أصبح الصعود السريع لزوجة ابن ترامب (إيريك) السيدة لارا ترامب٬ من منتجة تلفزيونية غير سياسية٬ إلى زعيمة حزبية تحظى بنفوذ كبير داخل الحزب الجمهوري٬ يتجلى بوضوح في حملة ترامب الانتخابية٬ وفي اجتماعات الجمهوريين كالذي عقد في ميلووكي بولاية ويسكونسن بعد محاولة اغتياله الفاشلة.
وبصفتها الرئيسة المشاركة للحزب، فهي أيضا المضيفة لمهرجان ترامب الذي استمر أربعة أيام خلال الأسبوع الماضي. ويوم الاثنين الماضي 15 يونيو/تموز 2024، جلست لارا ترامب مباشرة خلف والد زوجها عندما ظهر لأول مرة منذ محاولة الاغتيال. وفي اليوم التالي٬ تحدثت لأكثر من عشرين دقيقة، وهي مدة أطول كثيراً من الوقت الذي أتيحت لمسؤولين منتخبين٬ كما يقول تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
وقالت في خطابها الذي كان يهدف إلى جذب المتشككين في ترامب: "أعرف ما تسمعونه هناك عن دونالد ترامب. ولكن عندما أنظر إلى دونالد ترامب، أرى أبًا رائعًا، وحمًا، وبالطبع جدًا لطفلي الصغيرين، لوك وكارولينا". ومثل هذه الكلمات التي قالتها بحقه خلال جلسات اليوم الثاني للمؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، هي التي ربما دفعت ترمب لدعم لارا زوجة ابنه إريك لتولي منصبها الجديد كرئيسة مشاركة للجنة الوطنية للحزب الجمهوري٬ في مارس/آذار الماضي.
وأضافت الصحيفة الأمريكية أنه "منذ ذلك الوقت، أصبحت السيدة لارا ترمب، البالغة من العمر 41 عاماً، واحدة من أبرز المدافعين عن حملة المرشح الرئاسي الجمهوري في وسائل الإعلام، ما أضفى ابتسامة على أحلك الجوانب في حملة والد زوجها للوصول إلى البيت الأبيض".
وأعربت لارا عن تقديرها "العميق" لوالد زوجها أثناء الخطاب الذي ألقته بمناسبة المؤتمر الجمهوري ببلدة ميلووكي بولاية ويسكنسن حيث قالت: "رأيت هذا الرجل وهو يعبر الجحيم. يدخل ويخرج من قاعات المحاكم ويتعرض إلى اتهامات وإلى إجراءات العزل والتنحي وحتى إلى محاولة اغتيال. لكن رغم ذلك، لم يتراجع أبدا".
من هي لارا ترامب وما أسباب قوة نفوذها داخل الحزب الجمهوري؟
تحولت لارا ترامب، إلى ظاهرة في الفترة الأخيرة بالنسبة للأمريكيين٬ خصيصاً بعدما نشرت تغريدة على حسابها على منصة "إكس" يظهر فيها دونالد ترامب الذي نجى الأسبوع الماضي من محاولة اغتيال٬ وهو "محمي من المسيح". وهي صورة مركبة انتشرت كالصاعقة في جميع أنحاء الولايات المتحدة وشاهدها أكثر من 4 ملايين شخص خلال وقت قصير.
ولدت لارا ترامب (41 عاما) في عائلة محافظة بمدينة ويلمنغتون بكارولينا الشمالية، ولم تكن مهيأة لممارسة السياسة. حيث بدأت حياتها المهنية كمدربة في مجال اللياقة البدنية ثم عملت كنادلة في المقاهي قبل أن تلتحق بمدرسة متخصصة في مجال الطبخ بنيويورك. والتقت بإريك ترامب في ملهى ليلي في 2008 وتزوجت منه في 2014. وهي أم لطفلين.
وكانت لارا ترامب منتجة قصص لمجلة الأخبار التلفزيونية Inside Edition منذ عام 2012 إلى عام 2016. وانضمت إلى قناة فوكس نيوز كمساهمة. لكن في ديسمبر 2022، أعلنت قناة فوكس نيوز عن انفصال لارا ترامب عنها، التي أعلن والد زوجها دونالد ترامب عن ترشحه لإعادة انتخابه، وذلك لأن سياسة القناة هي "عدم توظيف أي شخص يترشح لمنصب أو يتعامل مع مرشح".
ورغم أنها لم تدرس في جامعات مرموقة، إلا أنها تحولت إلى نقطة قوة بالنسبة لدونالد ترامب وإحدى الداعمات البارزات لحملته الانتخابية وفي سباقه نحو البيت الأبيض، كما يؤكد كريستوف فيثرستون أستاذ في معهد العلاقات الدولية بجامعة يورك. وقال لوكالة فرانس برس: "لارا ترامب صاحبة كاريزما، فهي تتحدث مثل دونالد ترامب وتفرض وجودها ونفسها".
لارا ترامب والصعود إلى قمة الحزب الجمهوري
ونظمت لارا ترامب مؤتمر الحزب الجمهوري في مدينة ميلووكي٬ وساهمت في جمع أكثر من 280 مليون دولار لدى داعمي ترامب، وفق مجلة "تايمز". كما كانت أيضاً وراء تنظيم الجولة التي قام بها ترامب في 2019 خلال حملة الانتخابات الرئاسية على متن حافلة أطلق عليها اسم "النساء مع ترامب" والتي كانت تهدف إلى إقناع الأمريكيات بالتصويت مرة أخرى لصالح الملياردير الأمريكي.
كل هذه المساهمات والمبادرات أعطتها نفوذاً كبيراً داخل الحزب الجمهوري، حيث يعتقد كريستوف فيثرستون أن "لارا ترامب هي من الوجوه المفتاحية داخل الحزب الجمهوري وتلعب دور همزة وصل بين دونالد ترامب والحزب الجمهوري"، مضيفا أن "في 2016، رغم أن ترامب كان مرشح الجمهوريين، إلا أنه لم يكن يملك نفوذاً كبيراً داخل الحزب. أما اليوم، فقد عزز قاعدته السياسية وأصبح يتمتع بنفوذ واسع"٬ ولارا تساعد في ذلك.
وكان هناك دائماً صراع على السلطة بين ترامب واللجنة الوطنية الجمهورية، التي كانت تديرها رونا ماكدانييل منذ عام 2017 وكانت كثيراً ما تتصادم مع ترامب الذي أراد أن يكون في هذا المنصب أحد أفراد عائلته.
وتقول صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية إن لارا ترشحت دون معارضة في اجتماع اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري في مارس/آذار في هيوستن٬ وفازت في منصب الرئيسة المشاركة للجنة الوطنية للحزب بسهولة.
حقق انتخاب لارا لهذا المنصب ثقل كبيراً لترامب على اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري٬ وأدى فعلياً إلى دمج عمليات الحزب مع جهود إعادة انتخاب ترامب وحملاته الانتخابية. وفي ظل القيادة الجديدة للجنة الوطنية للحزب الجمهوري، قامت اللجنة بطرد العشرات من الموظفين فيما قالت إنه محاولة لبناء عملية "أكثر كفاءة" لنشاط الحزب.
وتقول "واشنطن بوست" إن لارا طرحت وجهة نظر مثيرة للجدل مفادها أن "الناخبين الجمهوريين يرغبون في رؤية اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري تساعد في دفع فواتير ترامب القانونية". (تم إلغاء الفكرة من قبل مسؤولي حملة ترامب، الذين أكدوا بشكل قاطع أن اللجنة الوطنية الجمهورية لن تفعل ذلك). قال جيمس بيرنز٬ رئيس الحزب الجمهوري في مقاطعة كونترا كوستا: "هذه التصريحات جعلتني أشعر بالتوتر لأن هذه التغييرات تم إجراؤها في وقت قريب جداً من الانتخابات". ولا يعني ذلك أن هذه التصريحات أثرت على الطريقة التي ينظر بها الجمهوريين إلى لارا، حيث قال بيرنز: "إنها تذهلني كشخص حاد للغاية بشكل جيد، من حيث تواصلها ونشاطها وكل شيء آخر".
هل ينتظر لارا ترامب منصب كبير في البيت الأبيض؟
استطاعت لارا ترامب إقناع دونالد ترامب بتشجيع التصويت عبر خدمة البريد خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة علماً أنه انتقد كثيراً طريقة التصويت هذه في 2020 التي كانت وراء إخفاقه أمام جو بايدن. أكثر من ذلك، وصف التصويت عبر خدمة البريد بأنها "أكبر عملية احتيال" وكانت وراء "عملية تزوير كثيفة" للانتخابات.
وروت مجلة "تايمز" أن لارا ترامب تمكنت من إقناع المرشح الجمهوري بتشجيع التصويت عبر البريد خلال مأدبة عشاء نظمت في منزله بفلوريدا، قائلة له: "لا داعي انتظار يوم التصويت لكي ينتخب الأمريكيون". الجواب جاء بسرعة من ترامب نفسه إذ غرد في 20 أبريل/نيسان الماضي: "التصويت بالوكالة أو التصويت بشكل مسبق أو خلال يوم الانتخابات، كلها خيارات صائبة".
وبينما فاز دونالد ترامب بثقة الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية، باتت لارا ترامب تحلم بمستقبل واعد في عالم السياسة. فبعدما رفضت في 2022 تولي منصب السيناتور في كارولينا الشمالية بداعي الاعتناء بأطفالها، ها هي اليوم تفوز بثقة دونالد ترامب وأقربائه.
وفي انتظار أن تفوز بمقعد في مجلس الشيوخ، من المرجح جداً أن تلعب دور المستشارة في البيت الأبيض في حال فاز ترامب بالانتخابات في 5 نوفمبر/تشرين الثاني. حيث يرى العديد من المراقبين أن لارا ترامب تسير على خطى إيفانكا ترامب وزوجها كوشنر الذين تواروا للخلف بعد التهم التي لحقت بترامب.