كيف تعزز صفقات الأسلحة الأمريكية مع الهند التعاون الدفاعي بينهما لمواجهة نفوذ الصين؟

عربي بوست
تم النشر: 2024/02/19 الساعة 08:30 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/02/19 الساعة 08:30 بتوقيت غرينتش
كيف تتنامى الشراكة الدفاعية بين أمريكا والهند؟ أرشيفية / رويترز

وافقت وزارة الخارجية الأمريكية، في مطلع فبراير/شباط 2024، على صفقة ضخمة بقيمة 4 مليارات دولار لبيع 31 طائرة بدون طيار هجومية من طراز "سكاي جارديان إم كيو-9بي" (Sky Guardian MQ-9B) و170 صاروخاً من طراز هيلفاير (AGM-114R Hellfire) و310 قنبلة موجهة بالليزر ذات قطر صغير ومعدات اتصالات ومراقبة متطورة إلى الهند، ولا تزال الصفقة بحاجة إلى موافقة الكونغرس. 

كيف تتنامى الشراكة الدفاعية بين أمريكا والهند؟

رداً على النفوذ الصيني المتصاعد دولياً بصورة عامة، وفي منطقة المحيطين الهندي والهادئ بصورة خاصة، تبنت واشنطن استراتيجية تعتمد على تعزيز تحالفاتها الدفاعية في المنطقة، بما في ذلك اتفاقية أوكوس (AUKUS) مع كل من بريطانيا وأستراليا، والتحالف الرباعي "كواد" (QUAD) مع اليابان والهند وأستراليا، وكذلك زيادة التدريبات العسكرية الثنائية والوصول إلى القواعد العسكرية في الفلبين وبابوا غينيا الجديدة. 

ويقول موقع أسباب المتخصص بالتحليلات الاستراتيجي إن الولايات المتحدة تسعى، ضمن نفس السياق، إلى تعزيز شراكتها الاستراتيجية والاقتصادية مع دول جنوب آسيا المطلة على المحيط الهندي وفي مقدمتها الهند وكذلك إندونيسيا وسريلانكا.

حيث تعول الولايات المتحدة على الدور المحوري الذي يمكن أن تلعبه الهند لموازنة النفوذ الصيني؛ إذ تمتلك نيودلهي إمكانيات تؤهلها أن تقدم مساهمة حاسمة في جهود واشنطن لاحتواء مسار هيمنة الصين الصاعد على آسيا بصورة عامة. 

وفي ظل تحكم الهند في طرق التجارة والطاقة عبر المحيط الهندي، تستهدف واشنطن من تعزيز شراكتها الدفاعية مع نيودلهي تأسيس قوة ردع ضد بكين في غرب المحيط الهادئ، وتأمين وجود قوة أكثر فاعلية على مسافة قريبة من المنشآت والأصول الصينية في بحر الصين الجنوبي؛ مما يعقد مخططات بكين المحتملة لغزو تايوان.

أمريكا ثاني أكبر مورد للأسلحة للهند بعد روسيا

اتخذت الولايات المتحدة مؤخراً خطوات مهمة لتطوير القدرات العسكرية الهندية؛ مما جعل واشنطن الآن ثاني أكبر مورد للأسلحة إلى الهند بعد روسيا. وشملت الجهود الأمريكية تسريع الموافقات على مبيعات الأسلحة المتقدمة وتحفيز الإنتاج المشترك للمعدات العسكرية الهندية. وعكس العام الماضي تزايد التعاون العسكري بين الجانبين بشكل ملحوظ بما في ذلك:

  • إعلان أمريكا والهند عن مبادرة التكنولوجيا الحرجة والناشئة (iCET) والتي تعمل على زيادة التعاون الدفاعي والتكنولوجي بين الجانبين.
  • إعلان وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن عن وضع خريطة طريق جديدة لتعزيز التعاون في مجال الصناعات الدفاعية مع الهند.
  • توقيع اتفاقية إصلاح السفن، وتسمح الاتفاقية للسفن البحرية الأمريكية في منطقة المحيط الهندي باستخدام الموانئ الهنـدية كمراكز للصيانة والإصلاح. 
  • توقيع الشركتين الأمريكيتين "جنرال إلكتريك" (GE) و"هندوستان ايرونوتيكس" (HAL) اتفاقية لتصنيع محركات الطائرات المقاتلة الهندية "تيجاس".

علاوة على ذلك، فإن الشراكة العسكرية المتنامية بين الهند والولايات المتحدة من شأنها أن تقلل من اعتماد الهند التاريخي على السلاح الروسي. فالهند هي أكبر مستورد للسلاح الروسي، حيث تأتي نصف مشترياتها من الأسلحة من روسيا، ولا يزال 80% من المخزون العسكري للهند روسي المنشأ. وتحتل الهند المركز الرابع عالمياً في الإنفاق الدفاعي، خلف أمريكا وروسيا والصين، بميزانية تبلغ حوالي 71.4 مليار دولار

ولا تحتاج الهنـد إلى استبدال الأسلحة الروسية التقليدية بأسلحة غربية، ولكن تسعى إلى تطوير قدراتها العسكرية باستخدام التكنولوجيا المتقدمة في أدوار متخصصة للغاية، الأمر الذي تجلى في صفقة السلاح الأمريكي التي تمنح الهنـد طائرات بدون طيار متطورة تمكنها من إنجاز مهام المراقبة والاستطلاع عالية الجودة في الممرات البحرية والمناطق الحدودية الجبلية، في ظل نزاعاتها الحدودية مع الصين وباكستان. 

الهند تعزز علاقاتها الدفاعية والأمنية والعسكرية مع الغرب لمواجهة الصين

وتسعى نيودلهي في إطار مواجهتها للتهديدات الصينية إلى تعزيز وضعها العسكري بتطوير التعاون العسكري مع القوى الغربية، خاصة الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وأستراليا؛ حيث تواجه الهنـد تهديدات منتظمة من قبل الصين على طول حدودها الشمالية؛ وفي ربيع 2020 أدت مناوشات عسكرية بين الجانبين في منطقة لاداخ الحدودية في أقصى شمال الهنـد إلى سقوط قتلى من الجانبين لأول مرة منذ 45 عاماً. 

كما تتزايد المخاوف الهندية من محاصرتها من قبل النفوذ الصيني، حيث تعمل الصين على الاحتفاظ بوجود استراتيجي مدعوم بشبكة متنامية من القواعد ونقاط الوصول، بداية من إنشاء قاعدة بحرية في كمبوديا وصولاً إلى تعزيز علاقتها الاستراتيجية مع باكستان وميانمار وإيران، وكما تمتلك بكين سفارات في كل الدول الجزرية في المحيط الهندي: سريلانكا وجزر المالديف وموريشيوس وسيشيل ومدغشقر وجزر القمر.

بالرغم من أن الصين هي القوة الدافعة الرئيسية وراء تطور الشراكة الدفاعية بين أمريكا والهند، إلا أن هذا لا يعني بالضرورة أن تندفع نيودلهي إلى جانب واشنطن في حال حدوث أزمة أمنية مباشرة مع بكين، ما لم تتعرض مصالح نيودلهي لتهديد مباشر.

حيث تعتمد الهند على نهج يحافظ على إبقاء العلاقة مع الصين بعيدة عن التصعيد العسكري، كما أن الهنـد، مثل باقي القوى المتوسطة الصاعدة، تميل للاحتفاظ بقدر من استقلالية سياستها الخارجية، وهو ما تجلى في موقفها من العلاقة مع روسيا بعد حرب أوكرانيا، والانقلاب العسكري في ميانمار، والأوضاع السياسية في بنغلاديش.

تحميل المزيد