- أمريكا تصعّد ضغوطها على حماس للقبول بـ"صفقة تبادل الأسرى والهدنة"
- ما الذي نعرفه عن تفاصيل الصفقة المقترحة؟
- هل هذا أفضل من المقترحات السابقة؟
- ماذا عن وضع قوات الاحتلال في غزة وعودة النازحين للشمال؟
- هل تخلى الاحتلال عن هدفه بتدمير حماس؟
- هل يتم إعلان نهاية الحرب؟
- مقترح بوقف القتال لمدة عام يتم خلاله تبادل بقية الأسرى
- لماذا تبدو صفقة تبادل الأسرى والهدنة مختلفة هذه المرة؟
رغم أن صفقة تبادل الأسرى والهدنة المقترحة حالياً، لا تبدو أنها تلبي المطالب الأساسية لحركة حماس بشأن وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب الاحتلال من غزة، ولكنها في الوقت ذاته تظهر مقارنة بالصفقات السابقة تنازلات متعددة من قبل إسرائيل، وتشير إلى نجاح نهج حماس التفاوضي في جلب شروط أفضل.
ومازالت تفاصيل المقترح بشأن صفقة تبادل الأسرى والهدنة الذي قدمته مصر بدعم قطري أمريكي، والذي أنقذ التفاوض من احتمال الانهيار غير واضحة بالكامل، ولكن يعتقد أن الصفقة المقترحة تتضمن إطلاق سراح ما بين 33 إلى 40 من حوالي 130 أسيراً لدى المقاومة الفلسطينية مقابل هدنة طويلة نسبياً، وإطلاق سراح عدد من الأسرى الفلسطينيين المسجونين في إسرائيل من بينهم محكوم عليهم بالمؤبد، حسب ما نقل موقع the Times of israel عن مسؤولين إسرائيليين.
ثم تكون هناك مرحلة ثانية من الهدنة، يطلق عليها فترة من الهدوء المستمر أو المستدام ككلمة بديلة لوقف إطلاق النار الدائم التي تعترض عليها إسرائيل.
وهناك مؤشرات على تنازلات أكبر من قبل إسرائيل سواء بقبول عدد أقل من الأسرى الذين سيتم إطلاق سراحهم أو مدد أطول للهدنة من المرات السابقة، كذلك شروط أقل بالنسبة لوجود قوات الاحتلال في غزة وشروط عودة النازحين للشمال.
أمريكا تصعّد ضغوطها على حماس للقبول بـ"صفقة تبادل الأسرى والهدنة"
وصعّدت الولايات المتحدة وحلفاؤها الضغط على حماس للقبول بـ"صفقة تبادل الأسرى والهدنة"، حيث قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في اجتماع للمنتدى الاقتصادي العالمي عقد في العاصمة السعودية الرياض: "أمام حماس اقتراح غير عادي وسخي للغاية من جانب إسرائيل"، حسب وصفه، وزعم قائلاً: "في هذه اللحظة الشيء الوحيد الذي يقف بين سكان غزة ووقف إطلاق النار هو حماس".
وكرر وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، في الرياض كلام بلينكن بشكل يكاد يكون حرفياً، إذ وصف الاقتراح الإسرائيلي بأنه "سخي"، وأردف قائلاً: "بصراحة، يجب أن تكون كل الضغوط في العالم وكل أعين العالم عليهم اليوم قائلين: خذوا هذا الاتفاق".
في الوقت ذاته، توعد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بأن جيش الاحتلال سيجتاح مدينة رفح جنوب قطاع غزة، "سواء كان هناك اتفاق لتبادل الأسرى (مع حركة حماس) ووقف لإطلاق النار أم لا"، وذلك وفق بيان صدر عن مكتبه الثلاثاء 30 أبريل/نيسان 2024.
ليست هذه أولى الضغوط على الحركة، فقبيل صفقة تبادل الأسرى والهدنة الأخيرة التي تقدمت بها مصر، تعرضت حماس لضغوط كبيرة من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل، بما في ذلك توجيه أعضاء الكونغرس لانتقادات لدولة قطر التي تستضيف جزءاً من قيادة حماس السياسية، للقبول بالصفقة السابقة.
وقامت الولايات المتحدة بدفع 17 دولة لتوقيع بيان يزعم أن العرض المقدم للحركة الفلسطينية إيجابي وكاف ، في محاولة لدفع الحركة للتنازل عن مطالبها بوقف دائم لإطلاق النار، وطلبها لضمانات من عدة قوى دولية.
ورغم هذه الانتقادات لحماس، والذي بدا فيه أن الولايات المتحدة استسلمت لفكرة فشل المفاوضات، فإنها سارعت بدعم المقترح الأخير الذي قدمته مصر، والذي يبدو مبادرة جزئية وليست شاملة، ولكن قد تمهد لوقف إطلاق نار دائم أو مستدام.
وتبدو إسرائيل منفتحة على مقترح صفقة تبادل الأسرى والهدنة رغم أنه يمثل تنازلاً عن طلباتها السابقة.
ورغم أن المقترح لا يتضمن وقفاً دائماً لإطلاق النار، كما تريد حماس، ولكنه يتضمن هدنة تستمر لفترة طويلة، وفي المقابل، فإنه لا يتضمن الإفراج عن كل الأسرى الإسرائيليين، كما كانت تنص معظم المقترحات السابقة؛ ما يترك أوراقاً في أيدي حماس للتفاوض على هدنة إضافية أو حتى وقف دائم لإطلاق النار.
ما الذي نعرفه عن تفاصيل الصفقة المقترحة؟
ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، نقلاً عن مسؤولين مصريين، أن الاقتراح الذي ساعدت إسرائيل في صياغته، لكنها لم تؤيده بعد، سيشمل "إطلاق سراح ما لا يقل عن 20 رهينة على مدى 3 أسابيع مقابل عدد غير محدد من الأسرى الفلسطينيين بشكل نهائي بعد".
ويمكن بعد ذلك تمديد الهدنة لإطلاق سراح رهينة واحدة في اليوم.
أحد الجداول الزمنية قيد المناقشة في المقترح الجديد هو وقف القتال لمدة 10 أسابيع مقابل إطلاق سراح 33 رهينة على قيد الحياة، حسب ما يقول مسؤول إسرائيلي لموقع"the Times of israel".
وفي وقت لاحق، أكد 3 مسؤولين إسرائيليين لصحيفة نيويورك تايمز أن إسرائيل تخلت عن مطلبها بأن تقوم حماس بإطلاق سراح 40 رهينة على الفور كجزء من اتفاق الهدنة، وستقبل إطلاق سراح 33 أسيراً.
ويقول أحد المسؤولين الإسرائيليين إن هذا التحول يرجع إلى تقديرات مفادها أن بعض الرهائن الأربعين الذين تطالب إسرائيل بالإفراج عنهم ماتوا في الأسر (في الأغلب نتيجة القصف الإسرائيلي).
ويبدو أن الصيغة الحالية ستسمح بالإفراج عن نحو 33 من الأسرى – الفئة الإنسانية، وهي تشمل المرضى والكبار السن والجرحى، وهو ما يمثل عدد الرهائن الباقين على قيد الحياة في هذه الفئة.
وذكرت القناة 12 الإسرائيلية أن حكومة الاحتلال مستعدة لإطلاق سراح 900 أسير فلسطيني مقابل ما بين 20 إلى 33 رهينة، وهو ما يعني 27 إلى 45 سجيناً لكل رهينة.
هل هذا أفضل من المقترحات السابقة؟
المطروح في صفقة تبادل الأسرى والهدنة الأخيرة، يتجاوز ما عرضته إسرائيل في السابق، وفقاً لـthe Times of Israel.
ففي أول يناير/كانون الثاني 2024، أفادت تقارير بأن الهدنة المقترحة كانت في حدود الشهر، وكانت الصفقة ستؤدي للإفراج عن 40 إلى 50 محتجزاً إسرائيلياً ضمن معادلة 1 إسرائيلي مقابل 3 فلسطينيين.
وفي مارس/آذار، أبدت إسرائيل استعدادها لإطلاق سراح 950 أسيراً فلسطينياً مقابل 40 أسيراً إسرائيلياً، أي ما يعادل نحو 23 أسيراً فلسطينياً لكل إسرائيلي.
تجدر الإشارة إلى أنه في نوفمبر/تشرين الثاني، في ذروة الحملة البرية في غزة، تم إبرام هدنة لمدة 5 أيام مع إطلاق سراح 240 أسيراً فلسطينياً في نهاية المطاف مقابل 105 أسرى لدى المقاومة الفلسطينية، 81 منهم إسرائيليون، أي بمعدل 2.3 أسير فلسطيني لكل إسرائيلي.
ماذا عن وضع قوات الاحتلال في غزة وعودة النازحين للشمال؟
يزعم مسؤول إسرائيلي في حديثه لموقع the Times of israel: "إلا أن حكومة الاحتلال ذهبت في صفقة تبادل الأسرى والهدنة المقترحة إلى مدى بعيد في إظهار المرونة للتوصل إلى اتفاق".
كما يقال إن إسرائيل منفتحة على إمكانية عودة الفلسطينيين إلى شمال غزة دون المرور عبر نقاط التفتيش الأمنية الإسرائيلية.
ويقول المسؤول إن أحد الاحتمالات قيد الدراسة في صفقة تبادل الأسرى والهدنة المقترحة هو أن تكون مصر مسؤولة عن عمليات التفتيش الأمني، لكن لم يتم الانتهاء من أي شيء.
وبحسب هيئة البث الإسرائيلية، فقد وافقت إسرائيل على سحب قواتها من الممر الذي يفصل شمال قطاع غزة عن جنوبه، في إطار ما عدّته مزيداً من المرونة في المفاوضات.
لكن "القناة 12" في الهيئة قالت إنه رغم موافقة الساسة في إسرائيل على الانسحاب من الممر، فإن الدوائر الأمنية الإسرائيلية أبدت تحفظاً على مطالبة "حماس" بفتح الممر خوفاً من عودة مسلحي الحركة إلى شمال قطاع غزة.
هل تخلى الاحتلال عن هدفه بتدمير حماس؟
هناك أيضاً تقديرات بأن النقاش في الدوائر الأمنية الإسرائيلية ربما انتقل إلى حد كبير، من تدمير كتائب حماس الأربع الأخيرة في رفح إلى السعي لإغلاق طرق تهريب الأسلحة للحركة من مصر، وهو ما سيحقق نفس الهدف طويل الأجل، حسب وجهة النظر هذه.
وسيتطلب ذلك أن تشمل صفقة تبادل الأسرى والهدنة المقترحة اتفاقاً جديداً مع مصر بشأن السيطرة على ما يسمى محور فيلادلفيا على الحدود ومراقبة ذلك، حسب ما ورد في تقرير لصحيفة the Guardian البريطانية.
هل يتم إعلان نهاية الحرب؟
أكد مسؤول إسرائيلي لموقع "the Times of israel" أن تل أبيب لن توافق بأي حال من الأحوال على إعلان نهاية الحرب.
في المقابل، قال مصدر مطلع على مفاوضات صفقة تبادل الأسرى والهدنة لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) إن حركة "حماس" لم تتخلَّ حتى الآن عن مطلبها السابق بإعلان انتهاء الحرب على قطاع غزة، لكنها باتت مستعدة لبحث هذا الأمر خلال فترة الهدنة وتنفيذ الجزء الأول من الصفقة.
مقترح بوقف القتال لمدة عام يتم خلاله تبادل بقية الأسرى
وتفيد التقارير بأن صفقة تبادل الأسرى والهدنة تقترح أن تشمل المرحلة الثانية هدنة مدتها 10 أسابيع تناقش خلالها إسرائيل وحماس إطلاق سراح المزيد من الأسرى ووقف القتال لمدة تصل إلى عام.
وكانت حماس في البداية إيجابية بشأن هذا الاقتراح، لكنها اعترضت على حقيقة أنه لا ينهي الحرب بشكل دائم، حسب ما ذكرت وول ستريت جورنال.
وقال المسؤول الإسرائيلي لتايمز أوف إسرائيل إن حكومة الاحتلال تتوقع سماع رد من حماس على العرض الأخير مساء الأربعاء.
لماذا تبدو صفقة تبادل الأسرى والهدنة مختلفة هذه المرة؟
رغم الضغوط على حركة حماس عبر ادعاء الغرب أن العرض سخي بشكل لا يقاوم والتهديد الإسرائيلي باجتياح رفح، تلمِّح صحيفة the Guardian البريطانية إلى أن الحركة أصبحت في موقف أقوى، ففي الأيام الأخيرة، بثت حماس أيضاً من مقاطع فيديو للأسرى الإسرائيليين يهاجمون حكومتهم، ما زاد من الضغط السياسي المحلي على إسرائيل، حيث تعد عودة الأسرى قضية قوية.
كما أنه رغم تلويح إسرائيل باجتياح رفح، إلا أن هناك معارضة دولية قوية لهذا الأمر، بما في ذلك من قبل مصر، وأيضاً قد يمثل الهجوم أزمة داخلية أمريكية في ظل احتجاجات طلاب الجامعات المطالبة بوقف إطلاق النار في غزة.
وتأكيداً على ذلك، قالت صحيفة نيويورك تايمز يوم الجمعة إن إدارة بايدن تفكر في فرض قيود على صادرات الدفاع إلى إسرائيل إذا أطلقت عملية واسعة النطاق في رفح.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي، إسرائيل كاتز، للقناة 12 في إسرائيل بعد اجتماعه مع الوفد المصري قبل أيام: "إذا كانت هناك صفقة، فسنعلق العملية. يعد إطلاق سراح الرهائن أولوية عميقة بالنسبة لنا".
ويبدو استخدام تعليق أقوى من تأجيل وأضعف من إلغاء، وإذا تمت صفقة مطولة، فقد يؤدي ذلك إلى إلغاء هجوم رفح خاصة في ظل استمرار وجود أسرى إسرائيليين لدى الفصائل الفلسطينية.
على جانب آخر، فإن استخدام لفظ "الهدوء المستدام" في المقترح يمثل مخرجاً جزئياً لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي رفض وقفاً دائماً لإطلاق النار، وتعهد بتحقيق "النصر الكامل" على حماس وتفكيكها بالكامل.
وتقول صحيفة الغارديان إنه من المثير للاهتمام اقتراح القيادي بحركة حماس خليل الحية، إبرام "هدنة"، الأسبوع الماضي، وهي كلمة تستخدم في الفقه الإسلامي لوصف نوع من الهدنة طويلة الأجل أو "الهدوء".
ويشير بعض المعلقين الإسرائيليين أيضاً إلى التكهنات بأن المحكمة الجنائية الدولية قد تنظر في إصدار أوامر اعتقال لكبار المسؤولين الإسرائيليين يمثل ضغطاً يدفع لانفتاح إسرائيلي متجدد على المحادثات.
وبصرف النظر عن قبول حماس المقترح الأخير أم لا، فلقد أثبتت صلابة الحركة في التفاوض أنها تؤدي لنيل مزيد من المكاسب، بدلاً من الاستسلام للضغوط الأمريكية والإسرائيلية لإبرام وقف إطلاق نار مؤقت مع التخلي عن كل الأسرى، والآن لو قبلت الحركة مقترح الاتفاق فسيظل في أيديها بقية الأسرى كأداة للوصول لوقف دائم للحرب، كما أن هدنة طويلة قد تشهد سقوط حكومة نتنياهو.
على الجانب الأخر، فإن تنازلات إسرائيل، قد تدفع للتمسك بموقفها بشأن ضرورة وقف دائم لإطلاق النار بضمانات قوية.