- مارثون قبل الأولمبياد.. لكن للقضاء على فئران باريس
- فرق مخصصة لمحاربة الجرذان
- باريس الرابعة عالمياً في انتشار الفئران
- الفئران كانت وجبة طعام أثناء حصار باريس
- فئران باريس لها بصمتها حتى في الأدب!
- لكن ما سبب انتشار الفئران؟
- "أصدقاء جدد".. خطة باريس للتعايش مع الفئران!
- تعايش مع الفئران.. وماذا عن نقل الأمراض؟
"لماذا لم يخبرني أحد أن باريس هي أكثر الأماكن المليئة بالفئران التي قد تزورها على الإطلاق؟ أسير في الشارع وأجد الفئران في كل مكان" – سائح أمريكي يدعى جراي ديفيس، أثناء زيارته باريس في صيف 2023
@gray.davis Feeding the paris rats is my new fav thing 😭#fyp #foryoupage ♬ original sound – Gray Davis
إذا كنت قد زرت باريس من قبل، فقد لا تستغرب هذا الفيديو الذي حاز 2.2 مليون مشاهدة على تيك توك، فهو ليس الوحيد الذي انتشر لتوثيق تجارب الناس مع فئران باريس، والتي يبدو أنها ظاهرة مرتبطة بـ "عاصمة النور".
والآن، بينما تتجه أنظار العالم إلى العاصمة الفرنسية لمتابعة أولمبياد باريس 2024، تخوض المدينة ماراثوناً آخر للقضاء على الجرذان التي تملأ شوارعها، منذ سنوات.
إذ تعاني باريس من انتشار الجرذان في شوارعها منذ سنوات، وعندما فشلت خططها في القضاء عليها، بدأ قادة المدينة يفكرون جدياً في بحث فرص التعايش مع الفئران، والسعي لتحويل المدينة إلى مكان يمكن أن يعيش فيه البشر والفئران معاً دون أزمات.
لكن؛ هل تنتشر الفئران بدرجة كبيرة فعلاً؟ ومنذ متى؟ ولماذا أصلاً؟ وكيف تتعامل "مدينة النور" مع سكانها من ذوي الفراء الرمادي؟
مارثون قبل الأولمبياد.. لكن للقضاء على فئران باريس
بينما تستعد العاصمة الفرنسية لاستضافة أولمبياد 2024، ركز المسؤولون على وضع خطة لضمان عدم مواجهة الزوار لسكان العاصمة من ذوي الفرو الشهيرين.
إذ قامت السلطات الفرنسية بتحليل جميع المواقع الأولمبية ومناطق الاحتفالات من أجل التأكد من التخلص من الجرذان قبل الألعاب الأولمبية، كما أكدت نائبة عمدة باريس، آن-كلير بو، المسؤولة عن الصحة العامة، في مقابلة مع النسخة الإنجليزية لوكالة أنباء "فرانس 24".
شملت الخطة وضع مصائد للفئران في المناطق التي يكثر بها الجرذان، ووضع خطة محكمة لتنظيف شامل لإزالة أي بقايا طعام قد تغري الجرذان للخروج من جحورها تحت الأرض.
فيما قامت فرق مكافحة الجرذان بإغلاق نقاط الخروج من المجاري حول المواقع التي ستستضيف فعاليات الأولمبياد، بالإضافة إلى استخدام الحلول الميكانيكية والكيميائية لتقليل أعداد الفئران، مع إحكام غلق صناديق القمامة.
محاولة التخلص من الفئران ركزت على أماكن رئيسية مثل الحديقة خلف برج إيفل، حيث ستقام مباريات الكرة الطائرة الشاطئية، وحدائق اللوفر، حيث سيُضاء المرجل الأولمبي. هذان الموقعان هما من الأماكن الشعبية للتنزه، وكانا مليئين بالجرذان سابقاً.
هذه الخطط المحكمة من وجهة نظر المسؤولين الفرنسيين رأوا فيها وسيلة فعّالة لمكافحة انتشار القوارض الرمادية في شوارع "عاصمة النور". ورافقها حملة تنظيف مكثفة للشوارع والميادين، مع تجديد العديد من المباني التاريخية تمهيداً لاستقبال يليق بالضيوف.
لكن المسؤولين رأوا ضرورة "عدم القضاء على فئران باريس تماماً"، حيث أنها "مفيدة في الحفاظ على المجاري، النقطة هي أنها يجب أن تبقى في المجاري"، كما قالت نائبة عمدة العاصمة الفرنسية.
فبالأساس، شملت خطة المدينة لمكافحة الجرذان لعام 2017 على محاولة جعل "الجرذان تعود تحت الأرض". ولذلك، استثمروا حينها في آلاف صناديق القمامة الجديدة. لكن يبدو أن الخطة لم تحقق نتائجها المرجوة حينها، لأن المشكلة لم تُحل بعد.
فرق مخصصة لمحاربة الجرذان
يوجد في باريس فريق مخصص لمكافحة القوارض في المدينة، ويعرف باسم فريق "سمش"، وقد استعانت به اللجنة المنظمة لأولمبياد باريس، لاقتراح بعض الطرق لتصميم المواقع للحفاظ على نظافتها ونظامها.
فيما ستقع مسؤولية إزالة القمامة وتنظيف الشوارع على عاتق فرق التنظيف والجمع التي تضم 7500 عامل.
هذا العدد لا يستهان بعمله، إذ تسبب إضراب هؤلاء العمال لـ 3 أسابيع فقط العام الماضي إلى تراكم 10,000 طن من القمامة في الشوارع، وكان ذلك اعتراضاً ضد تعديل قانون المعاشات التقاعدية الذي يرفع سن التقاعد من 57 إلى 59 عاماً.
لذلك؛ قررت السلطات منح عمال النظافة هذا العام مكافآت تصل إلى 1,900 يورو للعمل خلال فترة الأولمبياد، لضمان نظافة المدينة أثناء استقبال زائريها.
باريس الرابعة عالمياً في انتشار الفئران
"في القرن التاسع عشر، كانت القوارض تتجمع في المجاري، وتتألق على الجسور، وتنتهي في القفازات أو في أواني الطهي" – مجلة "لو بوان" (Le Point) الفرنسية
في الواقع، تُعد باريس رابع أكثر مدينة موبوءة بالفئران على مستوى العالم، بعد ديشنوكي في الهند، ولندن في المملكة المتحدة، ونيويورك في الولايات المتحدة.
إذ تشير التقديرات إلى أن عدد القوارض في المدينة يصل إلى حوالي 3 أضعاف عدد سكانها من البشر. إذ يصل عدد الفئران إلى 6 ملايين، وهو ما يتجاوز عدد السكان البشر البالغ 2.1 مليون، وفقاً لتقرير صادر عن مجلة Forbes الأمريكية.
الفئران كانت وجبة طعام أثناء حصار باريس
في حصار باريس عام 1870 أثناء الحرب الفرنسية-البروسية، أصبحت الفئران غذاءً أساسياً للسكان الجائعين الذين لم يجدوا ما يأكلونه.
وكانت الفئران تُطهى جيداً قبل أن تملأ بطون الجائعين لتجنب أن يصابوا بالتسمم، وقيل إن لحمها يشبه لحم الطيور.
فئران باريس لها بصمتها حتى في الأدب!
تذكرون فيلم ديزني الشهير "خلطبيطة بالصلصة" (Ratatouille) والفأر الطباخ ريمي؟ صحيح أن الفيلم قدم الموضوع بشكل دعابي، لكنه يحمل قدراً كبيراً من الحقيقة عن عاصمة النور.
فالفئران، وإن كان يبدو موضوعاً ساخراً، لها تأثير واضح في الأدب الفرنسي أو ربما يُمكننا القول "أدب الفئران"!
إذ تعتبر ظاهرة انتشار الجرذان في باريس ملموسة منذ سنوات، وانعكست هذه الظاهرة في بعض أبرز روايات الأدب الفرنسي مثل "البؤساء" (Les Misérables) و"شبح الأوبرا" (The Phantom of the Opera)، حيث كانت مسألة نظافة العاصمة الفرنسية وانتشار الجرذان جزءاً من خلفية هذه الأعمال الأدبية الشهيرة.
لكن ما سبب انتشار الفئران؟
يرجع المسؤولون المحليون السبب الرئيسي لانتشار الجرذان في باريس إلى ترك الطعام على الأرض، وصناديق القمامة الممتلئة، وبالطبع تراكم القمامة في شوارع المدينة الفرنسية. باختصار، المسألة تتعلق بالنظافة.
"أصدقاء جدد".. خطة باريس للتعايش مع الفئران!
في صيف 2023، حاول المسؤولون حل مشكلة الفئران بطريقة غير تقليدية، وهي التعايش معها! نعم؛ كما قرأت.
إذ شكلت عمدة باريس آن هيدالغو لجنة لدراسة فرص "التعايش بين الفئران والبشر" للإجابة على سؤال إلى أي مدى يمكن للبشر والجرذان العيش معاً.
وقد تم تمويل الدراسة من قبل الحكومة الفرنسية، رغم أن مدينة باريس شريك في المشروع، كونها واحدة من أكثر المدن المتضررة من ظاهرة انتشار الجرذان، كما أشارت شبكة CNN الأمريكية.
نائبة عمدة باريس، آن سويريس، أكدت حينها أن الخطة تهدف إلى إيجاد أفضل الفرص للتعايش مع الفئران بطريقة لا تسبب ضيقاً للباريسيين. وقد جاءت هذه الخطة استجابة لطلبات لإيجاد حلول لمشكلة الفئران من أعضاء من حزب المحافظين، المنافس للعمدة الاشتراكية.
تعايش مع الفئران.. وماذا عن نقل الأمراض؟
عندما تسمع عن خطة "التعايش" تلك، ربما يكون السؤال العملي الأول -بعيداً عن التقزز من الفكرة- هو وماذا عن نقل الجرذان للأمراض؟
إذ كانت الفئران هي القناة الرئيسية لانتشار الطاعون الدبلي في القرن الرابع عشر والذي قتل ما يقرب من نصف السكان.
نائبة العمدة، وهي أيضاً المسؤولة عن الصحة العامة أجابت على هذا بالقول إن "الجرذان التي يجري الحديث عنها ليست نفس الجرذان السوداء التي يمكن أن تحمل الطاعون، ولكن أنواع أخرى من الجرذان التي تحمل أمراضاً مثل داء البريميات، وهو مرض بكتيري".
وأوضحت سويريس لاحقاً على منصة "إكس" (تويتر سابقاً) أن جرذان باريس "لا تشكل خطراً كبيراً" على الصحة العامة. وأضافت أنها طلبت من المجلس الأعلى للصحة العامة في فرنسا التدخل في النقاش.
ورغم محاولة المسؤولة عن ملف الصحة بالعاصمة الفرنسية التخفيف من الآثار الصحية لمجاورة الفئران بالقول إن كل ما قد تسببه هو البريميات (Leptospirosis)، فهذا المرض ليس بسيطاً أيضاً، حسب المصادر العلمية.
إذ يمكن أن يؤدي إلى تلف الكلى، والتهاب السحايا (التهاب الغشاء المحيط بالمخ والحبل الشوكي)، وفشل الكبد، وصعوبة التنفس، وحتى الموت، كما قال مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة (CDC).
ويستغرق الأمر عادةً من يومين إلى 30 يوماً حتى يصاب الشخص بالمرض بعد ملامسة البكتيريا المسببة له (غالباً عن طريق المياه أو التربة الملوثة بالبكتيريا)، ومن أعراضه:
- الحمى
- الصداع
- القشعريرة
- آلام الجسم أو العضلات
- القيء أو الغثيان
- اصفرار الجلد والعينين
- احمرار العيون
- ألم المعدة
- الإسهال
المرض الذي أشارت إليه المسؤولة المحلية قد يحدث على مرحلتين. في المرحلة الأولى، قد يعاني الشخص فيها من الحمى والقشعريرة والصداع وآلام العضلات والقيء والإسهال. وقد يشعر الشخص بتحسن لفترة من الوقت ولكنه يمرض مرة أخرى.
كما قد يعاني بعض الأشخاص من مرحلة ثانية أكثر شدة مع فشل الكلى أو الكبد، أو التهاب الغشاء المحيط بالمخ والحبل الشوكي.