“تي جي كي بريفيزه” حامية “الوطن الأزرق”.. كل ما تريد معرفته عن الغواصة التركية محلية الصنع

عربي بوست
تم النشر: 2024/03/20 الساعة 11:16 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/03/21 الساعة 12:49 بتوقيت غرينتش
الغواصة التركية "تي جي كي بريفيزه"/ الأناضول

دخلت أحدث الغواصات التركية محلية الصنع الخدمة تحت شعار "أسطورة الأعماق"، فماذا نعرف عن الغواصة "تي جي كي بريفيزه" TCG Preveze؟

وتمتلك تركيا خططاً طموحة تهدف إلى تطوير جيشها بكفاية ذاتية، وقطعت بالفعل شوطاً ضخماً على هذا الطريق. وكانت أبرز خطوات هذا المسار الطائرة "قآن" الشبحية محلية الصنع، التي أجرت أولى رحلاتها التجريبية خلال فبراير/شباط 2024.

حامية "الوطن الأزرق"

وبقدرتها على العمل تحت الماء لمدة 50 يوماً متواصلاً، تساهم الغواصة التركية محلية الصنع "تي جي كي بريفيزه" منذ إطلاقها عام 2023، بحماية مجالات تركيا البحرية المعروفة باسم "الوطن الأزرق"، بحسب تقرير لوكالة الأناضول.

والوطن الأزرق في عقيدة القوات البحرية التركية هو "جميع مناطق الولاية البحرية التركية التي تبلغ مساحتها 462 ألف كيلومتر مربع والتي تم الإعلان عنها بما يتماشى مع حقوق تركيا ومصالحها الناشئة عن القانون الدولي".

تساهم الغواصة التركية محلية الصنع منذ إطلاقها عام 2023، في حماية "الوطن الأزرق"/ الأناضول

وتعد "تي جي كي بريفيزه" إحدى الغواصات المملوكة لقيادة القوات البحرية التي تمتلك 12 غواصة من ثلاث فئات هي: "آي" Ay، و"غور" Gür، و"بريفيزه" Preveze.

وبهذه الغواصات باتت البحرية التركية تمتلك أحد الأساطيل الأكثر نشاطاً في المنطقة، كما باتت تشكل أيضاً إحدى أهم القوى الضاربة لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في حوض البحر المتوسط.

الغواصة التركية "أسطورة الأعماق"

"تي جي كي بريفيزه" التي تؤدي مهامها العملياتية تحت شعار "أسطورة الأعماق"، تعد أحدث الغواصات التركية التي دخلت الخدمة ضمن أسطول "تي جي كي بيري رئيس" TCG Piri Reis التابع لقيادة القوات البحرية.

يبلغ طول الغواصة 62 متراً بارتفاع 6.2 أمتار، وتعمل بنظام الديزل والكهرباء، ويمكن لها الوصول إلى مدى أطول دون التزود بالوقود، إذ تحتوي على بطاريات كهربائية بالإضافة إلى 4 محركات ديزل.

"حلم كل ملاح بحري"

ورصدت الأناضول الغواصة "تي جي كي بريفيزه – إس 353" أثناء تمركزها مع طاقم عملها في مقر قيادة أسطول البحرية التركية بمدينة غولجوك في ولاية قوجه إيلي شمال غرب تركيا.

وفي حديثه إلى مراسل الأناضول، قال قائد الغواصة المقدّم بحري عباس جولاق، إن العمل على متن "تي جي كي بريفيزه – اس 353" يعتبر حلماً لكل ملاح بحري.

وأضاف: "توليت قيادة الغواصة تي جي كي بريفيزه – إس 353 في 15 أغسطس/آب 2023، ومنذ ذلك اليوم وأنا أقوم بهذا الواجب بكل فخر"، لافتاً إلى صعوبة المراحل التي مر بها إلى أن أصبح قائداً للغواصة، وقائلاً: "عملت ضابط محرك وضابط متن في أسطول الغواصات التركي، وأديت جميع المهام الموكلة لي والتي تشمل جميع المجالات المتعلقة بالغواصة على أكمل وجه".

الغواصة لابد أن تكون جاهزة لتأدية المهام طوال الوقت/ من الأناضول

"في وقت لاحق عملت ضابطاً رئيسياً للغواصة والثاني في القيادة، وبعد إتمامي بنجاح جميع تدريبات القيادة، تم تعييني قائداً للغواصة تي جي كي بريفيزه – إس 353″، بحسب قائد الغواصة التركية.

وأوضح جولاق أن المهمة الرئيسية لقائد الغواصة هي إبقاؤها في حالة جاهزية كاملة في جميع الأوقات، مشيراً إلى أنه يؤدي بنشاط واجبه التوجيهي والإشرافي في تدريب الموظفين ومتابعة القضايا التقنية.

وذكر أن واجبه الرئيسي يمكن تلخيصه في الاستعداد المستمر وفي جميع الأوقات، لحماية المجالات البحرية التركية ومصالح البلاد العليا في المناطق البحرية.

غواصة هادئة تعمل بالديزل والكهرباء

بدوره، قال الضابط البحري في الغواصة "تي جي كي بريفيزه – إس 353″، النقيب قايا صمد صاغلام، إن الغواصات الموجودة ضمن ملاك القوات البحرية التركية تتميز بخصائص متشابهة من حيث شكل الهيكل والأنظمة الميكانيكية، لكن الأنظمة الإلكترونية وأحمال الأسلحة تختلف اعتماداً على سنة البناء.

وأشار صاغلام إلى أن جميع الغواصات الموجودة ضمن البحرية التركية قادرة على العمل تحت الماء وتنفيذ مهامها العملياتية لمدة 50 يوماً، دون أن تضطر لزيارة الموانئ والأرصفة البحرية.

وأوضح أن الغواصة "تي جي كي بريفيزه – إس 353" تعمل بنظام يعتمد على الديزل والكهرباء، ويتم تخزين الطاقة في بطاريات يبلغ وزنها الإجمالي 250 طناً لتشغيل المروحة: "إذا انخفضت الطاقة الكهربائية المخزنة في البطاريات، يمكن إعادة شحن البطاريات. إن عمل هذه الغواصة بالطاقة الكهربائية يتيح لنا وصفها بأنها واحدة من الغواصات الأكثر هدوء في العالم".

كما أشار النقيب صاغلام إلى أهمية دورات التدريب التي يتلقاها أفراد الطاقم، ودورها في تعزيز دور نظام السلامة في الغواصة.

كم فرداً طاقم الغواصة؟

من جانبه، قال ضابط الصف في الغواصة "تي جي كي بريفيزه – إس 353″، حاجي مراد سور، إنه بعد الانتهاء من دورة تدريبية طويلة تشمل تلقي المعلومات النظرية على مختلف أجزاء الغواصة، يذهب أفراد الطاقم إلى دورة تدريبية عملياتية على متن الغواصة.

يمكن أن تعمل الغواصة بكامل طاقتها لمدة 50 يومًا متواصلا/ الأناضول

وذكر سور أن الأنشطة التدريبية تستهدف في المقام الأول تأهيل ورفع مستوى الجاهزية لدى المتدربين وأفراد الطاقم، من خلال الدورات النظرية والمؤتمرات والتدريبات العملية التي تشمل الاستخدام الفعلي للأجهزة والمعدات.

وأشار إلى أن 40-45 فرداً يعملون ضمن طاقم الغواصة اعتماداً على مجالات الخبرة والدورات التجريبية التي تلقوها.

"العمل في الغواصة أسلوب حياة لا مجرد مهنة"، وفق سور الذي قال إن أجواء العمل فيها تتيح للإنسان اختبار جميع المشاعر التي يمكن أن يمر بها في حياته، فضلاً عن تعزيز قيم الشرف والشجاعة والفخر وإعلاء روح التعاون والإيثار والوفاء والفرح والإثارة.

عام الصناعات الدفاعية التركية

كان عام 2023 قد شهد إنجازات ضخمة للصناعات الدفاعية التركية، تكلّلت من خلال سعيها لتلبية احتياجات قوات الأمن، بحلول محلية، بهدف تقليل التبعية للخارج في هذا القطاع، وإحداث تأثير كبير في ساحة المعركة بالتقنيات الجديدة، بحسب تقرير لوكالة الأناضول.

ففي عام 2023 أجرت المروحية الهجومية أتاك-2 والطائرة المقاتلة بدون طيار "العنقاء 3″، و المسيرة "بيرقدار TB3″، وطائرة التدريب النفاثة "حرجيبت" أولى طلعاتها الجوية بنجاح.

وفي نفس العام قامت الصناعات الدفاعية التركية بتوقيع أكبر عقد تصدير في تاريخ الجمهورية التركية مع المملكة العربية السعودية، كما كثفت الصناعات الدفاعية التركية من إنتاجها لأنظمة الدفاع الجوي الصاروخية من طرازي "حصار" و"سيبار".

وفي العام الماضي تم اختبار محرك المروحيات المقاتلة "TS1400" بدمجها في مروحية "غوكباي" وتحليقها. وفي أبريل/نيسان 2023 حضر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مراسم تسليم دبابة ألطاي الجديدة للجيش التركي من أجل اختبارها.

وفي البحر، دخلت أكبر سفينة عسكرية تركية، TCG ANADOLU، إلى ترسانة الجيش، بالتوازي مع بدء صناعة 3 فرقاطات بأيدي مهندسين أتراك. أما بالنسبة للمحركات تمكنت شركة "BMC Power" في عام 2023 من بدء الإنتاج المتسلسل لمحرك "تونا" وتسليمه. كما قامت شركة توساش لصناعة المحركات بتصدير محرك" PD170″ التوربيني بعد بدء الإنتاج التسلسلي.

الطائرة "قآن" التركية

كما شهدت تركيا يوم 21 فبراير/شباط 2024 انطلاق أول طائرة مقاتلة محلية الصنع في رحلتها التجريبية الأولى، وهو ما وصفته مجلة Popular Mechanics  الأمريكية بأنه حدث تاريخي مثير.

فبعد نحو عقد ونصف، أجرت تركيا أول رحلة تجريبية لطائرتها المقاتلة، التي تشبه المقاتلة الشبحية الأمريكية إف-22 رابتور، حيث انطلقت المقاتلة التركية إلى السماء للمرة الأولى من مطار مورتيد، الذي يقع على بعد 22 ميلاً شمال العاصمة التركية أنقرة، وقاد الطائرة طيار الاختبار لدى الشركة التركية لصناعات الفضاء (TAI)، بربروس دميرباس.

أردوغان
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الاحتفال بتجربة "قآن"- الأناضول

وعلى مدى 13 دقيقة، طارت الطائرة التجريبية بحرص على ارتفاع 8 آلاف قدم وبسرعة أقل من 256 ميلاً في الساعة، وكانت مصحوبة بطائرة مقاتلة إف-16 دي، تابعة للقوات الجوية التركية. وبعد ذلك، عادت الطائرة "قآن" ونفذت هبوطاً بمساعدة مظلة الكبح في مطار مورتيد.

كانت تركيا، في أواخر عام 2022، قد أعطت أول نظرة للعالم على النموذج الأولي لطائرتها الشبحية، وقد بدأ برنامج تطويرها منذ عام 2010 من جانب شركة "الصناعات الجوية التركية" توساش.

وتلعب الطائرة "قآن" دوراً رئيسياً في خطط تركيا الهادفة إلى تطوير جيش بكفاية ذاتية، على الرغم من التكاليف الباهظة والتعقيدات التقنية التي تعد جوهرية في بناء الطائرات الحربية الحديثة.

طائرة شبحية صناعة محلية

وتمتلك الطائرة التركية "قآن" ملامح عامة تشبه المقاتلة الشبحية الأمريكية إف-22 رابتور. فلدى الطائرة التركية مقدمة مصنوعة من الألومنيوم وجسم مركزي مصنوع من التيتانيوم، ويُغطى سطح الطائرة بلدائن حرارية كربونية مركبة خفيفة وعاكسة للرادار، وهي مادة كانت الشركات التركية تصنعها في الأساس من أجل طائرات إف-35.

أما على صعيد الحركيات، فإن الطائرة التركية "قآن" تستهدف أن تكون في نطاق الأداء المعياري للمقاتلات الحديثة النموذجية، إذ تبلغ السرعة القصوى لها 1.8 إلى 2.2 ماخ، ويبلغ سقف الخدمة 55 ألف قدم، وقدرة على المناورة 9 g، ومدى طيران يصل إلى 700 ميل اعتماداً على الوقود الداخلي.

كما يُتوقع أيضاً أن تتمتع بقدرات فائقة، ما يعني أنها ستكون قادرة على الطيران بطريقة مستدامة بسرعات خارقة لسرعة الصوت بدون اللجوء إلى الحارقات اللاحقة التي تستهلك كمية كبيرة من الوقود. صحيحٌ أن استخدام محركين سوف يرفع التكاليف، ولكن يُفترض أنه سيقلل الخسائر الناتجة عن تعطل المحركات.

وصممت الطائرة قآن بحجرة استطلاع بالإضافة إلى الأسلحة بعيدة المدى الموجهة بدقة، التي تتضمن صواريخ الناتو المعيارية مثل صاروخ ميتور، والتسليحات التركية محلية الصنع مثل صواريخ بوزدوغان قصيرة المدى، وصواريخ جوكدوجان جو-جو متوسطة المدى، وصواريخ سوم كروز (التي يصل مداها إلى 171 ميلاً)، وصواريخ MAM-T المضادة للدبابات.

مزيد من التطوير

إضافة إلى ذلك، من المفترض أن تتضمن إلكترونيات الطيران قمرة زجاجية حديثة -معززة بطيران آلي يعمل بالذكاء الاصطناعي ويستجيب للأوامر الصوتية، كي تتمكن الطائرة من الهبوط إذا فقد الطيار وعيه- وأيضاً مقعد طرد من إنتاج شركة مارتن بيكر البريطانية (وسيكون موديل المقعد على الأرجح يو إس-16 إي).

كذلك تتعهد الشركة التركية لصناعات الفضاء بأن تضم الطائرة أجهزة استشعار مدمجة (بما في ذلك رادار مصفوفة الطور النشط المصنوع من نيتريد الغاليوم (AESA) الذي تصنعه الشركة التركية أسلسان، وهو رادار شبحي مقاوم للتشويش)، ومستشعر يعمل بالأشعة تحت الحمراء مثبت عند مقدمة الطائرة، ونظام استهداف كهروضوئي بتغطية 360 درجة أسفل جسم الطائرة، وأنظمة مهمات قتالية ببنية مفتوحة، ومنظار رؤية مثبت على الخوذة، فضلاً عن الإمكانات التي تتيح للطيار السيطرة على طائرات أنكا-3 المُسيّرة المصاحبة له.

استقلالية دفاعية تركية

وكانت لدى تركيا خطط لشراء طائرات F-35  الشبحية الأمريكية للعمل جنباً إلى جنب مع مقاتلاتها المحلية، ولكن بعد فشل هذه الخطط، أثيرت أيضاً مخاوف بشأن قدرة البلاد في الحصول على محركات من الجيل الخامس أمريكية الصنع. كل هذه العوامل أضافت مزيداً من الدوافع لتطوير الصناعات الدفاعية المحلية وهو ما يبدو أنه يسير بشكل أفضل مما كان متوقعاً.

ولعل السبب الرئيسي لانتهاج تركيا سياسة الاستقلالية الدفاعية، يعود إلى عام 1974 حين حظرت الولايات المتحدة تصدير السلاح لتركيا على خلفية أزمة شمال قبرص، وفي عام 1980 بدأت أنقرة تفكر بشكل جدي في برامج للتصنيع الدفاعي الصغير لتعويض الصادرات الأمريكية، بحسب تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية BBC.

ومنذ عام 2003 ومع تصدر حزب العدالة والتنمية للمشهد السياسي حين تولى الرئيس رجب طيب أردوغان حينها رئاسة الوزراء، دفع الحزب نحو التوجه إلى الصناعات العسكرية الثقيلة، وبدأت البلاد خطوات فعلية في تصنيع الأسلحة الدفاعية الثقيلة عام 2010.

وبحسب الرئيس التركي أردوغان، فإن "تركيا حققت ثورة في مجال الصناعات الدفاعية، مدعومة بأكثر من 2000 شركة تركية تعمل في هذا القطاع، بعدما كانت 56 شركة فقط عام 2002″، فيما ارتفعت "حصة البحث والتطوير للصناعات الدفاعية من 49 مليون دولار إلى 1.5 مليار دولار، وارتفعت الصادرات الدفاعية التركية من 248 مليون دولار قبل 20 عاماً إلى 4.4 مليار دولار، مع وجود أكثر من 725 مشروعاً دفاعياً".

علامات:
تحميل المزيد