منذ أداء الوزراء الجدد في الحكومة المصرية الجديدة اليمين أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، لم تتوقف التعليقات على غرائب الوزراء الجدد، والذين قيل أنه قد تم استغراق الوقت الكافي للتأكد من كفاءتهم قبل اختيارهم.
شهدت الحكومة المصرية الجديدة، تعيين 27 وزيرًا، بينهم 21 وزيرًا جديدًا، فيما استمر 6 وزراء في مناصبهم، مع دمج مجموعة من الوزارات، مع الاحتفاظ برئيس الوزراء مصطفى كمال المدبولي.
وليس الوزراء الجدد فقط الذين أثاروا الجدل، بل حتى المحافظين الذين تم اختيارهم من طرف الرئيس المصري، إذ إن بعضهم تم نقله من المؤسسات العسكرية، في الوقت الذي عرف فيه البعض تضارب المعلومات في سيرهم الذاتية.
وزير التعليم وقصة الشهادة الوهمية
من بين الوزراء الذين أثاروا الجدل، وزير التربية والتعليم الجديد في مصر، محمد عبد اللطيف، والذي تم اتهامه بحصوله على شهادة دكتوراه وهمية من جامعة كارديف سيتي في الولايات المتحدة الأمريكية.
والوزير الجديد محمد عبد اللطيف هو حفيد المشير أحمد إسماعيل وزير الحربية المصري أثناء حرب 6 أكتوبر من جهة الأم، كما أنه المدير التنفيذي لأحد أكبر سلسلة المدارس الخاصة بمصر، وهي المملوكة لوالدته نيرمين إسماعيل.
وحسب ما كتبه حسام الهندي، صحفي متخصص في تدقيق المعلومات، فإن الجامعة التي أشير إليها في السيرة الذاتية للوزير الجديد تمنح أوراقًا وشهادات وهمية، ولا يوجد لها حرم جامعي أيضًا.
وجاء في التدقيق الذي نشره الصحفي المصري أن الجامعة التي ذكرت في السيرة الذاتية للوزير ليست هي جامعة كارديف العريقة في بريطانيا، كما أن الصورة التي تستعملها في موقعها الالكتروني هي لكلية التابعة لجامعة كامبريدج (Trinity College Great Court).
وأشار الصحفي إلى أن العنوان المنشور في الموقع الإلكتروني للجامعة الوهمية أيضًا يخص مبنى لتأجير المكاتب لإنشاء الشركات في الولايات المتحدة الأمريكية، والبريد الإلكتروني مختلف عن دومين الجامعة نفسها ودومين البريد الإلكتروني معروض للبيع.
وبالبحث في أرشيف دومين الجامعة الوهمية، حسب ذات المصدر الذي نقل عنه "عربي بوست" فإن الموقع الرسمي للجامعة المذكورة https://ccu-edu.us نجد أنه في عام 2010 كان يخص اسم جامعة أخرى وليست جامعة كارديف.
وأصبح الوزير الجديد مطلوبًا للتحقيق في واقعة تزوير شهادة الدكتوراه الخاصة به من الجامعات الأمريكية، وذلك بعد تقديم بلاغ رسمي بذلك أمام النائب العام، وذلك بعد الجدل الواسع الذي شهده السوشيال ميديا حول القصة.
وبحسب ما نشرته صفحة "الموقف المصري" المتخصصة في التدقيق على وسائل التواصل الاجتماعي، فإن الوزير فعلاً قام بشراء الشهادة من إحدى الجامعات الوهمية في الولايات المتحدة الأمريكية.
ووفق ما جاء في التدوينة الشهيرة، فإن عبد اللطيف حصل على درجة الدكتوراه من "جامعة كارديف سيتي في الولايات المتحدة الأمريكية"، والذي تبين أنها في الولايات المتحدة، وليست من بين الجامعات المرموقة.
وأكدت المنصة أن الجامعة ليس لها هيئة تدريس ولا حرم جامعي، وتضع تسعيرة للحصول على درجات علمية مختلفة من بينها درجة الدبلومة بقيمة 5000 دولار، ودرجة البكالوريوس والماجستير بـ8000 دولار، ودرجة الدكتوراه بـ10000 دولار.
وليست هذه الاتهامات وحدها التي وُجهت لوزير التربية والتعليم المصري الجديد، إذ اُتهم بأنّه تم طرده من المجر لاكتشاف السلطات الجامعية بكلية Szeged الطبية في الترم الثاني تزويره شهادة الثانوية العامة.
وزير الخارجية و"سجاد السفارة"
ولم يُستثْنَ وزير الخارجية الجديد في الحكومة المصرية بدر عبد العاطي من "التحفيل" على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصًا أن لديه قصة شهيرة إذ تم اتهامه بالسرقة عندما كان سفيرًا بألمانيا سنة 2017.
واتهمت الشرطة الألمانية الوزير الجديد عندما كان سفيرًا بسرقة سجادة ولوحة زيتية من السفارة المصرية تقدر قيمتها بربع مليون يورو، وشراء سيارة مرسيدس للسفارة وتسجيلها باسمه الشخصي، وقد اعترف السفير وتعهد برد الأموال.
وحينها احتوت وزارة الخارجية المصرية وبالتنسيق مع هيئة "الرقابة الإدارية"، فضيحة اختلاس السفير المصري في برلين أموالًا وتم إعفاء السفير المصري دون توجيه أي تهمة جديدة له.
ولم تكن حادثة السرقة هي الأولى في المسيرة الدبلوماسية للسفير السابق والوزير الحالي، فسنة 2015، وعندما كان بدر عبد العاطي يتولى منصب الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، سب عبد العاطي أحد الموظفين في مداخلة هاتفية مع الإعلامي عمرو عبد الحميد على الهواء.
كان ذلك أثناء مناقشة مشكلات الخط الساخن الذي أعلنت عنه وزارة الخارجية لتأمين المصريين الراغبين في العودة من ليبيا، وعندما أجرى عبد الحميد محاولة اتصال بالخط الساخن ولم يُجبه أحد، ارتبك عبد العاطي على الهواء، وسبّ أحد الموظفين العاملين بالقناة.
وزير الدفاع من تحت الأنقاض
وكان لوزير الدفاع عبد المجيد صقر نصيبًا كبيرًا من السخرية بالحكومة المصرية الجديدة، إذ جاء تعيينه بعدما تم إبعاده عن المؤسسة العسكرية وتعيينه محافظًا لقناة السويس سنة 2018.
يقول الإعلامي حفيظ المرازى فيتدوينة في فيسبوك: "ما أشبه اليوم بالبارحة .. فجأة من لواء سابق محافظ إلى فريق أول وزير دفاع، وهذه ليست المرة الأولى في استدعاء لواء مدفعية سابق وبعد مضي ست سنوات له في منصب مدني، وكمحافظ يتم تعيينه فجأة وزير الدفاع المصري بعد ترقيته درجتين إلى فريق أول لأن رئيس الأركان بدرجة فريق".
وكتب المرازى: "هذا لم يحدث إلا مرة واحدة في عهد مبارك عام 1989، عندما تمت ترقية اللواء السابق في المدفعية يوسف صبري أبو طالب وبعد ست سنوات من عمله كمدني محافظًا للقاهرة ومحافظًا لشمال سيناء، ليصبح وزيرًا للدفاع برتبة فريق أول ويحل محل المشير عبدالحليم أبو غزالة.
وليس هذا فقط، بل إن وزير الدفاع المصري الجديد قام بتحليل مخدرات لجميع العاملين بديوان عام ودواوين الأحياء والإدارات الهندسية بمحافظة السويس بشكل مفاجئ عندما كان يتولى منصب محافظها.
فيما رصدت بعض المنصات المعارضة للنظام المصري خارج البلاد، العديد من التصريحات المثيرة للسخرية، التي أطلقها الوزير الجديد في السنوات الماضية، وكان منها "هنفضل نخوفكم بمصير ليبيا وسوريا".
وكذلك في أكتوبر 2022 "غمض عينك كده واحلم في أي مجال هتلاقى حصل تنمية في كل الجمهورية خلال 8 سنوات زراعة صناعة صحة تعليم إسكان وكل المجالات"، "أهل الشر"، "البلد بتتبنى فاربط على بطنك".
رجل خارق.. وزير بثلاث وزارات
"كامل الوزير، رجل بثلاثة أرواح.. وزير الصناعة الصبح.. وزير النقل آخر النهار.. وفي السهرة نائب رئيس مجلس الوزراء" … هكذا كانت السخرية من الفريق كامل الوزير، نائب رئيس الوزراء المصري ووزير النقل والصناعة الجديد.
وسخر المصريون من توسيع صلاحيات أحد أقرب الوزراء للسيسي، وذلك عبر إعطائه 3 مهام، فقد تم تكليفه بمهام وزارة الصناعة، بجانب تكليفه بمنصب نائب رئيس الوزراء لشؤون الصناعة، وذلك باستمراره في وزارة النقل.
وقد أثار هذا الاختيار جدلًا ساخراً كبيراً على صفحات السوشيال ميديا، وزاد من زخم التعليقات التصريحات التي أطلقها الوزير بأنه سيقسم وقت عمله بـ 8 ساعات في وزارة والأخرى في الوزارة الثانية.
ولم يحظ وزير في حكومات ما بعد 30 يونيو بالقرب الذي حظي به كامل الوزير من الرئيس السيسي، فهو وزير النقل منذ 2019، والمستمر في الحكومة الجديدة وزيرًا لوزارتي النقل والصناعة، بالإضافة إلى تعيينه نائبًا لرئيس الوزراء للتنمية الصناعية.
وفي سنوات ما قبل الوزارة، شهدت المؤتمرات التي كان يحضرها كامل الوزير بصفته رئيسًا للهيئة الهندسية بالقوات المسلحة على عمق علاقته مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، ففي أكثر من مرة أكد الرئيس ثقته في قدرة الوزير على إنجاز المشروعات في أسرع وقت.
الوزارة هدية صغيرة لرجل المهام السياسية
ومنذ 2013، وكان المستشار محمود فوزي، والذي أصبح وزيرا للشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، هو الشخص الذي يترقب المتابعون استوزاره بعد تأديته لـ 4 مهام للرئيس السيسي اثنتين منهما قضائيتين، والأخرى مهام سياسية.
حيث شغل فوزي عضو لجنة الإصلاح التشريعي، والتي شرعت الدستور في 3 يوليو 2013، والمهمة الثانية كانت دوره في إخراج قانون الكيانات الإرهابية، بالإضافة إلى دوره الكبير في إخراج الحوار الوطني رغم الظروف الصعبة التي أحاطت جلساته.
ولعب فوزي دورًا كبيرًا في إدارته بالشكل الذي يرضي الرئيس والسلطة في الترويج للحوار، واستخدام الإعلام وتوجيه الدعوات لجميع القوى السياسية وكافة الأطراف، وهي المهمة التي هَيَّأَتهُ ليقود حملة السيسي للترشح في الانتخابات الرئاسية.
وكانت إدارته للحملة مجرد وكالة قانونية يقتصر دورها على تقديم أوراق الترشح ومتابعة واستيفاء الإجراءات القانونية فقط، كما هو الحال مثلًا في حملة الرئيس السابقة.
ونجح فوزي في تقديم الحملة وكأنها خلية نحل بينما فعاليتها حبيسة مقراتها، من خلال تكرار استضافة المبايعين والمؤيدين من ممثلي النقابات والاتحادات والأحزاب، وكانت الوزارة هي المكافأة التي تنتظره.
المحافظون العساكر
وبالتزامن مع إعلان تشكيل الحكومة المصرية الجديدة، تم أيضا إعلانُ حركة محافظين كبرى، وعرفت توسعًا في تعيين أسماء من مؤسستي الجيش والشرطة في المناصب التنفيذية.
ومن أصل 27 محافظًا تم تعيين 15 محافظًا من "خلفية عسكرية"، فقد طغى على التشكيل حضور العديد من لواءات الجيش والشرطة والمخابرات العامة، بالإضافة إلى الرقابة الإدارية وشباب "البرنامج الرئاسي".
والملفت للنظر أن حرص الرئيس على اختيار محافظ من خلفية عسكرية، جاء بعد 4 أعوام فقط من تعديلات قانونية أصدرها السيسي في يوليو 2020، أقر فيها فرض تعيين مستشار عسكري لكل محافظة في مصر من قبل وزير الدفاع.
وكان من أكثر الشخصيات التي ثار حولها جدل كبير، هي الدكتورة جاكلين عازر محافظ البحيرة صاحبة الـ37 عامًا، والتي حصلت على درجة الماجستير والدكتوراه في عام واحد فقط ، بحسب ما نشرته الصحف المصرية، وهو الأمر الذي أصبح حديث السوشيال ميديا، وهو الأمر الذي يتناقض مع كافة الأعراف العلمية.
ولكن مع قدوم مساء الخميس، خرج الإعلامي المصري محمد الباز، ليكشف أن درجة الدكتوراه لم تكن سوى دبلومة في ذات عام الماجستير، أما الدكتوراه فقد حصلت عليها في 2022.
والدكتورة جاكلين عازر- ولدت في دمنهور محافظة البحيرة في 13 مارس 1987 وكانت طالبة بمدرسة الراهبات، عُيِّنت معيدة بقسم طب المجتمع بكلية الطب جامعة الإسكندرية في 27 أغسطس 2012.
وتعمل حاليًا مدرسًا مساعدًا بكلية الطب بدءًا من 26 مايو 2016، وربما ساعدت الأقاويل الكثيرة حول شهادة الدكتوراه الخاصة بها في تحويلها لأشهر محافظ في مصر بعد أن أصبحت تريند السوشيال ميديا.