- مؤيد لقتل المدنيين العرب ولكنه يرى صعوبة إطلاق الأسرى بالقوة
- نجله قتل في المعارك ضد حماس بينما ابن نتنياهو يلهو في ميامي
- هاجم وزراء حكومة نتنياهو بضراوة
- محللون إسرائيليون يرونه القادر على تحدي نتنياهو وليس غانتس
- لا يقل دموية عن نتنياهو ولكنه أكثر واقعية واحترافية وأقل تسييساً
- ها هي عقيدته تفشل في غزة
- هل يغادر الحكومة دون قائده غانتس؟
- ضجة بلا تأثير في استطلاعات الرأي
جاءت تصريحات الوزير الإسرائيلي غادي آيزنكوت عضو مجلس الحرب التي اتهم فيها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالفشل في غزة وأنه يروج لوهم بشأن هزيمة "حماس، ودعوته لإجراء انتخابات مبكرة، لتشكل ضربة كبيرة لنتنياهو بالنظر للمكانة الكبيرة التي يحظى بها هذا القائد السابق للجيش الإسرائيلي، خاصة بعد مقتل ابنه في غزة.
وآيزنكوت، وهو رئيس أركان سابق للجيش الإسرائيلي وينتمي لحزب الوحدة الوطنية بزعامة بيني غانتس الذي كان بدوره رئيساً للأركان، وهو يهودي من أصول مغربية.
ويتكون مجلس الحرب في إسرائيل من 3 أعضاء يحق لهم التصويت هم نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت وغانتس، بالإضافة إلى عضوين "مراقبين" ليس لهما حق التصويت وهما: رون ديرمر، سفير إسرائيل السابق لدى واشنطن وأحد أقرب مستشاري نتنياهو، وغادي آيزنكوت.
ويبلغ غادي آيزنكوت من العمر (63 سنة)، وهو وزير دون حقيبة في "حكومة الطوارئ"، عضو في حكومة الحرب.
وشارك غادي آيزنكوت في الحربين الإسرائيليتين على قطاع غزة عامي 2009 و2014. وفي الفترة بين يناير/كانون الثاني 2013 وديسمبر/كانون الأول 2014، شغل منصب نائب رئيس هيئة الأركان العامة.
مؤيد لقتل المدنيين العرب ولكنه يرى صعوبة إطلاق الأسرى بالقوة
وليست هذه أول مرة ينتقد فيها آيزنكوت، نتنياهو، ففي أبريل/نيسان الماضي عندما ادعى بنيامين نتنياهو أن إسرائيل على وشك تحقيق "النصر الكامل" في غزة، قال آيزنكوت: "لقد مارسنا ضغطاً عسكرياً هائلاً لمدة ستة أشهر ولم نتمكن بعد من إعادة الرهائن الـ133 إلى وطنهم".
ومعروف أن غادي آيزنكوت كان من أوائل العسكريين رفيعي المستوى الذين ذكروا، في عام 2008، "عقيدة الضاحية" -التي سميت على اسم الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله- والتي وضعت نظرية الاستخدام غير المتناسب للقوة لإضعاف أعداء الدولة العبرية، حتى لو كان ذلك يعني جعل المدنيين يدفعون ثمناً باهظاً.
وعلى الرغم من منظوره العسكري السابق، إلا أنه كان من بين أولئك الذين عملوا، داخل مجلس الوزراء الحربي، في نوفمبر/تشرين الثاني لصالح التوصل إلى هدنة عن طريق التفاوض مع حماس من أجل إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين الذين تحتجزهم حماس.
وسبق أن قال آيزنكوت إن الضغط العسكري من غير المرجح أن ينجح في تحرير الرهائن.
كما قال إن على باقي أعضاء الحكومة التوقف عن الكذب على أنفسهم، مطالباً بإظهار الشجاعة للتوصل إلى صفقة كبيرة تعيد المختطفين، بدل الاستمرار في القتال بشكل أعمى.
موقفه غامض بشأن وقف دائم لإطلاق النار ومن يحكم غزة
وبينما يرى آيزنكوت أنه يجب على إسرائيل الموافقة على وقف إطلاق النار مقابل إطلاق سراح الرهائن، حتى لو استمر وقف إطلاق النار لعدة أشهر.
فإنه لم يصل إلى حد القول بأن إسرائيل يجب أن توافق على مطالب حماس الحالية بإنهاء الحرب بشكل كامل.
كما أنه عادة لا يتطرق آيزنكوت إلى قضية من سيحكم غزة بعد الحرب، لكنه أكد على الأهمية الاستراتيجية لمعالجة هذه القضية بجدية، وهو ما امتنع نتنياهو إلى حد كبير عن القيام به.
نجله قتل في المعارك ضد حماس بينما ابن نتنياهو يلهو في ميامي
وفي 7 ديسمبر/كانون الأول، قُتل ابنه غال آيزنكوت، وهو معاون في جيش الاحتياط، في انفجار قنبلة عند مدخل نفق لحماس في غزة، وقد اكتسبه ذلك شعبية كبيرة، باعتباره نموذجاً للسياسي والقائد الذي يدفع الثمن، وأثار مقتل ابنه خلال تفجير عبوة ناسفة في مدخل نفق، حسب ما قالت حماس، مقارنة مع ابن نتنياهو المقيم في ميامي بالولايات المتحدة الأمريكية بينما يواصل دعم والده عبر موقع "إكس"، وآخر ذلك إعادة نشر فيديو الجندي الذي يدعو للتمرد على وزير الدفاع يوآف غالانت دعماً لنتنياهو.
وبعد يوم واحد من مقتل ابنه، قتل ابن شقيقته في المعارك بغزة.
وحتى قبل ذلك يقال إنه اكتسب شعبية، سواء بسبب كفاءته العسكرية كرئيس للأركان أم لرفضه لضغوط نتنياهو في طريقة التعامل مع المتدينين بالجيش لإرضاء قاعدته الانتخابية.
هاجم وزراء حكومة نتنياهو بضراوة
وسبق أن شن آيزنكوت هجوماً حاداً على حكومة نتنياهو، حيث قال إن ثمة وزراء في الحكومة يمارسون ابتزازاً من خلال تهديدات سياسية، معتبراً أن هذا خطير ويمس بأمن إسرائيل، وفق رأيه.
وأضاف آيزنكوت -الذي كان يؤيد تأجيل اجتياح رفح- أنه سيكون شريكاً في حكومة تتخذ قرارات بناءً على مصالح إسرائيل القومية وليست على مصالح سياسية، وفق تعبيره.
ويتشارك آيزنكوت مع غانتس في عدم الثقة ببنيامين نتنياهو، ويشكلان معاً جبهة مشتركة داخل مجلس الحرب حيث يمنحهم ماضيهم على رأس الجيش الإسرائيلي بعض التأثير.
وكان غانتس وآيزنكوت قد انضما إلى الحكومة بغرض إظهار إسرائيل موحدة في الحرب ضد "حماس"، في أعقاب هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وتعهدا بالبقاء في الحكومة مادامت الحرب مستمرة. لكن نتنياهو أخذ يطيل الحرب بلا سبب وجيه. وتسود قناعة لدى أوساط واسعة في المجتمع الإسرائيلي ولدى الإدارة الأمريكية بأن الحرب قد انتهت عملياً في يناير/كانون الثاني الماضي، لكن نتنياهو يتعمد الامتناع عن الإعلان عن وقفها رسمياً لكي يطيل عمر حكومته.
غانتس يعرف أنه صار قطعة قماش بالية، حسب وصف ورد في تقرير لصحيفة الشرق الأوسط السعودية، ولكنه قد تعود على ذلك من الفترة السابقة إلى جانب نتنياهو، لكنه أسير الاستطلاعات التي تدل على أن أغلبية المصوتين له يؤيدون بقاء حزبه في الحكومة، ولكن مؤخراً تظهر استطلاعات الرأي أن نتنياهو يمكن أن يتفوق عليه في أي انتخابات ولكن مازال حزبه يتفوق على الليكود.
محللون إسرائيليون يرونه القادر على تحدي نتنياهو وليس غانتس
ويرى محللون إسرائيليون أن غادي آيزنكوت هو القادر على التغيير وتحدي نتنياهو وليس غانتس الذي هزم أمامه مراراً في عدة انتخابات.
وفي هذا الصدد، يقول الكاتب الإسرائيلي أوري مسغاف في تحليل نشر في صحيفة Haaretz الإسرائيلية إن إسرائيل تحتاج لتغيير قيادتها لأن مصيرها سيكون أسوأ إذا استمر المسار الحالي، لفترة أطول قليلاً؛ حرب استنزاف ميؤوس منها ونزيف، والشمال والجنوب تحت القصف والتخلي عنهما، والعزلة والحصار الدوليان، والخلاف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة وتدمير اتفاق السلام مع مصر.
ويرى أن هذا يقع على أكتاف غادي آيزنكوت، وليس بيني غانتس، حسب قوله.
إذ يعتبر أن غانتس لا يقدم أي بديل مفاهيمي لبنيامين نتنياهو؛ فهو لا يجسد إلا تغييراً في الشخصية والسلوك. فلا عجب أنه انضم إلى نتنياهو مرتين، فمواقفهما متداخلة. كان هذا هو الحال قبل 7 أكتوبر، وهذا هو الحال منذ ذلك الحين.
ويقول لقد سعى غانتس إلى التوصل إلى حل وسط بشأن الانقلاب القضائي، وكان على استعداد للاستسلام لليهود المتشددين، بما في ذلك التجنيد الإجباري. فهو مخلص للحفاظ على الاحتلال والمستوطنات "إدارة الصراع"، ويؤيد استمرار حرب غزة، بما في ذلك اجتياح رفح، ولا يطرق على الطاولة بشأن حل صفقة الرهائن وما يحدث في شمال إسرائيل الذي يصفه بالعار.
وأضاف أن غانتس في الواقع، ليس لديه أي سبب لترك الحكومة، وإذا تم الضغط عليه للقيام بذلك قريباً، فسوف يبدو الأمر وكأنه قسري.
ويقول في ظل ظروف مختلفة، كان من الممكن أن يكون غانتس زعيم الجناح "الدولتي" في الليكود.
ويرى أن آيزنكوت يختلف عن غانتس؛ في رؤيته وفي مهاراته، وفي أدائه في المناصب العسكرية، فهو كرئيس لهيئة أركان الجيش الإسرائيلي، أظهر الدقة والجدية والعمق. بالمقارنة مع غانتس، سلفه في ذلك المنصب، وأفيف كوخافي، خليفته.
وفي القضاء على الفساد الديني القومي في جيش الاحتلال. قبل دخوله عالم السياسة، نشر آيزنكوت نيابة عن معهد دراسات الأمن القومي، وثيقة حول النهج الدفاعي الإسرائيلي المحدث.
والآن تتعارض الحملة في غزة وفي الشمال مع جميع المبادئ المعلنة في هذه الوثيقة، كما هو الحال مع الاتجاه السياسي الانعزالي والمتقشف وغير المنطقي الذي تقوده الحكومة التي يجلس فيها.
إذ يرى المحلل الإسرائيلي أن شخصية آيزنكوت تمثل النقيض لنتنياهو. وللأسف، هذا ينطبق أيضاً على ابنيهما: ابن نتنياهو يقضي وقته على جبهة ميامي، يهين الجيش الإسرائيلي والشاباك؛ ودُفن نجل آيزنكوت في القسم العسكري بمقبرة هرتسليا.
لا يقل دموية عن نتنياهو ولكنه أكثر واقعية واحترافية وأقل تسييساً
بالطبع لا يعني ما سبق أن آيزنكوت أكثر رحمة من نتنياهو، ولكن الواقع أنه لا يقل قسوة، ولكنه أكثر واقعية وأعلى احترافية وأقل تسييساً.
وتولى أيزنكوت قيادة القيادة الشمالية في أعقاب حرب لبنان عام 2006. حيث كشف عن نقص التدريب والإعداد العسكري.
وفي عام 2008، قال آيزنكوت بعد سنتين من الحرب اللبنانية الإسرائيلية، في تصريحات صحفية إن "إسرائيل لن تقوم مرة أخرى بإزعاج نفسها من خلال اصطياد عشرات من مطلقي الصواريخ الذين يريقون الدم الإسرائيلي، بل يجب على إسرائيل استخدام القوة غير المتكافئة على القرى اللبنانية، بغض النظر عن الاحتجاج العالمي"، وتابع: "من وجهة نظرنا فإن هذه القرى لا تضم مدنيين، بل هي عبارة عن قواعد عسكرية".
ويُعد "نهج الضاحية" استراتيجيةً عسكريةً لجيش الاحتلال الإسرائيلي لما وصفوه بـ"حرب غير متوازنة"، متمثلة في تدمير البنية التحتية، بدعوى حرمان المقاومة من الاستفادة منها، وبالتالي فهي تَعتبر أي قرية أو مدينة تُطلق منها رصاصة تجاه إسرائيل بمثابة "قاعدة عسكرية واجب استهدافها بالكامل".
ها هي عقيدته تفشل في غزة
ويبدو أن واقعية آيزنكوت وتأييده للتفاوض حول صفقة للأسرى، وحديثه عن وهم الانتصار ضد حماس الذي يروجه نتنياهو، نابع من فشل الاستراتيجية التي اتبعت في الحرب، والتي هي تطبيق استراتيجية الضاحية.
فموقفه من آيزنكوت نابع من كونه جنرالاً محترفاً وواقعياً، إذ يلفت آيزنكوت إلى الشعبية الجارفة التي ما زالت تحظى بها حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في القطاع، وقال بهذا الخصوص: "حتى لو أجروا انتخابات في غزة اليوم فإن حماس ستفوز".
ولكنه أيضاً يحمل في طياته لإدارة الصراع بطريقة طويلة الأمد وبشكل استراتيجي.
وأضاف: "نحتاج 4 – 5 سنوات من أجل إرساء الاستقرار في غزة ومن ثم تشكيل نظام بديل عن حماس".
كما أن آيزنكوت يعي أن استمرار تورط إسرائيل في الحرب يلهيها عن برنامج إيران النووي، إذ قال إن "الهدف الأول (الذي سوّقه نتنياهو) كان وقف البرنامج النووي الإيراني، ولا تحتاج إلى أن تكون مطلعاً على التقارير الاستخباراتية لتعرف أن إيران الآن هي المكان الأكثر تقدماً وتهديداً (لإسرائيل) منذ أن بدأت هذا البرنامج".
هل يغادر الحكومة دون قائده غانتس؟
وتجنب آيزنكوت مع ارتفاع شعبيته الظهور بمظهر أنه ينافس زعامة غانتس.
وسبق أن قام غادي آيزنكوت بخطوة غير مسبوقة وهو في الجيش عندما تنحى للسماح لغانتس بأن يصبح رئيساً للأركان بسبب اعتقاده أن الأخير كان، في ذلك الوقت، أكثر ملاءمة لهذا المنصب، قبل أن يؤول بعد ذلك إليه في فبراير/شباط 2015.
ولكن فيما يتعلق بتوقيت مغادرة الحكومة، سبق أن ألمح آيزنكوت إلى أنه يمكن أن يتخذ قراراً مستقلاً عن زعيم حزبه غانتس، مضيفاً أن القيادة الإسرائيلية لم تخبر الإسرائيليين بالحقيقة بشأن الحرب، ولم تكن مستعدة لاتخاذ القرارات اللازمة فيما يتعلق بمستقبل الحكومة.
وقال آيزنكوت إنه سيبقى فقط ماداموا شعروا بأهميته في عمليات صنع القرار، لكنه سيغادر الحكومة إذا شعر أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يؤجل القرارات الاستراتيجية لأسباب سياسية، حتى لو كان ذلك يعني المغادرة في منتصف الحرب.
ورغم كل ذلك، يبدو أن تحرك آيزنكوت وغانتس قد تأخر، فبقاؤهما كل هذه الفترة في الحكومة أتاح لنتنياهو الزمن الكافي ليقلل آثار طوفان الأقصى على شعبيته، وبينما يواصل المناورة وإظهار نفسه كرجل قوي أمام العالم والرئيس الأمريكي جو بايدن، فإن غانتس وآيزنكوت يتقلبان بين محاولة إظهار القوة تارة والعقلانية تارة أخرى، والنتيجة تحسن شعبية نتنياهو، بينما مازال غانتس متردداً في الخروج من الحكومة وآيزنكوت بدوره لا يجرؤ على التمرد على غانتس الذي أدمن الهزيمة أمام نتنياهو، الذي تتراجع خسائره.
ضجة بلا تأثير في استطلاعات الرأي
عندما دخل آيزنكوت حلبة السياسة الإسرائيلية في عام 2022 بالانضمام لحزب غانتس، قالت عنه صحيفة the Times of Israel: "لقد دخل السياسة وسط ضجة كبيرة، ولكن لم يكن له تأثير فوري يذكر على استطلاعات الرأي، كما توقع كثير ممن يعرفونه أن احترافيته العسكرية قد تكون عائقاً أمام نجاحه السياسي.
ويبدو أن هذا الوضع مازال قائماً، فبينما مازال غانتس محصوراً في صورة منافس نتنياهو الفاشل وشريكه غير المتساوي، فإن آيزنكوت مازال يعيش في جلباب غانتس، حتى إنه لا يذكر في استطلاعات الرأي.