الديناصور الطائر.. حلم أكبر طائرة في العالم قد يصبح حقيقة قريباً وهذه أبرز مواصفاتها

عربي بوست
تم النشر: 2024/04/01 الساعة 12:50 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/04/02 الساعة 10:18 بتوقيت غرينتش
أكبر طائرة في العالم "ويندرانر"- Radia

"ويندرانر" هو اسم أكبر طائرة في العالم من تصميم شركة طاقة ناشئة تُدعى "راديا"، واقترب الديناصور الطائر من مرحلة الإنتاج، فما قصة ومواصفات ذلك الوحش الطائر؟

وإذا كانت "راديا" شركة متخصصة في الطاقة، فما علاقة أكبر طائرة في العالم "ويندرانر" بالشركة أو بالقصة برمتها؟

توربينات الرياح العملاقة

تعتبر مزارع الرياح البرية في الولايات المتحدة الأمريكية أحد الخيارات القوية لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، كما تعتبر مزارع الرياح البرية خياراً محتملاً للنمو القوي والسريع.

في مجال توربينات الرياح يُعدّ الحجم الأكبر ميزةً أساسيةً لزيادة قدرة توليد الطاقة. فكلما ازداد حجم الشفرات، زادت قدرتها على جذب كميات أكبر من الرياح، ما يُترجم إلى إنتاج طاقة أكبر.

توليد الطاقة من الرياح
طاقة الرياح في الدنمارك/ wikimedia commons

لكن وفي الإطار ذاته، يبلغ أقصى طول ممكن لشفرات تلك التوربينات ما يقل بكثير عن 70 متراً، وهي أقصى ما يمكن للبنية التحتية للطرق الموجودة حالياً أن تتحمله، وبالتالي فإنها غالباً ما تكون أكبر من أن يتم نقلها براً.

فنقل هذه الشفرات العملاقة إلى مواقع التركيب يواجه صعوباتٍ كبيرة، فمع طولها الذي قد يتجاوز 459 قدماً، لا تُعدّ الطرق البرية مُهيأةً لنقلها، بل إن نقل شفرات بنصف هذا الحجم يُمثل تحدّياً لوجستياً هائلاً. وهنا يأتي دور طائرة "ويندرانر".

"ويندرانر".. الديناصور الطائر

الأمر كله إذاً يتعلق بنقل شفرات التوربينات العملاقة، التي لا يمكن تركيبها على الطرق، إلى أماكنها المخصصة حيث تقف شامخة لتلتقط الرياح وتحولها إلى طاقة.

من هنا، جاء التفكير في حل إبداعي لتلك المشكلة، وهو اختراع أكبر طائرة نقل في العالم، أو "ويندرانر".

بدأت "راديا" (Radia)، وهي شركة أمريكية مقرها كولورادو، في تطوير أكبر طائرة في تاريخ صناعة الطيران، ولها مهمة محددة تتمثل في توصيل شفرات عملاقة يبلغ طولها 300 قدم، من مكان التصنيع مباشرةً إلى مزارع الرياح البرية.

طائرة ويندرانر- Radia
طائرة ويندرانر- Radia

من هنا جاءت فكرة "ويندرانر" (WindRunner)، فما مواصفاتها؟ وأين وصلت مراحل تطويرها؟ ومتى يمكن أن تتحول من حلم إلى حقيقة على أرض الواقع؟

إذ يُمكن لطائرة "ويندرانر" العملاقة أن تنقل حمولة لا يمكن شحنها عبر الطرق البرية، كما يمكنها الوصول إلى أماكن وعرة بعض الشيء فيما يتعلق بالتضاريس.

مساحة عملاقة للشحن

عندما يتعلق الأمر بنقل أكبر الحمولات جواً على الإطلاق، فإن طائرات الشحن الموجودة حالياً لن تكون كافية. أما "ويندرانر" فستكون لديها مساحة شحن تبلغ 272 ألف قدم مكعبة، أي ما يكفي لاستيعاب ثلاثة حمامات سباحة أولمبية.

من هذا المنظور، تعد "ويندرانر" أكثر من مجرد طائرة ضخمة، بل لمحة عن مستقبل الطاقة المتجددة. فمن خلال تسهيل إمكانية نقل شفرات التوربينات الضخمة إلى مواقعها المخصصة على اليابسة، فإنها تمهد الطريق لمزارع رياح أكثر كفاءة وفاعلية من حيث التكلفة.

ويمكن أن يصل خفض تكلفة الطاقة النظيفة إلى 35%، وهو ما يعد تغييراً جذريـاً بالنسبة لتطوير طاقة الرياح البرية، بحسب تقرير لشبكة فوكس نيوز الأمريكية.

طائرة أنتونوف
طائرة أنتونوف AN-225 تعرضت للتدمير في هجوم روسي على مطار أوكراني /رويترز

ويتخطى حجم العملاق الطائر "ويندرانر" حجم طائرة أنتونوف السوفييتية الصنع، وهي أثقل طائرة تم تصنيعها على الإطلاق، ولم يتم تصنيع سوى نسخة واحدة منها، تعرضت للتدمير في بداية الهجوم الروسي على أوكرانيا، الذي يصفه الغرب بأنه غزو.

والطائرة أنتونوف AN-225 كانت تنفرد بلقب أكبر طائرة في العالم قبل أن تتعرض للتدمير، وهو ما أثار الحزن في عالم الطيران بسبب المكانة الرمزية الكبيرة التي تتمتع بها الطائرة التي يعود تاريخ تصنيعها إلى ثمانينيات القرن الماضي خلال الحقبة السوفييتية.

مواصفات "ويندرانر"

أما فيما يتعلق بقياسات تلك الطائرة العملاقة، فهي تبدو مذهلة بكل المقاييس، بحسب تقرير شبكة Foxnews الأمريكية، إذ يبلغ طول "ويندرانر" 354 قدماً (أي أكبر من ملعب كرة قدم).

ويبلغ الارتفاع 79 قدماً (يمكن اعتبارها بارتفاع طائرة إيرباص من طراز A380، ولكن من فئة مختلفة تمامـاً). أما امتداد الجناحين فيبلغ 261 قدماً، أي ما يساوي تقريباً عرض ملعب كرة قدم أو أربعة ممرات بولينغ من البداية إلى النهاية.

طائرة
أكبر طائرة في العالم "ويندرانر"- Radia

وتبلغ الحمولة القصوى للطائرة 160 ألف رطل، أي 72.574 كيلوغرام، ويمكنها الطيران لمسافة تصل إلى 1,200 ميل بحمولة كاملة، أي نحو ألفي كيلومتر. وتحلق على ارتفاع يصل إلى أكثر من 40 ألف قدم.

وما يثير الدهشة في هذه الطائرة أنه على الرغم من حجمها الضخم، إلا أنه يمكنها الهبوط والإقلاع من مهابط الطائرات بطول 6 آلاف قدم. ويعني ذلك أن "ويندرانر" لا تحتاج سوى مساحة خالية للاستخدام، ولا تحتاج مطار مجهز خصيصـاً؛ ولكن فقط مهبط مسطح للإقلاع منه.

تكنولوجيا اليوم تصنع طائرة الغد

إذا كانت الطائرة "ويندرانر" رائدة من حيث الحجم، فإن هندستها ليست كذلك، كما يظهر من تصميمها، إذ تقول شركة "راديا" على موقعها إنها تركز "على التكنولوجيا الحالية، والسلامة من خلال استخدام مواد ومكونات وتقنيات تصنيع الطيران المجربة والحقيقية، حيثما ينطبق ذلك، والتي حصلت على موافقة إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية (FAA)، ويتم إنتاجها بكميات كبيرة بالفعل، وهي أقل خطورة".

وتراهن الشركة الأمريكية الناشئة على تقديرات منظمة Bloomberg NEF  للأبحاث بأنه سيتم إنفاق ما يصل إلى 10 تريليونات دولار على طاقة الرياح البرية حتى حلول عام 2050. ويهدف تطوير "ويندرانر" إلى تمكين توصيل توربينات الرياح العملاقة (GigaWind)، التي يصنّعها شركاء شركة "راديا"، والتي تشمل خمسة من أكبر ستة مصنعين للتوربينات في العالم. 

أكبر طائرة في العالم
قدرة ضخمة على الشحن – Radia

ففي الوقت الراهن، يبلغ طول شفرات التوربينات 230 قدماً أو أدنى (أي 70 متراً وأقل)، لكن "راديا" ترغب في وضع شفرات يصل طولها إلى 104 أمتار (341 قدماً). وتقول الشركة إن توربينات GigaWind يمكن أن تكون أقوى بمرتين إلى ثلاث مرات، ومربحة أكثر بمرتين إلى ثلاث مرات من تلك المستخدمة اليوم، بحسب تقرير لشبكة CNN الأمريكية.

هل يفقد سائقو الشاحنات وظائفهم؟

يثير طرح طائرة ثورية مثل "ويندرانر" تساؤلات حول تأثيرها على الوظائف التقليدية، وخاصة في قطاع النقل. إذ قد يؤدي ظهور هذا العملاق في مجال الخدمات اللوجستية إلى تغيير كبير في الطلب على خدمات النقل بالشاحنات التقليدية، التي كان يتم الاعتماد عليها تقليدياً في نقل البضائع الكبيرة.

فقد يُواجه سائقو الشاحنات، الذين يُمثلون العمود الفقري لحركة الشحن، تحولاً في طبيعة عملهم، خاصةً المتخصصين في نقل الحمولات الكبيرة التي صُممت طائرة "ويندرانر" لنقلها.

ومع ذلك، يمكن أن تؤدي هذه القفزة التكنولوجية أيضاً إلى خلق فرص عمل جديدة في مجال تشغيل الطائرات والصيانة والتخطيط اللوجستي، والمصممة خصيصاً لدعم المتطلبات الفريدة في تسيير طائرات "ويندرانر".

طائرة
طائرة بمواصفات خيالية – Radia

وفي حين أن طائرات "ويندرانر" تمثل طفرة في نقل الحمولات الكبيرة للغاية مثل مكونات توربينات الرياح، إلا أنها لا تعني نهاية وظائف النقل بالشاحنات في جميع المجالات. فلا تزال قطاعات اقتصادية عديدة تعتمد بشكل كبير على النقل البري للبضائع التي تقع ضمن معايير الحجم والوزن القياسية، بحسب تقرير "فوكس نيوز".

وبالتالي، فإن تأثير "ويندرانر" قد يكون أكثر تخصصـاً، حيث يؤثر فقط على قطاع محدد في صناعة النقل بالشاحنات، خاصةً تلك التي تعمل في مجال الخدمات اللوجستية لمكونات الطاقة المتجددة. كما أنه يُسلط الضوء على التطور المستمر في صناعة الخدمات اللوجستية والنقل، ويؤدي الابتكار في كثير من الأحيان إلى إعادة تنظيم الوظائف بدلاً من اختفائها تماماً.

متى يتحول الحلم إلى حقيقة؟

الهدف، كما تقول "راديا" هو مساعدة العالم على تحقيق أهدافه المتصّلة بإزالة الكربون، فالطائرة "ويندرانر" ستستخدم وقود الطيران المستدام، ولن تحتاج سوى إلى مدرج بسيط مسطح مليء بالأتربة أو الحصى للهبوط عليه.

وستعمل الطائرة من خلال مراكز إقليمية، كما تقول "راديا"، حيث تقوم بالتوصيل عند الحاجة، ويمكنها الهبوط على مهابط طائرات لا تستطيع أي طائرة تجارية كبيرة أخرى أن تهبط عليها.

وتسابق الشركة الزمن حالياً بهدف إنتاج أسطول سريع وجيد البناء يلبي معايير صناعة الطيران. وتشير تقارير على الإنترنت إلى أن العمليات التجارية ستبدأ في عام 2027، لكن لا يوجد جدول زمني مؤكد على موقع شركة "راديا" الإلكتروني، كما لم تعلن الشركة بعد جدولاً زمنياً بشكل رسمي.

من هم أصحاب المشروع؟

لكن من هم الأشخاص الذين يقفون وراء هذه الأحلام الطموحة؟ بحسب تقرير CNN، المؤسس والرئيس التنفيذي للشركة اسمه مارك لوندستروم، وهو رجل أعمال متعدد الصناعات، ومهندس طيران في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا الذي أسّس شركة Radia في عام 2016.

وتقول الشركة إنّ فريق مستشاريها يضم كبار الضباط السابقين من شركة بوينغ ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وشركة رولز رويس ووكالة الطيران الفيدرالي، إضافة إلى مسؤولين سابقين مثل وزير الطاقة الأمريكي إرنست مونيز، ورئيس وزراء أستراليا السابق مالكولم تيرنبول.

ويرى غالبية الخبراء والمتخصصين أن قرار التركيز على استخدام التكنولوجيا الآمنة الموجودة حالياً والمجربة بالفعل هو قرار ذكي، وسيساعد في تحقيق حلم الديناصور الطائر سريعاً.

إذ يعد مشروع "ويندرانر" مثيراً للاهتمام، ليس فقط لكونها طائرة ضخمة ومبتكرة، لكن لما تمثله من أهمية لقطاع طاقة الرياح. ويتعلق الأمر بتجاوز جميع العقبات، ما يجعل السماء حرفياً هي الحد الأقصى لحجم توربينات الرياح والأماكن التي يمكن أن يتم تركيبها فيها.

وبينما يستعد هذه الوحش العملاق للإقلاع، فإن الأمر لا يتعلق بالطائرة نفسها فحسب، بل بالآفاق التي ستتيحها لتوفير طاقة رياح أنظف وأكثر سهولة في الوصول إليها.

علامات:
تحميل المزيد