بريطانيا تتراجع عن اعتراضها على أوامر “الجنائية الدولية” حول اعتقال نتنياهو وغالانت.. ماذا يعني ذلك؟

عربي بوست
تم النشر: 2024/07/27 الساعة 10:38 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/07/27 الساعة 10:45 بتوقيت غرينتش
رئيس الوزراء البريطاني الجديد كير ستارمر / رويترز

أعلنت الحكومة البريطانية التي يقودها حزب العمال٬ أنها تخلت عن اعتراض الحكومة السابقة بشأن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية في إصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في وقت عبرت إسرائيل عن "خيبة أملها الكبيرة" من القرار البريطاني. وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إنه سيسحب اعتراض المملكة المتحدة٬ قائلاً إن إصدار مذكرة اعتقال هو من اختصاص المحكمة. 

ويتهم نتنياهو وغالانت بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب من قبل المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان. كما شملت طلبات إصدار أوامر اعتقال بحق زعيم حركة حماس في غزة يحيى السنوار، وقائد جناحها العسكري محمد ذياب إبراهيم المصري المعروف باسم محمد ضيف، وزعيمها السياسي إسماعيل هنية.

ويتعين أن تتم الموافقة على الطلبات من قبل لجنة من قضاة المحكمة الجنائية الدولية، وفي هذه المرحلة قدمت المملكة المتحدة اعتراضها. وتم قبول فلسطين كعضو في المحكمة الجنائية الدولية في عام 2015، وفي عام 2021 قالت المحكمة إنها تمتلك السلطة للتحقيق في جرائم الحرب في الأراضي المحتلة. 

الحكومة البريطانية تصحح موقف الحكومة السابقة حول قرار "الجنائية الدولية" باعتقال نتنياهو.. ماذا يعني ذلك؟

يأتي الإعلان، الذي أصدره المتحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني الجديد يوم الجمعة 26 يونيو/تموز 2024، ليقلب اعتراض الحكومة السابقة على طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان إصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت.

وعندما أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في أواخر شهر مايو/أيار أنه يسعى إلى إصدار أوامر اعتقال بحق قادة إسرائيليين، بما في ذلك نتنياهو، تبنى حزب العمال البريطاني نهجاً صارماً في معارضة الحكومة بقيادة ريشي سوناك.

وفي حين انتقد المحافظون خطوة المدعي العام كريم خان، قال ديفيد لامي (وزير الخارجية الحالي في الحكومة البريطانية) إن حكومة حزب العمال سوف تدعم المحكمة الجنائية الدولية، مؤكداً أن الحزب "يدعم استقلال المحاكم الدولية".

في الوقت نفسه٬ قالت مصادر داخل حزب العمال البريطاني لموقع "ميدل إيست آي" البريطاني، إن هذه خطط الحكومة الجديدة تتضمن أيضاً نيتها بتقييد مبيعات الأسلحة لإسرائيل بسبب حربها على غزة.

وقال المركز الدولي للعدالة للفلسطينيين إنه من "المريح" رؤية إسقاط الاعتراض. وقال زكي صراف، المسؤول القانوني في المركز: "إن احترام اختصاص واستقلال المحكمة الجنائية الدولية هو أقل ما يمكن لحكومة حزب العمال أن تفعله لإظهار التزام حقيقي بالعدالة والمساءلة". وأضاف للموقع البريطاني: يجب عليهم الآن تجنب المزيد من تقويض مصداقيتهم واحترام القانون الدولي".

في وقت سابق من هذا الشهر، زعمت صحيفة معاريف الإسرائيلية أن وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي أعطى تأكيدات لإسرائيل بأن "المملكة المتحدة ستحافظ على اعتراضها على الطلب الذي أثارته في البداية الحكومة المحافظة في داونينج ستريت".

لكن هذا القرار الذي عبرت عنه صحف إسرائيلية بشكل سلبي خصيصاً بعد خطاب نتنياهو في الكونغرس الأمريكي٬ يثبت أن الحكومة البريطانية قاومت الضغوطات عليها لعدم اتخاذ هذه الخطوة٬ وربما يثبت أيضاً أن الأيام القادمة لحكومة نتنياهو لن تكون سهلة في ظل الحكومة البريطانية الجديدة العمالية٬ خصيصاً إذا قررت لندن تعليق بيع الأسلحة للجيش الإسرائيلي.

وعبرت إسرائيل عن خيبة أملها من القرار البريطاني الجديد، حسبما أفاد مسؤول إسرائيلي رفيع لصحيفة هآرتس. وقال المسؤول: "هذا قرار خاطئ بشكل مطلق"، معتبرا أنه "يشوه العدالة والحقيقة، وينتهك حق جميع الديمقراطيات في مكافحة الإرهاب"٬ على حد وصفه.

جماعات الضغط اليهودية: "تراجع عن السياسة البريطانية طويلة الأمد تجاه إسرائيل"

من جهته٬ أصدر مجلس نواب اليهود البريطانيين ومجلس القيادة اليهودية بياناً مشتركا يوم الجمعة أدان فيه الخطوة التي اتخذتها الحكومة البريطانية ووصفها بأنها "مؤسفة ورجعية" وقال إنها "تبدو بمثابة تراجع عن السياسة الخارجية البريطانية طويلة الأمد".

وقال المجلس: "نحن قلقون من أن التأثير التراكمي لهذه القرارات المتسارعة، يشير إلى تحول كبير في السياسة البريطانية، بعدما كانت إسرائيل حليفاً رئيسياً للمملكة المتحدة. وهذا لن يكون خطأً استراتيجيًا فحسب، بل خطأً أخلاقياً أيضًا"٬ بحسب وصف البيان.

لكن السفير الفلسطيني لدى المملكة المتحدة حسام زملط رحب بهذه الخطوة، ووصفها بأنها "خطوة مهمة في مواءمة المملكة المتحدة مع سيادة القانون والنظام الدولي ونحو محاسبة إسرائيل أخيرًا بعد عقود عديدة من الإفلات من العقاب".

ويقول موقع MEE البريطاني إن حزب العمال واجه ضغوطاً متزايدة من جانب منظمات المجتمع المدني وجماعات حقوق الإنسان لتعليق مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل. وأعرب كبار السياسيين في الحزب عن قلقهم من أن حزب العمال خسر مقاعد في الانتخابات العامة الأخيرة بسبب السخط بين الناخبين، وخاصة المسلمين والعرب البريطانيين، بسبب الدعم المبكر للحزب لحرب إسرائيل على غزة. وتم انتخاب خمسة نواب مستقلين في الانتخابات العامة الأخيرة على أساس برنامج مؤيد لغزة. 

وقالت "مجموعة أصدقاء إسرائيل في حزب العمال"، وهي مجموعة مناصرة تضم ستارمر ولامي كعضوين فيها، يوم الجمعة إن الخطوة التي اتخذتها الحكومة كانت "مخيبة للآمال للغاية" وأضافت أنها "تريد أن ترى نتنياهو يواجه المساءلة في المحاكم الإسرائيلية وليس المحكمة الجنائية الدولية"٬ على حد تعبيرها.

من جهتها٬ قالت مجموعة "أصدقاء إسرائيل" إن "قضية المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية مثيرة للشكوك من الناحية الأخلاقية ومثيرة للشكوك القانونية. ولقد سبق للمحاكم الإسرائيلية أن حاكمت وسجنت كبار القادة في البلاد. وهي تحقق بالفعل في مزاعم تتعلق بسوء السلوك الخطير فيما يتصل بالحرب. ومن الصواب أن يتم التحقيق في هذه المزاعم، ولا يوجد سبب للاعتقاد بأن إسرائيل لا تستطيع أو لا ترغب في التحقيق في هذه القضية".

ومنذ بداية الحرب في السابع من أكتوبر الماضي٬ استشهد نحو 40 ألف فلسطيني وجُرح نحو 100 ألف آخرين في غزة نتيجة الهجوم الإسرائيلي المستمر على القطاع المحاصر. ولا يزال آلاف الفلسطينيين من المدنيين في عداد المفقودين ويُفترض أنهم ماتوا تحت الأنقاض في أعقاب الهجمات الإسرائيلية التي لا تتوقف.

تحميل المزيد