يبدو أن أزمة قد اندلعت بين الإمارات وبريطانيا بسبب دور الإمارات بالسودان، حيث ألغت أبوظبي اجتماعات مع وزراء بريطانيين بسبب غضبها من لندن لأنها لم تدافع عنها أمام اتهامات ممثل السودان لدى الأمم المتحدة لها بدعم قوات الدعم السريع المتمرد على الجيش.
فوفقاً لتقرير نشرته صحيفة التايمز يوم الأحد، تم إلغاء 4 اجتماعات وزارية بريطانية من قبل الإماراتيين، الذين قيل إنهم غاضبون من عدم دفاع البريطانيين عن أبوظبي في جلسة لمجلس الأمن عقدت في وقت سابق من هذا الشهر حول الحرب الأهلية في السودان.
ودعا السودان قبل 3 أيام مجلس الأمن إلى عقد جلسة طارئة لبحث ما وصفه بـ"عدوان الإمارات"، وكانت الخرطوم قد طالبت في ديسمبر/كانون الأول الماضي، 15 دبلوماسياً إماراتياً بمغادرة البلاد بعد أن اتهمت أبوظبي بدعم قوات الدعم السريع.
بالتزامن مع ذلك، قالت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، الإثنين 29 أبريل/نيسان 2024، إن الولايات المتحدة تناشد جميع الدول، بما في ذلك الإمارات، التوقف عن تقديم الدعم لطرفي الحرب في السودان، محذرةً من أن "أزمة بأبعاد هائلة تتشكل" حالياً.
بريطانيا طلبت عقد اجتماع لمجلس الأمن بشأن السودان والخرطوم تطالب بجلسة خاصة حول الإمارات
تعود جذور الأزمة بين الإمارات وبريطانيا إلى جلسة لمجلس الأمن عقدت في وقت سابق من هذا الشهر، حول الحرب الأهلية في السودان بناءً على طلب المملكة المتحدة.
واتهم ممثل السودان، خلال الجلسة، الإمارات بتقديم الدعم لقوات الدعم السريع شبه العسكرية، وهو ما نفته أبوظبي، ثم دعت الخرطوم إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن بشأن دور الإمارات بالسودان، ودعمها لقوات الدعم السريع.
وقال كاميرون هدسون، المحلل السابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والمساعد الأول في برنامج أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية "CSIS Africa"، إن مصادر مطلعة على الأمر أخبرته أن الإمارات تضغط على الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأعضاء آخرين في مجلس الأمن لإلغاء الاجتماع الطارئ بشأن دور الإمارات بالسودان.
وتساءل هدسون في تصريح لموقع Middle East Eye البريطاني: "إذا كانت الإمارات العربية المتحدة مصرّة إلى هذا الحد في إنكارها أنها تدعم قوات الدعم السريع، فلماذا تنفق الكثير من رأس المال الدبلوماسي لمنع المناقشة؟".
خلاف في واشنطن بشأن طريقة دور الإمارات بالسودان
"في واشنطن، يؤدي الجدل دور الإمارات بالسودان إلى تفاقم الخلافات بين دعاة الأفريقية الذين يريدون اتخاذ موقف متشدد بشأن دور الإمارات بالسودان، وفريق السياسة في الشرق الأوسط التابع لإدارة بايدن، بقيادة بريت ماكغورك، الذين قاوموا استخدام تأثيرهم على الإمارات في الملف السوداني"، حسب الموقع البريطاني.
ووصف مراقبون لعقوبات الأمم المتحدة الاتهامات الموجهة للإمارات بدعم قوات الدعم السريع بأنها "ذات مصداقية".
وقالت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد للصحفيين: "نعلم أن كلا الجانبين يتلقَّى الدعم، سواء بالأسلحة أم غيرها، لتعزيز جهودهما لمواصلة تدمير السودان. نعم، تواصلنا في هذا الصدد مع الأطراف، بمن فيهم زملاؤنا من الإمارات".
الإمارات تنفي
وتنفي الإمارات تقديم أي دعم عسكري لأي من طرفي الصراع، حيث قالت أبوظبي رداً على اتهامات السودان في مجلس الأمن الدولي: إن دولة الإمارات العربية المتحدة ترفض بشكل قاطع المزاعم التي لا أساس لها من الصحة، والتي أطلقها المندوب الدائم للسودان، والتي تتعارض مع العلاقات الأخوية الطويلة الأمد بين بلدينا، ويبدو للأسف أنها كذلك. ليس أكثر من محاولة لصرف الانتباه عن الصراع والوضع الإنساني المتردي الناجم عن القتال المستمر.
كتب سفير الإمارات لدى الأمم المتحدة محمد أبو شهاب إلى مجلس الأمن في 25 أبريل/نيسان قائلاً إن "الإمارات العربية المتحدة… لا تقدم أي أسلحة أو ذخيرة لأي فصيل منخرط في الصراع الدائر في السودان".
وجاء إلغاء الإمارات للاجتماعات الوزارية مع الجانب البريطاني بعد أيام قليلة من نشر صحيفة الغارديان أن المملكة المتحدة نفسها تجري محادثات سرية مع قوات الدعم السريع.
وتخوض قوات الدعم السريع حرباً مع القوات المسلحة السودانية منذ 15 أبريل/نيسان من العام الماضي. وأدت الحرب إلى نزوح أكثر من 8 ملايين شخص وتركت 18 مليون شخص "يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد"، وفقاً لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة.
وخلص تقرير صدر في منتصف أبريل/نيسان الجاري عن مركز راؤول والنبرغ إلى أن الإبادة الجماعية كانت تحدث ضد الجماعات غير العربية في منطقة دارفور بالسودان، على أيدي قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها.
وذكرت أن هناك "أدلة واضحة ومقنعة" على أن السودان والإمارات العربية المتحدة وليبيا وتشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى وروسيا، (من خلال تصرفات مجموعة فاغنر)، "متواطئون في هذه الإبادة الجماعية".
تقارير إعلامية عن خطوط الإمدادات لنقل الاسلحة من الإمارات للدعم السريع
وقد نشر موقع ميدل إيست آي البريطاني تقريراً عن دور الإمارات بالسودان وشبكة خطوط الإمداد الموجودة لنقل الأسلحة والسلع الأخرى من الإمارات العربية المتحدة إلى قوات الدعم السريع، عبر الجماعات والحكومات المتحالفة في ليبيا وتشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى.
ويقول الموقع البريطاني عن دور الإمارات بالسودان إن أبوظبي هي الراعي الرئيسي للقوات شبه العسكرية السودانية، حيث قام القائد الليبي خليفة حفتر أيضاً بتسهيل توريد الأسلحة إلى قوات الدعم السريع، كما أنها تسير براً من تشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى، فضلاً عن نقلها جواً من القواعد الجوية في أوغندا.
ونفت قوة الدعم السريع التي كانت تابعة للجيش السوداني ثم تمردت عليه بقيادة محمد حمدان دقلو أن تكون قد تلقت دعماً من دولة الإمارات العربية المتحدة، ورفضت الاتهامات بأنها تشن حملة عنف ذات دوافع عرقية في دارفور.
مخاوف من هجوم وشيك في دارفور
ويأتي الحديث عن دور الإمارات بالسودان، في وقت زادت فيه المخاوف من حدوث مذابح في إقليم دارفور، الذي شهد مطلع القرن جرائم حرب واسعة النطاق أدت لتوجيه المحكمة الجنائية الدولية لاتهامات للرئيس السوداني السابق عمر البشير.
فخلال عطلة نهاية الأسبوع، أعرب مجلس الأمن عن "قلقه العميق" إزاء الهجوم الوشيك على الفاشر في منطقة دارفور من قبل المجموعة شبه العسكرية.
ويقول سكان ووكالات إغاثة ومحللون إن القتال من أجل السيطرة على الفاشر، وهي العاصمة التاريخية لمنطقة دارفور، قد يطول ويؤجج التوترات العرقية التي ظهرت على السطح خلال الصراع الذي دار في بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين في المنطقة.
وحذر مسؤولو الأمم المتحدة من أن 800 ألف شخص في الفاشر، آخر مدينة رئيسية في دارفور لا تخضع لسيطرة قوات الدعم السريع، معرضون "لخطر شديد وفوري".