤوف كارة، المحسوبة على المجلس الرئاسي، وقوات "اللواء 444 قتال"، التابعة لوزارة الداخلية، وذلك بعد إصدار الأخيرة قرارات بإعادة هيكلة بعض الأجهزة الأمنية في العاصمة وإبعاد قادتها.
حدثت الاشتباكات بعد يوم واحد من مقتل القائد الميداني عبد الغني الككلي (غنيوة) في اجتماع رسمي بمقر "اللواء 444″، وسيطرة الحكومة على جميع مقراته الأمنية.
كان الككلي يُعدّ شخصية بارزة تولت قيادة جهاز دعم الاستقرار، ومنصب رئيس جهاز الأمن التابع للمجلس الرئاسي، الأمر الذي اعتبره البعض محاولة من رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة لتوسيع سيطرته على المنطقة الغربية بالكامل.
تمكنت وزارة الدفاع بحكومة الوحدة الوطنية من تنفيذ وقف لإطلاق النار رسمياً، من خلال نشر وحدات أمنية محايدة في عدد من نقاط التماس، لتجنب المزيد من الخسائر.
وما تزال المخاوف حاضرة من عودة الاشتباكات المسلحة بين جهاز الردع واللواء 444، رغم الوساطة التركية لوقف التصعيد.
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة للمعلومات التي تأكدنا من مصداقيتها من خلال مصدرين موثوقين على الأقل. يرجى تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو سلامتها.