نشرت المواقع والصحف العربية والغربية، صوراً جوية وأخرى من الأقمار الصناعية لخيم ومخيمات للنازحين ظهرت حديثاً في جنوب غزة، ربطت بينها وبين تهديدات الاحتلال الإسرائيلي باجتياح مدينة رفح، الأمر الذي رصد "عربي بوست" مدى دقته وصحته، والجهات التي قامت عليه.
كانت صحيفة "وول ستريت جورنال" نشرت صور المخيمات، وربطت بينها وبين العملية العسكرية التي يهدد بشنّها الجيش الإسرائيلي في مدينة رفح، مشيرة إلى أن إقامة مخيمات النازحين هذه تأتي وسط محاولات من تل أبيب لطمأنة المخاوف الأمريكية والغربية المتعلقة بالتداعيات الإنسانية للعملية هناك.
حقيقة الخيم البيضاء بخانيونس ورفح
رصد "عربي بوست" أماكن هذه الخيم، والجهات التي قامت بإنشائها، وحقيقة الخيم البيضاء بخانيونس ورفح، وإمكانية اعتبار إقامتها أمراً يصب في صالح مخطط الجيش الإسرائيلي باجتياح رفح جنوب قطاع غزة.
تبين من خلال الخرائط، أن المخيمات المذكورة، أقيمت في منطقتين هما:
- شمال غرب رفح.
- جنوب غرب خان يونس.
عند الرجوع لصور الأقمار الصناعية، يتضح أن مخيمات النازحين هذه أقيمت في الفترة بين 9 – 29 أبريل/نيسان 2024.
يتضح أن العمل بدأ على مخيمات شمال غرب رفح منذ 9 أبريل/نيسان، ولا يزال المخيم يتوسع بشكل أكبر.
في حين بدأ العمل على مخيمات جنوب غرب خان يونس منذ 19 أبريل/نيسان 2024، وتوقف في 24 من الشهر ذاته.
على خلاف ما نشرته العديد من وسائل الإعلام العربية والغربية، إلا أنه بحسب صور الأقمار الصناعية، يظهر جزء كبير من الخيم البيضاء والمخيمات المقامة حديثاً جنوب غزة، داخل محافظة رفح نفسها، وليس في خان يونس والمحافظة والوسطى، الأمر الذي أكدته مصادر محلية في رفح، لـ"عربي بوست"، بأن ذلك "لا يخدم سيناريو الهجوم على رفح، كما تروّج له ماكينة الإعلام الإسرائيلية والغربية".
أفادت أيضاً المصادر المحلية والإغاثية بأن إقامة مخيمات النازحين "لا ترتبط بالعدوان الإسرائيلي على غزة، بل بصمود السكان رغم الحرب والقتل، وأنها دخلت بتنسيق كامل مع بلدية غزة والجهات الحكومية هناك في رفح".
تحدث "عربي بوست" مع مصادر من بلدية رفح، التي أكدت بدورها وجود تنسيق كامل بعملية إدخال الخيم البيضاء إلى المدينة عبر معبر رفح، نافية أن تكون هذه الخيم قد دخلت أو تمت إقامتها من خلال الجيش الإسرائيلي.
وقالت إن مخيمات شمال غرب رفح أقامها الهلال الأحمر المصري بالتنسيق مع البلدية، في حين أن خيم جنوب غرب خان يونس تم إدخالها وإقامتها من خلال عدد من المؤسسات الإغاثية الدولية في مقدمتها "منظمة الخير" البريطانية والهلال الأحمر المصري، والهلال الأحمر الفلسطيني.
وتحدثت كذلك وسائل إعلامية، عن أن الخيم البيضاء التي أقيمت تستوعب عشرات الآلاف من النازحين، إلا أنه بالرجوع إلى صور المخيمين المشار إليهما، فإن مجموع الخيم البيضاء نحو 750 بالمنطقتين، وسعتهما الحالية لا يتجاوز 6 آلاف شخص فقط، في حين أن عدد الفلسطينيين حالياً في رفح جراء الحرب يقدر بنحو 1.3 مليون فلسطيني.
وحاول "عربي بوست" التواصل مع منظمة الخير البريطانية، والهلال الأحمر المصري للتعليق على الموضوع، إلا أنه لم يتلقَّ رداً حتى الآن.
1- مخيم خان يونس
أوضح مصدر في بلدية خان يونس لـ"عربي بوست"، أن إقامة المخيمات الجديدة، جاءت ضمن جهد فلسطيني لتنظيمها في جنوب غزة وعدم تركها عشوائية، ولإدخال الخيم وإقامتها لمعالجة ذلك.
وقال إنه "بعد تلقي شكاوى عدة من المواطنين، عن توزيع غير عادل للخيام، عملت الجهات الفلسطينية على تنظيم مخيمات تضمن من خلالها توفر الخدمات من جانب، ومن جانب آخر ضمان عدم التصرف فيها".
لذلك، أدخلت مؤسسة "الخير البريطانية" والهلال الأحمر المصري قرابة 450 خيمة إلى خان يونس، هي الأفضل جودة منذ بدء الحرب، وكان إنشاء المخيمات هذه نظراً لجودتها من جانب، ومن جانب آخر أنها تتناسب مع فصلي الصيف والشتاء، وهو ما تفتقده الكثير من الخيام الأخرى.
وأفاد بأن "اللجنة المنظمة للمخيمات، وفي ضوء التهديدات الإسرائيلية، اختارت خان يونس والمحافظة الوسطى كأماكن للمخيمات الجديدة، من باب الحرص على ألا تتعرض لأي أذى. هذا هو الأمر بوضوح شديد".
بحسب ما رصده "عربي بوست"، فإن الخيم الجديدة المقامة في خان يونس، هي على مقربة من رفح، ولا تبعد أكثر من 1.5 كيلومتر عن رفح، وأقيمت في جنوب غرب خان يونس.
في حين يبلغ محيط المخيم في خان يونس نحو 790 متراً، ويستوعب نحو 4000 شخص.
ونقلت هيئة "بي بي سي" البريطانية، عن رئيس مجلس إدارة جمعية الهلال الأحمر في شمال سيناء، خالد زايد، قوله إن "الخيام شُيدت على مرحلتين، الأولى كانت في منطقة المواصي، والثانية ستكون في منطقة جامعة الأقصى بمحافظة خان يونس"، جنوب قطاع غزة.
وبحسب المسؤول الإعلامي للهلال الأحمر الفلسطيني في غزة، رائد النمس، فإن 550 عائلة سكنت بالفعل في 550 خيمة من الخيم الحديثة التي أقيمت في جنوب القطاع.
2- مخيم رفح
أما عن الخيم المقامة حديثاً في رفح، فهي تقع داخل حدود المحافظة ذاتها، وليس خارجها، ويبلغ عددها نحو 300 خيمة، تتسع لنحو 3 آلاف شخص.
حاول "عربي بوست" التواصل مع الهلال الأحمر المصري، إلا أنه لم يتلقَّ رداً بعد، لكنه أكد في بيان سابق له أن المرحلة الأولى من إقامة المخيم انتهت، وتضمنت إقامة 300 خيمة تستوعب نحو ألفي شخص.
وأكد الهلال الأحمر المصري في بيانه، أن إقامته لهذه المخيمات الضخمة أتت "بطلب من القيادة السياسية بمدينة رفح الفلسطينية".
لكنها أوضحت أن أعمال إقامة الخيم لم تنتهِ بعد، وأنه يجري العمل على جعلها تتسع لأكثر من 6 آلاف شخص، بكافة الخدمات الإغاثية والطبية، إلى جانب توفير الاحتياجات الأساسية من المواد الغذائية والمياه بشكل يومي للمقيمين بالمخيم.
وأفادت مصادر مصرية نقلت عنها قناة "القاهرة الإخبارية"، أن مخيم خان يونس ستعقبه إقامة مخيم في شمال دير البلح (المحافظة الوسطى) وسط قطاع غزة، ومستشفى ميداني، ومركزين لتوزيع المساعدات بمدينة رفح الفلسطينية جنوب القطاع.
المخطط الإسرائيلي لإنشاء المخيمات
رغم أن المخيمات التي أقيمت في رفح وخان يونس، لم يكن الاحتلال وراءها، إلا أن ذلك لا ينفي نيته لإقامة أمر مشابه، بحسب وكالة "رويترز" التي نقلت في 25 أبريل/نيسان 2024، عن مصادر حكومية إسرائيلية قولها، إن وزارة الجيش الإسرائيلي اشترت 40 ألف خيمة لإجلاء السكان من رفح.
أما بحسب ما أفادت به صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، فإن "إسرائيل تقترح إنشاء مخيمات في قطاع غزة في إطار خطة إخلاء ستقوم بتمويلها الولايات المتحدة ودول الخليج".
وأشارت إلى أن المقترح الإسرائيلي جرى تقديمه إلى مصر مؤخراً، بإنشاء 15 معسكر خيام، يضم كل منها حوالي 25 ألف خيمة في الجزء الجنوبي الغربي من غزة.
وقالت إن مصر ستكون مسؤولة عن إنشاء المعسكرات والمستشفيات الميدانية حول الخيم كذلك.
إلا أنه بحسب ما يظهر في صور الأقمار الصناعية، فإنه باستثناء المنطقتين سابقتي الذكر في رفح وخان يونس، فإنه لم يتم إنشاء أي مخيمات أو معسكرات أو مستشفيات ميدانية أخرى حتى الآن، ما يعكس عدم تطبيق المخطط الإسرائيلي الذي ذكرته الصحيفة حتى موعد نشر هذا التقرير.
على صعيد متصل، أفاد مراسل قناة "كان 11"، بأن المخيمات ستقام بدعم من دول عربية، وسيستمر إنشاؤها من أسبوعين إلى 3 أسابيع، وبعدها ستبدأ العملية العسكرية التي ستستمر بحسب الخطة الإسرائيلية 6 أسابيع، وستنفذ بالتدريج، بحيث تقوم خلالها القوات الإسرائيلية بالبحث في مناطق محددة عن مقاتلي وقادة المقاومة الفلسطينية، وتحديداً "حماس".
الأونروا تكذّب نتنياهو
في 30 أبريل/نيسان 2024، نقلت القناة "13 العبرية" عن منتدى عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة قوله، إن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أخبرهم في اجتماع معهم، أن "إجلاء السكان من رفح بدأ بالفعل، استعداداً للعملية العسكرية التي ستتم قريباً".
لكن المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" فيليب لازاريني، نفى صحة ذلك في مؤتمر صحفي، مؤكداً أن "إسرائيل لم تطلب إخلاء رفح من المدنيين حتى الآن".
يأتي ذلك بينما يواصل الجيش الإسرائيلي حربه المدمرة على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والتي خلفت عشرات آلاف القتلى والجرحى، معظمهم أطفال ونساء، وفق مصادر فلسطينية، ما استدعى محاكمة تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بدعوى ارتكاب "إبادة جماعية".
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة للمعلومات التي تأكدنا من مصداقيتها من خلال مصدرين موثوقين على الأقل. يرجى تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو سلامتها.