- منتدى كوهيليت اليميني
- الدور الدموي خلال الحرب
- استهداف المدنيين الفلسطينيين
- المُنظّر لإقامة المنطقة العازلة داخل غزة
- المحرّض على إغلاق الأونروا
- رفض عودة السلطة الفلسطينية
- الخطة التهجيرية لفلسطينيي غزة
- سياسة التجويع في غزة
- رفض عودة الفلسطينيين لشمال القطاع
- استعداء المحكمة الجنائية الدولية
- التحريض على دور قطر
- دعوات إسرائيلية لإغلاق المنتدى
يصف اليسار الإسرائيلي منتدى كوهيليت اليميني، بـ"آلة سموم قاتلة"، ويُنظر إليه على أنه واضع لسياسات وأجندة اليمين المتطرف الإسرائيلي في العدوان على قطاع غزة، والمنظّر لحرب الإبادة الجماعة والمجاعة ضد الفلسطينيين في القطاع.
وضع عدد من مراكز الأبحاث ومخازن التفكير الإسرائيلية نفسها في مواقع صنع القرار، والتأثير عليه، لا سيما خلال الحرب الحالية في غزة، في ظل وجود أجندات سياسية وأيديولوجية لكل منها، تحاول إسقاطها على الواقع السياسي والأمني لدولة الاحتلال، لكن منتدى كوهيليت اليميني The Kohelet Policy Forum ذا التوجهات اليمينية الاستيطانية الصرفة، كان أشدها تطرفاً.
لم يُخفِ منتدى كوهيليت اليميني توجهاته العنصرية منذ اندلاع العدوان على غزة، بدعوة الحكومة لاستمرارها، وعدم وقفها، ولا بأي ثمن، حتى مقابل عدم إعادة المختطفين الإسرائيليين لدى حماس.
بل حرّض هذا المنتدى المتطرف على تنفيذ الإبادة الجماعية الجارية ضد الشعب الفلسطيني في القطاع، وتطبيق سياسة التجويع، واستباحة المواقع المدنية، وعدم وضع خطوط حمراء أمام آلة القتل الإسرائيلية، بزعم أن الدولة في حالة حرب وجودية.
ذكر المنتدى كل ذلك صراحة في منشوراته ودراساته التي دأب على نشرها على مدار الساعة، طوال أشهر الحرب التسعة الماضية.
منتدى كوهيليت اليميني
تأسس منتدى كوهيليت اليميني في عام 2012، ويصف نفسه بأنه "مؤسسة فكرية إسرائيلية محافظة يمينية غير ربحية"، ويترأسه البروفيسور موشيه كوبل، وبجانبه العديد من الأكاديميين اليمينيين مثل أبراهام ديسكين وآفي بيل وإيمانويل نافون وإسحاق كلاين، وشخصيات عامة وناشطين إسرائيليين.
عمل منذ تأسيسه على تحويل هوية دولة الاحتلال من النظام الليبرالي في البرامج الاقتصادية والسياسية والاجتماعية إلى دولة دينية يهودية بحتة.
يعمل المنتدى من خلال طواقمه التي زاد عدد باحثيها عن 140 باحثاً على التسويق والترويج لمبادئه اليمينية الاستيطانية عبر كتاباتهم ومنشوراتهم، ولعل مقرّه في مستوطنة "غفعات شاؤول" بالقدس المحتلة دليل كافٍ للإشارة إلى توجهاته السياسية.
حتى أن زهافا غالئون الرئيسة السابقة لحزب العمل، اعتبرت أن "المنتدى يحاول بتمويل أجنبي تحويل إسرائيل إلى دولة أصولية تحت ستار الليبرالية".
بل إن المنتدى وقف خلف تمرير القانون الأساسي لدولة الاحتلال، وتعريفها بأنها دولة قومية للشعب اليهودي عام 2018، وأعطى مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق الذرائع القانونية الواهية للإعلان أن المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة ليست انتهاكاً للقانون الدولي.
كما أنه دعم المنتدى التشريعات الأمريكية التي تجرّم حملات المقاطعة ضد الأنشطة الاقتصادية للاحتلال، ودأب على الدفاع عن ضم الضفة الغربية للاحتلال، حيث التقى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو برؤساء المنتدى الذين عبّروا عن دعمهم له في خطواته "التاريخية" الهادفة لفرض قانون الاحتلال على الضفة الغربية.
الدور الدموي خلال الحرب
منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على غزة، ركّز منتدى كوهيليت اليميني أعماله البحثية والدراسية على تطوراته، وسعى لشرعنة وقوننة جرائم الحرب التي يرتكبها جيش الاحتلال من خلال الأوراق البحثية التي نشرها.
وعمل أيضاً على ما يرتبط بتبعات الحرب على الأصعدة السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والقانونية، لاسيما وضع الأسانيد القانونية لمواجهة اتهامات محكمة الجنايات الدولية ضد قادتها، والسعي لمواءمة الحرب على غزة مع أحكام القانون الدولي، والتخوف الذي أبداه من انتقال الحرب إلى التجمعات الطلابية والأكاديمية في الولايات المتحدة، ومواجهة ما أسماها "شيطنة" الاحتلال بسبب الحرب.
ودأب المنتدى على إيراد المبررات اللازمة لإقامة المنطقة الأمنية العازلة حول غزة، ولم يتردد في التحريض على الدور القطري في غزة، فضلاً عن دعوته لما أسماه "اقتصاد التسلح" في الجيش الإسرائيلي، كي يستمر في حربه على غزة.
وكان كذلك من رواد الدعوة لإغلاق وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين- الأونروا، والبحث عن بدائلها.
استهداف المدنيين الفلسطينيين
حرّض المنتدى خلال أشهر العدوان الإسرائيلي، على شرعنة جرائم الحرب التي يرتكبها جيش الاحتلال، لاسيما استهداف المباني المدنية بزعم تحصّن المقاومين فيها، بالتالي، فإن مرافق الإنتاج والخدمات اللوجستية التي تستخدمها حماس تصبح أهدافاً عسكرية، وفق قوله.
حتى أن الجسر الذي يستخدمه المدنيون الفلسطينيون للمرور عليه، والذي قد يستخدمه المقاومون للتقدم أو للانسحاب، يعد بالنسبة للمنتدى هدفاً عسكرياً، على حدّ زعم البروفيسور يوجين كونتوروفيتش المحاضر في القانون الدولي بجامعة جورج ميسون، ورئيس قسم القانون في منتدى كوهيليت اليميني.
أكثر من ذلك، فقد اعتبر المنتدى أن مراكز الإيواء والمدارس والمستشفيات المنتشرة في جميع أنحاء قطاع غزة أصبحت أهدافاً عسكرية مشروعة، بزعم استخدامها من قوة حماس المقاتلة، وأنها باتت مباني ذات استخدام مزدوج، تخدم أغراضاً مدنية، ولكن يمكن استخدامها أيضاً "لحماية" الأغراض العسكرية.
بالتالي، فإن الأنفاق التي حفرتها حماس لتخزين ونقل الإمدادات، وتوفير المأوى، وإتاحة مجال للمناورة، يمكن تحديدها كأهداف للهجوم الإسرائيلي المباشر، حتى لو كانت هناك منشآت مدنية تقع فوقها، أو متصلة بها.
بل إن المنتدى سعى على لسان أبراهام شاليف الخبير القانوني لديه، لشرعنة هذه الجرائم من خلال تذكير المجتمع الدولي، والمنظومة الغربية تحديداً، بما ارتكبته جيوشها من جرائم مشابهة.
فأشار المنتدى في دراساته إلى الجيش الأمريكي، الذي استخدم قاذفات B52 والقنابل الحرارية في فيتنام والعراق؛ وأسقط أكبر قنبلة غير نووية في العالم على شبكة الأنفاق قرب حدود أفغانستان وباكستان، ورصد استخدم روسيا المواد الحارقة ضد أنفاق تنظيم الدولة في سوريا.
المُنظّر لإقامة المنطقة العازلة داخل غزة
زعم المنتدى أن إنشاء "إسرائيل" لمنطقة أمنية عازلة داخل قطاع غزة على طول خط الحدود لمنع المقاومين من التسلل أو الغزو أو شن هجوم عليها، كما حدث في السابع من أكتوبر، لا يشكل انتهاكاً للقانون الدولي، بزعم أنها تنبع من ضرورة عسكرية واضحة، وتأتي لممارسة حقها بالدفاع عن النفس.
مع العلم، أن إقامة هذه المنطقة الأمنية العازلة يتوجب هدماً لمنازل الفلسطينيين، وتدميراً غاشماً لممتلكاتهم دون مبرر عسكري، وفي الوقت ذاته، فإن إقامة هذه المنطقة يجب أن تكون داخل الحدود الإسرائيلية، ولا تقضم المزيد من أراضي غزة الصغيرة أصلاً.
رغم أنه في النهاية، فإن إنشاء هذه المنطقة العازلة داخل غزة يشكل احتلالاً غير قانونياً لأراضيها.
المحرّض على إغلاق الأونروا
نشر منتدى كوهيليت اليميني عدة كتابات ودراسات خلال الحرب الجارية على غزة دعت لتفكيك الأونروا، ووقف تمويلها، بزعم أن هناك أهدافاً استراتيجية عديدة للاحتلال في إنهائها، بسبب خطورة الخدمات الاجتماعية والتعليمية والاقتصادية التي تقدمها للفلسطينيين، على وجود دولة الاحتلال.
ودأب المنتدى على اتهام الأونروا بأنها تقوّض وجود إسرائيل، وتعزيز كراهيتها، وتسعى لإدامة قضية اللاجئين الفلسطينيين، و"تديرها حالياً حماس من خلال نظام تعليمي يشكل أخطر تهديد أمني على الدولة"، وفق زعمه.
اللافت للانتباه بهذا الخصوص، أن باحثي المنتدى قدموا آراءهم العدوانية هذه ضد الأونروا ليس في محفل علمي أو مؤتمر بحثي، بل من خلال مشاركتهم في اجتماع سري للجنة الفرعية للسياسة الخارجية والإعلام في الكنيست برئاسة عضو الكنيست زئيف إلكين لمناقشة مستقبل المنظمة الدولية.
واستمع أعضاء اللجنة من هيئات الدولة، بما فيها الجيش والشاباك ووزارة الخارجية إلى منتدى كوهيليت اليميني.
نوغا أربيل الباحثة في المنتدى، زعمت خلال هذا الاجتماع السري، أن الأونروا هي جوهر المشكلة، وأنه إذا سُمح لها بمواصلة إدامة قضية اللاجئين الفلسطينيين، بدلاً من حلها، فإن التهديد لن يختفي، بدليل تزايد ميزانيتها، لأن أعداد اللاجئين الفلسطينيين يتكاثر حول العالم بدلاً من التناقص.
اعتبرت أن ذلك يضع علامة استفهام دائمة حول وجود الدولة اليهودية، من خلال محافظة الأونروا على حق العودة، وإدامة الصراع جيلاً بعد جيل".
رفض عودة السلطة الفلسطينية
يصعب على المرء التفريق، حين يتصفح كتابات منتدى كوهيليت اليميني، بين ما ينشره وما تصدره حكومة الاحتلال من مواقف وسياسات، وأيهما الذي يوجه الآخر.
لعل من أبرز الأمثلة على ذلك، مسألة رفض بقاء حماس في حكم غزة، وفي الوقت ذاته عدم السماح بعودة السلطة الفلسطينية، كما يعلن ذلك رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو باستمرار.
زعم المنتدى أن السلطة الفلسطينية تقوم بتمويل عائلات الأسرى والشهداء، ونشر مقاطع فيديو يظهر فيها مسلحون يرتدون عصابات الرأس الصفراء لكتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح، وهم يطلقون النار على مستوطنة إسرائيلية.
ويؤكد أن عناصر كتائب شهداء الأقصى شاركوا مع حركات المقاومة الأخرى في عملية "طوفان الأقصى".
فيما نقل إيتمار ماركوس الرئيس التنفيذي لمنظمة مراقبة الإعلام الفلسطيني القريبة من منتدى كوهيليت اليميني، عن وكالة أنباء السلطة الفلسطينية الرسمية "وفا" الهجوم بأنه "معركة بطولية"، ودعت الفلسطينيين لتصعيد المواجهة في جميع الساحات.
ونقلت أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أعلن في السابع من أكتوبر حق الفلسطينيين في "الدفاع عن النفس"، ووصل المنتدى إلى قناعة مفادها أن إسرائيل لن تسلم غزة للسلطة الفلسطينية، لأن ذلك يعني تنفيذاً لخطط أعدائها.
الخطة التهجيرية لفلسطينيي غزة
شهدت حرب غزة خروج العديد من المخططات الإسرائيلية التي كانت حبيسة الأدراج طوال سنوات ماضية، لكنها ظهرت إلى العلن مع انطلاق الأيام الأولى للعدوان، وأخطرها تهجير الفلسطينيين من خارج القطاع إلى دول عربية مجاورة.
إذ كشفت وزارة المخابرات التي تقودها غيلا غمليئيل، عن وثيقة لتشجيع التهجير القسري لسكان غزة إلى مصر، وتبين لاحقاً أن المسودة الأولى للخطة كتبها باحثون في منتدى كوهيليت اليميني، الذين زعموا أن "الفلسطينيين في غزة يريدون تدميرنا، ولا يمكننا أن نعيش معهم بسلام، ولا يمكننا أن نعتمد طوال الوقت على قدرة الجيش في إحباط جهودهم العدوانية".
وزعمت وثيقة وزارة المخابرات التي تعود حروفها الأولى إلى أمير فايتمان الملقب بأنه "زعيم الليبراليين في الليكود"، وثيق الصلة بمنتدى كوهيليت اليميني، أن "مصر هي الحل الأكثر منطقية، بحيث يتم نقل الفلسطينيين من غزة بالسفن أو الطائرات، لأننا بحاجة لتدمير كل البنية التحتية التي لا تسمح ببقائهم في القطاع".
وتضمنت أيضاً "أن يتم خلق أزمة إنسانية تجبر العالم على إيجاد حلول لهم، وفي هذه الحالة تدفع إسرائيل المليارات لشراء شقق في مصر لصالحهم، وإنشاء مدينة مزدهرة هناك، وهذا استثمار مفيد للغاية بالنسبة لإسرائيل".
سياسة التجويع في غزة
لم يتردد المنتدى القريب من دوائر صنع القرار الإسرائيلي في الإعلان صراحة أن إسرائيل ليست ملزمة بتقديم الإمدادات الإنسانية والمعيشية للفلسطينيين المحاصرين في غزة، بما يخالف القانون الدولي.
بل إن البروفيسور آفي بيل مسؤول القسم القانوني في منتدى كوهيليت اليميني، سعى لشرعنة تفاقم الحصار على قطاع غزة في إطار القتال الدائر، داعياً سلطات الاحتلال للاعتماد على مجموعة متنوعة من الحجج لدعم سياسة التجويع المتبعة هناك، بزعم أنها غير ملزمة بالمساعدة في إدخال البضائع من أي نوع أو المواد الإنسانية للقطاع، حتى لو كان مصدرها طرفاً ثالثاً، "لأن غزة أرض معادية".
وأن ذلك يمنح الاحتلال الحق بوقف جميع الإمدادات لغزة، بدءاً بألعاب الأطفال وصولاً إلى مياه الشرب، مستنداً إلى قرار رقم 1373 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وبموجبه تمتنع جميع الدول الأعضاء عن مساعدة الكيانات أو الأشخاص المشاركين في الأنشطة "الإرهابية".
وأضاف أنه في الحرب الحالية، ونظراً لسيطرة حماس على الأراضي، فإن أي سلع أو خدمات تدخل إلى قطاع غزة ستعمل على تحسين الجهود الاقتصادية والعسكرية للحركة، وفي كثير من الحالات ستخدم بشكل مباشر احتياجاتها القتالية في غيابها آلية موثوقة لضمان وصول البضائع لوجهتها.
وحرض أنه "طالما أن مثل هذه الآلية غير ممكنة، فإن إسرائيل ليس عليها أي التزام بالمساعدة في توريد البضائع والسلع إلى القطاع"، على حد تعبيره.
ورغم إعلان القانون الدولي أن الحصار الإسرائيلي على غزة جريمة حرب، وجريمة ضد الإنسانية، لكن منتدى كوهيليت اليميني اعتبر أن الحصار عملية عسكرية، وبالتالي، فإن قوانين الحرب المعتادة تنطبق عليه، بما في ذلك الضرورة العسكرية، ومبادئ التمييز والتناسب.
وذهب إلى أن "فرض الحصار على القطاع بلا شك معيار الضرورة العسكرية، لأنه سيساعد أهداف إسرائيل الحربية بهزيمة حركة حماس".
رفض عودة الفلسطينيين لشمال القطاع
لم يُخفِ المنتدى تأييده لإجراءات قوات الاحتلال في بداية الحرب على غزة بتهجير قرابة مليون فلسطيني من مدينة غزة وشمال القطاع، بزعم تحولها الى مناطق عمليات قتالية.
ودمّرت القوات الإسرائيلية في شمال غزة آلاف المنازل، وتركت أجزاء كبيرة من تلك المناطق في حالة خراب، ما دفع المنظمات الحقوقية الدولية لاعتبار ذلك "تطهيراً عرقياً" الفلسطينيين في الجزء الشمالي من القطاع، ونقلهم للجزء الجنوبي منه، وهو ما يحظره القانون الدولي، لأن الترحيل أثناء النزاع المسلح يعدّ جريمة حرب، وجريمة ضد الإنسانية.
لكن المنتدى بدأ يروّج لمواقف الجيش والحكومة الزاعمة بأن إسرائيل ليست ملزمة قانونياً بالسماح بعودة الفلسطينيين لشمال قطاع غزة، ما يوفر غطاء قانونياً للسياسات الاحتلالية ضد الفلسطينيين، بزعم أن الضرورة العسكرية تتفوق على قوانين الحرب، بما فيها المسائل الإنسانية، التي قد تنتقص من تحقيق "النصر".
ذكر المنتدى ذلك في واحدة من دراساته، بأن الضرورة العسكرية تسمح بإبعاد الفلسطينيين عن أماكن سكناهم، رغم أنهم غادروا شمال القطاع إلى الوسط والجنوب ووجدوا أنفسهم يهجرون مرات عدة، مع تكرار الهجمات الإسرائيلية على كامل مناطق القطاع.
استعداء المحكمة الجنائية الدولية
ركّز المنتدى جزءاً كبيراً من جهوده البحثية والدراسية خلال الحرب على غزة في معاداة الأجسام القانونية الدولية التي اتهمت الاحتلال بارتكاب جرائم حرب، حتى وصل بالمحاكم الدولية لطلب استصدار أوامر اعتقال ضد قادة الاحتلال، ما دفع المنتدى لاتهامها بأنها جعلت من نفسها شريكاً فاعلاً في الحرب الفلسطينية ضد إسرائيل.
ووصل الاستهتار بالمنظومة الدولية حداً لتقول إنه "لا فائدة من اللعب بقواعد قانونية زائفة متحيزة مسبقاً"، ودعوة صنّاع القرار في تل أبيب للإدراك أن ما وصفته بـ"تحدّي" المحكمة الجنائية الدولية هو حدث سياسي وليس قانونياً، بزعم أن العداء ضد إسرائيل متأصّل في دستور روما، الوثيقة التأسيسية للمحكمة الدولية.
واتهم المنتدى خبراء القانون الدولي حول العالم بشنّ حملة تشهير على مدى عقدين من الزمن ضد إسرائيل ولصالح الفلسطينيين.
واعتبر أن إصدار أوامر الاعتقال ضد كبار المسؤولين الإسرائيليين بسبب جرائمهم في غزة، يلعب دوراً أساسياً في استراتيجية الفلسطينيين لـ"تدويل الصراع"، ودعوة المجتمع الدولي لفرض مطالبهم على إسرائيل، وتحقيقاً لتوصيات مؤتمر ديربان في جنوب أفريقيا لعام 2001، حين حددت المنظمات الحقوقية المناهضة لإسرائيل خطة لإدانتها باعتبارها دولة عنصرية وغير شرعية، من خلال الوسائل القانونية، بما في ذلك التحقيقات في المحاكم الدولية.
ليس ذلك فحسب، بل إن المنتدى طالب دولة الاحتلال بالاستمرار في هجومها على غزة، بزعم أن المحكمة الدولية ليس لها سلطة قانونية على مواطنيها، ودعت لإصدار قانون يمنع الدولة من التعاون مع المحكمة.
التحريض على دور قطر
رغم ما قامت به قطر من دور في الوساطة لإبرام صفقة التبادل الأولى بين حماس وإسرائيل في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، لكن الاحتلال ما فتئ يحرّض على الدور القطري، ويتهمها بالانحياز إلى حماس.
لكن ذلك بدأ بعد أن قاد منتدى كوهيليت اليميني حملة تحريضية شرسة ضد الدوحة، بزعم أن زيادة نفوذها في غزة في اليوم التالي لانتهاء الحرب يضرّ بالوضع الاستراتيجي لإسرائيل، ويحدّ بشكل كبير من نطاق عملها ضد حماس.
بل إن المنتدى زعم أن الهيمنة الرسمية لمثل هذه الدولة القوية، قطر، على منطقة إقليمية متميزة، غزة، ستؤدي إلى تحديات كبيرة، وتقليص نطاق عمل إسرائيل.
بالتالي، فإن تل أبيب قبل أي عمل عسكري، أو حتى ضغط اقتصادي على القطاع، سيتعين عليها أن تفكر وتقيس كيف سيكون رد فعل قطر، وقوتها وسلاحها، لأن أي احتكاك مع غزة سيؤدي لضغوط دولية نظراً لأهمية قطر في سوق الطاقة، لأنها تزوّد العالم بثلث احتياجاته، فضلاً عن كون زيادة النفوذ القطري في غزة سيؤدي لتكثيف التدخل التركي في المنطقة، في ظل انسجامهما الأيديولوجي ومصالحهما الاستراتيجية.
وأضاف المنتدى أن كل ذلك يتطلب من إسرائيل أن تنأى بقطر عن الإدارة المستقبلية لقطاع غزة، وفق توصيته.
دعوات إسرائيلية لإغلاق المنتدى
لم تُثِر مواقف كوهيليت اليمينية العنصرية خلال حرب غزة الفلسطينيين فحسب، بل إن أصواتاً إسرائيلية "عقلانية" اعتبرت سياسات المنتدى تخريبية وضارة بدولة الاحتلال ذاتها، بسبب ما تفرضه من عزلة حولها من دول العالم، وكشفها على حقيقتها.
إذ دعا الجنرال غادي شامني، القائد السابق لفرقة غزة في جيش الاحتلال، وقائده في الضفة الغربية، للتحقيق مع المنتدى، بسبب سياساته العنصرية، وإضراره بمصالح الدولة، من خلال سياسات وفعاليات تؤدي في النهاية إلى التخريب السياسي".
وطالب جهاز الأمن العام-الشاباك بالتحقيق مع المنتدى ضمن قسم مكافحة التجسس، مما حدا بالمنتدى لوصفه بـ"الجنرال اليساري" الذي ينظر لحماس كجزء من الحل وليس المشكلة، رافضاً ما اعتبرها محاولات لإسكاته.
في سياق متصل، فقد أقدم رئيس لجنة مراقبة الدولة في الكنيست ميكي ليفي، على طرد ممثلي المنتدى خلال حضورهم اجتماعاً للجنة لبحث مسألة مخزون الغذاء الطارئ في إسرائيل بسبب الحرب، واتهمهم بالتسبب بوقوع هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، لأنهم شغلوا الدولة في مسألة الانقلاب القضائي الذي شرعت حكومة اليمين بتنفيذه خلال 2023.
دفع الأمر يوناتان سوروكتسين، الباحث في المنتدى، لوصف ليفي، وهو قائد الشرطة السابق، بأنه "شيوعي"، و"مخمور بالسلطة والفساد السياسي".
وسبق لمنظمة "إخوة السلاح" اقتحام مقر المنتدى، وإغلاقه بأكياس الرمل، كما تظاهر العديد من الناشطين في الولايات المتحدة أمام مكاتب كبار مانحي المنتدى.
كما تتواصل دعوات المسؤولين الإسرائيليين، لاسيما في المعارضة ومنظمات المجتمع المدني، لإغلاق المنتدى، لأن ما ينشره من أوراق سياسية وبحثية تشكل "آلة سموم قاتلة"، وتسهم في تشويه دولة الاحتلال.