فيما يبدو جو بايدن المرشح الديمقراطي الفعلي، ودونالد ترامب يقود السباق الجمهوري، هناك مرشحون آخرون يسعون لخوض الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024، فمن هم؟
وتقام الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، وحتى الآن يبدو أنها أقرب لأن تكون تكراراً للانتخابات الماضية (2020)، أي يتنافس فيها بشكل أساسي الرئيس الحالي جو بايدن والسابق دونالد ترامب، وكلاهما يريد الفوز بفترة رئاسية ثانية.
في المعسكر الجمهوري تبدو الأمور شبه محسومة، حيث ينحصر السباق الآن بين ترامب والسفيرة السابقة لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي على نيل ترشيح الحزب الجمهوري، في حين يعتبر جو بايدن المرشح الفعلي للحزب الديمقراطي.
لكنّ هناك أيضاَ مرشحين طامحين لتحقيق مفاجأة ما في الأشهر المقبلة، كما يتنافس عدد من المرشحين المنتمين إلى طرف ثالث للظهور كمستقلين في بطاقة التصويت الفيدرالية.
ترامب يقود السباق الجمهوري
استغل دونالد ترامب القضايا المدنية ولوائح الاتهام الموجهة إليه في أربع قضايا جنائية، وهو أمر غير مسبوق بالنسبة لرئيس أمريكي سابق، لتعزيز شعبيته بين الجمهوريين وجمع التمويل لحملته الانتخابية، مما ساهم في جعله المرشح الجمهوري الأوفر حظا بنسبة تأييد بلغت 64 بالمئة، وفق أحدث استطلاع للرأي أجرته رويترز/إبسوس.
وفاز ترامب في منافسات الترشح المبكرة في ولايات أيوا ونيوهامبشير ونيفادا. ويسعى لاستبدال قيادة اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري بكبار حلفائه قبل المؤتمر الوطني للحزب لاختيار مرشحه للانتخابات في يوليو/تموز المقبل.
يصف ترامب (77 عاماً) لوائح الاتهام ضده بأنها اضطهاد سياسي يهدف إلى إحباط سعيه للفوز بولاية ثانية مدتها أربع سنوات، وهي الاتهامات التي تنفيها وزارة العدل.
وقُدمت عدة طعون قانونية إلى المحكمة العليا الأمريكية تتعلق بأهلية الرئيس السابق لخوض الانتخابات، على خلفية اقتحام أنصاره مبنى الكونغرس يوم السادس من يناير/كانون الثاني 2021 بهدف تعطيل إعلان فوز بايدن بالرئاسة وقتها. كما تم تقديم دعوى أخرى أمام المحكمة العليا تطعن فيما إذا كان بوسع ترامب المطالبة بالحصانة الرئاسية.
وتعهد ترامب بالانتقام ممن يعتبرهم أعداءه حال انتخابه مرة أخرى، وتزايد استخدامه لهجة استبدادية بما في ذلك قوله إنه لن يكون ديكتاتوراً إلا "في اليوم الأول"، بحسب تقرير لرويترز. كما وعد ترامب بإجراء تغييرات شاملة أخرى بينها تعيين موالين له في الخدمة المدنية الاتحادية وفرض سياسات أكثر صرامة فيما يتعلق بالهجرة مثل تنفيذ عمليات ترحيل جماعي وإنهاء حق المواطنة بالولادة.
وتعهد أيضاً بإلغاء برنامج التأمين الصحي المعروف باسم (أوباما كير) وفرض قيود أكثر صرامة على التجارة مع الصين، وألمح إلى أنه لن يدافع عن الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) ما لم تدفع مقابل تلك الحماية. ويعارض ترامب بشدة الدعم الذي تقدمه إدارة بايدن لأوكرانيا في الحرب الروسية هناك، متعهدا بوقف تلك الحرب، التي يزعم أنها ما كان يمكن أن تندلع لو كان هو الرئيس الأمريكي.
نيكي هيلي تنافس ترامب
بعد أن كان هناك نحو 10 مرشحين ساعين للفوز بترشيح الحزب الجمهوري وينافسون ترامب، أبرزهم رون ديسانتيس حاكم فلوريدا، أصبحت نيكي هيلي الوحيدة الباقية في السباق، حيث انسحب باقي المرشحين وأعلنوا جميعاً تقريباً دعم ترامب.
وتركز هيلي (52 عاماً)، وهي حاكمة سابقة لولاية ساوث كارولينا وكانت سفيرة لدى الأمم المتحدة في عهد ترامب، على شبابها النسبي مقارنة ببايدن (81 عاماً) وترامب، فضلاً عن خلفيتها باعتبارها ابنة لمهاجرين من الهند.
واكتسبت هيلي سمعة طيبة في الحزب الجمهوري باعتبارها شخصية محافظة قوية ولديها القدرة على معالجة القضايا المتعلقة بالنوع الاجتماعي والعرق بطريقة أكثر مصداقية من العديد من أقرانها.
لكن ترامب انتقدها بشدة، وشن هجمات عنصرية على أصلها العرقي وضخم ادعاءات كاذبة حول أهليتها للوصول للبيت الأبيض رغم أنها مولودة في ولاية ساوث كارولينا. بينما كثفت هيلي، التي بلغت نسبة تأييدها بين الجمهوريين 19 بالمئة بحسب استطلاع رويترز/إبسوس، هجماتها على ترامب بعد انتخابات نيوهامبشير في 23 يناير/كانون الثاني وجمعت مليون دولار بعد تهديد ترامب للمتبرعين لحملتها.
كما تقدم نفسها على أنها مدافعة قوية عن المصالح الأمريكية في الخارج، مشيرة إلى إشادة ترامب بالديكتاتوريين ووصفته بأنه فوضوي ومثير للانقسام بشدة.
وألمحت إلى أنها ستبقى في السباق بعد الانتخابات التمهيدية المقررة في 24 فبراير/شباط في ولايتها حيث تظهر استطلاعات الرأي أنها تتخلف عن ترامب. وانتقدت حملتها التغييرات التي اقترحها ترامب بشأن اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري قائلة إنه يجب إصلاح الحزب السياسي ومراجعة موارده المالية.
جو بايدن.. مرشح الحزب الديمقراطي؟
سيتعين على بايدن (81 عاماً)، وهو أكبر رئيس للولايات المتحدة على الإطلاق، إقناع الناخبين بأنه قادر على تحمل البقاء في منصبه لأربع سنوات أخرى في ظل ضعف معدلات تأييده، خصوصاً في أعقاب صدور تحقيق بشأن وثائق سرية كانت بحوزته يشكك في ذاكرته ويصفه بأنه "رجل عجوز ذاكرته ضعيفة".
وأظهر استطلاع رويترز/إبسوس الأحدث حصول بايدن على نسبة تأييد بلغت 34 بالمئة، بينما حصل ترامب على 37 بالمئة، في ظل وجود هامش خطأ يقترب من 2.9 نقطة مئوية.
وعندما أعلن ترشحه، قال بايدن إن عليه أن يدافع عن الحريات الأمريكية، وأشار إلى الهجوم المميت الذي شنه أنصار ترامب على مبنى الكابيتول الأمريكي في السادس من يناير كانون الثاني 2021. وتشاركه نائبته الحالية كاملا هاريس مجدداً في حملة ترشحه.
وسيكون الاقتصاد عاملاً أساسياً في حملة إعادة انتخابه. ورغم أن الولايات المتحدة نجت من الانزلاق إلى دائرة ركود متوقع وتحقق نمواً أسرع مما تنبأ به خبراء الاقتصاد، إلا أن التضخم بلغ أعلى مستوياته منذ 40 عاما في 2022، وتؤثر تكلفة الاحتياجات الأساسية على الناخبين.
ودفع بايدن بحزم ضخمة من التحفيز الاقتصادي والإنفاق على البنية التحتية لتعزيز الإنتاج الصناعي الأمريكي، لكن اعتراف الناخبين بتحقيقه ذلك الهدف لا يكاد يذكر تقريباً.
وقاد بايدن رد الحكومات الغربية على الهجوم الروسي على أوكرانيا، الذي يصفه الغرب بأنه "غزو" بينما تصفه موسكو بأنه "عملية عسكرية خاصة"، عبر إقناع الحلفاء بفرض عقوبات على موسكو ودعم كييف. وهو داعم لإسرائيل في حربها المدمرة على قطاع غزة، ما يجعله يواجه انتقادات حادة من بعض زملائه الديمقراطيين لعدم دعمه وقفا لإطلاق النار في الأراضي الفلسطينية؛ حيث يقول مسؤولون في قطاع الصحة في غزة إن أكثر من 28 ألفاً و400 فلسطيني استشهدوا ودمرت آلاف المباني أو تضررت ولا يتوفر للسكان ما يكفي من الغذاء والماء والمستلزمات الطبية.
وتعرضت إدارة بايدن لملف الهجرة لانتقادات من جمهوريين وديمقراطيين، إذ بلغ عبور المهاجرين للحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك مستويات قياسية خلال إدارته. وفاز بايدن بسهولة في نيوهامبشير وساوث كارولينا ونيفادا في منافسات نيل ترشيح الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية.
ميشيل أوباما؟
لكن إذا كان بايدن يبدو المرشح الفعلي الوحيد للحزب الديمقراطي حتى الآن، إلا أن البعض داخل الحزب يبدون قلقهم بشكل علني بشأن عمر الرئيس وقدرته الصحية على أن يخدم في البيت الأبيض لفترة رئاسية ثانية، وارتفعت تلك النبرة في أعقاب صدور تقرير المحقق الخاص روبرت هير الأسبوع الماضي.
وهناك شخصيات ديمقراطية يطرحها هؤلاء حال حدثت مفاجأة خلال الأشهر المقبلة وقرر بايدن عدم الترشح، أو إذا تم إجباره على ذلك من جانب الحزب، وأبرز تلك الشخصيات غافين نيوسوم حاكم كاليفورنيا أو ميشيل أوباما، زوجة الرئيس الأسبق باراك أوباما، وأندي بيشر حاكم ولاية كنتاكي، وبالطبع يمكن أن يتم تصعيد نائبة بايدن كامالا هاريس للمنافسة على الرئاسة، بحسب تقرير لشبكة Foxnews الأمريكية.
هل هناك مرشحون آخرون؟
هناك أيضاً عدد من السياسيين يسعون كمستقلين للفوز بالرئاسة، ومن هؤلاء دين فيليبس، وهو عضو بالكونغرس الأمريكي عن ولاية مينيسوتا، ولا يحظى بشهرة واسعة. وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلن فيليبس أنه سيخوض السباق الصعب أمام بايدن، لأنه يعتقد أن الرئيس غير قادر على الفوز بولاية أخرى.
وأعلن رجل الأعمال المليونير، البالغ من العمر 55 عاماً، والمؤسس المشارك لشركة للأيس كريم (البوظة)، عن مسعاه في مقطع مصور مدته دقيقة واحدة نشره على الإنترنت، قائلاً "أمامنا بعض التحديات… سنصلح هذا الاقتصاد، وسنصلح أمريكا".
وفشل فيليبس في الفوز بتأييد أي مندوبين في ساوث كارولاينا، واحتل المركز الثاني في نيوهامبشير، ولم يظهر في بطاقة الاقتراع في نيفادا.
روبرت إف. كينيدي الابن
يخوض كنيدي (70 عاماً)، وناشط مناهض للقاحات، السباق كمرشح مستقل بعد أن تحدى بايدن في البداية على ترشيح الحزب الديمقراطي، لكنه يحتل مرتبة متأخرة كثيراً في استطلاعات الرأي.
وأظهرت استطلاعات رأي في الآونة الأخيرة أجرتها رويترز/إبسوس، أن كينيدي قد يضر بايدن أكثر من ترامب في الانتخابات الرئاسية، لأن المرشحين المستقلين يؤثرون على نتيجة الانتخابات الأمريكية حتى دون الفوز بها.
وظل تقدم ترامب على بايدن بست نقاط مئوية كما هو في استطلاع رويترز/إبسوس، حتى حين كان لدى المشاركين خيار التصويت لمرشحي طرف ثالث، من بينهم كنيدي الذي بلغت نسبة تأييده 8%.
وكنيدي هو نجل السيناتور الأمريكي روبرت إف. كنيدي، الذي اغتيل عام 1968 أثناء حملته الانتخابية الرئاسية. وأثار إعلان مفاجئ خلال مباراة نهائي دوري كرة القدم الأمريكية (سوبر بول)، ركز على علاقته بعمه الرئيس السابق جون إف. كينيدي، غضب أفراد عائلته ودفعه إلى الاعتذار.
وحظرت منصة إنستغرام حسابه بسبب نشره معلومات مضللة حول اللقاحات وجائحة كوفيد-19، لكنها أعادت حسابه لاحقاً. وخسر أيضاً محاولة قانونية لإجبار شركة جوجل، مالكة موقع يوتيوب، على إعادة مقاطع مصورة شكك خلالها في سلامة لقاحات فيروس كورونا.
كورنيل ويست
قال الناشط السياسي والفيلسوف والأكاديمي، في يونيو/حزيران، إنه سيدشن مسعى من طرف ثالث للوصول لمنصب الرئيس، قد يجتذب ناخبين تقدميين ميولهم ديمقراطية.
وسعى وست (70 عاماً) في البداية للترشح عن حزب الخضر، لكنه قال في أكتوبر/تشرين الأول، إن الناس "يريدون سياسات جيدة بدلاً من السياسات الحزبية"، وأعلن ترشحه كمستقل. ووعد بالقضاء على الفقر وتوفير السكن.
جيل ستاين
في التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني، كررت الطبيبة جيل ستاين مسعى ترشيحها عن حزب الخضر كما فعلت في عام 2016. واتهمت الديمقراطيين بالحنث بوعودهم "تجاه العمال والشباب والمناخ، مرات كثيرة، بينما لم يقدم الجمهوريون حتى مثل هذه الوعود أصلاً".
وجمعت ستاين (73 عاماً) ملايين الدولارات لإعادة فرز الأصوات بعد فوز ترامب المفاجئ في انتخابات 2016. ولم يسفر ذلك سوى عن إعادة فرز الأصوات في ولاية ويسكونسن، التي أظهرت فوز ترامب.