لا يزال ملف طلبة الطب في المغرب معقداً لم يجد له الأطراف المتشابكة حلاً، وذلك بعد مرور حوالي سنة على قطيعة الطلبة للدروس والامتحانات والتدريبات الاستشفائية، في الوقت الذي تتمسك فيه الحكومة بهيكلة النظام الجديد للدراسات الطبية والصيدلية، الذي يرفضه الطلبة.
وخاض المئات من طلبة شعبة الطب الأربعاء 25 سبتمبر/ أيلول 2024 اعتصاماً ليلياً في العاصمة الرباط، انتهى بفض أمني بالقوة بعد مواجهات بين المعتصمين والسلطات التي تدخلت لتفريق آلاف المحتجين، كما تم اعتقال عدد من الطلبة وتقديمهم أمام النيابة العامة.
وفي مدينة الدار البيضاء، التي تضم أكبر عدد من طلبة كليات الطب في المغرب، خاض "أطباء الغد" اعتصاماً ليلياً الخميس 26 سبتمبر/ أيلول 2024 احتجاجاً على استمرار الحكومة في رفض مطالبهم، ورفضاً للمقاربة الأمنية التي شهدها اعتصام العاصمة الرباط ضد زملائهم.
وجرت تقديم 27 طالب طب بكلية الرباط وأطباء داخليين ومقيمين أمام النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بالرباط، في حالة سراح، على خلفية الوقفة الاحتجاجية التي جرى تنظيمها أمس الخميس أمام المستشفى الجامعي بالرباط.
وكان من المقرر أن يخوض حوالي 17 ألفاً من طلبة الطب والصيدلة في المغرب اعتصاماً مفتوحاً أمام كليات الطب والصيدلة لمدة 12 ساعة، احتجاجاً على عدم استجابة وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار لكافة مطالبهم.
بدأت الأزمة بين طلبة الطب والصيدلة بعدما قررت وزارتا التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار والصحة هيكلة النظام الجديد للدراسات الطبية والصيدلية بالمغرب، الأمر الذي اعتبرته اللجنة الوطنية للطلبة قراراً أحادياً، غابت فيه النصوص التنظيمية والقانونية والتنزيل الفعلي على أرض الواقع، ومسا بالقيمة المعنوية لدبلوم الدكتوراه في الطب.
جاء في هيكلة النظام الجديد للدراسات الطبية والصيدلية قرار حكومي يقضي بتقليص سنوات الدراسة بالنسبة لشعبة الطب إلى 6 سنوات عوض 7 سنوات، وهو القرار الذي يرفضه الطلبة، ويطالبون بإبقاء السنة السابعة في التكوين، التي تساهم في تحسين الجودة.
وتبرر الوزارة قرار تقليص سنوات الدراسة بالخصاص المهول الذي تعرفه المملكة في عدد الأطباء، ووقفات احتجاجية وإضرابات وطنية شاملة عن الدروس النظرية والتطبيقية والتداريب الاستشفائية.
اقرأ أيضاً
50 طلباً للطلبة
منذ الإعلان عن القرار الحكومي بخصوص هيكلة النظام الجديد للدراسات الطبية والصيدلية في المغرب، أعلن الطلبة تشبثهم بدفتر الضوابط البيداغوجية القديم معتبرين أن الهيكلة الجديدة لم تأتِ بجديد سوى تقليص سنوات الدراسة.
بالإضافة إلى رفضهم تقليص سنوات الدراسة، يعرض طلبة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان في المغرب على الوزارة المعنية ملفاً مطلبياً يتألف من 10 محاور وأزيد من 40 مطلباً.
ومن بين مطالب طلبة الطب في المغرب وقف الزيادة في عدد الوافدين الجدد إلى كليات الطب، نظراً لغياب القدرة الاستيعابية فيما يخص أراضي التداريب الاستشفائية، وسعة المدرجات وقاعات الدراسة، مما يؤثر سلباً على التكوين النظري والتطبيقي، حسب تعبيرهم.
هذا البند وافق عليه طلبة شعبة الصيدلة في اتفاق بينهم وبين الوزارة الوصية، التي قالت إن زيادة عدد الطلبة الجدد متعلقة بالسياسات الحكومية العمومية في مجال الصحة وبالخريطة الصحية في البلاد، واحتياجات المواطنين للدواء، وتعهدت بمعالجة الاكتظاظ بالكليات وأراضي التداريب بطريقة مستعجلة.
وكذلك من الأمور التي جاء بها الملف المطلبي لطلبة شعبة الطب إعادة النظر في ظروف وكيفية اجتياز مباراة الولوج والانتقاء، بالإضافة إلى مراجعة كل التقييدات البيداغوجية والإدارية المتعلقة بالأطروحات.
كما يطالب طلبة الطب بإعادة النظر في الوضعية القانونية للمقيم، وهو طبيب حديث التخرج تحت التدريب، وذلك داخل وخارج المراكز الاستشفائية، من تفعيل التغطية الصحية الإجبارية بصفة مستمرة وتلقائية طوال مدة التكوين، واستفادة الطالب من مجانية العلاج في المراكز الاستشفائية الجامعية التي يعمل فيها.
بالإضافة إلى استفادته من جميع الأحكام المتعلقة بالحماية الموسعة من حوادث الشغل، والأمراض المهنية، وتأمين شامل مجاني. وإعادة النظر في طريقة تسيير ومعالجة التعويضات عن المهام عبر نظام معلوماتي، بحيث يتم صرفها شهرياً.
تنزيل وضعية قانونية جديدة تخدم مصلحة الطالب فيما يخص التأمين الصحي والتعويضات والمنح الجامعية، وذلك من خلال الزيادة في التعويضات عن المهام بالنسبة لطلبة السنة الثالثة إلى السنة السابعة على اختلاف شعبهم، وإخراج هيكلة السلك الثالث بإشراك ممثلي اللجنة الوطنية كما تم الاتفاق عليه في محضر سنة 2019.
فيما يتعلق ظروف وكيفية اجتياز مباراة الولوج والانتقاء، يرى الطلبة أنه من الضروري إعادة النظر في عتبة الانتقاء لاجتياز المباراة، وذلك بالرفع من المعدل المطلوب الذي حددته الوزارة في 12 قبل أن ترفعه إلى 13 هذه السنة، ووقف الاختلالات التي تطال هذه الانتقاءات من غش ومتاجرة بعض الأساتذة في الامتحانات.
اقرأ أيضاً
عرض الوسيط قوبل بالرفض
قدمت مؤسسة وسيط، مؤسسة وطنية رسمية تُعنى بالدفاع عن الحقوق في نطاق العلاقات بين الإدارة والمرتفقين، عرضاً وزارياً لطلبة كليات الطب والصيدلة شعبة الطب، فيما تم الوصول إلى اتفاق مع طلبة الصيدلة، لكنه قوبل بالرفض من طرفهم، حسب ما أعلنوه بشكل رسمي في بلاغ اللجنة الوطنية.
أبقى تخفيض مدة التكوين من سبع إلى ست سنوات (تطبيق دفتر الضوابط البيداغوجية الجديد (4+2) أي أربع سنوات للدروس وسنتين للتدريب على الدفعات الجديدة فقط).
تم الاتفاق على أن تخضع الدفعات الخمس الحالية لتكوين قدره ست سنوات (5+1) مع الحق في سنة من التداريب الاستشفائية التطوعية، أي أن الدبلوم سيبقى ست سنوات مع الزيادة في عدد الساعات في السنة السادسة لتوافق بذلك 4790 ساعة.
كما تضمن مقترح الاتفاق إحداث مرسوم جديد بخصوص مسالك الداخلية والإقامة، سيتم تطبيقه ابتداءً من يناير 2025، علاوة على الرفع من التعويضات عن المهام.
وفيما يخص الامتحانات التي جرى مقاطعتها، ستقوم الوزارة ببرمجة دورة واحدة في كل فصل مع ترك بعض الوقت للطلبة لمراجعة الدروس، أما التداريب الاستشفائية فلن تُعوض حالياً لكن يحق لكل طالب استيفاؤها فيما بعد.