أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بينيت نفتالي تشكيل حزب سياسي جديد باسم مؤقت "بينيت 2026″، تمهيداً لخوض الانتخابات المتوقعة في مارس/آذار المقبل، وسط ترجيحات بأن يلقى دعماً سياسياً وحزبياً واسعين، وقد يصبح التكتل الأكبر في الكنيست، ما يرشحه ليكون صاحب الحظوة الكبرى لنيل مقعد رئاسة الحكومة، الأمر الذي أشعل أضواءً حمراء في حاشية رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، خاصةً أن بينيت يفكر بضم بعض من مساعدي الأخير السابقين.
السطور التالية تقدم صورة بانورامية عن بينيت، ومدى فرص نجاح حزبه الجديد، وإمكانية أن يضم قادة من الليكود واليمين لصفوفه، وحجم الخطر الذي يشكله على نتنياهو، ومدى فرصه المتوقعة في الانتخابات المقبلة، وأبرز شركائه الجدد، وإمكانية استغلاله لتراجع المعارضة في أدائها، لكسب مزيد من أصواتها بجانبه..
من هو صانع الملوك
ترأس بينيت، 53 عاماً، حكومة التغيير بالتناوب مع يائير لابيد في 2022-2023، وهو عضو سابق في وحدة النخبة لهيئة الأركان العامة، ويتحدث الإنجليزية بطلاقة، وعلى النقيض من نتنياهو، لا توجد دراما مستمرة حوله وحول عائلته من الفضائح والجرائم، وقدراته التكنولوجية ناجحة.
تسلق بينيت، المولود لأبوين يهوديين أمريكيين، قمة الهرم السياسي بسرعة عبر حزبه السابق "يمينا"، بسبب تاريخه العسكري، وتحقيقه ثروة طائلة في مجال الشركات التقنية تزيد عن 150 مليون دولار، ويُعرف بالتزامه الديني المعلن، وممارسته شعائر الديانة اليهودية، خلافاً لكل من شغلوا منصب رئاسة الوزراء في إسرائيل، لكنه في الوقت ذاته نال انتقادات لاذعة من أحزاب اليمين المتشدد بسبب نمط التزامه الديني الموصوف بأنه "متدين لايت"، ووصفوا إبرازه لمظاهر دينية معينة مثل "الكيبا" على الرأس نوعاً من النفاق، فضلاً عن كون زوجته علمانية، ويصافح النساء، ولا تعنيه الأسئلة حول مكانة الدين في الدولة، وأفكاره ليبرالية فيما يتعلق بقضايا المثليين.
יש 3 דברים שאתם צריכים להבין ולזכור כשמדברים על פרשיית קטאר, ולא משנה כמה ספינים ינסו להאכיל אתכם:
— Naftali Bennett נפתלי בנט (@naftalibennett) April 5, 2025
1. קטאר היא המנוע העיקרי של חמאס.
2. יועצי רה״מ עבדו בשבילה ולא בשבילנו.
3. וכל זה קרה בזמן מלחמה בה נלחמים ילדינו.
*
אסביר:
1. קטאר היא המנוע העיקרי מאחורי חמאס.
היא מימנה את…
يمثل بينيت الجيل الثالث من قادة الاحتلال بعد الآباء المؤسسين، ثم جيل نتنياهو وأولمرت وباراك، واللافت أن بينيت هو أحد مساعدي نتنياهو وتلاميذه، وقد شغل خمس حقائب وزارية، بينها الحرب والاقتصاد والتعليم، وترأس في سنوات سابقة المجلس الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة الذي يعمل لصالح المستوطنين اليهود.
على الصعيد الاقتصادي، يقدم بينيت نفسه كمن يحمل حلولاً لاقتصاد الاحتلال المتضرر بسبب الحرب، واقترح في حملة انتخابية سابقة النموذج السنغافوري، متعهداً بخفض ضريبي، والتقليل من البيروقراطية، ويتهم الحكومة بإفشال الاقتصاد بسبب سياساتها المالية التي تتبعها، وتوزيع الميزانيات بشكل لا يخدم الدولة، مستذكراً تخفيض تصنيفها الائتماني من ثلاث شركات عالمية، وهو أمر غير مسبوق في تاريخها، ما يجعله النسخة المصممة خصيصاً لاستبدال نتنياهو.
الاستفادة من أخطائه السابقة
ظهر بينيت على الساحة الحزبية لأول مرة في انتخابات 2013، على رأس قائمة تضم غالبية أحزاب اليمين الاستيطاني الديني، وركيزته آنذاك حزب "المفدال" التاريخي بتسميته الأخيرة: "البيت اليهودي"، لكنه سرعان ما اضمحل، ثم خاض حملاته الانتخابية حتى عام 2021 بتشكيلات متعددة، حين نجح في استبعاد الليكود نتنياهو عن الحكم، وهي المرة الأولى في تاريخ السياسة الإسرائيلية التي يتولى فيها رئيس كتلة صغيرة نسبياً رئاسة الحكومة، التي انهارت كلياً بعد عام بالضبط، بفعل تشققات داخلية.
مع أن بينيت يسعى في مشواره السياسي الجديد لاستخلاص الدروس والعبر من أخطائه السابقة التي أودت به خارج المشهد السياسي، حين فشل على جميع الجبهات، وتحطمت آماله على صخرة الواقع، لأنه خرق وعوده لناخبيه من اليمين، وتسبب باضطراب أيديولوجي مفاجئ، واتهمه فريق نتنياهو بارتداء الأقنعة المزيفة.
مع العلم أن بينيت أنهى حقبة حكومية هي الأقصر في تاريخ الدولة، لم تزد عن 381 يوماً، شهدت سلسلة أزمات وإخفاقات: داخلية وخارجية، وليس سراً أنه سيجتهد هذه المرة ليثبت لخصومه أنه لم يعد عديم الخبرة السياسية، وأنه جدير بمنصب رئيس الحكومة، رغم الجهود الكبيرة التي سيبذلونها لوضع المزيد من العصي في دواليب حزبه الجديد.
للتذكير فقط، فقد شهد عهد بينيت القصير سلسلة استقالات متلاحقة في مكتبه، ما أشاع مشاهد الفوضى التي وصلت إلى مستويات لا تُطاق، لأنه لم يتدخل لوقفها، ولم يطرق على الطاولة، ولم يتخذ قرارات حاسمة، حتى وصل الأمر إلى انفراط عقد مكتبه، ووقوعه في العديد من المواقف المحرجة، وأصبح من المستحيل إدارته وتنظيمه، بالتزامن مع عدد ليس قليلاً من ارتفاع مستويات العداء والكراهية والافتراء داخل طاقمه الضيق المحيط به.
نقاط قوة بينيت هي ذاتها نقاط ضعف نتنياهو
تؤكد القراءات الإسرائيلية أن حزب بينيت الجديد يحوز على العديد من نقاط القوة التي تؤهله لأن يشكل خطراً جدياً على نتنياهو، مع تزايد التقديرات بحلّ الكنيست في بداية دورتها الشتوية في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، والتحضير لانتخابات مبكرة ستُعقد في مارس/آذار 2026، ما يعني دخول إسرائيل عملياً سنة انتخابية، ومن أهم هذه النقاط:
من المتوقع أن يكون صعود بينيت على حساب حزب الليكود الحاكم ورئيسه نتنياهو، بحيث سيأخذ من رصيده في الكنيست، وسيعمل على تغيير ميزان القوى للأحزاب الإسرائيلية، لأن نفوذ بينيت واضح بشكل خاص بين شركائه السابقين: يسرائيل بيتنا، ومعسكر الدولة، يوجد مستقبل، والديمقراطيين، وكل هذه الأحزاب ستضعف إذا عاد للساحة السياسية.
נפתלי בנט יוצא לדרך.
— שירית אביטן כהן Shirit Avitan Cohen (@Shiritc) April 1, 2025
"ראש הממשלה לשעבר, נפתלי בנט, רשם היום ( ג׳) מפלגה תחת השם הזמני: "בנט 2026". אם וכאשר יוחלט על התמודדות לבחירות בפועל, תצא הודעה בעניין".
تبدو بورصة الأسماء المرشحة للانضمام للحزب الجديد دسمة وثقيلة العيار، وكلهم من خصوم نتنياهو الألداء، على رأسهم: وزيرة القضاء السابقة أياليت شكيد، وسط تسريبات بإمكانية نشوء تحالف مع وزير الحرب الأسبق أفيغدور ليبرمان، عدو نتنياهو اللدود، رئيس الموساد السابق يوسي كوهين، مع إشارة لرئيس الأركان السابق غادي آيزنكوت، الذي يخوض صراعاً صامتاً حالياً مع شريكه بيني غانتس، وهذه الأسماء تجعلنا أمام القائمة الأكبر في الكنيست في حال انخراطها في حزب واحد، لأنها تتمتع بوزن سياسي وأمني كبير، وتشكل تهديداً فعلياً لنتنياهو، لأنها قد تحصل على 34 مقعداً، ما يعني هزة أرضية حقيقية!
يصف الإسرائيليون بينيت بأنه العائق الوحيد في طريق نتنياهو لتولي ولاية أخرى، ويشكل سبباً وجيهاً لقلقه، لأنه يميني، ومعارض شديد للدولة الفلسطينية، ومؤيد لإجراء إصلاحات قضائية، لكنه ضد تدمير الدولة، والتحريض، والمس بجهاز الأمن، وتخريب الاقتصاد.
تتخوف حاشية نتنياهو من امتلاك بينيت للكثير من الأسلحة ضده، أهمها:
- الفشل في التصدي لهجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول
- دعم تهرب الحريديم من التجنيد في صفوف الجيش
- التخلي عن مسؤوليته الأخلاقية والسياسية عن المختطفين في غزة
- احتجاجه على عنف الشرطة ضد عائلاتهم التي تتظاهر أمام مكاتب رئاسة الحكومة وداخل الكنيست
- إقرار حكومته لميزانية "العار"، والفساد المتفشي في مكتب نتنياهو
يرى الكثير من أعضاء الليكود أن بينيت ذو أهلية وكفاءة أكثر من نتنياهو المثقل بفضائح الفساد، فيما لا يظهر في سيرته الذاتية أي قضايا من هذا النوع، وبينما يوجد يائير نجل نتنياهو في الولايات المتحدة، ويعيش حياة الرفاهية، فإن نجل بينيت يخدم في غزة ضمن وحدة كوماندوس مختارة، وتطوع لترميم مستوطنات غلاف غزة بعد هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
تمنح استطلاعات الرأي لـ"بينيت" فرصة الحصول على 29 مقعداً في الكنيست، وتشكيل ائتلاف من 67 مقعداً، فيما الليكود برئاسة نتنياهو سيحصل على 21 مقعداً فقط، ولن يستطيع تشكيل تحالف يزيد عن 55 مقعداً فقط، ما يظهره أكثر ملاءمة لرئاسة الوزراء من الأخير، حيث منحته آخر استطلاعات الرأي أفضلية بنسبة 40% لقيادة الدولة مقابل 29٪ لنتنياهو.
المواقف السياسية والرؤى الأيديولوجية
منذ هجوم حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، أجرى بينيت مقابلات موسعة في وسائل الإعلام الأميركية والدولية، واصطف بجانب الداعين لضرب غزة بقوة، لكنه أصدر لاحقاً انتقادات بشأن طول فترة الحرب، كما قام بعشرات الجولات الميدانية في مستوطنات الشمال والجنوب، ما أدى لتقريب قادة المجالس المحلية منه، عبر عقد اجتماعات شخصية وجهاً لوجه معهم، استمع فيها إلى شكاواهم من تقصير الحكومة تجاههم، ومقاطعة نتنياهو لهم، وعدم الاستماع لمعاناتهم عقب إجلائهم من المستوطنات.
سعى بينيت للاستفادة من حرب غزة كونه خارج المشهد السياسي الحزبي، ما أعطاه قوة، بعكس كل الفاعلين الحاليين الذين كانوا جزءاً منها، سواء المعارضة التي لم تعمل على إسقاط الحكومة، أو الائتلاف الذي أخفق في تحقيق أهداف الحرب والانتصار فيها، وقد ساهم الموقفان: المعارضة والائتلاف، في استنزاف قوتهما لصالح بينيت الذي ظلّ "نظيفاً" من مسؤولية الحرب وتداعياتها السلبية على الجمهور الإسرائيلي.