النائب الفرنسي بورت لـ”عربي بوست”: تلقيت تهديدات بالقتل بسبب انتقاد إسرائيل والاحتلال لن يمحو الشعب الفلسطيني

عربي بوست
تم النشر: 2024/01/09 الساعة 09:46 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/01/09 الساعة 10:03 بتوقيت غرينتش
البرلماني الفرنسي عن حزب "فرنسا الأبية" توماس بورت (موقع X)

وسط اشتداد حدة القصف الإسرائيلي على سكان قطاع غزة، وارتفاع حصيلة القتلى المدنيين إلى أكثر من 22 ألفاً، تتصاعد الأصوات الدولية التي تدين تل أبيب، والداعية إلى وقف فوري لإطلاق النار.

بل إن بعض المسؤولين في دول حليفة لإسرائيل، كفرنسا، اتخذوا خطوات عملية بهدف الضغط من أجل إيقاف ما يصفونه بـ"الإبادة الجماعية" التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي.

في هذا السياق، راسل النائب البرلماني الفرنسي عن حزب فرنسا الأبية توماس بورت وزير العدل إيريك ديبون موريتي، بهدف فتح تحقيق بشأن مشاركة أكثر من 4 آلاف جندي صهيوني من أصول فرنسية في الحرب على قطاع غزة، وهم إسرائيليون فرنسيون مزدوجو الجنسية.

توماس بورت كان قد أشار في منشور له على موقع إكس، إلى مسح أجرته شبكة "أوروبا1″، كشف أن 4185 جندياً من الجنسية الفرنسية يُحشدون حالياً في الجيش الإسرائيلي على الجبهة في غزة.

وقال في منشور له على "موقع إكس" إن هذه هي أكبر فرقة بعد الولايات المتحدة، وبالنظر إلى جرائم الحرب التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي في كل من غزة والضفة الغربية، فمن غير المقبول أن يشارك المواطنون الفرنسيون.

في هذا الحوار الحصري الذي أجراه معه "عربي بوست"، يشرح النائب البرلماني الفرنسي خلفيات ودوافع خطوته التي أثارت الكثير من الجدل، ويكشف مسارها الإداري إلى اليوم.

وتحدَّث النائب عن أسباب اصطفاف الحكومة الفرنسية إلى جانب إسرائيل، وموقف الرئيس إيمانويل ماكرون من الحرب، إلى جانب تداعيات دعمه للقضية الفلسطينية، وإدانته للاحتلال الإسرائيلي على المستويين الشخصي والسياسي، والتي بلغت أحياناً حد التهديد المباشر بالقتل.

النائب الفرنسي توماس بورت في مظاهرة داعمة لغزة وسط العاصمة باريس (منصة X)
النائب الفرنسي توماس بورت في مظاهرة داعمة لغزة وسط العاصمة باريس (منصة X)

نص الحوار كاملاً:

وجَّهت التماساً إلى وزير العدل بقصد إجراء تحقيق في مشاركة أكثر من 4000 مواطن فرنسي- إسرائيلي إلى جانب جيش الاحتلال  في العدوان على غزة، ما خلفيات ودوافع الخطوة؟

إن هذه المبادرة تمثل بالنسبة لي ضرورة إنسانية وأخلاقية. الدافع وراء خطوتي وما تستند إليه هو القانون الدولي، ولا سيما اتفاقية عام 1948، بشأن منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها ونظام روما الأساسي. 

إنها تستند إلى ملاحظات وتنبيهات منظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة، التي حذرت من خلال حوالي عشرين مقرراً خاصاً، من "مخاطر الإبادة الجماعية".

وبالإضافة إلى ذلك، يرتكز قراري على حقائق ملموسة يدينها القانون الدولي: التفجيرات التي وُصفت بأنها "عشوائية" وأسفرت عن مقتل أكثر من 21 ألف شخص، 70% منهم من النساء والأطفال، والحصار المفروض على قطاع غزة، والذي يعرّض المدنيين في القطاع عمداً لظروف تؤدي إلى القضاء عليهم كلياً أو جزئياً، والرغبة المعلنة في ترحيل السكان الفلسطينيين، وكذلك الهجمات على المستشفيات.

بمشاركة أكثر من 4 آلاف مواطن فرنسي- إسرائيلي إلى جانب الجيش الإسرائيلي على الجبهة في غزة، تمثل فرنسا ثاني أكبر فرقة بعد الولايات المتحدة.

باعتباري برلمانياً فرنسياً، يواجه جرائم الحرب التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي، في كل من غزة والضفة الغربية، فمن غير المقبول أن يتورط في ذلك مواطنون فرنسيون.

ولهذا أصررت على فتح تحقيق في الموضوع. هدفي ليس إدانة جميع الأشخاص بشكل مسبق، بل إجراء تحقيقات معمقة من أجل تحديد دقيق لدور مواطنينا في هذه الحرب غير المتكافئة، وتقديم المذنبين بارتكاب جرائم حرب إلى العدالة.

وبما أن الاستعمار يُصنّف على أنه جريمة ضد الإنسانية، فلا بد من محاسبة المواطنين الفرنسيين المشاركين في مثل هذه الأعمال في الأراضي الفلسطينية أمام المحاكم. 

إنه لَشرف لفرنسا ألَّا تسمح لمرتكبي جرائم الحرب بالإفلات من العقاب، سواء في غزة أو في الضفة الغربية أو في جميع الأراضي المحتلة.

في الوقت الحالي لم أتلقَّ أي تعليقات بشأن الطلبات التي قدمتها إلى وزير العدل والمدعي العام في باريس. وآمل أن تسير الخطوات في الاتجاه الصحيح، وأن يتم إجراء تحقيقات شاملة.

هل تعتقدون أن رئيس الجمهورية أدى دور بلاده التقليدي المتوازن لخفض التصعيد، أم أن فرنسا انحازت هذه المرة إلى طرف على حساب آخر؟

كلّا، لقد وضع إيمانويل ماكرون بلدنا في موقف مخجل، في حين أن صوت فرنسا طالما كان قوياً تاريخياً، يروم خدمة السلام في سياق الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

استغرق الأمر أكثر من شهر حتى نطق رئيس الجمهورية بكلمة "وقف إطلاق النار" بفتور، وكأنها من المحرمات. فرنسا، للأسف، لم ترقَ إلى مستوى التاريخ.

إيمانويل ماكرون ليس الوحيد الذي أهان بلدنا، كعضو في البرلمان شعرت بالصدمة من حقيقة أن رئيسة الجمعية الوطنية، السيدة يائيل برون بيفيه، جاءت دون تفويض لتتحدث من على المنصة عن دعمها غير المشروط لإسرائيل، رغم ارتكاب الأخيرة جرائم حرب.

وقد لاحظت أنه منذ عدة أيام، وفي مواجهة حجم المذبحة، بدأت فرنسا في تغيير لهجتها من خلال إدانة الانتهاكات في الضفة الغربية، على سبيل المثال، ومطالبة الحكومة الإسرائيلية بوقف الاستعمار. 

يجب أن نذهب أبعد من ذلك، وأكرر أن فرنسا صوت مهم، واليوم يجب عليها اتخاذ عقوبات اقتصادية وسياسية صارمة ضد إسرائيل، ويجب عليها أن تدين الرغبة المعلنة في ترحيل السكان الفلسطينيين.

أرجو أن تنهي فرنسا جميع علاقاتها التجارية والدبلوماسية مع إسرائيل.

كيف تستشرفون مستقبل قطاع غزة عقب انتهاء الحرب الجارية؟ 

بالنظر إلى ما يحدث في قطاع غزة، أجد صعوبةً في استشراف المستقبل. أنا حقاً قلق للغاية، هل سيبقى هناك فلسطينيون؟ هذا هو السؤال الذي يطرح نفسه مع استمرار كشف الرعب أمام أعيننا.

يجب أن نكون واضحين: إسرائيل تقوم بإبادة جماعية، وهي تقوم على عنصرين، التصفية الجماعية وترحيل الفلسطينيين الذين نجوا من هذا الجحيم خارج غزة. 

إن بقاء الشعب الفلسطيني في حد ذاته أصبح على المحك حالياً، وأنا أبعث برسالة واضحة إلى المتطرفين الذين يديرون الحكومة والجيش الإسرائيليين: لا مجرمو الحرب الإسرائيليون، ولا أعضاء الحكومة العنصريون، ولا القصف العشوائي على المدنيين، ولا التطهير العرقي الممنهج، سيُمكّن من محو الشعب الفلسطيني. للفلسطينيين الحق في العيش والوجود واحترام حقوقهم والاعتراف بدولتهم.

 من يستطيع أن يصدق أن إبقاء أكثر من مليوني شخص في سجن مغلق كما فعل الإسرائيليون منذ عام 2007 يمكن أن يسمح للشعب بالعيش بكرامة وسلام؟ أدعو إلى رفع الحصار عن غزة بشكل كامل.

ويجب على الفلسطينيين استعادة السيطرة على مجالهم الجوي والبري والبحري، وهذا أحد شروط العودة إلى السلام وضمان التنمية المزدهرة والمستدامة.

أنت معروف بمواقفك الداعمة لوقف إطلاق النار في غزة والتنديد بجرائم الجيش الإسرائيلي، فهل يشكل ذلك مصدر مضايقة أو تهديد لك في حياتك الشخصية والسياسية؟ 

مواقفي الداعمة للشعب الفلسطيني كانت معروفة حتى قبل 7 أكتوبر 2023. كوني ناشطاً سياسياً يسارياً، نشأت دائماً مع القضية الفلسطينية باعتبارها بوصلتي السياسية. 

منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، أصبحت تجليات الدعم غير المشروط لإسرائيل تكتسي طابعاً أكثر عنفاً، في هذا السياق، استخدمت العديد من الحيل لمحاولة إسكاتي، من ذلك تعرُّضي لمضايقات يومية، عقب نشر رقم هاتفي على شبكات التواصل الاجتماعي، وقد بلغ الأمر حد تلقّي تهديدات بالقتل، بما في ذلك تهديدات مباشرة أحياناً من جنود جيش الدفاع الإسرائيلي. 

أعتقد أن مستوى التهديدات بات مرتفعاً للغاية، لأنه الورقة الأخيرة لمن يؤيد تنفيذ الإبادة الجماعية. إن العالم كله يدرك ما تفعله إسرائيل وحكومتها المتطرفة، ولن أتوقف أبداً عن إسماع صوت الشعب الفلسطيني، لا التهديد ولا الشتائم ستدفعني للاستسلام. من واجبنا إدانة جرائم الحرب الإسرائيلية والمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار!.

تحميل المزيد