تنذر المشاركة في عملية إطلاق الأسرى الإسرائيليين من مخيم النصيرات وسط غزة في 8 يونيو/حزيران أن الولايات المتحدة قد تكون على وشك الانجرار إلى حرب إسرائيل على غزة، إضافة إلى أن هذه المشاركة ربما قد عقدت من المفاوضات الرامية للتوصل لوقف إطلاق نار.
ونقلت شبكة "إيه بي سي" الأمريكية عن مصدرين أمنيين إسرائيليين قولهما إن "القوات الخاصة الإسرائيلية تنكرت في هيئة لاجئين خلال عملية إطلاق الأسرى الإسرائيليين بالنصيرات".
وصف وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث خلال حديث للجزيرة تنكر جنود جيش الاحتلال بهيئة عمال إغاثة خلال عملية عملية إطلاق الأسرى الإسرائيليين من مخيم النصيرات في قطاع غزة بالضربة القاصمة والمدمرة للعمليات الإنسانية.
ونفذت القوات الإسرائيلية العملية باستخدام مركبات غير عسكرية، بما في ذلك سيارة مرسيدس بيضاء، وفقاً لشهود عيان تطابقت رواياتهم مع مقاطع الفيديو التي حللتها شبكة CNN الأمريكية.
وقال شهود عيان أيضاً إنهم رأوا عناصر من القوات الإسرائيلية متنكرين حيث ارتدوا زي مقاتلي "حماس" أو ملابس مدنية في العملية التي أدت إلى استشهاد أكثر من 270 فلسطينياً، جراء عملية إطلاق الأسرى الإسرائيليين من مخيم النصيرات، وفقاً لمسؤولي الصحة في غزة.
هبوط المروحيات الإسرائيلية تم بحوار الرصيف البحري الأمريكي بغزة
والتقط مقطع فيديو لطائرة هليكوبتر محملة بالجنود والرهائن الإسرائيليين الذين تم إنقاذهم في الغارة النهارية، صورة للرصيف الذي بناه الجيش الأمريكي لتوجيه المساعدات إلى غزة على بعد أمتار قليلة، حسب ما ورد في تقرير لموقع Middle East Eye البريطاني.
وفي نفس اليوم الذي هبطت فيه المروحية التي تنقل الرهائن والجنود من غزة إلى إسرائيل على الشاطئ، أعلنت الولايات المتحدة أن رصيفها قد أعيد فتحه بعد أن تضرر من عاصفة.
وقال مسؤول أمريكي سابق على دراية بالعمليات العسكرية في غزة لموقع Middle East Eye بشرط عدم الكشف عن هويته: "إذا أرادت الولايات المتحدة أن يعتقد الناس أنها متورطة بشكل مباشر في عملية إطلاق الأسرى الإسرائيليين من مخيم النصيرات، لما كان بإمكانها القيام بعمل أكثر وضوحاً من ذلك".
واحتفل الإسرائيليون بإنقاذ الرهائن الإسرائيليين الأربعة، لكن الهجوم المميت تسبب في تدفق الغضب بين الفلسطينيين ومنتقدي إسرائيل، الذين يشيرون إلى أن إنقاذ أربعة إسرائيليين أسفر عن استشهاد ما لا يقل عن 274 فلسطينياً، وفقاً لمسؤولي الصحة الفلسطينيين.
وتركت الغارة أيضاً المسؤولين الأمريكيين يطرحون أسئلة حول مدى تورطهم في الهجوم الإسرائيلي بعد أن قال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان إن الولايات المتحدة قدمت الدعم لإسرائيل على مدى عدة أشهر في جهودها لتحديد مواقع الأسرى في غزة واستعادتهم.
وقالت القيادة المركزية، القيادة العسكرية الشاملة للولايات المتحدة للشرق الأوسط، إنه في حين استخدمت إسرائيل منطقة جنوب الرصيف الذي بنته الولايات المتحدة كمنطقة هبوط في عملية إطلاق الأسرى الإسرائيليين من مخيم النصيرات، "لم يتم استخدام مرفق الرصيف الإنساني، بما في ذلك معداته وأفراده وأصوله في عملية إنقاذ الرهائن".
ومع ذلك، قال مسؤول دفاعي أمريكي، متحدثاً مع Middle East Eye بشرط عدم الكشف عن هويته، إن استخدام إسرائيل للشاطئ مع رصيف الرصيف الذي تم رميه بعيداً، "يعني أننا كنا جزءاً من الأمر".
كيف شاركت أمريكا في عملية إطلاق الأسرى الإسرائيليين من مخيم النصيرات؟
ودعمت خلية أمريكية في إسرائيل الجهود المبذولة لتحرير الأسرى الأربعة وعملت مع القوات الإسرائيلية في العملية، حسب ما صرح مسؤول أمريكي لشبكة CNN.
وقال المسؤول إن الخلية الأمريكية هي عبارة عن فريق موجود لدعم إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بجمع المعلومات حول الرهائن. ولم تكن هناك قوات أمريكية على الأرض خلال مهمة اليوم، وفقاً لمصدر مطلع على الأمر.
وحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، فإن "البنتاغون ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية (C.I.A) قد قدما معلومات تم جمعها من رحلات الطائرات من دون طيار فوق غزة، واعتراض الاتصالات ومصادر أخرى حول الموقع المحتمل للرهائن، في حين أن إسرائيل لديها استخباراتها الخاصة، فإن الولايات المتحدة لديها معلومات استخباراتية خاصة بها.
وبين المسؤول الإسرائيلي أنه في حين أن لدى إسرائيل معلومات استخباراتية خاصة بها، فقد تمكنت الولايات المتحدة وبريطانيا من توفير معلومات استخباراتية من الجو والفضاء الإلكتروني لا تستطيع إسرائيل جمعها بمفردها.
وسبق أن ذكرت شبكة CNN أنه في أعقاب هجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول، عرضت الولايات المتحدة على إسرائيل التخطيط للعمليات الخاصة والدعم الاستخباراتي كجزء من الجهود المبذولة لإنقاذ الرهائن الذين احتجزتهم حماس، وفقاً لمسؤول دفاعي أمريكي.
ويبدو أنه تم الاتفاق على أن هذا الدعم لن يشمل وجود قوات أمريكية على الأرض في إسرائيل. وبدلاً من ذلك، ستأتي المساعدة في شكل معلومات استخباراتية ومراقبة واستطلاع، بحسب المسؤول.
ولم يعلق المسؤولون الأمريكيون الحاليون والسابقون الذين تحدثوا مع الموقع البريطاني على المساعدة المحددة التي قدمتها الولايات المتحدة للهجوم الإسرائيلي، لكنّ كليهما قال إنه تم إخطار الولايات المتحدة بخطة التسلل الإسرائيلية عبر الشاطئ لأن الولايات المتحدة تحتفظ بنظام دفاع جوي على الرصيف.
المشاركة الأمريكية في إطلاق الأسرى عقدت التفاوض حول صفقة التبادل
ويبدو أن المشاركة الأمريكية في عملية إطلاق الأسرى الإسرائيليين من مخيم النصيرات، قد انعكست سلباً على جهود وقف إطلاق النار، كما ظهر رد حركتي حماس والجهاد على اقتراح وقف إطلاق النار الذي طرحته واشنطن.
وبحسب صحيفة الأخبار اللبنانية، فإن حماس والجهاد الإسلامي، كانتا أبلغتا "شفهياً" المصريين والقطريين، "بعد التثبّت من المشاركة الأمريكية في مجزرة النصيرات، بأن المقاومة لا تعتبر الولايات المتحدة ضامناً للاتفاق".
وطالبت المقاومة الفلسطينية في درها على مقترح الصفقة بإدخال الصين وروسيا وتركيا كأطراف ضامنة للاتفاق.
وسبق أن قال مسؤولو حماس إنهم يريدون ضمانات بأن الصفقة، التي أقرها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم الإثنين، لن تسمح لإسرائيل باستئناف القتال بمجرد إطلاق حماس سراح الرهائن كجزء من المرحلة الأولى من صفقة من ثلاث مراحل.
واختلفت الولايات المتحدة وإسرائيل وحماس حول معنى رد فصائل المقاومة.
حيث ادعى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أن حماس اقترحت "تغييرات عديدة" على الاقتراح الذي قدمه بايدن في 31 مايو/أيار، وأضاف: "بعض التغييرات قابلة للتطبيق. البعض ليس كذلك"، بينما اتسمت الاستجابة الرسمية الإسرائيلية بالهدوء النسبي مقابل انتقاد وسائل إعلام عبرية لرد حماس.
ونفى أسامة حمدان، وهو مسؤول كبير في حماس، يوم الأربعاء أن تكون المجموعة قد طرحت أي أفكار جديدة لوقف إطلاق النار( في ردها على وقف إطلاق النار).
عملية إطلاق الأسرى تشجع تل أبيب على تجاهل المفاوضات، هل يؤدي ذلك لتورط أمريكا بالحرب؟
وقال فرانك لوينشتاين، المبعوث الخاص السابق للمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية في إدارة أوباما: "كانت حجة إسرائيل دائماً أنها لا تحتاج إلى وقف إطلاق النار لإنقاذ الرهائن".
من المرجح أن تعمق عملية الإنقاذ عزم إسرائيل على ذلك (السعي لإطلاق الأسرى دون اتفاق).
وإذ توقفت محادثات وقف إطلاق النار، تواجه إدارة بايدن احتمالاً قبيحاً بأن تجر بشكل أعمق إلى الحرب الإسرائيلية على غزة؛ وهي منطقة وصفها بعض مسؤولي الأمم المتحدة بأنها "مقديشو على البحر الأبيض المتوسط".
وقال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساتشي هنغبي في مايو/أيار الماضي إن إسرائيل تتوقع سبعة أشهر أخرى على الأقل من الحرب في غزة.
وعلق فرانك لوينشتاين، المبعوث الخاص السابق للمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية في إدارة أوباما قائلاً إنه إذا لم تتمكن إدارة بايدن من تحقيق وقف إطلاق النار، فمن المرجح ألا تشعر بأي خيار سوى الخوض بشكل أعمق في كيفية شن إسرائيل للحرب على غزة ومعالجة الأزمة الإنسانية.
وأضاف: "لا أرى أننا نتحكم بزمام الأمور في هذه الحرب لكي نحاول أن نفعل ذلك مستقبلاً".
ويضيف قائلاً: "السؤال الآن هو أنه مع فشل وقف إطلاق النار، هل يتعين على الولايات المتحدة أن تشارك أكثر على الأرض، من أجل منع خروج الأمر عن السيطرة تماماً؟".
إذا استمرت الحرب، فإن تبادل المعلومات الاستخبارية مع إسرائيل لتحديد مكان الأسرى وإنقاذهم في هجمات مميتة مثل تلك على مخيم النصيرات للاجئين يمكن أن يصبح أكثر شيوعاً، كما يقول المحللون والمسؤولون الأمريكيون السابقون لميدل إيست آي.
وسبق أن أفاد تقرير لموقع Middle East Eye بأن الولايات المتحدة قد سرعت بالفعل الجهود المبذولة لمساعدة إسرائيل في العثور على رئيس حماس في غزة يحيى السنوار وقتله.
كما ضاعفت الولايات المتحدة الجهود المثيرة للجدل لتوزيع المساعدات على غزة.
وقالت القيادة المركزية الأمريكية يوم في نفس اليوم الذي هبط فيه الجيش الإسرائيلي على مرأى من الرصيف لإطلاق الأسرى، إن الولايات المتحدة أفرغت 1.1 مليون رطل من المساعدات الإنسانية من المرفق الذي تبلغ قيمته 230 مليون دولار. وقال منتقدو الرصيف إنه إلهاء عن الحاجة الفورية لإسرائيل لإعادة فتح المعابر البرية إلى غزة.
عندما كشف بايدن النقاب عما قال إنه اقتراح إسرائيلي لوقف إطلاق النار في 31 مايو/أيار، صاغه بطريقة تحمل نبرة النصر لإسرائيل، قائلاً: "في هذه المرحلة، لم تعد حماس قادرة على تنفيذ 7 أكتوبر آخر".
"إن إعطاء الإسرائيليين فوزاً هو ما تبحث عنه الإدارة في محاولة لإنهاء هذا".
لكن المحللين يقولون إنه من خلال محاولة إقناع إسرائيل بذلك، يمكن للولايات المتحدة ببساطة تعزيز عزم إسرائيل على مواصلة الحرب.
وقال أيهم كامل، رئيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة أوراسيا: "يواصل الإسرائيليون إيجاد طرق لإخبار إدارة بايدن بأنهم لا يفعلون ما يكفي ويجب القيام بالمزيد، إما على الجانب الاستخباراتي، أو الدعم العسكري".