متزوجون مع وقف التنفيذ، وآخرون على مشارف الطلاق، والبعض الآخر يستغل الوضع لكسب المزيد من الأموال، هي ثلاثية تلخص أزمة الحصول على سكن في مصر، التي تعاني من ارتفاع غير مسبوق في الأسعار خلال السنوات الأخيرة، انعكس بشكل مباشر على أسعار المنازل في مصر، وزاد من حدة الوضع موجات اللجوء القادمة من السودان وبعض الدول العربية.
وبينما فشلت الدولة في مواجهة هذه الأزمة رغم الاستثمارات الضخمة التي خصصت لقطاع الإسكان، واصلت أسعار الشقق في الارتفاع، وزادت معها قصص المصريين المأساوية في الحصول على سكن لائق، ويستعرض "عربي بوست" قصص بعض الأزواج الذين يعانون في الحصول على سكن، وبعض الأرقام الصادمة لأسعار الشقق في العاصمة القاهرة.
ويقول سامح عبد الله لـ"عربي بوست" إن حياته "تحولت إلى كابوس" بسبب معاناة الفرقة بينه وبين زوجته بعد فشله في توفير شقة بإيجار مناسب لدخله الذي لا يتعدى 5000 جنيه، ويقول سامح إنه متزوج منذ 4 سنوات وأب لطفلين وكانوا يعيشون في شقة 80 متراً مستأجرة بـ 2000 جنيه في منطقة فيصل، وبعد انتهاء مدة العقد طلب منه صاحب العقار 7000 جنيه لتجديد العقد، أو الإخلاء.
وأضاف عبد الله: "نظراً لأن هناك أسرة سودانية على استعداد لدفع المبلغ المطلوب، أصر صاحب العمارة على إخلاء الشقة بعد انتهاء مدة العقد، وبعد رحلة طويلة في البحث عن شقة مناسبة لا تتعدى الـ 2000 جنيه، لم أجدها إلا في حى مليء بتجار المخدرات والبلطجية، لكنني اضطررت إلى إرسال زوجتي إلى أهلها في محافظة بني سويف حتى أجد شقة مناسبة".
وقال المتحدث: "حالياً أعيش مع أمي وأختي الصغيرة، في شقة إيجار قديم 65 متراً، وهي بالكاد تسعنا نحن الثلاثة، فيما بدأت زوجتي تغضب وتطلب الطلاق وأنا مكتوف الأيدي".
مأساة البحث عن شقة
خلال جولة لـ"عربي بوست" في أحياء فيصل والهرم، صادف الموقع الأخوين محمود وفضل اللذين لم يجدا حلاً سوى الاشتراك فى شقة واحدة بسبب الغلاء وارتفاع قيمة إيجار الشقتين اللتين كانا يسكنان بهما مع أسرتيهما.
ويحكي محمود عن حياته الجديدة التي يشترك فيها مع أخيه، حيث استأجرا شقة مكونة من غرفتين وصالة لكل شخص فيهما مع أسرته، "وعليك أن تتخيل حجم المعاناة في شقة بها 9 أشخاص بمن فيهم الأبناء"، يقول محمود.
أما السيدة عفاف فتشكو من عدم قدرتها على تحمل السكن مع ابنها وزوجته في شقة واحدة، وذلك بعد 3 أعوام من زواجه، مشيرة إلى أنها ندمت على السماح له بالعيش معها.
حيث أوضحت عفاف لـ"عربي بوست" أنها اتفقت مع ابنها لعى أن يعيش معها بعد زواجه لمدة عام أو عامين على الأكثر حتى يتنسى له شراء شقة، ومن ثم الانتقال إليها، لكن نجلها عجز عن شراء شقة بسبب ارتفاع سعر الإيجار والتمليك، وتضيف عفاف أنها تضطر كل شهرين إلى السفر نحو منزلهم في صعيد مصر، حتى تقضي أياماً في هدوء وبعيداً عن مشاكل زوجة ابنها المتكررة معها.
أما كريم، فرغم أنه يمتلك شقة إلا أن إغراءات اللاجئ اليمني جعلته يؤجر له تلك الشقة مفروشة بـ 12 ألف جنيه شهرياً، ليغادرها إلى شقة صغيرة في منطقة متواضعة، بـ 3000 جنيه في مكان آخر.
ويبرر كريم قراره بتوفير الـ 9000 جنيه شهرياً، معتبراً شقته بمثابة دخل رئيسي بعدما فُصل من عمله، إذ كان يعمل كهربائياً ولم يجد سوى تأجير مسكنه للإنفاق على أسرته، ويشير كريم إلى أنه لن ينتقل من شقته التي استأجرها، حتى يحصل على عمل جديد يغطي له تكاليف معيشة أسرته بما فيها مصروفات التعليم، إذ إن لديه 3 أبناء في مراحل تعليمية مختلفة.
نسبة ارتفاع أسعار المنازل في مصر
يقول خبير التسويق العقاري، محمد عادل: "للأسف، أسعار الإيجارات في كثير من مناطق القاهرة الكبرى زادت بسبب إقبال الأجانب، وبالتالي ارتفعت أسعارها بنسبة تترواح ما بين 300 % إلى 500%، فالشقة التي كان إيجارها 2000، وصلت إلى 8 آلاف فى كثير من المناطق، أما لو أحضر صاحب الشقة عفشاً بسيطاً كي يؤجرها مفروشة، فيزيد الإيجار ويصل إلى 15000 ألف جنيه".
وعن حركة بيع العقارات، يقول عادل في تصريحات خاصة لـ"عربي بوست"، إن السوق حالياً يشهد حالة ركود، وذك بسبب حالات ارتفاع سعر الدولار وصعود (السوق السوداء) بشكل متتالٍ، وهو ما دفع الكثير من المواطنين إلى الإقبال على شراء وحدات سكنية في فترة قصيرة في محاولة منهم للحفاظ على المدخرات المالية التي يمتلكونها نظراً لهبوط قيمة الجنيه المصري.
وأضاف: بالفعل زادت أسعار العقارات، لكن اقتصر الأمر على الفئة القادرة مالياً؛ حيث بلغ متوسط سعر الشقة في الأحياء الشعبية من 500 ألف إلى مليون جنيه بزيادة 100%، كما زادت في الأماكن الراقية بنسبة تترواح ما بين 200% إلى 400% وكل ذلك فى غضون عام واحد فقط.
ولفت عادل إلى أنه رغم استقرار سعر الدولار، إلا أن أسعار العقارات لم تنخفض بل زادت نسبياً، بعكس الانخفاض الذي شهدته أسعار السيارات، وأوضح أن أسعار الوحدات حالياً تختلف من حيث السعر وتتشابه من حيث معدل الزيادة، مشيراً إلى أن المناطق التي تشهد رواجاً تتمثل في التجمع الخامس والعلمين و مدينة 6 أكتوبر.
ولفت إلى أن العام الماضي بلغ متوسط أسعار الوحدات السكنية في مدينة 6 أكتوبر 8 آلاف جنيه، بينما سجلت حالياً 16 ألف جنيه، وفي التجمع الخامس سعر المتر كان 15 ألفاً وبلغ حالياً 25 ألف جنيه، وتابع: "من المتوقع أن تواصل أسعار العقارات في الارتفاع؛ نظرًا لاستمرار وجود الجاليات الأجنبية كلاجئين في مصر مثل اليمنيين والسوريين والسودانيين، والذين يشكلون ضغطاً على سوق العقارات.
ارتباط ارتفاع أسعار العقارات باللاجئين
منذ بدء الحرب قبل أكثر من عام في السودان، تشير التقديرات إلى أن عدد اللاجئين السودانيين في مصر بلغ ما يقارب 5 ملايين، ولكن حتى الآن لا يوجد تقييم دقيق للأعداد؛ نظراً لتعدد طرق تسجيل دخولهم مصر، فالمسجلون لاجئين لا يتخطون الـ100 ألف سوداني، أما الأغلبية بهم فيقيمون بمصر عبر اتفاقيات ثنائية بين البلدين، وخصوصاً اتفاقية الحقوق الأربعة، وتنص على حرية التنقل والإقامة والعمل والتملك.
وفى ظل الأزمات الإقليمية، فهناك ما يزيد عن 9 ملايين مواطن عربى فروا من القتال في بلدانهم، فإلى جانب السودانيين هناك السوريون الذين يصل عددهم إلى حوالي 1.5 مليون ثم اليمنيون بنحو مليون، والليبيون مليون نسمة، وتمثل الجنسيات الأربع 80% من المهاجرين المقيمين حالياً في البلاد، وفق تقديرات المنظمة الدولية للهجرة.
الحكومة المصرية تتحمل المسؤولية
من جهته، أرجع الخبير الاقتصادي الدكتور خالد الشافعي ارتفاع أسعار العقارات إلى حدوث قرارات تعويم 3 مرات خلال السنوات الماضية والتي رفعت أسعار مواد البناء نظراً لاستيرادها من الخارج، وهو ما أدى إلى زيادة تكلفة البناء والمستلزمات؛ ما تسبب في ركود نسبي في عملية تشييد العقارات السكنية، وعزا الشافعي ارتفاع سعر العقارات في المناطق الشعبية بشكل خاص إلى تدفق اللاجئين السودانيين نتيجة للحرب الأهلية في السودان.
وأضاف الخبير الاقتصادي في تصريحات خاصة لـ"عربي بوست"، أن الشقة التي كان يتم تأجيرها بـ 2000 جنيه أصبحت تؤجر بـ 8000 جنيه، وهو ما شكل عبئاً على المواطن المصري، نظراً لتفضيل صاحب العقار اللاجئ السوداني عن مواطنه المصري؛ لأن المصلحة في التأجير لمن يدفع أكثر.
فيما اعتبر الخبير الاقتصادي أن الحكومة المصرية أخطأت في طرح عقارات سكنية بأسعار مرتفعة، متخلية عن نشاطها في توفير وحدات سكنية مدعمة وهي الإسكان الاجتماعي الذي كان يتم حجز الشقة بـ 11 ألفاً ولما زادت كانت بـ 20% وعلى أقساط لمدة 20 عاماً بسعر 300 ألف و 400 ألف فقط، بينما تم طرح شقق إسكان متميز بسعر ضعف وحدات الإسكان الاجتماعي 3 مرات، وهو ما يشكل صعوبة على قدرات متوسطي الدخل.
ودعا الحكومة للتخلي عن سياسة التعامل مع المواطنين كمستثمر، والعودة إلى طرح الأراضي والعقارات المدعمة كما كان سابقاً، مشيراً إلى أن المواطن المصري متوسط الدخل لم يعد يتحمل الزيادة المستمرة سواء في الإيجار أو التمليك، في الوقت نفسه أكد الشافعي أن مصر جاذبة للاستثمار العقاري، لكن لابد من الحفاظ على سلامة السوق العقاري لمتوسطي ومحدودي الدخل.
ارتفاع أسعار مستلزمات البناء
وبرر ناصر أبو شنب، عضو غرفة مواد البناء ورجل الأعمال، ارتفاع أسعار العقارات، وقال إنها نتيجة طبيعية لزيادة المواد ومستلزمات التشييد والبناء، بداية من الحديد وحتى مسامير ربط أخشاب الخرسانة، مضيفاً: "أسعار الأسمنت زادت منذ 2018 نحو 120%، إذ كان السعر في ذلك العام 890 جنيهاً وحالياً بلغ سعره 2200 جنيه، بينما كان سعر الحديد 13700 جنيه وفي الشهر الجاري بلغ سعره 41 ألف جنيه بزيادة نحو 300%".
ويوضح أبو شنب في تصريحات خاصة لـ"عربي بوست"، أن هناك استقراراً ملحوظاً في أسعار مواد البناء سواء المحلية أو المستوردة، مشيراً إلى أن أسعار الأسمنت لم تزدد مثل الحديد؛ لأن مصانع الأسمنت كلها محلية، بينما الحديد يتم استيراد خام البلنت من الخارج لذلك يزداد سعره مع ارتفاع سعر الدولار.
وأشار إلى أن هناك العديد من مواد البناء زادت أيضاً مثل الأسمنت الأبيض و(الخشب المستورد كله)، فضلاً عن معدات شحن وتفريغ الخرسانة الجاهزة، والرافعات وقطع غيرها، وكلها عوامل تدفع أسعار العقارات إلى صعود متزايد كلما زادت؛ لأن مستلزمات البناء أغلبها يتم استيرادها من الخارج ما يزيد التكلفة.
ماذا عن الاستثمارات الأجنبية؟
كان من اللافت للنظر، الرقم الذي تم الكشف عنه في ديسمبر/كانون الأول 2023، عندما تم الإعلان أن حجم الاستثمارات السودانية بمصر تتخطى الـ20 مليار دولار، وهو ما ذكره المهندس فتح الله فوزي، رئيس إحدى كبرى شركات الاستثمار والتنمية العقارية بمصر، وذلك خلال مؤتمر أقيم خصيصاً للجالية السودانية بمصر.
وقال فوزي: "تعد الجالية السودانية بمصر من أكبر الجاليات العربية والأجنبية المتواجدة، وخاصة بعد الأزمة التي شهدتها دولة السودان الشقيقة خلال الفترة الماضية، والتي انعكست بالفعل على زيادة أعداد الأشقاء السودانيين المقيمين في مصر، حيث يتواجد في مصر الآن ما يقرب من 5 ملايين مواطن سوداني، وذلك بحسب المعلومات الدقيقة التي وصلت إلينا".
ويضيف فوزي أن السودان دولة قريبة لمصر، وبعد الحرب مباشرة، حدثت حالة رواج في القطاع العقاري بمصر، وكان أكثر المشترين سودانيين، ولذلك أقمنا معرضاً خاصاً لهم يضم أكثر من 20 شركة كبرى، وللعلم، فإن السودانيين لديهم إقبال على شراء العقارات بمصر قبل الحرب، ونأمل أن يكون هناك تسهيلات لعمليات التسجيل لهم، وأكبر المناطق التي بها عمليات شراء كبرى للجالية السودانية هي المناطق السياحية، ومناطق شرق وغرب القاهرة".
دولارات الجاليات العربية تشعل السوق
وهنا يقول وائل محمد، مدير إحدى شركات التطوير العقاري، إنه بالطبع حدث نمو كبير في الاستثمار العقاري من منتصف 2023، وحتى شهر مارس/آذار الماضي، في ظل الإقبال الكبير للأصحاب الجنسيات العربية، وخصوصاً السودانيين، على شراء العقارات، ولذلك ارتفعت الأسعار بنسبة 100%، والشقة نصف تشطيب، والتي كان مترها بـ5 آلاف جنيه، تخطى الـ10 آلاف جنيه، وبالطبع ساهم في ذلك سعر الدولار وارتفاعه الكبير والذي تخطى الـ70 جنيهاً.
ويوضح وائل في تصريحاته الخاصة لـ"عربي بوست"، أن سعر صرف العملات الأجنبية كان دافعاً كبيراً لزيادة حجم الاستثمار في مصر، حيث وصل سعر الدولار لـ70 جنيهاً، وهو ما ساهم في حرص الوافدين على ضخ تلك الدولارات في العقارات، وتحقيق الأرباح مع الإقبال الكبير.
لكن خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وبعد التعويم ونزول الدولار لأقل من 50 جنيهاً، حدثت حالة ركود كبيرة في سوق العقارات، ويضيف: "للأسف العقارات أصبح سعرها مرتفعاً ومعظمها أكبر من قيمتها، ولذلك مع انخفاض سعر الدولار لا يبيع في السوق إلا المضطر وبخسارة، أو بالسعر الطبيعي، ولا نعلم إلى أين يتجه السوق في الفترة المقبلة".
زيادة قياسية في عقود التمويل العقاري
كشفت الهيئة العامة للرقابة المالية في مصر أن عقود التمويل العقاري شهدت زيادة قياسية خلال شهر يناير/كانون الثاني 2024، حيث نمت بنسبة 355.4% على أساس سنوي، وأوضحت أن عددها بلغ 1049 عقداً بقيمة إجمالية بلغت نحو 1.4 مليار جنيه، مقارنة بنحو 240 عقداً بقيمة 307.4 مليون جنيه خلال شهر يناير/كانون الثاني 2023، مسجلة زيادة في عدد العقود بنسبة 337%.
وأشارت إلى ارتفاع إجمالي قيمة إعادة التمويل العقاري إلى 36.3 مليون جنيه خلال يناير 2024 مقابل 21 مليون جنيه بنسبة نمو بلغت نحو 72.9%.
وذكرت أن شركات التمويل العقاري وقعت 3 عقود لشريحة الدخل أقل من أو يساوي 2500، بقيمة 0.04 مليون جنيه، وعقدين لشريحة الداخل أكبر من 2500-3500 جنيه بقيمة 0.3 مليون جنيه، ووقعت شركات التمويل العقاري 1044 عقداً لشريحة الدخل أكبر من 3500 جنيه بقيمة 1.4 مليار جنيه خلال يناير مقارنة مع 238 عقداً بقيمة 302.7 مليون جنيه.
غير أن المفاجأة هي ما قاله عبد الرحمن أنس، صحاب إحدى شركات التسويق العقاري، إذ اتهم الحكومة المصرية بالمسؤولية الكاملة عن زيادة أسعار العقارات بمصر نتيجة سياساتها عبر السنوات الخمس الماضية.
وقال في تصريح لـ"عربي بوست": "الحكومة أوقف كافة مشاريع البناء بمصر، وانفردت هي بسوق العقارات قبل ظهور الجنسيات الأجنبية بمصر، وقامت الدولة بتحديد سعر المتر للشقق فئة شريحة متوسط الدخل ما بين 10 آلاف إلى 20 ألف للمتر، وأصبحت أسعار الشقق مليونية، وفي البداية كان الناس يسخرون من الأسعار ولا يشترون، ولكن بعد ذلك أصبحوا مضطرين".
ويوضح عبد الرحمن أنه "كانت الشركات العقارية تقيم سعر الشقة بـ700 ألف جنيه على سبيل المثال بهامش ربح 100 ألف جنيه، ولكن عندما وجدت الحكومة تبيع تلك الوحدة وبذات المساحة بمليون و300 ألف قرروا أن يرفعوا الأسعار لتحقيق نفس مكاسب الحكومة وتجنباً للصدام مع أجهزة الدولة".
43 مليون عقار 44% منها خالية
وبنظرة عامة للسوق المصري، فقد وصل حجم القطاع العقاري في مصر إلى أرقام كبيرة مع نمو كبير حدث بالسوق خلال السنوات الماضية، ووصل حجم السوق إلى حوالي 10 تريليونات جنيه، موزعة على أكثر من 43 مليون عقار، تمثل 20% من الناتج المحلي، و12% من القوى العاملة، موزعة على 61 مدينة جديدة، بمساحة إجمالية 2.2 مليون فدان، يقطنها ما يزيد على ثمانية ملايين نسمة فقط.
بحسب رصد منصة "المرصد العمراني"، فإن هذا التوسع يأتي رغم ارتفاع عدد الوحدات السكنية الشاغرة في القاهرة الكبرى؛ بالمقارنة مع عدد الأسر، بلغ متوسط معدل الوحدات الخالية في العاصمة 44%، أو ما يعادل 1.8 وحدة سكنية لكل أسرة.
وبلغ أعلى معدلات الوحدات الخالية في مدينة بدر نسبة 85% (6.5 وحدة لكل أسرة)، وفي مدينة 6 أكتوبر نسبة 80% (4.9 وحدة لكل أسرة)، بمتوسط 72% في المجتمعات العمرانية الجديدة، مقابل 39% في المدن والمراكز القائمة.
وسُجل أقل معدل للوحدات الخالية (28%، أو 1.4 وحدة لكل أسرة) في كل من مركز أوسيم، و15 مايو، ولا تتضمن الإحصائية السابقة ستة مجتمعات عمرانية جديدة، هي: العاصمة الإدارية، حدائق العاصمة، العبور الجديدة، أكتوبر الجديدة، حدائق أكتوبر، وسفنكس الجديدة، لم يتم إنشاؤها أو تأسيسها إدارياً مع تعداد 2017، وبالتالي، فإن ذلك العدد الشاغر من الوحدات أقل من الواقع حالياً.
وحين سأل "عربي بوست" الخبراء الذين شاركوا بهذا التقرير عن حلول الأزمة، كان هناك اتفاق على أن الحل يمكن أولاً بيد الحكومة من خلال التخلي عن جشعها الاستثماري على حساب الشعب، مع ضرورة تدخلها لاحتواء أزمة الجاليات الأجنبية داخل البلاد، وتوزيعهم على مدن مصر، وعدم تمركزهم في العاصمة.
كما شدد الخبراء على أن استمرار الأوضاع على حالها هو بمثابة "قنبلة موقوتة" يمكن أن تنفجر ولا يعلم أحد تداعيات هذا الانفجار، وإن كان هناك مؤشرات على موجة غضب ضد الهاربين من حروب بلادهم.