كشفت مصادر فلسطينية مطلعة لـ"عربي بوست"، أن شركة أبناء سيناء التابعة لرجل الأعمال المصري المقرّب من السلطات إبراهيم العرجاني، تمكّنت من جني نحو 100 مليون دولار من إدخال البضائع إلى غزة منذ بداية الحرب في القطاع 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
يأتي هذا إلى جانب ما تكسبه شركة العرجاني "هلا"، من خلال تنسيق خروج الأفراد من غزة، إذ سبق أن كشف موقع "ميدل إيست آي"، عن أنها كانت تكسب يومياً من الفلسطينيين بمتوسط مليوني دولار، حتى نهاية أبريل/نيسان 2024، وذلك قبل إغلاق معبر رفح، إثر اجتياحه من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي في 7 مايو/أيار 2024.
بحسب مصادر "عربي بوست"، فإن شركة أبناء سيناء التابعة للعرجاني، تكسب كذلك من خلال إدخال البضائع إلى القطاع، من مليون إلى 1.3 مليون دولار يومياً، بمجموع 100 مليون دولار منذ بداية العدوان، مع الأخذ في الاعتبار أن هذه الفترة شهدت إغلاقات، وإدخالاً محدوداً للشاحنات بشكل متكرر في كثير من الأيام خلال الحرب.
ما يعني أن العرجاني كان يكسب من خلال هاتين الشركتين "هلا" و"أبناء سيناء" نحو 3 ملايين دولار يومياً منذ بداية الحرب في غزة وحتى اجتياح الاحتلال معبر رفح.
إغلاق معبر رفح لا يعني توقف ما تجنيه شركات العرجاني، إذ إن شركة أبناء سيناء، لا تزال تعمل على إدخال البضائع إلى غزة -وإن كان بشكل محدود- بحسب مصادر أكدت أنه منذ اجتياح معبر رفح، لم يدخل من خلال معبر كرم أبو سالم (الوحيد الذي يعمل حالياً في غزة) أي شاحنات مساعدات، بل شاحنات بضائع لصالح شركة أبناء سيناء.
من جانبه، أشار أسامة نوفل مدير عام السياسات بوزارة الاقتصاد في غزة لـ"عربي بوست"، إلى أن أول شاحنة تجارية دخلت قطاع غزة من مصر منذ بداية الحرب كانت بتاريخ 25 من ديسمبر/كانون الأول 2023.
منذ ذلك التاريخ وحتى الـ6 من مايو/أيار 2024 يبلغ متوسط الشاحنات التجارية التي كانت تمر يومياً عبر بوابة صلاح الدين 70 شاحنة، وفق نوفل.
أضاف كذلك أن متوسط عدد الشاحنات التجارية من مصر إلى غزة وصل إلى نحو 7500 شاحنة منذ بداية الحرب.
وأكد أن التجار في غزة تحمّلوا تكلفة مضاعفة في هذه الحرب، عن تلك التي كانت في السابق، إذ فرضت شركة أبناء سيناء على كل شاحنة مبلغ تأمين بنحو 17 ألف دولار لشاحنات الخضار والفواكه، و25 ألف دولار للمجمدات، لمجرد نقل الشاحنة من وسط مصر إلى مدينة العريش.
وأشار إلى أن المبلغ كان في السابق لا يتجاوز 3-5 آلاف دولار.
استحداث مصاريف إضافية خلال الحرب
إلى جانب ما تجنيه الشركة من إدخال البضائع كرسوم، وتأمينات، كشفت مصادر أخرى لـ"عربي بوست"، عن أن شركة أبناء سيناء، قامت باستحداث مصاريف أخرى خلال الحرب، بحسب المصادر ذاتها، منها:
– استئجار أرضية في المنطقة اللوجستية المخصصة للشاحنات، بمبلغ 75 دولاراً عن كل يوم انتظار، يدفعها التاجر.
– رسوم الفحص الأمني بمبلغ 75 دولاراً أيضاً.
– تحدثت مصادر أخرى عن آلاف الدولارات تدفع كإتاوات لأخذ دور متقدم لشاحنات التجار الذين يدفعونها، إلا أنه لم يتسنّ الحصول على تعليق من الشركة على هذه المعلومات.
احتكار شركة أبناء سيناء إدخال البضائع إلى غزة
"شركة أبناء سيناء للتجارة العامة والمقاولات"، تحتكر وحدها عملية نقل السلع والمساعدات من مصر إلى قطاع غزة، وعملية التنسيق فيما يخص عمل معبر رفح البري، سواء للأغراض التجارية والإنسانية أو لنقل الأفراد.
تدير الشركة عملية إدخال البضائع إلى غزة، من خلال 5 شركات مقاولات محلية في القطاع، تقوم حصراً باستيراد وإدخال البضائع من خلال شركة أبناء سيناء.
- شركة السقا وخضري للتجارة والمقاولات العامة.
- شركة عماد الدين نجم للتجارة والمقاولات.
- شركة عزو عقل للنقليات والتجارة العامة.
- شركة محمد الخزندار للتجارة العامة.
- شركة إبراهيم الطويل للتجارة العامة.
بحسب المصادر، فإن هذه الشركات الخمس، تقوم بإدخال البضائع إلى غزة، وتبيعها إلى تجار آخرين، ولكن بأسعار عالية، لا سيما أنها الشركات الوحيدة التي تنسق هذه العملية بين التجار وشركة أبناء سيناء.
تواصل "عربي بوست" مع هذه الشركات الخمس، إلا أنه لم يتلقَّ رداً منها حتى الآن.
أدت هذه المصاريف لارتفاع غير مسبوق في أسعار السلع في أسواق غزة، إذ سجلت بعض السلع ارتفاعاً بنسبة 400%، بحسب ما أكده مراسل "عربي بوست".
قال أحد تجار الخضراوات والفواكه من مدينة دير البلح لـ"عربي بوست"، إنه دفع لشركة أبناء سيناء من خلال إحدى الشركات الخمس مبلغ 17 ألف دولار لكل شاحنة، كرسوم تأمين لنقل ثلاث شاحنات خاصة بالبضائع من مدينة الإسماعيلية بورسعيد، وصولاً إلى مدينة العريش.
هذا بالإضافة إلى مبلغ 1300 دولار فترة الانتظار لأسبوعين في منطقة الخدمات اللوجستية التابعة لمخازن شركة أبناء سيناء في مدينة العريش، بحسب التاجر نفسه.
وأشار إلى أنه اضطر لدفع مبلغ قيمته 4 آلاف دولار "إتاوة لتسريع دخول شاحناته إلى قطاع غزة".
يأتي ذلك في حين أن تكلفة نقل الشاحنات من معبر كرم أبو سالم مع الجانب الإسرائيلي إلى غزة، لا تتجاوز ألفي دولار، مقارنة بنحو 17 ألف دولار للشاحنات من مصر.
إتلاف حمولة 500 شاحنة
اجتياح معبر رفح ووقوعه تحت سيطرة جيش الاحتلال، يعرض أطناناً من السلع والمساعدات المكدسة في مدينة العريش المصرية للتلف، نتيجة عوامل مختلفة، منها سوء التخزين، وانتهاء صلاحية العديد من المنتجات، وارتفاع درجات الحرارة في هذا الوقت من العام.
كشف مصدر حكومي في غزة لـ"عربي بوست"، أن عدد الشاحنات التي تعرضت للإتلاف في الجانب المصري من معبر رفح تجاوزت 500 شاحنة، خلال الأسبوعين الأخيرين.
وأكد تكدّس آلاف الشاحنات بسلع لا يمكنها الانتظار لفترات طويلة.
وأشار تجار فلسطينيون من غزة، تحدثوا لـ"عربي بوست"، إلى أنهم تكبدوا خسائر باهظة، بعضها تجاوز 300 ألف دولار، نتيجة إتلاف السلطات المصرية لشاحنات كانت بانتظار أن تدخل القطاع، ولكن انتهاء صلاحيتها أدى لتعرض الجزء الأكبر منها للتلف، وتحديداً المجمدات والخضراوات.
قال أحد تجار المجمدات من مدينة رفح لـ"عربي بوست": "وضعت كل أموالي في شراء الدجاج المبرّد ذي المنشأ البرازيلي والمصري، كونه الأكثر طلباً في القطاع، ويمكن توفيره بسهولة من السوق في مصر".
أضاف أنه "بالنظر للتكاليف التي فرضتها شركة أبناء سيناء لإيصال الشاحنات من القاهرة للعريش، فقد دفعت تأميناً بقيمة 25 ألف دولار عن كل شاحنة، وهو ما يوازي ضعفي تكلفة البضاعة".
بشكل منفعل وغاضب، روى أنه "تم إبلاغي قبل أيام بإتلاف السلطات في العريش لشاحنتين من أصل ثلاث شاحنات، بسبب عطل أصاب جهاز التبريد، وبالتالي تجاوزت خسائري الـ70 ألف دولار، دون أن تعوضني شركة أبناء سيناء عن هذه الخسائر، أو تتحمل جزءاً منها".
مصير مجهول لشاحنات البضائع
أشار تجار آخرون إلى أن المصير المجهول لدخول شاحنات البضائع منذ سيطرة الاحتلال على معبر رفح، وبدء جيشه عملية عسكرية محدودة في المدينة جنوب غزة، يسبب حل ذلك خسارة كبيرة لكثير منهم بسبب عرقلة دخول الشاحنات.
وقالوا لـ"عربي بوست"، إنهم يضطرون إلى دفع مزيد من الرسوم إلى شركة أبناء سيناء مقابل بقاء شاحناتهم في ساحات الشركة على المعابر، كما أنهم مهددون بخسائر أكبر في حال استمرار عدم إدخال الشاحنات إلا بأعداد محدودة جداً، بسبب تعريض البضائع إلى انتهاء الصلاحية أو التلف، ما يتسبب بخسائر بآلاف الدولارات للتجار.
لا يزال يواصل الجيش الإسرائيلي عمليته العسكرية على مدينة رفح التي بدأها في 6 مايو/أيار 2024، متجاهلاً تحذيرات إقليمية ودولية من تداعيات ذلك، في ظل وجود نحو 1.4 مليون نازح في المدينة، دفعهم إليها بزعم أنها "آمنة".
يأتي ذلك ضمن الحرب الإسرائيلية على غزة، المتواصلة للشهر الثامن على التوالي، التي خلفت أكثر من 115 ألف قتيل وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وحوالي 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.
يواصل الاحتلال حربه، رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف القتال فوراً، ومطالبة محكمة العدل الدولية بتدابير فورية لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، وتحسين الوضع الإنساني بغزة.
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة للمعلومات التي تأكدنا من مصداقيتها من خلال مصدرين موثوقين على الأقل. يرجى تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو سلامتها.