“الإف-35” الأمريكية أصبحت مقاتلة شبحية “نووية”، فهل لدى روسيا طائرة مشابهة؟

عربي بوست
تم النشر: 2024/03/11 الساعة 15:09 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/03/11 الساعة 15:09 بتوقيت غرينتش
الطائرة الأمريكية الشبحية إف 35/ويكيبيديا

أصبحت الطائرة الشبحية الإف-35 قادرة على حمل رؤوس نووية تكتيكية، فماذا يعني ذلك للتفوق الجوي الأمريكي؟ وهل لدى روسيا مقاتلة مشابهة من حيث القدرات؟

"الإف-35 هي الآن أول مقاتلة شبح في العالم مصرح لها بحمل سلاح نووي"، تحت هذا العنوان نشرت مجلة Popular Mechanics الأمريكية تقريراً يرصد هذا التطور اللافت في سلاح الطيران بشكل عام، والأسلحة النووية بشكل خاص.

وكانت وسائل إعلام أمريكية مختصة بأخبار البنتاغون قد ذكرت أن مقاتلة الإف-35 إي، وهي موديل من الجيل الخامس من الطائرة الشبح، قد حصلت على شهادة رسمية لحمل الأسلحة النووية.

الإف-35 مقاتلة نووية؟

مجلة Defense Breaking الأمريكية نقلت عن الممثل الرسمي لبرنامج إنتاج طائرات "إف-35 إيه" قوله إن الشهادة تسمح بحمل قنابل نووية حرارية من طراز "بي61-12″، وهي قنابل تكتيكية وليست استراتيجية.

وأضاف المسؤول أن تلك القنابل قد تم استلامها في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أي قبل الموعد المحدد. لكن الشهادة التي حصلت عليها الطائرة الشبحية ذات الإقلاع والهبوط العمودي، مقصورة على الموديل "إيه" من طائرات الإف-35، ولا تنطبق على موديلات "بي وسي".

والجدير بالذكر هنا أنه توجد أسلحة نووية استراتيجية وأخرى تكتيكية. والأسلحة النووية التكتيكية يطلق عليها الأمريكيون مصطلح "أسلحة ساحات المعركة النووية" Battlefield Nukes، وهي رؤوس نووية صغيرة الحجم يمكن إطلاقها كقذيفة هاون أو حتى تفجيرها مثل الألغام، وذلك على عكس الأسلحة النووية الاستراتيجية التي تطلق من خلال الصواريخ الباليستية العابرة للقارات.

وتُعد الأسلحة النووية التكتيكية أصغر بكثير من تلك الاستراتيجية وهي مُصممة للاستخدام في ساحة المعركة ضد تشكيلات القوات أو الدبابات أو المنشآت العسكرية والمخابئ، وفقاً لموقع The Bulletin. وتم تطوير الأسلحة التكتيكية خلال الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي بهدف تعزيز إمكانيات الهجوم النووي بنوع آخر قادر على التدمير المحدود والموجه لأهداف بعينها، على عكس ما قد تتسبب فيه الرؤوس النووية الاستراتيجية، المخصصة لتدمير مدن بأكملها.

وكان قد تم اعتماد أول عينة من القنبلة النووية "بي61" لتدخل الخدمة في عام 1968، ثم تم إصدار قنبلة "بي61-12" المعدلة في الولايات المتحدة في نوفمبر/تشرين الأول 2021.

كم قنبلة نووية تحملها الإف-35؟

يعني هذا أن طائرات إف-35 إيه باتت تعتبر منصات "مزدوجة القدرة" يمكن استخدامها في الحرب التقليدية والحرب النووية. ويمكن للطائرة الشبحية أن تحمل على متنها قنبلتين نوويتين من طراز بي-61-12، وتستخدم الطائرة جناحها المخصص للمجسات الأرضية وروابط البيانات لإسقاط القنبلة النووية وتوجيهها نحو الهدف المحدد بدقة أكثر من الطائرات الأخرى التي تحمل نفس القنبلة.

وعلى مدى سنوات، سعى سلاح الجو الأمريكي إلى تجهيز الطائرات المقاتلة التقليدية من طراز إف-15 إي وإف-16 بالتحضيرات التقنية اللازمة لحمل "سلاح نووي"، لكن الآن باتت الإف-35 إيه هي أول مقاتلة شبحية على الإطلاق يتم تجهيزها "نووياً"، بحسب تقرير Popular Mechanics. ويطلق على هذه القنبلة النووية التكتيكية التي تم التصريح للطائرة الإف-35 إيه بحملها "قنبلة الجاذبية".

وعلى الرغم من اعتماد سلاح الجو على الإف-22 رابتور في المعارك الجوية بصورة مكثفة أكثر من الإف-35 الشبحية، إلا أن الأخيرة هي المقاتلة التي يجري تجهيزها لحمل سلاح نووي منذ سنوات، كي تحل محل طائرات الإف-16 التي يفترض أن تحل محلها الإف-35. لكن تنفيذ القدرة على حمل القنبلة وتنفيذ الاستفادة القصوى من السمات المتطورة لقنبلة الجاذبية (بي-61-12) لا يزال مرتبطاً ببرنامج تطوير أكثر عمقاً (وأكثر تكلفة أيضاً) يطلق عليه برنامج "بلوك4".

سلاح الجو الأمريكي يسابق الزمن

وتعني شهادة الإجازة لحمل سلاح نووي أن اختبارات القدرة والتطوير للقنبلة بي-16-12 قد انتهت أخيراً وباتت "مرضية" بعد أكثر من 10 سنوات من الجهود الكثيفة، بحسب ما صرح به روس جويماير، المتحدث باسم برنامج التطوير المشترك لطائرات الإف-35.

لكن سلاح الجو الأمريكي، في بيان، أكد أن القدرات النووية ليست معتمدة على استلام حزمة التطوير الكاملة في برنامج "بلوك4″، مضيفاً أن "شهادة التصريح النووي" سوف يتم تطبيقها على "جميع مقاتلات الإف-35 إيه المتاحة لدى سلاح الجو. لكن الإف-35 غير مصرح لها بحمل النسخ الأقدم من قنابل بي-61-3 أو بي-61-4، وهي القنابل غير الاستراتيجية التي يتم استبدالها بالقنابل بي-61-12.

الآن أصبح لدى سلاح الجو الأمريكي طريقة أكثر قدرة على البقاء والاستمرارية لتوصيل ترسانته من الأسلحة النووية التكتيكية أو قنابل الجاذبية، وذلك بفضل قدرة مقاتلات الإف-35 على اختراق أجواء العدو بأقل قدر من مخاطر اكتشافها مبكراً وتعرضها لمضادات أرضية فعالة من أنظمة الدفاع الصاروخية.

الأسلحة النووية التكيتيكية منها قنابل الجاذبية/ رويترز

كما أن طائرات الإف-35 هي أيضاً المقاتلة الثانية (الأولى هي الإف-35 إيه)، التي تكون مناسبة خصيصاً لحمل قنابل بي-61-12، وهي قنابل تتمتع بدقة ومدى أكبر بكثير من النماذج السابقة من القنابل ذاتها.

صحيح أن الطائرات الشبحية لم تعد محصنة تماماً، فهناك تكتيكات للتصدي للطائرات الشبحية، إلا أن فرصة الطائرة الشبحية في الوصول إلى منطقة الهدف لإسقاط قنبلة الجاذبية والعودة إلى القاعدة تظل أعلى بكثير من فرصة المقاتلات غير الشبحية، والتي من المؤكد أن يتم كشفها من مسافات بعيدة، إلا إذا كانت أنظمة رادار العدو قد تم تحييدها مسبقاً.

سباق التسلح بين أمريكا وروسيا

يطرح هذا التطور الكبير في عالم الطيران العسكري سؤالاً بديهياً مفاده: هل لدى روسيا وسيلة مشابهة لتوصيل الأسلحة النووية التكتيكية إلى أهدافها؟ أي هل تمتلك روسيا طائرة شبحية قادرة على حمل سلاح نووي تكتيكي؟

في أبريل/نيسان 2023، نشرت وزارة الدفاع في روسيا البيضاء (بيلاروسيا) مقطع فيديو مصحوباً ببيان يقول إن بعضاً من طياريها العسكريين أنهوا "برنامجاً تدريبياً إضافياً تحت إشراف خبراء من الاتحاد الروسي (روسيا) يهدف إلى تطوير قدرة الطيارين على استخدام ذخائر وأسلحة لها تصميم خاص"، في إشارة إلى الأسلحة النووية التكتيكية.

هؤلاء الطيارون يقودون طائرات سو-25 (سوخوي-25)، وليست طائرات سو-24 المصممة تحديداً لهذا النوع من المهام العسكرية، بحسب وزارة الدفاع الروسية. على أية حال، كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أعلن عن إرسال أسلحة نووية تكتيكية إلى حليفه أليكساندر لوكاشينكو رئيس بيلاروسيا، وذلك في سياق الصراع الجيوسياسي بين روسيا والغرب، والذي أدى لاندلاع الحرب في أوكرانيا قبل أكثر من عامين.

وبحسب موقع Technology.org، يمكن لمقاتلات سو-25 أن تسقط قنابل الجاذبية "النووية" من أعلى نقطة ارتفاع تصلها الطائرة، لكن هذه قد تكون مهمة انتحارية لأن نجاة الطائرة والطيار سيصبح محل شك كبير. فالطائرة سو-25 صُممت من جانب الاتحاد السوفييتي وحتى وقتها لم يكن مطروحاً أن تتحول المقاتلة إلى طائرة قادرة على حمل رؤوس نووية تكتيكية.

سو-35 الروسية/ رويترز

وتتطلب طريقة إسقاط الذخائر النووية أن تطير المقاتلة على ارتفاع منخفض نسبياً وبسرعتها القصوى بحيث تسقط القنبلة وتنسحب في الاتجاه المعاكس بأقصى سرعة لتتجنب الانفجار النووي وآثاره.

ولهذا الغرض، قام الاتحاد السوفييتي ببناء المقاتلة ياك-28 في خمسينات القرن الماضي، وكانت سرعتها القصوى 1830 كم/س، ولاحقاً حلّت محلها طائرات سو-24 والتي تصل سرعتها إلى 1700 كم/س وتطير على ارتفاعات أقل انخفاضاً بسرعة تصل إلى 1400 كم/س.

أما اليوم، فيمتلك سلاح الجو الروسي المقاتلة سو-34 والتي تتراوح سرعتها بين 1400 و1900 كم/س على حسب الارتفاع.

روسيا ومقاتلة كش-مات (سو-75)

لكن سباق التسلح المشتعل بين الغريمين، روسيا والولايات المتحدة، يبدو وكأنه أعاد الأجواء إلى القرن الماضي والحرب الباردة. ففي خلال التجاذب الحاصل بين تركيا وأمريكا قبل سنوات بشأن صفقة طائرات الإف-35 لأنقرة، كشفت موسكو عن مقاتلة جديدة أطلقت عليها "كش مات" (Checkmate).

المقاتلة المقصودة هي سوخوي 75 وهي مقاتلة شبحية من الجيل الخامس ذات المحرك الواحد، صممتها شركة "سوخوي" التي دمجتها روسيا مع شركات أخرى في "شركة الطائرات المتحدة" عام 2006، وتوفر الطائرة المقاتلة أداء عالياً وتكاليف تشغيل منخفضة لكل ساعة، كما أن سعرها قد يكون أقل من طائرة إف-35 بنحو 3 مرات.

وتم الكشف عن نموذج للطائرة في معرض "ماكس" الجوي بموسكو عام 2021 بحضور الرئيس بوتين، كما ظهر أول عرض دولي لها في معرض دبي للطيران في العام نفسه، وكان قد تم تحديد موعد أول تشغيل لهذه الطائرة المقاتلة عام 2023، لكن تم تأجيله حتى العام الحالي 2024.

وفي 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، تم الإبلاغ عن بدء إنتاج عدة نماذج أولية من مقاتلة "كش مات" في المصنع الذي قام بإنتاج طائرة سوخوي 57. وفي 16 أغسطس/آب 2022، أفادت "شركة الطائرات المتحدة" بأنها تخطط لبناء 4 نماذج أولية، مع إجراء اختبارات الطيران في وقت مبكر من عام 2024.

كانت مجلة National Interest الأمريكية قد نشرت تقريراً حول أفضل 5 طائرات مقاتلة هيمنت على السماء منذ ظهور المقاتلات الطائرة حتى اليوم، وكان لافتاً غياب الطائرات الشبحية، وعلى رأسها الإف-35 الأمريكية، عن هذه القائمة، فكيف يتم تقييم الطائرات المقاتلة؟

هناك 3 عناصر رئيسية يتم أخذها في الاعتبار عند تقييم الطائرات المقاتلة، وهذه العناصر هي:

بوتين
الرئيس الروسي بوتين ووزير الدفاع شويغو

الخصائص القتالية للطائرة: أي مدى قدرة هذه الطائرة على الصمود أمام الطائرات المنافسة لها، ولا يقتصر الصمود هنا على المقاتلات الأخرى فقط، ولكن أيضاً على قاذفات القنابل والمضادات الأرضية. أي مدى قدرة الطائرة على تفادي الدفاعات الجوية الأرضية بأنواعها، وليس فقط الصمود في المعارك الجوية المباشرة ضد طائرة أخرى من نفس الطراز أو نفس المستوى.

موثوقية الطائرة المقاتلة: والمقصود بهذا العنصر هو الوقت الذي تحتاجه الطائرة للصيانة أو عمليات الإصلاح مقارنة بالوقت الذي تقضيه محلقة في السماء للقيام بالمهام المتوقعة منها. فهل يمكن الاعتماد على هذه الطائرة للقتال عند الحاجة إليها، أم أنها تقضي وقتاً أطول في الإصلاح والصيانة مقارنةً بالوقت الذي تقضيه في الجو؟

التكلفة: العنصر الثالث هنا هو تكلفة تصنيع تلك الطائرة المقاتلة، أي ما الذي تدفعه الدولة من دماء ومال من أجل أن تحلِّق هذه الطائرة في السماء؟

تحميل المزيد